22+.. قضايا اجتماعية معاصرة في إطار كوميدي ساخر

22+.. قضايا اجتماعية معاصرة في إطار كوميدي ساخر

العدد 552 صدر بتاريخ 26مارس2018

في لوحات منفصلة من ناحية القضايا، متصلة من ناحية الفئة العمرية التي تعاني من تلك الأزمات، نسج فريق العمل عرضه المسرحي نسيجا دراميا خالصا للكثير من القضايا الاجتماعية التي تواجه الشباب ذكورا وإناثا لمن هم فوق الاثنين والعشرين من عمرهم، أي حين يجتازوا مراحلهم الدراسية ويبدأون في مواجهة الحياة بكافة مصاعبها في شتى المناحي من عمل وزواج وسفر وغيره.
يبدأ العرض بمجموعة الشباب التائهين في خضم الحياة يتصارعون من أجل العيش ويحاولون التقاط الضوء كي يتلمسوا أولى خطواتهم في مشوار حياتهم خائفين من المجهول ولكنهم يحاولون.
فتأتي اللوحة الأولى من العرض عن مشوار الابن منذ نعومة أظافرة إلى المراحل الابتدائية والإعدادية إلى الثانوية والانتهاء من الجامعة ثم الالتحاق بالجيش والسعي الدائم وراء اجتياز ما فرض عليه دون جدوى في الراحة والاسترخاء فلقد بدأت رحلة الشقاء.
أما اللوحة الثانية فكانت عن (جائزة نوبل للفتى)، فيما نقابله كل يوم بل كل دقيقة من أشخاص يدلون بمساعدة الآخرين بالإفتاء فيما لا يعرفون على سبيل المثال في وصف الطرق وكذلك المفارقة بين المثقف ومدعي الثقافة، كذلك فيمن يقومون بتحليل مباريات كرة القدم، وأخيرا من يفتون في تشخيص الأمراض، مما يجعل من إيقاع الحياة في حالة من التأخير والتردي.
ثم ينتقل بناء المخرج (محمد جبر) إلى لوحته الثالثة عن أزمة الزواج ومعاناة الشباب في إيجاد حلول تيسر مسألة الزواج من الشقة والأثاث والشبكة، وإكمالا لتلك اللوحة تأتي لوحة إعلانات الشقق التي تثير استفزاز الشباب من إعلانات الرحاب والشروق والمدن الجديدة التي لا يمتلك الشباب تقديمتها التي تتجاوز الربع من المليون في شكل استفزازي لمن هم يتلمسون الخطوات الأولى في مشوار الحياة.
وفي لوحة أخرى توضح الانعزال في عالم موازٍ للواقع، يعيش شاب في حالة انعزال عن أسرته مستعينا في ذلك بسماعة الأذن التي تمنعه من سماع سخافات العالم الخارجي حتى ظنت أسرته أنه يعاني من مرض نفسي، فلم يعانِ من شيء وإنما اختار الابتعاد بفلسفته الخاصة عن عبث الحياة وعبث البشر وهو حال الكثيرين من شبابنا.
وتحت مدعاة قانون الطوارئ يواجه الشباب أزمة حماية أنفسهم من ظلم الحكومة مما جعل من حلم السفر والغربة والتخلي عن الحب هو الملاذ الأخير مما يعانوه من ظلم داخل مجتمعهم.
وفي قراءة مشهديه للمخاوف التي يعاني منها هؤلاء الشباب يسطرون مخاوفهم الواحدة تلو الأخرى مثل الخوف من الموت، الخوف من الوحدة، الخوف من الخوف ذاته، الخوف من عدم الوصول، الخوف من الفشل، الخوف من السعادة حتى لا تنقلب لحزن، الخوف من الظلام، الخوف على الأم من الوحدة، الخوف من رؤية شخص حزين أو عاجز، الخوف من كل شيء، الخوف من التقدم، الخوف من ظلمات الطريق، الخوف من الله، خوف الفتيات من عدم الإنجاب، الخوف من التغير والتغيير، الخوف من النفس، الخوف من عدم وجود سبب للوجود الحقيقي في الحياة، الخوف من انتفاء السعادة، الطريق طويل وبعيد والمجهول مؤكد.
ثم تأتي اللوحة السابعة حيث استغلال الجماعات الإرهابية للشباب تحت مسمى الدين البريء منهم بكل تأكيد، حيث العمل ببعض التكتيكات الآيديولوجية والسيكولوجية التي تمسح عقول الشباب غير الواعي، والسيطرة على عقولهم وزرع الأفكار والمفاهيم الخاطئة ضد المجتمع والدولة بأكملها، واستخدام تلك العقول في التخريب وجعل هؤلاء الشباب أكثر توافقا مع فكر تلك الجماعات المتطرفة، واستخدام الترهيب من الإله، وكثيرا ما يستخدم مصطلح غسيل المخ بشكل واسع المجال للإشارة إلى الإقناع عن طريق الدعاية الزائفة باسم الدين، فلا تجدي التربية ولا المعايير الاجتماعية والثقافية والأخلاقية لما تقوم تلك الجماعات بإقناع هؤلاء الشباب بالمفاهيم المغلوطة والزائفة تجاه مجتمعهم، فيلقي الشباب بأنفسهم إلى الهلاك راغبين في ذلك الوصول إلى الجنة بالتخلص من أعداء الله والوطن.
وفي لوحة كيروجرافية يرسم لنا المخرج حالة العجز الجسدي والنفسي الذي تعاني منه تلك الفتاة التي تنعزل عن عالمها الواقعي وترفض الاختلاط بالمجتمع لما سوف تعانيه من نظرات الآخرين لعجزها، محاولا في ذلك إخراج الفتاة من جدران غرفتها المغلقة إلى الحياة والتحليق في الهواء خارج حدود العقل للاستمتاع بالحياة، ولكنها سرعان ما تعود للواقع الأليم الذي تحياه.
ثم نجد ما نعانيه في مصالحنا الحكومية من بيروقراطية مملة لإنجاز الأوراق فهذا الطابور من الجمهور لإنجاز أوراق السفر للهروب خارج البلاد تحت شعار الأحلام الواهمة لإيجاد عمل وتحقيق المكاسب المادية من خلال العمل في الخارج، ومن ثم الغربة والاغتراب عن هذا الوطن، فلقد ضاق الخناق على هؤلاء الشباب فأصبح الهروب خارجا هو الحل الوحيد.
وانتقالا لما هو بعد لوحة مشجعي الأهلي والزمالك وكيف يتم خسارة بعضنا البعض نتيجة ذلك التعصب الكروي غير المبرر فيجعل من الأصدقاء أعداء وبين الأشقاء شقاقا.
إلى أن نأتي لآخر لوحة من العرض حيث مجموعة الشباب الذين يبحثون عن مفتاح الخروج والخلاص من مخاوفهم المتعددة.
وفي دعوة للعمل والتحدي يرسم فريق العمل نهاية العرض بكلمات مغناة وبسيطة المعنى (هي الحياة.. زي الغنا.. حبة شجن.. حبة آهات حبة دموع.. مهما نعيش نقدر نشوف.. إن إحنا أكبر أقوى دايما من الظروف.. وإحنا الشباب نقدر نقوم.. نقدر نعافر نبني نكسر أي سور.. مهما تكون.. حزين مكسور دور هتلاقي جوا قلبك ألف نور).
فلقد اشتمل العرض تقريبا على الكثير من القضايا الاجتماعية التي تهم الشباب في هذه المرحلة العمرية؛ حيث تلك القضايا التي تفتقر للهيكلة والتي تحمل الكثير من الحلول غير المستغلة والتي تساهم وبشكل كبير في تكوين الشخصية المستقبلية، مما يجعل من هؤلاء الشباب قادرين على إثبات ذواتهم وتحقيق أكبر قدر نفعي يعود على مجتمعهم بالإيجاب، فالسعي للوصول لحياة أفضل يتطلب بالضرورة وقوف جميع فئات المجتمع وفي مقدمتهم الحكومة في تذليل العقبات إلى هؤلاء الشباب والعمل على الارتقاء بعقولهم حتى لا ينساقوا في طرقات مظلمة تؤدي لنهايتهم الحتمية.
22+ تأليف فريق العمل، صياغة وإخراج محمد جبر، العرض كوميدي اجتماعي تمت صياغته بشكل واع لمفردات اللعبة الدرامية والمسرحية، فخرج العرض ليخاطب جميع الفئات العمرية بشكل بسيط وهادف، فمثل هذه العروض تخدم المجتمع بل والوطن كاملا في سعيها الدائم والمستمر لمواجهة الإرهاب بالفن.

 


لمياء أنور