أحمد بدير: «فرصة سعيدة» عرض يعلمنا كيف نحاسب أنفسنا

أحمد بدير: «فرصة سعيدة» عرض يعلمنا كيف نحاسب أنفسنا

العدد 549 صدر بتاريخ 5مارس2018

عاد مؤخرا الفنان القدير أحمد بدير لجمهوره بالعرض المسرحي «فرصة سعيدة» الذي يعرض أيام الخميس والجمعة من كل أسبوع على خشبة مسرح السلام، بعد غياب عامين من آخر عروضه «غيبوبة»، يشاركه البطولة الفنان فتوح أحمد والفنانة إيمان أبو طالب وعدد آخر من نجوم المسرح والتلفزيون. ويتحدث «بدير» لـ«مسرحنا» عن سر قبوله لهذا النص وتقديمه في الفترة الحالية، وطبيعة دوره وتحضيره له، فضلا عن رغبته في عرضه داخل سيناء، وحديثه عن مشكلات مسرح الدولة وسر غيابه عن القطاع الخاص، ورسالته للشباب ورأيه في مسرح الفضائيات وغيرها من التفاصيل داخل هذا الحوار..
 
- في البداية ما سر تحمسك لبطولة عرض «فرصة سعيدة»؟
فكرته جذبتني وحمستني لتنفيذها لأنها جديدة وتتحدث عن الإنسان وكيف يحاسب نفسه، لأنه لو حاسبها يوميا فلن يخطئ أو على الأقل سيخفف منها، وأدعو الجميع إلى محاسبة النفس دائما كما قال الله سبحانه وتعالي: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا»، وهذه باختصار فكرة ورسالة العرض؛ لذلك تشجعت لها كثيرا وبدأت على الفور في التحضير لها.
 - اختيارك لأي عمل يخلو من العشوائية.. تهتم بأن يكون النص مرتبطا بمناسبة مثل «غيبوبة» قبل عامين.. هل هذا الوقت مناسب لعرض «فرصة سعيدة»؟
بفضل الله قدمت «غيبوبة» كي أكشف وأعري فيها جميع من ضحكوا علينا خلال فترة من 25 يناير إلى 30 يونيه، سواء نشطاء وإخوان وحقوق إنسان وجمعيات وألتراس ووايت نايتس، بفضح كل من تآمر على مصر، فكنت أشعر أنه دور وطني لا بد أن أقوم به، الحمد لله أرى أن هذه الفترة بها استقرار والقادم أفضل بمشيئة الله، شعرت أننا في مرحلة لا بد أن نحاسب فيها أنفسنا ونبدأ بالتركيز في أن كل واحد يشتغل ويحاسب نفسه وكل واحد يراعي ضميره.
 - شخصية «مرتضى» التي تجسدها خلال العرض حدثنا عنها أكثر؟
شخص لم يحاسب نفسه على تصرفاته طول حياته «عايشها بالطول وبالعرض وسايق الهبل على الشيطنة»، لا يريد أن يكون هناك شخص أفضل منه ودائما ينظر إلى ما في يد غيره، تظهر له نفسه خلال الأحداث لتحاول إعطائه فرصة أخيرة لإصلاح ذاته ومعالجة مشكلاته التي ارتكبها على مدار حياته، ويحدث فلاش باك على كل مرحلة عاشها ونتابع خلال الأحداث ماذا سيحدث.
 - التجربة مع مخرج ومؤلف شابين لأول مرة كيف جاءت؟ وهل هذا يعد تشجيعا للشباب؟
المخرج محمد جمعة سبق وعمل معي كممثل في عرض «غيبوبة» وأنا على مقربة منه وأعرف دماغه وتفكيره جيدا وعندما عرض علي الفكرة أعجبت بها كثيرًا وتحمست لها وكان لدي إصرار على تنفيذها، وأعتقد أنني أصبت الاختيار، وأنا شخصيا أحب أن أشجع الشباب كما فعل معي أساتذتي الكبار وسندوني في بداية مشواري وأول وقوف لي على خشبة المسرح، وأتذكر مسرحية «ريا وسكينة» حين شاركت الفنانة الكبيرة شادية وسهير الببلاوي والقدير عبد المنعم مدبولي ووقفوا بجانبي وقدموا لي الدعم والتشجيع، هذا يعد نوع من رد الجميل في الأجيال الجديدة.
 - كثير من الشباب اشتكى من الفجوة بينهم وبين الأجيال الكبيرة فما تعليقك؟
تختلف من شخص لآخر فليس هناك شيء من فراغ، كله تواصل أجيال، المهم الذي لا يزال لديه قدرة على العطاء مع الصغير يدعمه حتى يظهر ويأخذ فرصته ويكبر، مثل ما بدأنا وسط نجوم كبار كما ذكرت شادية وسهير وعبد المنعم مدبولي، وكنت صغيرا ظهرت من خلال نجوم كبار جدا، لا بد أن يحرص الكبار على مشاركة الصغار معهم حتى يستطيع أن يفيدهم وهذا شيء رائع يعد إضافة لأي عمل فني على قدر ما تأخذ على قدر ما تعطي، هذه سنة الحياة.
 - ماذا عن كواليس العرض؟
أجمل كواليس يمكن أن تراها في أي عرض مسرحي، مليئة بالحب والتفاهم، هي أننا نعمل جميعا بروح الأسرة الواحدة وجميعنا أصدقاء ونعرف بعضنا جيدا، ونتراهن على أفضل الإفيهات الكوميدية وأكثر إفيه يعجبني ويثير ضحكي أكافئ صاحبه بـ5 جنيهات.
 - كم استغرق العرض من تحضير؟
استغرق نحو 3 أشهر تحضير وتجهيز وبروفات، والصعوبة الحقيقية كانت في الورق نفسه عقدنا عدة جلسات ترابيزا من أجل تعديل بعض الأمور، ونرى ما الناقص فيه ونضيفه حتى خرج على هيئته النهاية للجمهور على خشبة المسرح.
 - تحرص دائما على تقديم عرض مسرحي كل فترة رغم انشغالك بأعمال التلفزيون والسينما فما السبب؟
أنا مهما مثلت تلفزيون أو إذاعة أو سينما، يظل بداخلي حنين خاص للمسرح لأنني بدأت في المسرح، وأشعر دائمًا بجماله وعشقه مزروع بداخلي، وأنتظر لحظة وقوفي على خشبته لأنها لحظة لا يعادلها سعادة أخرى، وعلى الرغم من قلة مقابله المادي فإن سعادة الجمهور التي أتابعها أولا بأول والبسمة التي أراها مزينة وجوههم على الأب والابن والزوجة والحفيد، تعادل الكثير، وسعادتهم تلك ليست لهم وحدهم بل أشاركهم فيها أيضا، هذا قادر على تعويض الجزء المادي شبه المعدوم في القطاع العام.
 - ما الذي يميز المسرح عن التلفزيون؟
اللقاء المباشر مع الجمهور، فالسينما والتلفزيون مجموعة كاميرات دورها تصور والنتيجة بعد التحميض والطباعة والمونتاج، فالشغل أولا ثم تليه النتيجة، إنما على خشبة المسرح أنا آخذ النتيجة يوميا، وإذا قصرت في يوم سآخذ عقابي الفوري، إذا كان هناك تجاوب أشعر أنني في أسعد حالاتي: «بحس النفس بتاع الجمهور، بيبقوا في حضني وقريب منهم»، كما أن المسرح ليس به أعذار عكس التلفزيون لو كنت مريضا فأنا قادر على الاعتذار يومين أو أكثر، إنما المسرح أحيانا أكون في شدة الألم من ظهري ومع ذلك أخرج للجمهور ولا أستطيع أن أقول «لأ».
 - بصفتك من نجوم المسرح ومواكبا لكل فتراته.. أي فترة هي الأسوأ في مشواره؟
أسوأ فترة عشناها كانت من 25 يناير لـ2013، كانت أسوأ فترات المسرح المصري لأن المجتمع كله كان في حالة توهان، وكان الجمهور غائبا عن متابعة الفن وكل ما يشغله السياسة صباحا ومساء يستيقظ ويغفو عليها، عاش وسط مؤامرات وخدع فلم يكن لديه وقت ليتابع الفن، هي بالنسبة إلي أسوأ فترة في تاريخ المسرح والسينما والتلفزيون وكل شيء حتى في النفس البشرية. أين القطاع الخاص؟ من قبل عام 2014 بدأ القطاع الخاص يضمحل أو يضعف نسبيا بسبب ارتفاع تكلفته لأن القطاع الخاص عبارة عن المنتج حين يصنع عملا مسرحيا يلزمه فريق عمل كبير من نجوم وعمل دعاية وإعلانات بتكلفة عالية جدا، فكل هذا كان يغطي تكلفته من الإخوة العرب الذين يأتون للنزهة في مصر فكانت التذكرة بـ250 و300 جنيه، إنما حاليا كيف لأسرة دفع 1500 جنيه لمشاهدة عرض مسرحي، الأمر أصبح صعبا جدا، ولذلك الفترة التي توقف بها القطاع الخاص إلى حد ما كان آخر شيء قدمته «مرسي عايز كرسي»، ونجحت جدا كانت قبل حلول 2011 بعامين، وكنت خائفا وقتها من ألا تغطي تكلفتها لكنها حققت إرادات ونجحت، وبعدها كان صعبا للمنتج أن يجازف لأن أسعار التذاكر ارتفعت بشكل كبير يفوق قدرة المواطن البسيط نتيجة ظروف الحياة الاقتصادية حاليا.
 - أيهما الأقرب إلى قلبك القطاع الخاص أم العام؟
أحب القطاع العام لأنني حين قدمت مسرحية «غيبوبة» قبل عامين وقبلها بفترة طويلة «الملك هو الملك»، و«رأس المملوك جابر» على خشبة مسرح الدولة، شعرت بروح مختلفة وجمهور جديد محروم من القطاع الخاص، منهم الموظفين والطلبة والعمال والأسر البسيطة، وأنا حاليا مستمتع بأنني أصبحت أرى تلك الوجوه، وخصوصا بعد نهاية كل عرض يطلبون التقاط الصور التذكارية معي أكثر من مدة العرض نفسه، هذا شيء يسعدني كثيرًا.
 - ما أهم المشكلات التي تواجه مسرح الدولة؟
أولا أتمنى أن يوفق الله الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة في الفترة المقبلة وتقضي على البيروقراطية والروتين وكثرة الإمضاءات وتحرر مصر الدولة من هذه الأشياء العقيمة، كما أن هناك بعض المسرحيات تأخذ ميزانيات كبيرة وتكلفة عالية في إنتاجها وتعرض شهرا وتختفي، فلا بد أن تستمر أكثر من ذلك ويتم تصويرها، كنت أتمنى أن يتم تصوير عرض «غيبوبة»، ومن وجهة نظري أدعو لعمل اتفاق مع التلفزيون المصري «ماسبيرو» لتصوير العروض وإذاعتها دون مقابل على الجمهور لأنها ثقافة، وأنا شخصيا سعدت جدا حين علمت بأن مسلسلي «البيت الكبير» سيذاع على القناة الأولى المصرية، فرحت جدا لأنه سيعرض على تلفزيون بلدي بجانب الفضائية «النهار».
 - ماذا يحتاجه المسرح لاستعادة بريقه؟
هناك ممثلون كثيرون أعضاء هيئة المسرح نجوما وموظفين، يقبضون كل أول شهر دون أن يشاركوا بعمل واحد، لا بد أن يحلل هؤلاء قبضهم بأن يقبلوا المشاركة في أي مسرحية تعرض عليهم، لأن هذا حق الدولة عليهم، وإما يقدمون استقالتهم ويتصرفون كما يشاءون.
 - ما رأيك في النصوص التي يقدمها الشباب في الوقت الحالي؟
أصعب شيء بالنسبة للمسرح والتلفزيون والسينما النص الجيد، فهو البطل الحقيقي لأي عمل، وهذا ما جعلني أغيب بعد «غيبوبة» إلى وقتنا هذا حتى ظهر نص «فرصة سعيدة»، لأن البحث عن فكرة جيدة شيء مرهق جدا الورق أهم شيء وكل فنان يحرص دائمًا على الحفاظ على تاريخه وعدم قبول أي نص: «مش هقف أعمل حاجة بايخة أو ملهاش لازمة ولا قيمة»، كما أنني خلال الفترة الماضية تلقيت عددا كبيرا من النصوص لكنها لم تعجبني وغير مناسبة لي واعتذرت عنها، من بينها رواية في القطاع الخاص هذه الأيام وكنت سأحصل على أجر 50 مرة ضعف راتب الدولة، وفضلت النص الجيد على المال.
 - هل فقر النصوص وغياب المؤلفين الشباب السبب في عزوف النجوم الكبار عن المسرح؟
هناك شباب يكتبون نصوصا جيدة ولا بد أن يهتم مسرح الدولة بنشاط الكتاب الشباب ويعمل مسابقات لهم، لأن هناك شباب يتقدمون لي بنصوص لا أعرف كيف أساعدهم أنصحهم بالذهاب لهيئة المسرح أو للمنتجين، لأني ليس على استعداد لتنفيذه لأنه في الغالب يكون غير مناسب لي وإنما مناسب لأشخاص آخرين.
 - ما رأيك في مسرح الفضائيات؟
قدمنا هذا النوع من قبل ولكن تحت مسمى «مسرحيات تلفزيونية» كنا نجري بروفات لمدة 20 يوما، ونصور المسرحية في التلفزيون، وتحولت حاليا إلى أن هناك قنوات بعينها أصبحت متخصصة في إنتاجها، وهذا النوع ليس سيئا إنما لا يعد المسرح التقليدي، يمكن أن نطلق عليه «الكباريه السياسي»، وهذه مدرسة متعارف عليها تقدم مجموعة استكتشات فيها مواقف ضاحكة، لست معترضا عليها على الإطلاق.
 - العرض في المحافظات نعلم مدى اهتمامك به فهل هناك جولات قريبة؟
ذهبت بمسرحية «غيبوبة» إلى طنطا والإسكندرية وأسوان والغردقة، وأحلم بفعل ذلك مع «فرصة سعيدة»، وبما أن مخرج العرض من الفيوم ستكون جولتنا الأولى هناك، وأنا على استعداد تام للتجوال بها في جميع المحافظات حتى سيناء نفسها أتمنى أن أعرض بها في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد، وإن لم نتمكن من العرض نزور أهلها وندعمهم ونقف معهم ونشجعهم في حربهم ضد الإرهاب، وننحني احترامًا لجيشتا وشرطتنا المجيدة، وسبق وذهبت لأهالي الروضة بعد حادثهم الأليم وصلينا في المسجد برفقة عدد من القيادات على رأسهم الإمام أحمد الطيب ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف، هذا واجبنا ودورنا لأن مصر أعطتنا الكثير ولن نبخل عليها بعمرنا: «اللي هتطلبه مصر إحنا تحت أمرها فيه».
 - كيف تتابع الفترة الحالية التي تمر بها البلاد بعين الفنان والمواطن؟
لا شك أننا في فترة صعبة، وهي المناسبة لعرض «فرصة سعيدة»، وأخطر ما في هذه الأيام من وجهة نظري أن نعود لإعلام 2011 من جديد الذي كان يصطاد في الماء العكر ولم يراعِ الله فيما ينقل للناس من أحداث تضر مصلحة الوطن.


سحر عزازي