بعد انتهاء المشاهدات الأولى لتجارب نوادي المسرح أعضاء لجان المشاهدة

بعد انتهاء المشاهدات الأولى لتجارب نوادي المسرح أعضاء لجان المشاهدة

العدد 538 صدر بتاريخ 18ديسمبر2017


الحماس للجديد والتأليف المحليانتهت12 ديسمبر الجاري، المشاهدات الأولى لتجارب نوادي المسرح لهذا العام، وكانت إدارة المسرح قد أصدرت قرارها - لأول مرة - بمشاهدة العروض كاملة،. التقت “مسرحنا” ببعض أعضاء لجان المشاهدة لمعرفة تقييمهم للعروض، وما هي أهم الملاحظات التي لفتت نظرهم في تجارب هذا العام وكيف كانت تتم مناقشة المشاريع مع المخرجين، وإليكم بعض الآراء.

يقول الناقد أحمد هاشم أحد أعضاء لجنة مشاهدة إقليم جنوب الصعيد: شاهدت اللجنة 11 عرضا من كل المحافظات التابعة لإقليم جنوب الصعيد، وهي ليست عروضا مكتملة إنما مجرد مشاريع لعروض، بعضها مكتفٍ بمجرد طرح الفكرة وكيفية تناول المخرج لها، ورغبته في معالجتها من خلال طرح فكري معين، ومن خلال المشاريع وجدنا أن معظمها لا تختلف عن السنوات السابقة بمعنى أنها يغلب عليها الحماس الشديد في تقديم شيء متجاوز ومتميز، ولكن الفن لا سيما المسرح لا يسمح بحسن النيات، فأحيانا يمتلك المخرج أو مشروع المخرج حماسا شديدا ولكنه لا يمتلك مقومات تحويل هذا الحماس إلى عناصر مسرحية تتماس وتتشابك وتتقاطع مع بعض لصناعة عرض جيد، وأحيانا نجد من بين شباب النوادي من يكون غير قادر على طرح فكرته وترجمتها بصريا، ومشاريع النوادي هذا العام لإقليم جنوب الصعيد وإن كانت لا تختلف في كليتها عن ما قلناه، فإن بعض مشاريعها تتجاوز ما هو مألوف، وأذكر منهم مشروعين، ركز مخرجاهما على مناقشة بعض المسكوت عنه من الناحية الدينية المسيحية بالتحديد وهو ما كان في الماضي منطقة محرمة لا يقترب منها أحد، وذلك يعكس وعي الشباب بضرورة اقتراب المسرح من كل المناطق المتعلقة بالمتلقي حتى الشائك منها، حيث إن المشروعين لا يكتفيان فقط بالاقتراب من تلك المناطق الشائكة ولكن مناقشتها مناقشة عقلانية حرة، لتوضح للمتلقي مسلما كان أو مسيحيا أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي ترسخت في وجدان وعقل الناس وهي بعيدة كل البعد عن المفهوم الديني الصحيح، وفي ذلك الوقت نؤكد أهمية دور المسرح في المجتمع لا سيما المجتمعات المنغلقة، وأضاف هاشم: نحن كلجنة نقوم بمناقشة المخرج في الأساس حول ما يريد طرحه حول النص الذي يقدمه دون الحجر على أي من الأفكار، المهم أن يكون هناك فكرة ما يريد المخرج طرحها على المتلقي، ثم يأتي دور مناقشته حول كيفية معالجة تلك الفكرة مسرحيا ومدى معرفته بعناصر العرض المسرحي حتى نصل معه إلى قدرته على ترجمة الفكرة إلى عرض، وبالطبع نتبادل الخبرات مع هذا المخرج دون إشعاره بأن اللجنة تقوم بتعليمه حتى لا نخلق مساحة للحساسيات.
أما المؤلف سامح عثمان أحد أعضاء لجنة مشاهدة عروض إقليم غرب الدلتا فيقول: شاهدنا تجارب من المنوفية، الغربية، البحيرة، مطروح، وكما نعلم فإن دور إدارة المسرح يرتكز على جناحين، جناح إبداعي وهو الخاص بتقديم منتج فني، وجناح تنموي، وفي المناطق النائية يكون معيارنا دائما ليس هو الجودة، بعكس المناطق المضيئة بالمسرح دائما، وعلى هذا الأساس شاهدنا لأول مرة فرقة مسرح وادي النطرون، وسوف يتم تقديم توصية من قبل اللجنة لهيكلة هذه الفرقة ودعمها بورش مسرحية، وشاهدنا أيضا ظهور فرقة كبيرة في رشيد، تحتوي على شعراء وموسيقيين ومهندسي ديكور، ونوصي أيضا بإعادة هيكلتها مرة أخرى، كما لوحظ أن هناك بعض المواقع التي أصبحت أفضل فنيا، ومواقع أخرى لاحظنا قلة مستواها الفني عن ذي قبل، وهذا أمر طبيعي، وأضاف عثمان: هذا العام نشاهد 100 ? من العرض المسرحي، ونقوم بمناقشة المخرج في رؤيته ووجهة نظره، ونقوم بفتح آفاق جديدة لدى المخرج.
بينما يقول محمد الشافعي أحد أعضاء لجنة مشاهدة إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد: من خلال المشاهدات لاحظنا وجود فرق تحتوي على عناصر مسرحية متميزة ولديها إمكانيات عالية، وهناك تجارب هي الأولى لدى المخرج، وهذه بالطبع تكون ضعيفة وتحتاج إلى تدريبات وورش مسرحية كثيرة، ولكن الملاحظة العامة أن معظم العروض التي شاهدناها تأليف الشباب الجدد وهذا مؤشر جيد للغاية، لأن لدينا أزمة في المؤلفين، ووجود شباب جديد لديه الجرأة على التأليف المسرحي لا شك يحسب لهم، وعلينا نحن أن نقوم بتطويره، عن طريق ورش الكتابة، كما لاحظنا أيضا في بعض العروض الاعتماد على الأطفال في التمثيل وكانت هذه العروض متميزة جدا، واستطاعوا أن يبهرونا، فلديهم سلاسة في الحركة المسرحية وتناغم بينهم فيما بينهم لا يوجد عند الكثير من الشباب، وهذا يعود إلى إدارتهم التي استطاعت أن تحتضنهم منذ الصغر، وأيضا شاهدنا عرضا للمكفوفين، والمخرج كذلك، فهذه التجربة فيها الكثير من الجرأة، على الرغم من أنها تجربة ضعيفة للغاية ولكنها تحسب لهم وتعتبر من التجارب المثيرة، وعلى الجانب الآخر أود أن أعبر عن انبهاري بمسارح قصور الثقافة التي تفوق بالفعل مسارح كثيرة بالبيت الفني للمسرح، ولكن يبقى السؤال لمصلحة من تظل هذه المسارح مغلقة.
وأضاف د. الشافعي أما عن مناقشتنا للعروض ففي البداية نعرف من المخرج ما الذي يريد طرحه من خلال العرض وهل هي نفس الفكرة التي وصلت إلينا أم لا، ونتناقش في ديكور العرض عن طريق اسكتشات الديكور، وكذلك نتناول أداء الممثلين.
أما الناقد باسم عادل أحد أعضاء لجنة الإسكندرية فيقول، شاهدنا ما يقرب من خمسين عرضا مسرحيا، وقد لاحظنا بشكل عام أن أغلب المشاريع المقدمة يكون مخرج العرض هو مؤلفه أيضا، كما لاحظنا أن المتقدمين جميعهم من الشباب، كما أن الموضوعات المطروحة تمس الشباب، وقليل جدا منهم من يقدم عروضا عالمية أو عربية معروفة كما اعتدنا في مسرح الثقافة الجماهيرية عموما، ولكن أغلب الشباب قد اختار قضايا خاصة بهم، وهذا يعود إلى أن لديهم مشكلات بالفعل تؤرقهم، وأرادوا أن يكون المسرح هو المتنفس بالنسبة لهم بعد الإحباطات التي تعرضوا لها بعد ثورة يناير. وأضاف باسم: نتمنى أن تكون هذه الدورة أفضل على مستوى العروض المتقدمة وخصوصا أن هناك أطروحات جديدة لم تتناول من قبل، لذلك أتوقع أن هذه الدورة ستكون مختلفة. واسترسل باسم قائلا: كنّا نشاهد من ثلاثة إلى أربعة عروض في اليوم ونقوم بمناقشة كل مخرج على حدة ومعه مؤلف العرض إن وجد، ويتم مناقشة العرض ورؤية المخرج في الدراما وكيفية توظيفه للممثلين ونوعية هذه الأسئلة توضح دقة طرحه للأفكار على مستوى العرض، ويتضح لنا المخرجين الذين يستطيعون ترجمة الأفكار بشكل درامي، فنقترح على المخرج بعض الأمور مثل حذف بعض الأجزاء من العرض مثلا، ولكن في النهاية يعود الأمر إليه، وهناك مخرجون كثيرون يستجيبون لهذه الآراء ونرى نتيجة ذلك عندما يصعد العرض إلى المهرجانات الإقليمية أو الختامية.
أما الناقد أحمد الحناوي أحد أعضاء لجان إقليم القناة وسيناء فيقول: عروض النوادي التي شاهدناها لا نستطيع أن نقول عليها عروضا إنما هي بروفات للعروض فهي بدون ديكور وإضاءة وملابس، ولكن بوجه عام نستطيع أن نقول إن الأغلبية العظمي للعروض التي رأيناها ضعيفة جدا، ولا ترقى للتصعيد للمسابقات النهائية، وأرى أن هذا ليس تقصيرا من الشباب أو من إدارة المسرح ولكن التقصير الحقيقي يرجع إلى الأقاليم والفروع التي تطبق الروتين واللوائح بشكل صعب للغاية على شباب قصور الثقافة، بما لا يسمح لهؤلاء الشباب بأن تعمل بروفات كافية، وبالطبع سيكون مستوى العروض ضعيف، ولكن على الجانب الآخر رأينا شيئا مبشرا للغاية وهو وجود عدد ممثلين كبير وجديد يمتلك الموهبة. وأضاف الحناوي: نقوم بشكل عام بمناقشة المخرجين في سبب اختيارهم النصوص ورؤيتهم الإخراجية ودوافعهم الفنية والشخصية، وكيف سيستطيعون تحقيق صورة مسرحية متكاملة، كما نناقش مهندس الديكور في تناوله لديكور العرض وهل أفكاره متسقة مع أفكار المخرج.
أما المخرج والمؤلف الموسيقى محمد جمال الدين عضو لجنة مشاهدات ومناقشات مشاريع نوادي المسرح لإقليم شرق الدلتا الثقافي فقال عن تقييمه لمشاريع هذا العام إنه شهد طفرة في عدد العروض المقدمة كمشاريع عن السنوات الماضية ويرجع ذلك إلى السياسة الجديدة التي تتبعها إدارة المسرح برئاسة دكتور صبحي السيد والمخرج والكاتب المسرحي شاذلي فرح، فالجديد في هذا العام أننا نشاهد 100% من العرض على مستوى التمثيل والإخراج ويبقى فقط إنتاج بقية عناصر العرض لو رأت اللجنة صلاحيته للعرض وهو ما شجع الكثير من مبدعي الأقاليم إلى التقدم عكس ما كان يحدث قبل ذلك حيث كان يتم مشاهدة جزء من العرض أو الاكتفاء بالمناقشة وهو ما كان يسبب مشكلات كثيرة، حيث نجد هناك من يستطيع المناقشة وعلى أرض الواقع لا يتم تنفيذ ما يقوله والعكس صحيح هناك من لا يحسن المناقشة ولكنه قادر على تقديم عرض مسرحي، ونقطة أخرى أيضا تحسب للإدارة وهي انتهاج سياسة الاعتماد على الورش الفنية للمتميزين في عروض نوادي المسرح عكس ما كان يحدث قبل ذلك كل هذا وغيره جعل هناك إقبالا على التقدم لتجارب نوادي المسرح إحداث حراك مسرحي حقيقي، فأنا أعتقد أن تجربة نوادي المسرح تتطور من عام إلى عام وتشهد دائما الجديد والجديد وهو ما كنا نحلم به لهذه التجربة التي أعتقد اعتقادا شخصيا أنها أهم المشاريع المسرحية التي من شأنها قيادة حركة مسرحية جديدة في مصر وهي التجربة الوحيدة القادرة على إحداث فارق إبداعي ونهضة مسرحية تحمل لواء المسرح المصري كما عودتنا دائما على إفراز الكثير من المواهب التي أصبحت الآن علامات مضيئة في سماء المسرح المصري. وأضاف: وقد قمنا خلال جولاتنا بتقييم ومناقشة ومشاهدة مشاريع نوادي المسرح لإقليم شرق الدلتا من خلال أربع محافظات هي دمياط والمنصورة والشرقية وكفر الشيخ من خلال آليات محددة وهي أولا مشاهدة التجربة 100% تمثيل وإخراج ثم مناقشة المخرج في كافة عناصر عرضه ورؤيته الفنية حول تجربته مع الاستفسار عن بعض مناطق الغموض إن وجدت مع استلام مقايسة تقريبية لإنتاج عرضه ثم في ختام جولتنا في المحافظة نقوم بعقد ندوة تثقيفية مسرحية لكل المشاركين في التجارب المقدمة من مخرجين وممثلين وغير ذلك والجديد أيضا هذا العام أن إدارة المسرح أعطت لنا الضوء الأخضر لرفع قيمة التجارب التي تستحق أن يتم رفع مقايسة إنتاجها طبقا لقوة التجربة وجديتها وتفردها أحد أهم سمات تجارب نوادي المسرح كما أن اللافت للنظر أيضا زيادة إقبال العنصر النسائي على خوض التجربة على مستوى التمثيل أو الإخراج.
وتقول الناقدة رنا عبد القوي عضو لجنة مشاهدة إقليم وسط الصعيد: لا أستطيع أن أقيم العروض التي شاهدناها بشكل جيد لأنها غير مكتملة وينقصها عناصر عدة مثل الديكور والموسيقى والملابس وغيرها ولكن أستطيع أن أحكم على اختيارات المخرجين للأفكار والمضامين، فمن خلال تلك المشاهدات أستطيع أن أرى شباب المسرحيين في محافظات مصر أو بشكل أدق في إقليم وسط الصعيد كيف يفكرون وما القضايا التي يريدون أن يطرحوها في الوقت الراهن، وكان هناك تنوع في القضايا بشكل يوضح أنهم على دراية بما يحدث على أرض الواقع، بمعنى أن هناك عروضا تطرح قضايا الإنسان المصري المعاصر، وعروضا أخرى تطرح قضايا إنسانية بشكل عام، وعروض تطرح قضايا رومانسية مثل الحب والصدق في الحب والإصرار عليه دون مصالح، حتى العروض الكلاسيكية مثل عروض شكسبير كان شباب النوادي يحاولون أن يعصروها حتى تصبح قضايا تهم الناس هنا والآن، كما كان هناك تنوع في نوعية العروض فكان هناك عروض جراند وعروض ديو دراما وعروض مونودراما وعروض مسرح أسود، وعروض بانتومايم، وهو ما يوضح أن شباب وسط الصعيد معاصرون ومتطلعون للتطور الفكري الذي يحدث في المسرح.
وأضافت رنا عبد القوي: كنّا نناقش المخرج حول الأفكار التي يدور حولها العرض وهل نجح في طرحها، وما هي الأدوات التي يستخدمها ويشرح تصوره للديكور، والموسيقى، وتصوره للملابس، وإذا كان العرض قديما أو معروفا فما الجديد الذي سيطرحه، ولماذا سيقدمه هنا والآن، وما الرؤية الجديدة التي يحملها، والسياق الدرامي.
أما مدير نوادي المسرح الكاتب شاذلي فرح فقال: أنا الآن أدق ناقوس الخطر، وأنبه أن تجربة نوادي المسرح بشكل خاص وتجربة الثقافة الجماهيرية بشكل عام في خطر، بسبب الكثير من مديري القصور ومديري الأفرع ورؤساء الأقاليم، الذين لا يهتمون بالمسرح، والمتعسفين مع شباب النوادي، فهم يضعون الكثير من العراقيل أمامهم، ولو استمر الأمر على هذا الحال فلن يكون هناك تجربة نوادي مسرح العام المقبل. وأشار إلى أن مسرح الأقاليم موجود منذ ستين عاما، وهو الآن يحتضر على يد المسئولين، ولا أحد يهتم سوى الإدارة العامة للمسرح وبعض فنانيها، وأضاف فرح: أما عن تقييمي للتجربة، فقد لاحظت غلبة ظهور المؤلف المحلي، فهذا العام نجد أن الغالبية العظمي متجهة إلى التأليف المحلي، وشباب نوادي المسرح توقفوا عن الاعتماد على المسرح العالمي، ومن المفترض أن يشجع هذا الهيئة العامة لقصور الثقافة على عمل مسابقة للتأليف المسرحي في الأقاليم فقد حان وقتها، وأضاف سيقام المهرجان الإقليمي في بداية يناير، أما الختامي فسيكون في نهاية يناير، وهناك محاولات عدة لزيادة الميزانيات هذا العام.


شيماء منصور