هل الأتى يوم القيامة أم أنها مجرد سنين عجاف؟

هل الأتى يوم القيامة أم أنها مجرد سنين عجاف؟

اخر تحديث في 10/23/2019 1:30:00 AM

يتجدد الخوف تجاه مُستقبل المياه مع ندرة المياه العذبة التي تصل إلي 3% فقط من مياه على الكرة الأرضية ولكن ما هو متاح منها  1%  فقط كالأنهار، حيث معظم كميات المياه الأخري في آبار عميقة وكثير منها صعب الاستخراج، فضلاً عن التكاليف الباهظة لتحلية مياه البحار ومعالجتها بما فيها من جهد كبير فضلاً عما يحول دون تنفيذها من إمكانيات أكثر الدول ثراء وغني، بينما يشكل الماء المالح  97% من كمية الماء الموجودة علي كوكب الأرض.

الأن.. 26 دولة تحت حد الفقر المائي، والمتوقع أن يزيد هذا العدد إلي 66 دولة في عام 2025م؛ ما يهدد بنشوب صراعات وحروب ممتدة حول موارد المياه، حيث يعاني أكثر من 40% من سكان العالم (أكثر من 2 بليون شخص)، وفق بيانات الأمم المتحدة عن العام 2050 ستتعرض الموارد المائية العذبة لدي ما يقرب من نصف عدد الدول في الكرة الأرضية إما لنقصان كامل، أو للاستنزاف خاصة عندما يتزايد تعداد البشر وطلباتهم المتزايدة تجاه الماء واستخداماته المنزلية والزراعية والصناعية، وهو أمر يتضاعف أيضاً مع معدلات الرفاهية كساحات الجولف والمناطق السياحية.

ماهية الفقر المائى:

يتم تعريف الفقر المائي بأن تجاوز حدود الألفين من الأمتار المكعبة سنوياً للفرد نزولًا إلي الألف متر مكعب سنوياً لاستهلاك الفرد المنزلي والعام والصناعي والزراعي، وبحساب ما سبق علي نصيب الفرد يتضح أن المصريون حالياً تجاوزوا خط الفقر المائي وصاروا تحت خط الفقر المائي لأنهم يقفون تحت مستوي 900  متر مكعب سنوياً للفرد، أي تحت الألف متر مكعب محدد الفقر المائي. 

وما يعزز من خطورة الوضع المصري هو تصاعد أهمية نهر النيل المتزايدة لدول حوض النيل، فنحن الآن وعند بداية الألفية الثالثة فهنالك خمس دول من حوض النيل الشرقي (تنزانيا – بوروندي – رواندا – كينيا – أثيوبيا) قد تجاوزت حد الأزمة الشديدة عندما أوشك نصيب الفرد لديها للاقتراب من حد الفقر المائي المعروف بمقدار  1000 متر مكعب سنوياً، وهي الآن في طور الأزمة المائية والتي تقدرها التعريفات الدولية عندما يقل نصيب الفرد المواطن عن 2000 متر مكعب سنوياً.

نظرة لمستقبل العالم المائى:

إن التعداد سيتضاعف أكثر من مرة ونصف المرة بحلول عام 2050م ليبلغ حوالي عشرة مليارات نسمة، كما أن مصادر الوقود التقليدية من بترول وفحم وغاز طبيعي سوف تنقضي بمقدار 80%، والغابات القائمة على المطر سوف تنخفض بنسبة 45%.

هنالك دول تواجه أخطاراً مضاعفة كوطننا العربي الذي تجاوزت فيه 19 دولة عربية مرحلة الفقر المائي، وباتت تواجه العديد من بلدانه مرحلة الشح والندرة المائية ومن بينها مصر وقطاع غزة بصفة خاصة، وتزداد تعقيدات المشكلة لدي هذه البلدان مع الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها حيث لا يمكنها غالباً استيراد المياه أو تحلية مياه البحر وهي عملية مكلفة جداً، ويبقي تأكيداً علمياً لفداحة الأمر وهو ما يشير إليه التقرير العلمي لمنتدي البيئة العربية أنه بحلول 2025 ميلادية ستقع جميع الدول العربية تحت مظلة الشح المائي باستثناء السودان والعراق، خاصة ووقوع منطقتنا العربية الجغرافي ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة من الكرة الأرضية.

وبالنسبة للتركيز علي وضع المياه في مصر تحديدا فإن له خطورة خاصةً جداً، فهنالك العديد من التحديات الكبري منها ما ذكره السيد ماكدونالد في تقريره تحت عنوان "وجهة نظر أوربية" والتي يقول فيه "أن ضغوط التنمية في مصر ستساعد على ضمان أن الاستخدام الأكثر فعالية لمياه النيل سيكون موضع بحث ملح لا سيما وأن هذه الضغوط ستكون محسوسة بصرف النظر عن تأثير الجفاف الذى يتعرض له إقليم الساحل الإفريقي على فيضان مياه النيل"، وهو ما شاهدناه فعلياً من توقف عمليات إستصلاح الأراضي الصحراوية لشبه إستحالة مدها بالمياه، وبالتالي أصبح أمر غزو الصحراء أقرب للأحلام مع تحدي الغذاء الحالي وتنامي إستيراده بشكل دائم سنوياً.

يأتي ما سبق متسقاً مع الوضع المائي في مصر، والذي يكفي في الإشارة إليه توضيح أن نهر النيل يشكل أكثر من 98% من جملة موارد مصر المائية بينما قد لا يشكل 10% من جملة الموارد المائية لدول حوض النيل الأخري المعتمدة بشكل رئيسي علي الأنهار في الزراعة، وتشتد وضوح الأزمة مع مقدار ما تستهلكه مصر من كميات المياه والتي تبلغ  59.5 مليار م3 ، من إجمالي 60 مليار متر مكعب هي إجمالي دخلها من الموارد المائية النهرية السنوية (النهر والمياه الجوفية والتحلية ومخزون بحيرة ناصر من الفيضانات)، علماً بأن إيرادها من حصة مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب، والغريب في الأمر أن مصر رغم استهلاكها 100% من حصتها في مياه النهر لم تثير المشكلات نحو زيادة حصتها في حين أن الدول التي لا تستهلك أكثر من 9% من حصتها في مياه النهر هي التي تثير المشكلات، مع العلم أن إجمالي إيرادات نهر النيل 1680 مليار متر مكعب ومصر تحصل فقط علي 55.5 مليار متر مكعب.

ورغم كل ما سبق، وما تواجهه مصر من أزمة مائية حالية وكون إيراداتها المائية لا تكفيها، ها هي مصر تواجه أخطر تحدياتها القومية الكبرى، وهي تلك المتعلقة بمياه نهر النيل الخالد، عبر ما يعرف بمشروع سد الألفية (النهضة) والذي يعد كارثة في حد ذاته، فضلاً عما يتيحه من أزمات سدود أخري بات أمر مواجهتها غير بعيد، خاصة مع المخاطر الإسرائيلية وأياديها المتلاعبة في أفريقيا، وأيضاً مع مصالح دول حوض النيل الفقيرة مع دول أخري.

سؤالًا يفرض نفسه: هل هى البداية لعهدٍ جديد من الجوع والعطش؟

من الواضح أن قيادتنا السياسية تعى تلك المخاطر ولديها من الخطط البديلة ما يُغني الشعب المصرى عن الجوع والعطش، على أرض الواقع تحققت بالفعل عدة مشاريع على صعيد تنمية مصادر المياه خلال 2018 تم تدشين محطة معالجة الجبل الأصفر بتكلفة 1671 مليون جنيه، ومحطة القابوطى بتكلفة 360 مليون جنيه، ومحطة تحلية هضبة الجلالة، ومحطة تحلية العين السخنة، ومياه الوليدية والمحمودية.

إنشاء عدة قناطر ومشاريع مائية:

قناطر أسيوط الجديدة

 يعتبر أهم مشروع مائى مُقاوم للزلازل والذى أُنشئ على نهر النيل بعد السد العالى ليسهم فى زراعة 1650.000 فدان وتوليد طاقة نظيفة تقدر ب32 ميجا وات، بواسطة أربعة توربينات ما يوفر 15000.000 دولار سنويًا.

قناطر ديروط الجديدة

وقعت وزارة الموارد المائية بروتوكول تعاون مع الـ (جيكا) هيئة التعاون الدولى اليابانية؛ لإنشاء قناطر ديروط الجديدة لتحل محل نظيرتها القديمة والتي بلغت 146 عامًا من العمر، فى إطار خطة التنمية المستدامة 2030.

وعلى طريق الإنجازات نبحر ونجني ثمارها ولكن السؤال يُعيد نفسه: هل يمسنا الجوع والعطش؟

 

دُمتم فى شبع..


محمد ابراهيم

محمد ابراهيم

راسل المحرر @