تقبل الآخر.. طرق التعامل وصعوبات الواقع 

تقبل الآخر.. طرق التعامل وصعوبات الواقع 

اخر تحديث في 9/11/2019 9:56:00 PM

محمد شومان 

"تقبل الآخر".. يشكل دائما هاجسا للفرد والمجتمع، كيف نتقبل الآخر المختلف عنا كأفراد، وكيف نتقبل المجتمعات الأخرى بثقافتها وهوياتها ومعتقداتها دون أن يشكل ذلك مشكلات تختلف باختلاف أسبابها، هل الأمر بسيطا أم أن واقع الحال يفرض صعوبات أخرى تعوق ذلك.

هذه بعض ملامح ندوة المفكر المصري جمال أسعد عبد الملاك التي أقيمت أمس بقصر ثقافة الأسمرات ضمن فعاليات الملتقى الثقافي الأول لشباب الحدود، حيث تستضيف الهيئة العامة لقصور الثقافة مجموعة من شباب المناطق الحدودية في الفترة من 1 إلى 7 سبتمبر، من محافظات "شمال وجنوب سيناء"، "حلايب وشلاتين بالبحر الأحمر "، "أسوان"، "الوادي الجديد"، "سيوة ومطروح".

عبر "أسعد" في بداية حديثه عن سعادته الغامرة بفكرة الملتقى وتجميع هذا الكم من الشباب من محافظات وبيئات مختلفة، وأثنى على الجهود المبذولة التي تقوم بها الهيئة للنهوض بالمستوى الثقافي والفني والحرفي للشباب حيث بدأ حديثه معهم بتعريف الآخر أنه كل ما هو خارجك، الأب بالنسبة لك آخر والأم والمعلم والمسلم بالنسبة للمسيحي والعكس وأضاف أنه لا يمكن العيش بدون الآخر فهو فرض إلهي، فالله عز وجل جعل التعددية ولم يخص بها الإنسان فقط بل في جميع مخلوقاته.

كيف نتعامل مع الآخر

يوضح "أسعد" كيفية التعامل مع الآخر وذلك عن طريق الحوار وليس بالضروري الاقتناع بأفكاره ومعتقداته، وكما قيل الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ثم تحدث عن الهوية المصرية وكيف أنها متعددة ومتنوعة ولا تتكرر في أي مكان وزمان لذا مصر لها تاريخ عريق ولها هوية منفردة عن العالم، وتعتبر الشخصية المصرية غنية بالثقافات نتيجة مرورها بعدة حقب منها المصرية القديمة، اليونانية، الرومانية، المسيحية، الإسلامية، واستطاعت الشخصية المصرية أن تهضم كل هذه الثقافات دون أن تؤثر على الهوية المصرية، وكل ذلك نتيجة لأنها كانت تتقبل الآخر الذي جعلها محافظة على هويتها التي لا يمكن الاقتراب منها، وأكد على عدم الوقوف عند حقبة معينة كأن يقال مصر فرعونية أو رومانية فكل حقبة تأتي من الممكن أن تؤثر فينا ولكنها لا تمحينا، فمصر قادرة على استيعاب الديانات والجنسيات المختلفة.

العوامل التي تؤدي إلى عدم قبول الآخر

أوضح أسعد أن الفكر الديني غير الصحيح يمكن أن يؤثر على عدم قبول الآخر، وأضاف أن الدين نص إلهي ينزله الله في كتاب سماوي للناس أما الفكر الديني هو تفسير الإنسان لهذا النص الإلهي، ولأن الإنسان يفسر على حسب أهوائه نجد هناك اختلافات كبيرة بين الأفكار والمعتقدات، وأشار أن الدين هو الذي يحدد مسار الإنسان على الأرض فهو فطرة الله للإنسان، وعلى مر العصور تواجد تجار الدين والمزايدين في جميع الأزمنة والأماكن، وقد حدث ذلك في أوروبا في الحرب التي بدأت في عام 1618 إلى 1648 أي استمرت 30 عاما من الصراع الديني بين الطوائف راح ضحيته 30 مليون شخص، وأكد أهمية لغة الحوار وأهمية تقبل الآخر.

انتشار الفساد والمحسوبية 

أجاب المحاضر على سؤال أحد الشباب حول ظاهرة انتشار الفساد وكيفية التصدي، بأن الفساد والقيم المتدنية وإسقاط القانون أساسها فقدان لغة الحوار وعدم استماع كل منا للآخر لأن الحوار من القيم المتحضرة للنهوض بالمجتمع، وأكد على ضرورة تجديد الحوار الديني والاجتماعي والسياسي، وعدم السكوت على الفساد لأن السكوت عنه مشاركة فيه فيجب العمل بإيجابية.

وفي سؤال آخر عن الانفتاح على العالم وعواقبه، أوضح أننا لا نستطيع الانعزال عن الآخر بل عن العالم، وان كان الانفتاح مفروضا في ظل التطور، ولمواكبة ذلك لابد أن نكون مؤهلين له عن طريق التمسك بالهوية المصرية الأصيلة التي تحمينا من الانفتاح الأعمى على الثقافات الآخر.
وأوضح أن المحسوبية من أخطر أوجه الفساد التي تؤدي إلى شعور الفرد بالاغتراب وعدم الانتماء لعدم تساوي الفرص، وأجاب علي أحد الشباب "هل يمكن أن يكون قبول الآخر مطلق"، لا فليس من المعقول قبول اللص أو الفاسد، وأضاف ان القضاء على الفساد محور اساسي لتغير المجتمع وان قوة الهوية المصرية اعتمدت في الأساس على تقبل الآخر.

شاهد بالصور


محمد شومان

محمد شومان

راسل المحرر @