أبو عطوة ذاكرة الصحراء والهجرة.. دراسة ميدانية لقرية مصرية

أبو عطوة ذاكرة الصحراء والهجرة.. دراسة ميدانية لقرية مصرية

اخر تحديث في 4/30/2019 11:14:00 PM

د. سامح شوقي

  • تنويه: يحرص الكاتب على سرد كلام المصادر بنصها العامي وفقا للمتعارف عليه في تدوين الجمع الميدانى

 

قرية أبو عطوة إحدى القرى التى تتبع مركز نفيشة بالإسماعيلية، وتحوى مجتمعا ريفيا يشتغل غالبية سكانه بالزراعة وفلاحة الأرض، فالمجتمعات الريفية أكثر ترابطا وتمسكا بالعادات والمعتقدات، كما أن أهل الريف يوجد بينهم ترابط أسرى، مما يؤكد ارتباط المجتمعات الريفية بثقافتها بشكل يتجاوز المجتمعات الحضرية، كما أن هذا الترابط ينتج عنه قرى مندمجة، وهذا الاندماج والانخراط يعطى نوعا من الأمان والتعاون المشترك بين أهل القرية الواحدة.

لدينا العديد من الدراسات التاريخية حول نشأة المدينة؛ أما القرية فنادرا ما نجد دراسة تاريخية عن أصلها ونشأتها ومراحل تطورها ومدى التغير الاجتماعى بها كما هو الحال فى قرية أبوعطوة؛ لذلك تم الاستعانة ببعض أفراد من مجتمع القرية لمعرفة تاريخها حيث أجمعوا أن أبو عطوة هو أول من سكن المنطقة التى كانت صحراء وعمرها وقد وجهونى إلى أفراد عائلة أبوعطوة لمعرفة كيف نشأت القرية وهما "الحاج حسن حسين أحمد عطوة إخبارى رقم (4)، الحاج مصطفى محمد حسن عطوة إخبارى رقم (5) وهما أبناء عموم"، وعن تاريخ العائلة يقول حسن "أبوعطوة أصلا قبيلة من الشام اسمها (ضيف ميلاد) جاءوا إلى مصر وسكنوا فى العباسة ( أحد ضواحى محافظة الشرقية )".

وعن كيفية وصول العائلة للإسماعيلية يقول الحاج حسن "جاءوا هنا كانوا أخين واحد رجله تعبانة وجعاه وأخوه، وكان معهم زوجاتهم، وكل واحد خلف له أولاد".

وعن طبيعة العلاقة بين الأخين وعن كيفية حياتهما فى البداية يقول الحاج حسن "كان عندهم جلابية واحدة وبلغة واحدة لمؤاخذة مداس واحد واخد بالك اللى هايروح مشوار يلبس الجلبية النظيفة والمداس واخد بالك يأكلوا فى طبق واحد وعيشتهم واحدة دنهم لما الولاد كبروا بقوا ألفة واحدة هم وأولاد عمهم، نحن دلوقتى أنا والحاج مصطفى أبوه ابن عم أبويا، لكن أهلنا ربونا على إننا إخوات اتربينا على إننا راجل واحد".

ويقول الحاج مصطفى "كان زمان ست ست ست ستى أيام حفر القناة كان بيبقى معها سطل يعنى كوز وجرة كانت بتملا الجرة من الطلمبة وتسقى الناس إللى بتحفر القناة".

وعن طبيعة الحياة والأرض عندما جاءت عائلة أبو عطوة يقول الحاج حسن "جماعة أبو عطوة أول ناس سكنوا هذا المكان وأبو عطوة جدنا طبعا لما سكنوا هنا كانت المنطقة عبارة عن صحراء ومستنقعات مكانش فى أى سبل للحياة كنت تقعد كده مافيش حواليك غير الصحارى مكانش فى بيوت، طبعا أبوعطوة كان له أولاد بدأوا كل واحد يبنى له بيت من الطين ويصلحوا الأرض ويزرعوها كانت الأراضى هنا كلها وضع يد كل واحد حاطت يده على قطعة أرض كانت الأراضى كثيرة ومساحات واسعة يعنى تيجى مثلا تروح الصحارة ياخدك التواه تتوه تلاقى نفسك مش عارف تروح فين، وبعدين مكانش فى مياه، أبوعطوة وأولاده حفروا ذى خليج من ترعة الإسماعيلية ومازال موجود حتى الآن بجوار مستشفى الحميات وكل الأراضى إللى هناك بتشرب منه، المهم جدودنا صلحوا الأرض دى حتة حتة لحد لما ربنا كرمهم وأصبحت سبعين فدان، وتوفى الأجداد وتوزعت الأرض على الأولاد وتوفى الأولاد وأصبحنا نحن الورثة".

وعن تشكل قرية أبو عطوة يقول الحاج حسن "أبوعطوة تكونت من البداية لما كان الجد الله يرحمة وأخوه بيفلحوا فى الأرض كان بيحتاج لعمال فكان بيجى ناس يشتغلوا فى الأرض كانوا من الصعيد ومن أماكن بعيدة كثيرة فكان جدى لما يعرف إن فى حد متزوج يقول له هات جماعتك ويبنى له بيت من الطين، الأرض كانت واسعة واللى عايز ياخد ويعمر مكانش حد بيقول له حاجة، كان الرجالة بتشتغل فى الغيط وكان حريمهم بيشتغلوا مع الحريم إللى فى بيت جدى كانوا لمؤاخذة بيفركوا الذرة والأرز والفول السودانى".

بدأ الجدود أيضا فى تعمير المنطقة بإنشاء مسجد ومدرسة كما يقول الإخبارى الحاج حسن "لما كثر عليهم الخير أنشأوا مسجد إللى هو حاليا مسجد أبو عطوة وعملوا المحلات دى علشان لما يجى إيجارتها يأخذها الشيخ تصرف على المسجد، وعملوا المدرسة دى إللى قدامك".

وعن التبعية الإدارية وكيفية توثيق الأوراق الرسمية يقول الحاج مصطفي "كانت الإسماعيلية زمان تتبع بورسعيد وقبل كده كانت تتبع أبو حماد (من توابع محافظة الشرقية)، طبعا زمان لا كان فى عقود ملكية للأراضى الزراعية ولا حاجة لإنها ذى ما قولت لك كانت كلها وضع يد الكلام ده كان سنة 1920 م، وعندما بدأ التوثيق كان الشهر العقارى فى أبوحماد (من توابع محافظة الشرقية) وكان التسجيل فى أبوحماد، حتى تلاقى العقود اللى معى التى عفى عليها الزمن مكتوب عليها مركز أبوحماد لإنها اتسجلت فى الشهر العقارى التابع لمجمع أبوحماد".

 

وعن كيفية تقسيم قرية أبو عطوة وتملك أفرادها لأراضيهم يقول الحاج حسن "كان أيامها محافظ الإسماعيلية كان اسمه محمد حسن عبد اللطيف أول محافظ للإسماعيلية راح بعت لجدودى علشان عايزين يعملوا تنظيم لإنهم هيجيبوا ناس من البركة اللى جمبنا يقيموا هنا كانت عيلة أبو عطوة عاملة صور حول أرضها وبيوتها ، وقال لهم المحافظ إحنا عايزين نقسم الأراضى ونملكها للناس وهنعطى لكم قطع أراضى فجدودى طلبوا خمسين قطعة أرض مبانى فقال لهم خمسة وعشرون ومحدش قدر يتكلم وتملكوا الخمسة وعشرون قطعة".

وفى الوقت الحالى امتلأت قرية أبو عطوة بعائلات وناس كثيرون حتى أصبح من يعرف أفراد عائلة أبوعطوة قليلون، وكما يقول الحاج حسن "البلد اتملت ناس مابقناش معروفين، الناس الكبار بتاعة زمان اللى عارفة تقول لنا والله لحم أكتافنا من خيركم، كان زمان مافيش جشع كان الجار يعزم جارة بالموجود وممكن يذبح لمؤاخذة عجل ولا خروف ويعزم جيرانه وحبايبه وكده، (العملية مش بالعبطة العملية عايكة بالألفة)* يقصد بها ليست بالقوة بل بالتألف والمحبة، إنت عايز تبقى كبير وتبقى صاحب مكان تعمل ألفة وبعدين قالوا لنا إيه خلى بالك من الكلمة دى قوى، الرجالة ما بيلمهاش الهت بيلمها الفت، يعنى مأقعدش فى مكان وأعمل بالكرباج وأعمل وأسوى لأ ده انا أجيب جيرانى وحبايبى إللى حولى وأعمل لهم وجبة حلوة نقعد نأكل ونتسامر إنت تقول لى على إللى عندك وأنا أقول إللى عندى ممكن أحل لك مشكلتك وإنت تحل لى مشكلتى، واخد بالك فى أولفة فى محبة فى تعاون، خلى بالك عيلة أبوعطوة ماسكين على الوضع ده حاليا مع بعض كل إللى بيننا أولفة، يعنى فى ناس ما تعرفناش إحنا ولاد عم ولا إخوات كل إللى يعرفوه إن إحنا من جماعة أبوعطوة ".

وعن تاريخ أبو عطوة والحروب التى مرت بها بداية من حرب 1967م،  يقول الحاج حسن "فى سنة 1967م إحنا كنا هنا لم نهاجر العدوان والحرب شغالة وإحنا قاعدين هنا سنة 68 الناس بدأت تهاجر لما المدارس قفلت وفى ناس قعدت هنا تزرع وتقلع فى أرضها مافيش مشكلة يعنى وقتها أنا كان عندى 18 سنة الطيارة تلاقيها تضرب قنابل فى الأول تضرب فانوس يعمل إضاءة ذى النهار تشوف الإبرة فى الأرض يضرب الأول الفانوس علشان يشوف وبعدين يضرب القنبلة الكلام ده كان فى المكان إللى هو بيقولوا عليه البلاجات دلوقتى، كان زمان اسمه كامب البومب كان الجيش هناك الضرب مجاش هنا اليهود طبعا كان عندهم معلومات بالأماكن كان المكان إللى يجلهم عنه المعلومة يضربوه، وبدأت حرب الإستنزاف، مرة يضربوا ومرة العملية تهدأ، والناس عايشة وبيزرعوا وعايشين حياتهم الطبيعية، والجيش جاء وتمركز فى الجناين اتمركز على الخط الحدودى ده كله من بورسعيد للإسماعيلية من جنوب الإسماعيلية الضبعية وكده الخط ده كله اسمه جنوب الإسماعيلية، أيام ربنا لايوريها لك ولا يوريها للمسئولين ولا حد يشوفها، العساكر كانوا جايين حافيين وجايين هلكانين فين بعد شهرين ثلاثة لما هدأت العملية وبدأوا يبنوا فى قواعد صواريخ تيجى طيارات اليهود بالليل تضربها يموت الناس إللى بيشتغلوا بالقروانة، دول يموتوا يجى غيرهم يشتغلوا ويموتوا، الكلام ده من 1967م وإنت ماشى لغاية 1973م، كانت القواعد دى بتنضرب ليه لأن إللى كانوا بيعملها الروس إللى السادات طردهم لإنهم خونة، وحط مكنها قواعد خشب اللى ضربها اليهود، وعرف إن الروس هم إللى كانوا بيبلغوا اليهود، الروس دول كانوا جعانين كان الظابط الروسى يضرب النخلة بالطوب علشان يسقط البلح ليأكله معملهاش العسكرى المصرى".

وعن الحياة فى قرية أبو عطوة وحرب أكتوبر 1973م يقول الحاج حسن "يوم 6 أكتوبر 73 الساعة 2 ظهرا 2 وخمسة بالظبط بدأ الطوفان بقى الضرب شغال من عندنا ومن عند اليهود".

وعن أحداث موقعة الدبابات التى تشتهر بها قرية أبوعطوة يقول الحاج مصطفى "لما حصلت الثغرة من عند سرابيوم كان حوالى يوم 16، 18 أكتوبر 73 دخل اليهود لحد أبو عطوة فى المنطقة مكانها دلوقتى النصب التذكارى، كان فى الفترة دى عساكر الصاعقة المصريين موجودين فى كل البيوت وفى كل مكان رجالة من الرجالة إللى بالك فيهم إللى هى الراجل منهم يساوى مائة راجل دلوقتى وضربوا الدبابات الإسرائيلية إللى دخلت من الثغرة وأول ما ضربوا ضربوا الدبابة الرئيسية وهى عبارة عن غرفة عمليات متنقلة وهى التى تتحكم فى باقى الدبابات ضربها العقيد إبراهيم الرفاعى الله يرحمه بسلاح أر بى جى خلاها فحمة، كانت الدبابات دى جاية فى عملية غزو مدينة الإسماعيلية بالكامل كانوا داخلين من عند أبوبلح، وأول العقيد لما ضرب الدبابة غرفة العمليات المتنقلة راحوا واقفين كل الدبابات التابعة لها لأن دبابة غرفة العمليات وهى كانت بتحرك كل الدبابات ، كان رجالة الصاعقة رجالة على حق أقسم بالله خلعوا كل الأبواب والشبابيك من كل بيوت أبوعطوة وبقينا مبسوطين كانوا بياخذوها علشان بيعملوا بها خنادق بيعرشوا بها الخنادق، تصدق بالله المصرى أصيل خلى بالك بعد كده جابوا الأبواب والشبابيك على عربيات الجيش وسلموها لنا، مكانش فى جشع البيوت كانت مليانة خير حمام وفراخ وبط ، يذبحوا ويأكلوا والأرض مليانة خير وكانت الشون مليانة فول سودانى وسمسم ، المصريين هم إللى عبوها".

وبعد سنة 1974 بدأ أهل القرية الرجوع إلى منازلهم ودبت الحياة مرة أخرة فى قرية أبوعطوة وتوافد عليها أناس آخرون من بلاد أخرى وزاد عدد سكان القرية، وعن ما كان عليه أهل القرية فى قديم الزمان وما هم عليه الآن يقول الحاج حسن " كانت البلد عايشة ولما ربنا أنعم على الناس تمردوا واخد بالك كنا بنشرب من الخليج، كنا لمؤاخذة بنقضى حاجاتنا جمب الحائط، دلوقتى حمامات وبنيوهات ومياه ساقعة وساخنة ونعيم وفى مجارى وفى كهرباء واخد بالك فى نعيم، واحد قريبنا الله يرحمه كان من سنتين بيقول لى لو طلعت أهالينا من القبور دلوقتى وراحوا على سوق الجمعة يقولوا ده إحنا فى الجنة كل حاجة فى غير أونها موجودة الخيار موجود والكنتالوب موجود والبطيخ موجود كل حاجة موجودة كان زمان الطماطم عروتين، والبطيخ عروة والشمام عروة، دلوقتى فى تعليم دلوقتى تقدر تعلم ابنك كان الأول ياعينى مين يقدر يصرف على ابنه كان زمان مافيش مدارس كنا علشان نتعلم كان لازم نروح الإسماعيلية كنا بنروح ماشيين كانت مدرسة زخارى فى شارع الأسكندرية دلوقتى إتهدت وطلع مكانها برج كان مشوار علشان الواحد يعلم أولاده".

 

شاهد بالصور


محرر عام

محرر عام

راسل المحرر @