ثلاث جلسات بحثية في ثاني أيام مؤتمر الأدب واستلهام الموروث الثقافي

ثلاث جلسات بحثية في ثاني أيام مؤتمر الأدب واستلهام الموروث الثقافي

اخر تحديث في 9/24/2020 10:13:00 PM

 شيماء الطويل 

استمرت فعاليات مؤتمر أدباء إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي والمقام بقصر ثقافة بنها، دورة الشاعر الراحل "مجدي الجابري" بعنوان "الأدب واستلهام الموروث الثقافي" والمنعقد في الفترة من الثلاثاء ٢٢ حتى ٢٤ سبتمبر الجاري، حيث تضمنت فعاليات اليوم الثاني ثلاث جلسات بحثية.

الموروث الديني 

عقدت الجلسة الأولى بعنوان "الموروث الديني" وأدارها الروائي محمد عكاشة، حيث بدأت ببحث لعبدالباسط هيكل بعنوان "الموروث الديني في روايات محمد فريد أبو حديد"، وأوضح الباحث خلالها أنه إذا نظرنا إلى العادات والتقاليد المصرية في قصص محمد فريد أبو حديد، فسنجد أن رواياته تعد ديوانا لعادات تلاشت وسجلا لتقاليد زالت، أو على وشك الزوال فهي تكشف لنا كيف انتقل المصريون إلى استعمال العقل واستكمال المعرفة، بعد الإغراق في الخيال والأوهام في رواياته اهتمت بالوصف الدقيق لتفاصيل الحياة اليومية والروتينية في القرية والمدينة، القرآن حاضر في حياة المصريين في لحظات خوفهم وفي لحظات قربهم من ربهم وعندما يقفون على قبور موتاهم راجين لهم الرحمة فيقول سيد زهير "لما وقفت الي جوار القبر غمرني حنين شديد وأنهمرت في البكاء بحرقة بالغة وهجمت علي موجة من الأسف والندم على أني لم أذهب كل تلك السنوات لأزور ذلك الوالد العزيز وأترحم عليه"، ويردد جحا آيات من القرآن ليطمئن قلبه ويكثر من الذكر والصلاة ليذهب خوفه فيقول "كاد النهار ينصرم وأنا أجرر قدمي وراء الجواد واستولي الضيق على نفسي، فالتصوف تقليد ديني شاع في المجتمع المصري وترسخ في وجدان المصريين ولعل مما دفعهم اليه طبيعة الحياة المصرية القاسية فالتصوف متنفس روحي للمصريين".

كما قدمت د. ماريا لوندي بحثا بعنوان "تأثير المعتقدات المسيحية على الأدب "الشعر" موضحة مفهوم الأدب بأنه نوع من أنواع التعبير الراقي عن المشاعر الإنسانية، التي تجول بخاطر الكاتب والتعبير عن أفكاره وآرائه وخبرته الإنسانية، في الحياة وذلك من خلال الكتابة بعدة أشكاله، فهناك أنماط الأدب المختلفة ويمكننا تصنيفه بعدة أنماط مختلفة تبعا للتصنيف الذي نختاره مثل الأدب العربي والفرنسي والإنجليزي تبعا لموضوعه كأن أقول مثلا أدب المقاومة وأدب الرحلات وغيرها، وهناك أنواع الأدب مثل أدب الرواية، أدب القصة القصيرة، المسرحية، الشعر، المقالة، فالأدب المسيحي أحد المجالات الثقافية التي أثرت بها المسيحية حيث إنه مع التقليد الأدبي، الذي يمتد ألفي سنة والكتاب المقدس يعتبر من ثوابت القوانين الكنسية والمسيحية إحدى أهم الأعمدة الثقافية للأدب البيزينطي كما تأثر عدد من الكتاب خلال القرون الوسطى من روح القيم المسيحية وتأثير المعتقدات المسيحية على الأدب والشعر، منهم الأدب القبطي فهو ليس أدبا دينيا فحسب بل إن الآثار الدنيوية في الأدب القبطي لاتقل عن الآثار الدينية وهناك شعر في الغرب المسيحي والشرق المسيحي، وهناك شعراء اقتبسوا من الموروث القبطي منهم أحمد شوقي. توفيق الحكيم، وصلاح عبدالصبور والشاعر قداسة البابا شنودة، قبل رهبنته كان شاعرا وتتلمذ على يد أحد الكتب القديمة في الشعر وهو كتاب "أهدى سبيل إلى علم الخليل" للأستاذ محمود مصطفى، وكان له مجموعة من القصائد منها ضاع، هذه الكرمة، الأمومة، ألحان بارباس، انا يانجم، وغيرهم من القصائد.

الموروث التاريخي 

وعقدت الجلسة الثانية بعنوان "الموروث التاريخي"، أدارها رابح محمود، وبدأت ببحث للدكتور عمر صوفي محمد، بعنوان "استلهام التاريخ في شعر فؤاد حداد" حيث يرتبط الأدب بالتاريخ ارتباطا قويا وتغلفل التاريخ والسياسية، في أي عمل أدبي لا يعني التشابه بين الأدب والتاريخ التماثل،  فيشير أرسطو إلى أن المؤرخ لا يستطيع الخروج عن رواية الأحداث الفعلية، عكس الأديب الذي يتعامل مع مجال أرحب من العموميات وتحدث عن فؤاد حداد هو أحد الشعراء الثائرين على الواقع ولد عام ١٩٢٨ وتوفي ١٩٨٥ لأب لبناني وأم سورية ونشر ١٨ديوانا في حياته مثل أحرار وراء القضبان والمسحراتي واستشهاد جمال عبدالناصر حيث ارتقى بشعر العامية بداء من الفكرة وحتى التراكيب والصور  خاصه بعد فترة سجنه وقد عاصر الكثير من الأحداث السياسية في عصره سواء في العصر الملكي أو في الجمهوري بعد ثوره ١٩٥٢، وقد أعجب بفرنسا وثورتها ونظمها وحريتها وتحطيم سجن الباستيل، وكانت  قصيدته إلى نهضة أوروبا الصناعية وقد أشار فؤاد في قصيدة أحمد عرابى إلى دوره في الثورة العرابية والتي يشير حداد إلى أنها امتدادا لمقولة عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي، وإن لم تجد صدى في الواقع كما تعرج القصيدة على أحد أسباب هزيمة عرابي وهو عدم احتراسه من الخونة كما لا ينسى التعريض بالقنصل البريطاني اللذين رافقا الخديوي في مواجهه عرابى بساحة عابدين.

وقدمت د. نوران فؤاد، بحثا بعنوان "الموروث التاريخي والأدب تأثير وتأثر لمحات من عبق التراث مسرحيات نثرية قصيرة" للكاتبة نوال مهني، موضحة أن المرحلة التاريخية سمة تنطبع بها وفيها حركة الأفكار وإجراءات الكتابة الأدبية، على إختلاف صنوفها ومن ثم ارتباطها في حبكة الأحداث ويكون هناك حدث يحتوي صورا مختلفة يمكن استثمارها في عمل إبداعي يحمل كامل مقوماته الفنية والدرامية. 

وقدم د. محمد السيد إسماعيل "الرواية والتاريخ من تقديم التراث الي توظيفه" مشيرا إلى أن الرواية المصرية والعربية ارتبطت منذ بدايتها وكما هو معروف بالشكل الأوروبي الغربي واتبعت إلى درجة تقترب من الاقتباس والتقليد الذي لازم هذا الجنس الأدبي الوافد، وأن هذا التوجه الكبير للتراث بمرحلتيه التعبير عن التراث والتعبير بالتراث مع بداية الستينيات وهناك عدد كبير من الروايات التي قامت علي التعبير بالتراث وعملت على توظيفه بغرض الإسقاط السياسي.

وأخيرا قدمت د. إيمان عامر، بحثا بعنوان "الإبداع المصري يحتفي بالتاريخ" موضحة أن رواية "عذراء دنشواي" لمحمود طارق حقي، تعد إرهاصة أولية للفن الروائي، تجاه التعبير عن الكفاح والمقاومة وإدانة ممارسات المستعمر تجاه مايحدث على أرض الوطن، في ذلك الوقت حيث استلهم محمود طاهر مأساة قرية دنشواي، وماحدث فيها، فالأدب تناول العديد من الأعمال الأدبية، مايمكن أن نسميه التاريخ الشعبي لقناة السويس، والتي تعطينا صورة أوضح لما تعنيه القناه في وجداننا صورة اقل رسمية وأكثر حميمية، ومن تلك الأعمال المسرحية عفاريت الجبانة، صوت مصر، ياعزيز عيني.

أعمال النشر الإقليمي 

وعقدت الجلسة الثالثة لمناقشة أعمال النشر الإقليمي، أدارها أسامة بدر، ؛وقدم بها بحث للدكتور أحمد تمام سليمان، بعنوان "قراءة في النشر الإقليمي للعام ٢٠١٩.. نماذج من شعر الفصحى" أوضح سليمان من خلاله قراءة نقدية لبعض الأعمال الأدبية الفائزه في النشر الإقليمي، ومنها ديوان "بين الخرافة والصهيل" ويتكون الديوان من إحدى وعشرين قصيدة، وترى الشاعرة على المفردات الكبرى للحياة مثل الماء، الندى، العطر، المطر، الرياح، القلب، الطائر، الجناح، النفس، اليد، الطريق، الشاطئ، الروح، كما أنها تجد في البوح والمصارحة، إثما وجريمة لذا تكثر من الاستفهام الإنكاري في قصيدة "مع سبق الإصرار والترصد" فإما الأمان في تجريد بممارسة البوح مع النفس خاصة مع بيئة الكتابة وكأن الشاعرة لا تتنصل من جريمة البوح وإنما توقع على اعترافاتها بارتكابها.

ثم قدم الشاعر علاء الرمحي، بحثا بعنوان "لهجتنا البدوية الابنة البكر للفصحى" أشار فيه على انه عندما كلف من طرف أمانة مؤتمر إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي بتحرير بحث حول ديوان الشاعر البدوي سيد بودهيم الرمحي، وهو الديوان الأول لشعراء بادية الفيوم الذي يطبع وينشر تحت مظلة الثقافة المصرية بعد عقود طوال من التهميش بل وعدم الإعتراف بهذا النوع من الأدب ووضع العراقيل أمام نشر الشاعر البدوي لابداعه، كما تحدث عن عن نشإة الشعر البدوي، حين خرج العرب بلغتهم الفصحى من الجزيرة العربية وفي القرن الرابع الهجري بدأت القلاقل والثورات داخل الحزيرة العربية.

كما قدم الشاعر محمد علام، دراسة بعنوان "العالم داخل العالم تحولاته التلاعب بالوهم" أشار فيها أن إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، قدم هذا العام أربعة إصدارات بين قصة قصيرة ورواية ومسرحية وقد سيطرت الواقعية على إنتاجهم جميعا، ففي كتاب "أنوثة حمراء" لإيمان حجازي، حاولت من خلال قصص المجموعة ملامسة المستتر من عوالم شخصيتها، التي توزعت على حوالي ٣٤ قصة، في محاولة منها للضغط على القيم المتحللة للطبقة الوسطى، من خلال الإشتباك مع نماذج مختلفة من العلاقات.

وختاما قدم الشاعر محمد علي عزب، بحثا بعنوان "شعرية العنوان ومكابدات الذات والبنية الموسيقية دراسة نقدية في دواوين شعر العاميه الصادرة عن النشر الإقليمي لعام ٢٠١٩" أوضح فيها إختلاف قصيدة العامية عن قصيدة التفعلية في البنية الموسيقية، فهناك ثلاث سمات فنية تخص الدوواين الشعرية موضوع هذا البحث؛ الأولى تخص العنوان الرئيسي للديوان من حيث كونه أولى عتبات النص والتي تلقى بأضواء خافتة على العالم الشعري للديوان، الثانية تربط الخاص بالعام فانها تنطلق من رؤية ذاتية خاصة حيث لا تذوب الذات الشاعرة وتصبح مجرد لسان للجماعة، الثالثة وهي البنية الموسيقية لقصيدة العامية الحرة وموضوع البحث فيها "الموسيقى آداة من أدوات الشاعر في بناء القصيدة ونقلها للقارئ"، وأن الفنون الشعرية العامية في أصل نشأتها كانت وليدة حركة تجديد في الشعر العربي وقضايا الشعر المعاصر، وهناك الشعر الحر الذي نشأ في الثقافة الانجلوسكسونية ومابعدها أصبح شكلا شعريا عالميا.

شاهد بالصور


شيماء الطويل

شيماء الطويل

راسل المحرر @