دبا الحصن تحتفى بسحر الثنائيات المسرحية فى دورة جديدة مبهرة

دبا الحصن تحتفى بسحر الثنائيات المسرحية فى دورة جديدة مبهرة

العدد 932 صدر بتاريخ 7يوليو2025

مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى هو تظاهرة فنية متفردة تحتفى بعروض الديودراما، حيث يلتقى الأداء المسرحى فى أنقى صوره بين ممثلَين فقط، يجسّدان الصراع والحوار والتفاعل فوق الخشبة، فى تجربة درامية كثيفة ومركّزة. انطلقت فعاليات هذا المهرجان فى دورته الثامنة فى الفترة من 23 إلى 27 تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الداعم الأول للحراك الثقافى والمسرحى فى المنطقة.
وجاء تنظيم هذا الحدث الفنى المميز بدعم من دائرة الثقافة فى الشارقة، برئاسة سعادة الأستاذ عبدالله محمد العويس، وإشراف مباشر من إدارة المسرح بقيادة الفنان القدير الأستاذ أحمد أبورحيمة، وبجهود خالصة من طاقم إدارى متفانٍ يسهم فى إخراج المهرجان بأبهى حُلّة، ويجعل من دبا الحصن منارة للفن المسرحى الثنائى فى الوطن العربى شارك فى المهرجان عرض 17 ساعة من الإمارات، خلاص فردى من سوريا، حياة وحلم المغرب، لتحضير بيضة مسلوقة الكويت بروفايل من مصر وتتشكل اللجنة العليا للمهرجان سعاد الاستاذ عبدالله عويس ومدير المهرجان الأستاذ أحمد بورحيمة، المنسق العام للمهرجان الاستاذة عائشة الحوسنى، ومساعد المنث العام الأستاذة علياء الزعابى،رئيس اللجنة الاعلامية الاستاذة مريم المعينى، رئيس اللجنة الفكرية الاستاذ عصام أبوالقاسم، رئيس اللجنة الفنية الاستاذ جابر المشيرى، رئيس لجنة العلاقات العامة الأستاذة علا ديب أجرينا بعض اللقاءات لنتعرف على انطباعات المشاركين والضيوف عن الدورة الثامنة للمهرجان وجاءت كالآتى:..  
عبد الله محمد: تجربة الديو دراما كانت استثنائية.. ومهرجان دبا الحصن منصة حقيقية لدعم الشباب
فى مشاركته الأولى ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى، عبّر المخرج الإماراتى عبد الله محمد مخرج عرض  17 ساعة عن سعادته الكبيرة بالتجربة، واصفًا إياها بـالاستثنائية على المستويين الفنى والشخصى.
وقال عبد الله فى خلال حديثه: أنا من خريجى مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، وشاركت فى أكثر من دورة هناك، وهو ما منحنى خبرة جيدة فى التعامل مع خشبة المسرح. مشاركة هذا العام جاءت امتدادًا لذلك، ووزارة الثقافة جزاهم الله خيرًا أتاحوا لنا كشباب فرصة جديدة للظهور من خلال مهرجان دبا الحصن، الذى بات يشكل.
 منصة داعمة لنا كمبدعين فى بداية الطريق.
وأشار إلى أن التحضير للعرض استغرق ما يقارب أربعة أشهر من العمل المكثف، مؤكدًا أن النوعية الخاصة من عروض الديو دراما تمثل تحديًا حقيقيًا لصناع المسرح  
 وأضاف:البعض يظن أن العمل الثنائى بسيط، لكن الحقيقة أنه أكثر صعوبة من إدارة عمل يحتوى على عدة ممثلين. فى الديو دراما، عليك أن تخلق كيمياء عميقة بين شخصيتين فقط، وهذا يتطلب تركيزًا عاليًا وجهدًا خاصًا.
وحول أثر المشاركة على مسيرته كمخرج، أوضح عبدالله أن التجربة فتحت أمامه أفقًا جديدًا.
مجرد طرح اسم العرض فى مهرجان متخصص مثل دبا الحصن، يدفعك لخوض التجربة. ولأن جميع العروض فى هذا المهرجان تنتمى لفن الديو دراما، شعرت أن الفرصة مناسبة لأقدم شيئًا مختلفًا. الحمد لله، العرض نال استحسان الجمهور، والتوفيق من الله.
وأكد عبد الله أن المهرجان فى دورته الثامنة يعكس نجاحًا مستمرًا، خاصة مع اتساع دائرة الاهتمام بهذا النوع من العروض التى تتميز بسهولة التنقل والعرض فى مختلف البلدان العربية مثل مصر وتونس والمغرب.
وختم حديثه قائلا:
أتمنى استمرار هذا الدعم من قبل وزارة الثقافة وإدارة مهرجان. دبا الحصن بات وجهة فنية مهمة، واستمراره حتى الدورة الثامنة دليل نجاحه. وأنا فخور بأن تكون بدايتى مع الديو دراما من هنا.

د. محمد يوسف الحمادي: المخرج المسرحى الحقيقى لا يكتفى بالقشور.. بل يلمّ بكل عناصر العرض
بينما أكد الدكتور محمد يوسف الحمادى الأستاذ فى كلية الفنون الجميلة بجامعة الشارقة، وصاحب تجربة طويلة فى وزارة التربية والتعليم امتدت لأكثر من 23 عامًا، على أهمية الوعى الأكاديمى لدى المخرجين الشباب فى الشارقة، مؤكدًا أن المسرح ليس مجرد قشور سطحية أو أداء شكلى، بل هو مدرسة فنية متكاملة تتطلب معرفة شاملة بكل مكوناته.
وقال الحمادى إن على الشباب الطامحين فى مجال الإخراج المسرحى أن ينتقلوا من مرحلة الموهبة إلى مرحلة الدراسة الأكاديمية المتخصصة، موضحًا أن المخرج المسرحى لا يمكن أن يكون ناجحًا دون فهم دقيق لمجالات الموسيقى، وتصميم الأزياء، والماكياج، والإضاءة، وجغرافيا المسرح، والنص الدرامي. وأضاف: المخرج لا يجب أن يكتفى بطلب مصمم أو فنى متخصص، بل يجب أن يكون قادرًا على مناقشته وفهم التفاصيل الدقيقة، لأن كل خيط من خيوط العرض المسرحى مرتبط برؤية المخرج، وأشار إلى أن التدريب متاح من خلال المعاهد المتخصصة فى الشارقة، داعيًا الشباب إلى الالتحاق بها لبناء قاعدة معرفية حقيقية. وأشاد بدعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قائلًا: الشيخ سلطان متابع حقيقى ومحب للمسرح، وقد كتب بنفسه نصوصًا مسرحية، منها مسرحية النمرود التى استغرق العمل عليها 11 عامًا.
وحول واقع الكتابة المسرحية فى الشارقة، أوضح د. الحمادى أن هناك حراكًا تنافسيًا نشطًا، لا سيما فى ظل تنظيم مسابقات مسرحية تقدم حوافز مادية سخية تصل إلى 100,000 درهم. وقال: الساحة مفتوحة أمام كل من يرغب بالإبداع، بشرط الالتزام بالعناصر الأساسية للبناء الفنى والفكرى للنص المسرحى.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن المسرح لا يقوم على العشوائية، بل على خطوات مدروسة ومحسوبة، ورؤية فنية تتكامل فيها كل العناصر لخلق عرض مسرحى ناجح ومؤثر. وأكد الدكتور محمد يوسف الحمادى، أن المسرح فى دولة الإمارات بخير، ويشهد تطورًا ملحوظًا على مستوى الوعى والطرح، خاصة فى أوساط الشباب، مشيرًا إلى أن إمارة الشارقة تمثل قلب الحركة المسرحية النابض، بفضل تعدد منصاتها وتنوع عروضها.
وعن مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى  فى دورته الثامنة، أوضح الحمادى أن المسرح الإماراتى يشهد حاليًا نقلة نوعية فى الطرح الفكرى والبصرى، حيث لم يعد مقتصرًا على الموضوعات التقليدية مثل البيئة والزواج، بل صار يغوص فى أعماق العقل والتحولات النفسية، مشددًا على أهمية البحث والتجريب فى المسرح الأكاديمى والاحترافى معًا.
وأشار إلى أن المسرح ليس صدفة، بل بحثا مستمرا ومعايشة وتجربة، موصيًا طلابه دائمًا بـالبحث، ثم البحث، ثم البحث، باعتباره الطريق الأوحد لتقديم فن يحمل رسالة حقيقية ومؤثرة.
عن العرض الافتتاحى للمهرجان، والذى أخرجه الشاب عبد الله العامرى، قال الحمادى إنه يحمل طاقة واعدة، ويمثل جيلًا مسرحيًا جديدًا يواصل مسيرة الرواد، مثنيًا على جدية الطرح، وتناول موضوع التحولات الجندرية، رغم بعض الملاحظات الإخراجية على الإطالة فى بعض المشاهد.
وأكد الحمادى أن الشارقة ولّادة، وأن المسرح الإماراتى يزدهر بفضل الفعاليات المتعددة مثل: أيام الشارقة المسرحية، مهرجان المسرح الصحراوي، والمسرح الكشفي، معتبرًا أن التنوع فى المنصات المسرحية سيُخرج أجيالًا متميزة إذا ما توفرت آليات الدعم والفرز الحقيقى بعيدًا عن التأثيرات التلفزيونية السطحية..
واختتم تصريحه بدعوة إلى تنمية الحس النقدى والفنى لدى الشباب، والحرص على أن يخرج الفن من العقل لا من العضلات أو العاطفة فقط، مؤكدًا أن الأنانية الإيجابية ضرورية فى العمل الفنى، لأنها تدفع الفنان إلى أن يكون مختلفًا، ومخلصًا لرسالته.

مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى تجربة مسرحية نوعية تؤسس لحراك عربى متجدد
أكدت الإعلامية السورية أمينة عباس فى حديثها خلال مشاركتها فى الدورة الثامنة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى، أن فكرة إقامة مهرجان متخصص فى العروض الثنائية تُعد خطوة فنية شديدة الأهمية، لما تحمله هذه النوعية من العروض من تحديات كبيرة على مستوى الكتابة والإخراج والأداء..
وقالت عبا س: هذه مشاركتى الأولى فى المهرجان، ورغم متابعتى السابقة لدوراته الماضية، فإن حضوره على أرض الواقع يؤكد أهميته. العروض الثنائية، أو (الديودراما)، ليست نوعًا جديدًا فى المسرح، لكنها تحتاج تركيزًا شديدًا من المخرج والممثلين، كونها تعتمد على شخصيتين فقط، مما يتطلب تكثيفًا فى الأداء والأفكار، وتوجهًا مباشرًا إلى جوهر العمل المسرحى دون عناصر إبهار زائدة.  
وأضافت:من اللافت فى هذه الدورة الحضور العربى المتنوع، وتعدد التجارب المسرحية، ما يخلق مساحة غنية لتبادل الخبرات. كما أن المهرجان لا يكتفى بالعروض، بل يوازيها بندوات فكرية مهمة، كملتقى الشارقة المسرحى، الذى يحمل هذا العام عنوان (المسرح والحياة)، وهو عنوان يعكس وعى القائمين على المهرجان بضرورة ربط المسرح بالواقع والإنسان.
وشددت الإعلامية السورية على أهمية وجود مهرجانات مسرحية من هذا النوع، خاصة فى ظل تراجع الدعم المؤسسى الرسمى للفن المسرحى فى العديد من الدول العربية، ما يجعل من هذه المبادرات الفردية والرسمية فى دول مثل الإمارات حاضنًا حقيقيًا للحراك المسرحى العربى .
وختمت تصريحها بالقول..  
:وجود مهرجانات متخصصة كدبا الحصن، بجانب مهرجانات للعروض الطويلة والقصيرة، يمنح المسرحيين – كتابًا ومخرجين وممثلين – فرصة لاختيار المسار الذى يعبّر عنهم ويمنحهم مساحة للإبداع. المسرح العربى بحاجة لتنوع التجارب والدعم المستمر، وهذه المهرجانات تشكّل حجر أساس فى تأسيس جيل جديد من المسرحيين.

المهرجان هذا العام يتميز بتنوع عروضه وجودة النصوص المختارة
 أما المخرج السورى مأمون الخطيب فتحدث عن مشاركته فى مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى: سعيد للغاية بتواجدى فى مهرجان دبا حصن للمسرح الثنائى، وبالدعم الذى يتلقاه المسرح من مؤسسات رسمية وحكومية، خاصة فى ظل الظروف التى يمر بها هذا الفن النبيل فى العالم العربى، حيث يواجه تحديات تهدد استمراريته. أن تقوم الدولة بدعم فن المسرح هو أمر بالغ الأهمية، لأن المسرح ليس مجرد عرض، بل هو حياة متكاملة وشغف لا ينضب.
المهرجان هذا العام يتميز بتنوع عروضه وجودة النصوص المختارة، والتى تنتمى فى معظمها إلى نصوص عالمية معروفة بقيمتها الفنية. وقد لاحظت منذ اليوم الأول أن المشاركات تنمّ عن رؤية إخراجية ناضجة ومقاربات جمالية مميزة، خاصة فى ما يتعلق بتقنيات المسرح الثنائى، الذى يظنه البعض سهلًا، فى حين أنه من أكثر الأشكال المسرحية تعقيدًا لما يتطلبه من تكثيف، وانضباط إيقاعى، وتوازن فى الأداء بين ممثلين فقط.
ما شاهدناه حتى الآن يبعث على التفاؤل، ومن بين العروض التى لفتت انتباهى كانت المسرحية الإماراتية (17 ساعة)، والتى قدّمت معالجة ذكية تنتمى إلى تيار العبث المسرحى، ولكن برؤية متجددة تبتعد عن التكرار والملل، وتعتمد على إيقاع عالٍ، وحيوية فى التمثيل، وصدق فى الأداء...
ونحن كفنانين لدينا دائمًا قرون استشعار تجعلنا نلتقط الانطباعات الأولى بسرعة، وغالبًا ما تكون صائبة. من خلال نوعية العروض، وتنوع الدول المشاركة، هناك ثقة واضحة فى طبيعة الاختيارات، وهو ما يمنح المهرجان ثقله الفنى أشكر القائمين على هذا الحدث، وأثمّن كل جهد يُبذل فى سبيل استمرار المسرح وتطويره.

نسعى من خلال هذه الورشة إلى تعريف الطلبة بأساسيات الإخراج
فى إطار فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى، يقدّم الدكتور حاتم المرعوب ورشةً متميزة فى الإخراج المسرحى المدرسى، تستهدف تنمية مهارات المشاركين وتوسيع آفاقهم فى فهم العملية الإخراجية داخل الوسط المدرسى..
أعرب الدكتور حاتم عن سعادته البالغة بالمشاركة قائلًا:..  
يسعدنى أن أكون جزءًا من هذا المهرجان الذى يولى أهمية كبرى للمسرح المدرسى، كونه أحد أبرز الفضاءات التربوية التى تجمع بين الفن والمعرفة..
وأوضح أن الورشة، التى تمتد ثلاث ساعات يوميًا، ترتكز على بناء فهم أولى وعميق لمفهوم الإخراج المسرحى فى سياقه التربوى، حيث يختلف جذريًا عن الإخراج الاحترافى.
وأضاف: نسعى من خلال هذه الورشة إلى تعريف الطلبة بأساسيات الإخراج، من خلال التركيز على محورين أساسيين: الفضاء والزمن، وكيفية توظيفهما لتشكيل العرض المسرحى بما يتماشى مع البيئة المدرسية.
وأشار الدكتور حاتم إلى أن الورشة تعتمد بشكل أساسى على التطبيق العملى والتفاعل الجسدى مع الطلبة، حيث يتدرج البرنامج من طرح المفاهيم النظرية الأولية إلى التدريبات العملية التفاعلية، مبرزًا أهمية إشراك الطلبة فى بناء العرض بأنفسهم.
وعن تقييم مخرجات الورشة، قال:
نخصص فى نهاية كل حصة نحو عشر دقائق لتقييم مدى استيعاب الطلبة للمفاهيم التى طُرحت، من خلال النقاش والتفاعل، مما يساعدنا على قياس مدى تجاوبهم وتقدمهم فى كل يوم.
وأكد فى ختام حديثه أن المسرح المدرسى ليس مجرد نشاط فنى، بل هو مشروع تربوى متكامل يُسهم فى تكوين شخصية الطالب، وتنمية خياله، وتعزيز ارتباطه بالمعرفة من خلال الفن.
 
أتوجّه بالتهنئة للمحور الفكرى الذى استطاع أن يوثق الحركة المسرحية فى لبنان
أما الدكتوة كاتيا حرب تحدثت عن مشاركتها فى المهرجان والمحور الفكرى. فقالت:
 يسعدنى ويشرّفنى أن أكون جزءًا من هذا الحدث الثقافى المهم، وأتوجّه بالتهنئة للمحور الفكرى الذى استطاع أن يوثق الحركة المسرحية فى لبنان منذ بداياتها حتى يومنا هذا، بطريقة منهجية وعميقة، تُشكّل مرجعًا هامًا للباحثين والمشتغلين فى هذا المجال.
انطباعى عن المحور الفكرى إيجابى جدًا، فقد كان مساحة غنية للنقاش والتحليل، وطرح أوراق عمل مهمة، من بينها الورقة التى قدمتها وتناولت من خلالها تطور الحركة المسرحية فى بيروت، حيث نلاحظ فى السنوات الأخيرة توجّهًا لافتًا نحو المسرح الكوميدى، الذى وإن كان ترفيهيًا، إلا أنه يحمل فى طياته معالجة جادة لقضايا مجتمعية ملحة، كالفقر، البطالة، قضايا المرأة، والعنف، فضلًا عن الأزمات السياسية والاقتصادية التى يعيشها لبنان. فالمسرح هنا ليس مجرد مساحة للضحك، بل منبرًا للتفكير والمواجهة.
أما عن المهرجان ككل، فأنا سعيدة جدًا بهذه التجربة، فقد شكّل منصة مميزة للقاء مع فنانين وباحثين وصحفيين من مصر ومن مختلف الدول العربية. أُتيح لى من خلاله التعرّف إلى تجارب مسرحية متنوعة ونصوص وأفكار جديدة، ما يبعث على الأمل بأن المسرح العربى لا يزال حيًا، يُحتفى به، ويُدرس ويُبحث فيه، وله مهرجاناته ونقّاده وجمهوره .
وتابعت:إن اللقاءات الفكرية والفنية التى وفرها هذا المهرجان تساهم فى بناء وعى مسرحى مشترك، وتفتح الباب أمام مقاربات تحليلية أوسع للمشهد المسرحى العربى فى القرن الحادى والعشرين، من خلال منظور سوسيولوجى وفنى فى آن..
أشكر القائمين على هذا الملتقى، وأتطلّع إلى المزيد من التفاعل الثقافى المسرحى بين بلداننا العربية.

المسرح الثنائى رغم قلة الشخصيات فيه يمثل تحديًا حقيقيًا للمخرج
أما المؤلف والمخرج المسرحى والسينمائى صالح كرامه العامرى، أكد على أهمية المسرح كوسيلة حضارية لتناول قضايا الإنسان العربى، مشيدًا بالدور الرائد الذى لعبه الدكتور سلطان القاسمى فى غرس بذور الفن والثقافة فى الوطن العربى...
وأوضح العامرى أن المسرح الثنائى، رغم قلة الشخصيات فيه، يمثل تحديًا حقيقيًا للمخرج والممثل على حد سواء، لما يتطلبه من حركة ديناميكية وتواصل داخلى عميق، مشددًا على أهمية النص القوى ذى الحوار المركّز والعقدة المحكمة.
كما أشار إلى تجربته فى مسرحية حديث المساء، التى تُرجمت إلى الإنجليزية وقُدمت فى أوروبا، مؤكدًا أن الجمهور الغربى يتفاعل بسلاسة مع الطرح المسرحى العميق متى ما توفر النص المحكم والرؤية الإخراجية الدقيقة.
واختتم العامرى حديثه بالدعوة إلى تشجيع الشباب وضخ نصوص مسرحية نوعية تعيد للمسرح العربى ألقه، مشيرًا إلى أن نجاح العمل المسرحى لا يكمن فقط فى عدد الشخصيات، بل فى القوة الدرامية والتركيبة الفكرية للطرح .

المسرح لا يزال حيًّا... وأنا فخورة بأن أكون جزءًا من هذا النبض  
عبرت د. ميس الزعبى من الأردن، عن سعادتها العميقة وفخرها بالمشاركة فى مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى، مؤكدة أن مثل هذه الفعاليات تمنح المسرحيين أملًا بأن المسرح ما زال بخير .
وفى تصريحها، قالت الزعبى.
المهرجانات المسرحية دائمًا تمنحنا طاقة متجددة، وتثبت أن المسرحيين ما زالوا يبدعون ويصرّون على التجدد، سواء من خلال النصوص أو الأفكار الإبداعية أو عبر الورشات والندوات الفكرية. مشاركتى فى ندوة ‘المسرح والحياة’ كانت مميزة، وقدمت فيها بحثًا بعنوان ‘المسرح والحياة فى ظل تحولات العصر، ناقشت فيه مكانة المسرح اليوم وسط التغيرات المعاصرة، ودخول التكنولوجيا وتعدد وسائل الاتصال، بينما يظل المسرح منبرًا إنسانيًا للتعبير والتواصل.
وأشادت الزعبى بأهمية التعارف الثقافى العربى من خلال هذه اللقاءات الفنية.
التنوع الثقافى بين الدول العربية هو ثراء حقيقى، يجمعنا الإبداع، والحب، والفن، رغم اختلاف العادات والتقاليد. هذا التعارف يعزز العلاقة بين الشعوب، ويؤكد أن المسرح ليس فقط فنًا، بل رسالة.
وبالحديث عن العروض المسرحية المشاركة، علّقت قائلة  
العروض كانت مميزة. العرض الأول جذبنى بصريًا كمخرجة، من حيث الصورة والاعتماد على تقنيات البروجكتر، ما يعكس سيطرة الصورة البصرية اليوم.
وفى ختام حديثها، عبرت الزعبى عن حبها لمصر والمسرح المصرى..  
قالت: شاركت فى مهرجانات كثيرة بمصر، لكن فى كل مرة أكتشف شيئًا جديدًا، سواء فى العروض أو الفنانين أو الفكر المسرحى المصرى، الذى يتميز بثقافة عالية وخفة ظل استثنائية، خاصة عند الفنانات. خفة الظل هذه جزء أصيل من روح الشعب المصرى.

مهرجان دبل حصن يراهن على الجماليات الفكرية ويحتفى بتجارب ثنائية جريئة
أعرب المخرج المغربى بوسلهام الضعيف عن سعادته الغامرة بمشاركة فرقة مسرح الشامات فى الدورة الثامنة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى، الذى يحتفى هذا العام بالعروض الثنائية (الديودراما) ويمنحها مساحة فنية متميزة.
وقال الضعيف:
يسعدنا فى مسرح الشامات أن نقدم عرضًا مسرحيًا مختلفًا يراهن على الجماليات الفنية والفكرية فى مقاربة المسرح، وهى سمة نادرة ومطلوبة فى تجاربنا المسرحية اليوم. ما يميز مهرجان دبا الحصن، من وجهة نظرى، هو تركيزه على نوعية فنية خاصة جدًا، وهى عروض الديودراما، حيث يقتصر العرض على ممثلين اثنين فقط، مما يمنح المخرج إمكانيات إبداعية كبيرة ويضعه فى مواجهة تحدٍّ صعب ومثمر فى الوقت ذاته..  
 وأضاف: لقد حضرتُ عروضًا متميزة ومتنوعة خلال هذه الدورة، لكل منها رؤيتها الفنية الخاصة، سواء من حيث المواضيع أو الأداء أو مقاربة التمثيل. هذا التنوع يعكس غنى المهرجان وتفرده على الساحة المسرحية
كما نوه الضعيف بفكرة تحفيز الجمهور من خلال منح الحضور فرصة للفوز بدلًا من دفع تذكرة، معتبرا أن «هذه المبادرة استثنائية وفريدة على مستوى العالم، حيث يتحول الجمهور من مجرد متفرج إلى شريك حقيقى فى الاحتفاء بالمسرح.
واختتم حديثه بالإشادة بأهمية الورش الفنية واللقاءات الحوارية المصاحبة للعروض، والتى تسهم فى صقل مهارات الشباب وتغذية النقاش المسرحى العربى.
وذكر قائلًا: مهرجان دبا الحصن ليس مجرد تظاهرة فنية، بل فضاء حيوى يفتح الأفق أمام المبدعين من مختلف التجارب والبلدان لتبادل الرؤى، وتلك قيمة كبرى فى زمن يحتاج فيه المسرح العربى إلى مزيد من الانفتاح والتجديد.

عرض سلق البيضة وُلد من تساؤل بسيط وتحول إلى تجربة مسرحية ملحمية وعاطفية
أعرب الفنان مصعب سالم عن سعادته الكبيرة بالمشاركة هذا العام، مشيرًا إلى أن المهرجان ليس مجرد عروض مسرحية، بل هو ملتقى ثقافى وإنسانى يجمع فنانين من دول وتجارب مختلفة.
وأضاف سالم: الفكرة نفسها رائعة، والمهرجان هذه الدورة يتميز بالتنوع الكبير على مستوى الأساليب والمواضيع، ما شكّل إثراءً للفريق وللحاضرين على حد سواء. التقينا بفنانين من بيئات مختلفة، بحكايات وأفكار وهموم متنوعة، وكان لذلك أثر كبير فى تطويرنا كفريق فنى.
وعن العروض المشاركة هذا العام، قال سالم: ما يميز هذه الدورة تحديدًا هو غياب التكرار أو النمطية؛ كل عرض يحمل خلفية وتجربة مختلفة. هذا التنوع هو ما يجعل المهرجان متفردًا فى كل مرة.
وحول عرض تحضير بيضة مسلوقة، أوضح سالم أن العرض انطلق من تساؤل بسيط: عندما قرأت النص الأصلى، لم يكن سوى صفحتين يشرحان خطوات سلق بيضة، لكن هذا التبسيط هو ما أثار التساؤل: من ماذا تُكتب العروض؟ من هذه الصفحتين البسيطتين، بنينا عرضًا كاملًا مقسمًا إلى ثلاثة أجزاء: خطوات السلق، طريقة التقديم، والحلول إذا كانت البيضة فاسدة.
وتابع قائلًا: العرض ينتمى لمدرستين فنيتين؛ الملحمية والعاطفية، وهو لا يسعى إلى تقديم إجابات، بل إلى إثارة نقاش. سواء أحب الجمهور العرض أو لم يحبّه، الهدف الأساسى هو فتح باب التساؤل والحوار، وهذه هى القيمة الحقيقية للفن المسرحى.
وفى ختام حديثه، أكد سالم أهمية استمرار هذا المهرجان، قائلًا: من الضرورى ألا يتوقف هذا الحدث، لأنه يشكّل منصة لا غنى عنها للفنانين المسرحيين، خاصة فى دول الخليج التى تربطها ثقافة وتجارب مشتركة. مثل هذه اللقاءات تعزز روح التعاون وتفتح آفاقًا جديدة للفن...
كما كشف سالم أن العرض بصدد المشاركة فى مهرجانات أخرى، مؤكدًا: نحن مستمرون، ونسعى لجولات وعروض جديدة بإذن الله.
عروض ثنائية بخصوصية فنية عالية والمسرح الإماراتى يحقق قفزات ملحوظة فى أول مشاركة له ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي أعرب الناقد المسرحى فادى نشأت عن سعادته بحضور المهرجان، مشيدًا بمستوى التنظيم، وواصفًا إياه بـالمهرجان المميز الذى يتيح الفرصة أمام العروض ذات الطابع الخاص من مختلف الدول العربية.
وقال نشأت
:تشرفت بالمشاركة كضيف فى هذه الدورة، وهى أول مرة أتابع فيها المهرجان من الداخل بعد متابعتى له لسنوات إعلاميًا. هذا الحدث يمثل منصة حقيقية للاحتفاء بعروض الديودراما، ويمنح الفرصة لمسرحيات ذات خصوصية فكرية وفنية بعيدًا عن النمط الجماهيرى المعتاد.
وأشار إلى أنه تولى إدارة الندوة النقدية الخاصة بالعرض المصرى «البروفايل»، مؤكدًا أهمية النقاش النقدى الموازى للعروض المسرحية.
وحول عرض الافتتاح الإماراتى «19 ساعة»، أشاد نشأت بمستواه الفنى، قائلًا:
العرض كان مبهرًا من حيث الإخراج وتوظيف الإضاءة والحركة، والممثلون قدموا أداءً عالى الحرفية. لاحظت بعض التحديات الدرامية المرتبطة بمنطق السرد، لكنها فى المجمل لا تقلل من جودة التجربة كعرض ثنائى مكتمل العناصر.
وتناول فادى نشأت مشكلة ندرة النصوص المسرحية المخصصة لعروض الديودراما، موضحًا أن معظم النصوص المعاصرة تُكتب إما لأغراض مؤسسية أو لتجارب فردية، وليس بدافع فنى خالص، مضيفًا.:
المؤلف المسرحى غالبًا ما ينجذب للفكرة أولًا، وليس للنوع. لذلك نرى كثافة فى نصوص المونودراما أو العروض الجماعية، بينما تظل الديودراما فى منطقة رمادية، لا تُخاطب بشكل كافٍ .
وعن التوجيهات التى يقدّمها للمخرجين العاملين فى هذا النوع من المسرح، أوضح: أهم تحدٍ فى عروض الديودراما هو تفادى الرتابة. على المخرج أن يصنع تنوعًا بصريًا وديناميكية داخل المشهد، رغم قلة عدد الممثلين. من الضرورى خلق إيقاع داخلى متغير، والاستفادة من إمكانيات النص والإضاءة والتمثيل لكسر النمط الثابت.
وفيما يخص استخدام عناصر المسرح الفقير، أكد فادى نشأت أن البساطة لا تعنى غياب الإبهار، بل تعنى الاعتماد على الممثل كعنصر محورى:
يمكن تحقيق الإبهار البصرى من خلال أدوات بسيطة، مثل الإضاءة الذكية أو التكوينات الحركية. المهم أن يكون هناك وعى جمالى، وليس مجرد تقليل فى الإمكانيات التقنية.
واختتم نشأت حديثه بالتأكيد على أن مسرح الديودراما يظل مساحة خصبة للابتكار، لكنه يتطلب من المخرج وعيًا كبيرًا بالأدوات الإخراجية والدرامية لضمان تجربة مسرحية متكاملة ومؤثرة.

بداية موفقة وملتقى فكرى يبشر بالكثير
عبر وليد الزعابى عن سعادته البالغة بالمشاركة فى اليوم الأول من الملتقى الفكرى المصاحب للمهرجان المسرحى، مثنيًا على حسن التنظيم والهدوء الذى اتسمت به الجلسات، قائلًا:
الحقيقة أن ما شهدناه اليوم من تنظيم دقيق وإدارة سلسة كان مبهرًا. لقد أبليتم بلاءً حسنًا، والجلسة الأولى أُديرت باحتراف وهدوء يُحسب للقائمين عليها.
وأشار الزعابى إلى أهمية الأوراق المقدمة، معتبرًا أن بعضها حمل أفكارًا محفزة ومستفزة فكريًا، فتحت آفاقًا جديدة لم تُطرق فى بعض الكتب والمراجع، ودعا إدارة المهرجان إلى نشر هذه الأوراق للاستفادة منها أكاديميًا وبحثيًا:
بعض الأوراق التى قُدمت كانت غنية بالمصطلحات والأفكار، وتستحق النشر والتوثيق، خاصة أن الوقت لم يسعف بعض المحاضرين لعرض كامل أفكارهم. من المهم أن تتيح إدارة المهرجان هذه المواد لكل باحث ومهتم بالمسرح، لا سيما فى جانب التحليل النفسى لفنونه.
وتوقف الزعابى عند الإرث الثقافى المتراكم للمهرجان، الذى يمتد لقرابة عشرين عامًا، مشيدًا بجهود الإدارة فى إصدار كتب توثيقية تلخص تجارب السنوات الماضية، ومؤكدًا على أن هذه التراكمات المعرفية تضيف الكثير للفنان المسرحى، خاصة حين يتعامل مع المسرح كعلم ومهنة، وليس مجرد هواية.
وفى تعليقه على عنوان المحور الفكرى المسرح والحياة، أوضح الدكتور الزعابى أن العنوان الواسع يتيح للمحاضرين تناول المسرح من زوايا متعددة، لا سيما فى ظل التناقضات التى يعيشها العالم اليوم بين الحروب والتقدم، قائلًا:
الحياة الآن معقدة ومليئة بالمفارقات؛ هناك شعوب تعانى وتمر بمآسٍ، وأخرى تعيش فى رفاهية وتطور. المسرح هنا يصبح أداة للتأمل، ولإعادة قراءة الواقع الإنسانى بكل أبعاده النفسية والاجتماعية.
وفى ختام حديثه، أشاد الزعابى بتنوع العروض المشاركة من عدة دول عربية كالمغرب وسوريا والكويت ومصر، معتبرًا أن هذا التعدد الثقافى والفنى يثرى المهرجان، ويجعله حدثًا نوعيًا فى الساحة المسرحية العربية، مضيفًا:
هذا المهرجان لا يتميز فقط بعروضه المسرحية، بل أيضًا بملتقياته الفكرية التى توازيها فى الأهمية. وأتمنى له دوام النجاح والتطور، لما يقدمه من خدمة حقيقية للمسرح العربي.


رنا رأفت