وداعا علي خليفة المُعلم والمُدرب والفنان صاحب الخلق الرفيع

وداعا علي خليفة المُعلم والمُدرب والفنان صاحب الخلق الرفيع

العدد 861 صدر بتاريخ 26فبراير2024

رحل عن عالمنا الخميس 15 فبراير، الفنان والمخرج علي خليفة خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم تمثيل وإخراج، دفعة 1978. وهو ممثل ومخرج مصري ومدرب تمثيل، بدأ نشاطه في الثمانينيات من القرن الماضي، تدرب في ورشة الدكتور نبيل منيب التي ضمت العديد من النجوم، وأصبح بعدها مدربا للتمثيل. عمل في استديو إعداد الممثل مشاركا لكل من الفنان الدكتور محمد عبد الهادي، والفنان محسن صبري، وتخرّج على يديه الكثير من النجوم البارزين على الساحة الفنية.
أخرج «بيت الدمية» للمسرح القومي، وشارك بالتمثيل والإخراج في العديد من الأعمال المسرحية منها «ليالي صنوع» وقام بدور البطولة فيها، كما قام ببطولة مسرحية عطيل، وعمل مخرجا منفذا لعدد كبير من الأعمال الفنية، منها مسلسلات «الخروج من المأزق، عفوا هذا حقي، رابعة تعود»، كما عمل مخرجا تليفزيونيا منفذا في مسرحية «ملاعيب».
  ومن أعماله – كممثل - في الدراما التليفزيونية:  «الرجل والحصان، شرف فتح الباب، أنصاف مجانين، نكدب لو قلنا ما بنحبش». كما شارك ممثلا في عدد من الأفلام منها « ابن القنصل، أسد سيناء، زهايمر، أوقات فراغ».
مسيرة فنية من العطاء والزهد، أحب عمله فأحبه الجميع. وهذه بعض كلمات أصدقائه ومحبيه من الأساتذة والفنانين والنقاد بعد رحيله.

د. سيد خاطر: لم ينل ما يستحق من تقدير
قال عنه الدكتور سيد خاطر: عنوانه الرئيس هو (البشاشة) بشاشة الوجه وصفائه، وأما شعاره العام فهو نقاء القلب وطهارته، وأما حقيقة الشخصية التي يتجسدها بدنه الفاني فهي حسن الطوية، وعذوبة سريرة النفس وحلاوة الحديث، وطلاوة العبارة، إنه الرائع الصديق الغالي وعشرة العمر الفنان الراقي الرقيق دمث الأخلاق المرحوم بإذن ربه (علي خليفة)، الذي تربو صداقتي به على الأربعين عاما، لم يعكر صفوها أبدا أي موقف أو تشوب تلك الصداقة أي شائبة، ولا أحسبني الصديق الأوحد لعلي خليفة المتفرد بهذه الخصوصية بالغة الوفاق والتوافق الإنساني، فهكذا هي سماته مع جميع أصدقائه عن يقين.
 أضاف: كان رحمة الله عليه - علاوة على ما سبق - متعدد المواهب، فهو الممثل، والمخرج المسرحي، والشاعر العذب، ومدرب التمثيل، والمفكر شديد التواضع، حين يطرح فكره أو يتناقش حول أمر من الأمور الفكرية أو الحياتية، تشهد على ذلك تجمعاتنا المتعددة أنا والكثيرين من الأصدقاء بمحرابه البسيط، في مطلع الشباب أيام العزوبية بمقر إقامته بمنطقة غمرة، ذلك المقر الذي كان يحلو له ولنا أن نسميه (الكمبوشة) لضيق مساحته رغم اتساعه، حيث استضافته للعديد من الأصدقاء.
تابع: وقع اختياري عليه كمخرج مسرحي ليجسد شخصية عطيل، حيث عزمت على إخراج المسرحية الشكسبيرية تلك برؤية معاصرة تحت اسم (عطيلو..الجولة الأخيرة) بمسرح الطليعة عام 1988، في إطار المشاركة بأول دورة للمهرجان التجريبي، وقد أبهر بأدائه المتفرد جموع الأجانب المشاركين بدورة المهرجان، الذين أجمعوا على أن تلك الدورة لو كان بها تسابق لفاز علي خليفة بجائزة أفضل ممثل، ولكن للأسف كانت الدورة الأولى للمهرجان بدون تسابق وجوائز. لم ينل صديقي طول عمره الفني ما يستحقه من تقدير بكل أسف كفنان، لكن عوض الله سبحانه وتعالى يتجسد في قلوب كل من صادقه أو عرفه عن قرب، حيث التقدير الذي يفوق أي تقدير مادي، إنه التقدير المعنوي بمشاعر فياضة صادقة كل الصدق.

د. عمرو دوارة: عاش بروح الهاوي برغم خبرات ودراسة المحترف
وقال المخرج والمؤرخ د. عمرو دوارة: صديقي الغالي علي خليفة.. مسرحي أصيل وذلك برغم تعدد بعض المشاركات التلفزيونية، سواء كممثل أو كمخرج منفذ خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة من عمره، كان تركيزه في الدراما التلفزيونية، وهذا ربما بدأ معه من خلال مصاهرته للفنان القدير صبري عبد العزيز، وللمخرج الكبير أحمد خضر رحمه الله، وقد تعاون معه في أكثر من عمل سواء كمخرج منفذ أو كممثل.  ومن ضمن أعماله في التمثيل «الرجل والحصان، شرف فتح الباب»، كما عمل كمخرج منفذ في مسلسل «الخروج من المأزق» عام 1996، ومن المسلسلات التي عمل بها ممثلا «أنصاف مجانين 2021، نكذب لو قلنا ما بنحبش 2013».
أضاف: من أهم الأعمال المسرحية التي شارك فيها كممثل عرض « ماراصاد» 1987 تأليف بيتر فايس وإخراج محمد عبد الهادي، ومن الأعمال التي أخرجها في فرقة المصري الحديث 1988 عرض «الخطاب»، ومن الأعمال التي شارك فيها كممثل «عطيلو.. الجولة الأخيرة» مسرح الطليعة 1988 لويليام شكسبير، «والملك لير» في مسرح الطليعة 1991 إخراج محمد عبد الهادي، ومن أهم العروض التي قام بإخراجها مسرحية ليلة القتلة التي قدمها بعنوان « لعب عيال» على المسرح القومي 1997 تأليف خوزيه تريانا بطولة خالد النبوي ورانيا فريد شوقي، ومن المسرحيات المهمة التي أخرجها في المسرح القومي مسرحية «بيت الدمية» لهنريك ابسن بطولة بوسي وأشرف عبد الغفور وبهاء ثروت.  ومن المسرحيات التي مثل فيها في فترة مبكرة «غدا في الصيف القادم» فرقة المسرح المتجول 1985 تأليف ميخائيل رومان وإخراج عادل القشيري، ومثل «ليالي صنوع» التي جسد فيها شخصية يعقوب صنوع 1986 إخراج منصور مهدي وشاركه البطولة حسن الديب وناهد إسماعيل وأحمد صادق، ومن العروض التي شارك فيها كممثل عرض «حكايات» بمركز الهناجر للفنون 1996 تأليف جماعي إخراج روجيه عساف وشاركه البطولة ضياء عبد الخالق ويوسف إسماعيل.
وختم بقوله: الفنان علي خليفة أصقل موهبته بالدراسة الأكاديمية، فهو خريج قسم التمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية، لكنه عاش طوال مسيرته الفنية بروح الهاوي برغم خبرات ودراسات المحترف، وكان حريصا على الحفاظ على كرامته الفنية، ولا يفرض نفسه إطلاقا، وينتظر الأعمال الجيدة فقط ليشارك فيها، كان قدوة للأجيال الحالية والتالية رحمه الله.

محسن صبري: من أهم مدربي التمثيل في الوطن العربي.
وقال الفنان محسن صبري: علي خليفة الإنسان، دفعتي تخرج في المعهد 1978، وكانت علاقتنا قوية جدا، جلس معي في بيتي فترة طويلة، وجلست معه في بيته فترة طويلة، وتزاورنا في بلده بلبيس، فهو من بيت كرم. عمل علي بعد التخرج في المسرح، واتجهت أنا للتلفزيون، ولكننا كنا على تواصل. مجهوده في المسرح لا يُنكر كمخرج وممثل ومدرب، مكثنا في فترة المتدرب فترة طويلة منذ تخرجنا من المعهد حوالي أكثر من أربع أو خمس سنوات في ورشة تحت قيادة الدكتور منيب، تلك الورشة التي ضمت العديد من النجوم منهم: أحمد كمال وأحمد مختار وإلهام شاهين وأحمد فؤاد سليم.. وغيرهم، في استكمال التدريبات، فعندما كان يحضر مدربو تمثيل أو مخرجون لعمل ورش في الهناجر كان يحضر كل الورش؛ كان مهتما بفكرة تدريب الممثل، حتى أصبح من أهم مدربي التمثيل ليس في مصر فقط، وإنما في الوطن العربي. وتشاركنا في ورشة تدريب ممثل حوالي خمس سنوات.
 تابع: كانت الفترة الأخيرة صعبة، فلم يكن يعلم أنه مريض سرطان، وعندما تم علاجه لم يكتشف أحد ذلك إلا متأخرا.. رحمه الله.

ناصر سيف: أعدني لدخول المعهد
 فيما قال الفنان ناصر سيف: باختصار، تقابلنا قبل أن أدخل المعهد في تدريبات للدكتور نبيل منيب في المسرح القومي، وكانت من أروع الفترات؛ لأننا اكتسبنا أثناء التدريب علم وخبرة واسعة في علوم التمثيل ومدارسها المختلفة، وأيضاً علوم المسرح وتاريخه، فكان إلى جانب الموهبة العلم والخبرة التي أهلتنا لدخول المعهد، وكان المعهد يطلب من المتقدم تقديم مشهدين لغة عربية وعامية، وكان الأستاذ علي خليفة من الذين دربوني استعداداً لدخول المعهد ومعه الفنان والمذيع أحمد مختار، وذهبنا مع الدكتور نبيل منيب إلى رحلة لرأس البر لنكمل تدريباتنا هناك، وكانت أيضاً من أهم رحلات حياتنا لأنها لم تكتف فقط بكونها بلد شاطئية للمصيف فقط، وإنما استغلها الدكتور نبيل لأداء بعض التدريبات على الشاطئ، رحلة لا تنسى وأصدقاء رحلة لا ينسون، والدكتور نبيل شخصية لا تنسى، رحم الله الدكتور نبيل منيب والأخ والصديق علي خليفة.

محمد محمود: شرب علم نبيل منيب وعلم أجيالا
فيما قال الفنان محمد محمود: علي خليفة رحمه الله من أرقى وأنقى الناس الذين من الممكن التعامل معهم، شخصية محترمة، خلوقة، مؤدب، مثقف، موهوب، متمكن من أدواته، لم أر شخصا يتحدث عنه بسوء، ولم أجده يوما يتحدث عن أحد بسوء، الجميع يحبونه، ولأنه متمكن جدا في مهنته كانوا يسمونه الدكتور علي، وعرفت أنه كان يغضب ممن يدعونه الدكتور فقلت له: «لن أناديك الدكتور وإنما سأناديك الأستاذ الدكتور علي خليفة»؛ لأن اللقب ليس بشهادة ورقية، وإنما بعلم وخبرة وسلوكيات وحب الناس.
وتابع: كان أقرب الأصدقاء لقلبي في المعهد كان يسبقني بدفعتين تقريبا، وكنت أحبه وأتعلم منه، تدربنا سويا أكثر من عامين في مدرسة الدكتور نبيل منيب، فشرب علم الدكتور واستطاع بعدها أن يعلم أجيالا جديدة، الله يرحمه.

زين نصار: مخرج متميز وخبير في إعداد الممثل
 كما قال المخرج زين نصار: علي خليفة كان صديقا مخلصا، محبا لزملائه، ودودا في طباعه، على الدوام بشوش الوجه، صاحب ابتسامة نقية، طيب القلب، وكان ممثلا صادق المشاعر والأحاسيس، ومخرجا متميزا، ومدربا وخبيرا في إعداد الممثل. كان فنانا شاملا، أحب الجميع  وصحبه الجميع، وكان إنسانا بمعنى الكلمة.. رحمه  الله وغفر له ورزقه الفردوس الأعلى.

د. حسام أبو العلا: عاش للآخرين
وعلق الدكتور حسام أبو العلا: عملت معه في مرحلة الشباب مسرحية من إخراجه على مسرح الطليعة تسمى (عطيلو) عن عطيل لشكسبير. كان يهتم بالممثل بشكل كبير، ويفعل هذا بشكل هادئ حتى يظهر قدرات الممثل في الدور الذي يقوم به.
واستكمل: كان صاحب ابتسامة صادقة، عاش للآخرين، كان لا يبحث عن نجاح لنفسه بل يرى نجاحه في الآخرين الذين ساعدهم بعلمه وفنه، وكان يعطي كل ما لديه من خبرات في مجال التمثيل للشباب حتى آخر لحظة في حياته، الله يرحمه.
أحمد صادق: كنت أتمنى أن يُكتب عنه في حياته
وقال الفنان أحمد صادق متأسفا: كنت أتمنى أن يكتب عنه في حياته، ولكن للأسف لا نتذكر مبدعينا إلا بعد موتهم.  وتابع: علي خليفة، فنون مسرحية 1979 تمثيل وإخراج، كان معلما أكثر منه ممثلا ومخرجا، ومع ذلك أخرج (عطيل) على مسرح الطليعة بشكل مختلف، قدم لإبسن «بيت الدمية» بشكل مختلف، كان له تفسير جديد  لنورا وعلاقتها بالزوج وبتشارلز.
وأضاف: كان صديقي جدا، وعملنا سويا في مسلسل «طرح البحر» تأليف محمد جلال عبد القوي وإخراج خالد بهجت. إنسانيا، كان متفردا ومتميزا، وفي بداياتي شاركنا سويا في مسرحية (ليالي صنوع) وكان يقوم بدور صنوع على المسرح المتجول، كان ممثل مسرح متميزا وواعيا وفاهما ومثقفا وشاعرا، شكل حالة جميلة من الفن الجميل. يمكنني أن أقول إنه كان ملاكما في حالة مصارعة، يصارع القدر، يصارع الوهم بداخله، ويصارع الغيرة، ولديه حالة زهد، لم يكن عنده تكالب الآخرين. اشترك مع محمد عبد الهادي في ورشة تعليم التمثيل وإعداد الممثل ستانسلافيسكي، وعلم ودرب العديد من النجوم الموجودين على الساحة،  ولكنهم للأسف لا يذكرون ذلك ، رحمه الله.

يوسف عبيد: ترك لنا ذكريات طيبة
فيما علق الفنان يوسف رمضان عبيد قائلا: كان صديقا قبل أن يكون زميل مهنة، أعرفه منذ كان طالبا بالمعهد، دائم البسمة، طيب الخلق، متواضعا، ومر بنا الزمن، كنت أعرف أخباره وهو كذلك، إلى أن جمعنا عمل تليفزيوني لنعيد الأيام والذكريات من خلال شخصية المستشار رشيد، كان يمثله في مواجهة تيمور الذى أمثله أنا، وكان بيننا الصراع الدرامي بين قاضٍ يحكم بالإعدام على تيمور، ويظل تيمور يطارده على أنه مظلوم، إلى أن تظهر الحقيقة في نهاية المسلسل. ثم جمعنا مسلسل «لغز بابل» كأشقاء كان هو في هذه المرة الشرير وأنا الطيب، ومن خلال هذين العملين كان دائما عندما يأتي للتصوير يسأل: (في أي حجرة يجلس يوسف، أريد أن أجلس معه)، وهكذا كنت أفعل أنا إن حضرت ووجدته في اللوكيشن. ليرحل تاركا لنا جميعا ذكريات طيبة من صاحب كان يحمل قلبا طيبا، وخلوقا في كل تصرفاته... رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

أحمد عبد الرازق أبو العلا: نموذج للفنان المتمرد
وقال الكاتب والناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا: لم أعرف الفنان الراحل على خليفة معرفة شخصية، ولكنني شاهدت له أول عمل مسرحي قام فيه بدور البطولة، حين قدم شخصية حمدي في (غدا في الصيف القادم) من تأليف  ميخائيل رومان، في 1985، وكان المسرح المتجول - في ذلك الوقت - يموج بحركة فنية ومسرحية كبيرة جدا، استطاع المخرج الراحل  عبد الغفار عودة، مديره في ذلك الوقت، تقديم أعمال مسرحية متميزة، احتضن من خلالها عددا كبيرا من المواهب المسرحية في كل عناصر العرض المسرحي، هؤلاء جميعا أصبحوا نجوما كبارا، وكان علي خليفة واحدا من هؤلاء، وأذكر أنني كتبت عن هذا العرض، وأشرت إلى أن شخصية (حمدي) التي قدمها ميخائيل رومان في نصه، شخصية مركبة، وأي ممثل يقوم بأدائها لابد أن يكون ممثلا حقيقيا، لأن طبيعة الشخصية تعكس حالات الرفض والتمرد، والشعور الدائم بعبث الواقع، بما يؤثر على الشخصية في تصرفاتها وانفعالاتها، وبالرجوع إلى المقال الذي كتبته ونشر وقتها في صحيفة الأهالي، ذكرت أن الفنان (علي خليفة) أدى هذا الدور بلياقة فنية عكست إحساسه بالشخصية على الرغم من صعوبتها. وكان اكتشافا كبيرا كممثل، ثم بعدها بعامين تقريبا شاهدته في مسرحية أخرى لبيتر فايس وهي مسرحية (ماراصاد) ومن الملاحظ أن الأدوار التي كان يكلف بها من قبل المخرجين، مختارة بعناية تحسب له، وكلها تتميز بطبيعتها المركبة، ذات الأبعاد الإنسانية، التي تعكس متناقضات، إذا لم يكن الممثل قادرا على تبيانها، فإنه سيقدمها سطحية وغير مقنعة، لكن علي خليفة كان قادرا على الأداء، وهذا الذي أقوله وأذكره، مرت عليه سنوات طويلة، لكنني فوجئت بأنه ابتعد عن المسرح، وذهب إلى الدراما التلفزيونية، على الرغم من أنني أراه ممثلا مسرحيا حقيقيا، وربما هذا يعود لأسباب شخصية، خاصة به، دفعته إلى الاهتمام بالتدريب، ونقل خبرته التي اكتسبها كفنان أكاديمي، وأيضا لأنه كان مشاركا في ورشة الفنان الكبير الراحل (نبيل منيب).                            
وختم بقوله أراه نموذجا للفنان المتمرد، الذي يختار لنفسه طريقا لا يعرفه غيره، ولكنه مع قلة أعماله، ترك أثرا طيبا عند الذين يعرفونه، وعند الذين استفادوا من خبرته، وعندي أنا شخصيا، لأنني تذكرت أعماله الأولى، وشاهدتها، وأصبح اسمه في ذاكرتي، إلى أن رحل عن عالمنا.

جلال العشري: شكلنا “دويتو” بعد سوء تفاهم
وقال الفنان جلال العشري: كنت أسمع عنه من زملائنا قبل أن نلتقي، والتقينا مع المخرج الراحل أحمد خضر في مسلسل «الدنيا وردة بيضا»، وحدث أن أحدا حاول الإيقاع بيننا، فقال له إنني أسب المخرج والتليفزيون.. وبالطبع هذا لم يحدث فالمخرج هو من رشحني للعمل والدور أيضا، بل أصر على أن ألعب الدور، وتطوع علي رحمه الله أن ينقل ما قيل له للمخرج، وعاتبني المخرج، فقلت له لم يحدث ذلك مطلقا. وبالفعل تكشفت الحقيقة وتبين أنها وقيعة. غضبت من علي كونه ذهب للمخرج “عديلُه” ولم يرجع لي ليسألني.. وبالتأكيد لم نهتم بما حدث بعد أن تبين أنه غير حقيقي، وأثناء التصوير كنا قد نسينا ما حدث، وذابت كل الأشياء، فما تعودت أن أطيل الخصام مع أحد ولاسيما أننا كنا دويتو مرتبطين معا بالمشاهد، وتوفي أبي أثناء التصوير ووجدته مواسيا لي ولم يتركني بعد التصوير، وأصبحنا في علاقة أخوية وصداقة متينة إلى أن توفاه الله.
وأضاف: كان يفرح كلما قدمت عملا ناجحا أقدم فيه شخصية قوية، ما زلت أذكر مناقشاتنا وتهنئته لي على «بطلوع الروح»، حيث استمر الحديث أكثر من ساعة ونصف محللا لما قدمته في دور الشيخ نصار، كان مدربا عظيما للتمثيل، وعندما قدمت شخصية الليني في الأجهر، هنأني، والتقينا بعدها كثيرا، ثم انشغلنا عن بعضنا البعض إلى أن علمت بمرضه، فكنت دائم السؤال عنه، وسألني منذ فترة عن أعمالي القادمة، فقلت له: لا أعرف لم يعرض علي أي دور وأخاف أن ينتهي الموسم بلا عمل لي، فقال مادحا أنت ممثل عظيم لا تقلق، ورمضان ليس مقياسا، ومن الممكن أن تقدم عملا ويعرض بعد رمضان ويحقق ما لم يتحقق في رمضان، كنت أسمعه وقلبي معلق بأعمال رمضان، كان إنسانا طيبا، خلوقا، أحببته كثيرا.
 كنا نتمنى العمل سويا ولكن القدر كان أسرع من اللقاء.. رحم الله الأستاذ المعلم وألحقنا به في الفردوس الأعلى.

منير مكرم: الفنان لا يموت ويظل شمعة مضيئة
وقال الفنان منير مكرم: كان فنانا ومعلما للتمثيل لأول ورشة تمثيل مع الفنان محمد عبد الهادي. كان خلوقا طيبا، شاركت معه كمساعد مخرج في المسرح المتجول، وشاركنا معا في مسرحية « يعقوب صنوع» في سلسلة المسرح العربي  للرواد. ألف رحمة ونور عليه، فالفنان لا يموت، بل يظل شمعة مضيئة.

أحمد مختار: فنان مخلص نبيل لا يتحدث إلا في الفن.
وقال الفنان أحمد مختار: أول لقاء لي مع الفنان علي خليفة كان في ورشة الدكتور نبيل منيب  سنة 1978- 1979، وذلك عندما انضممت إليها، وكان علي خليفة والفنان محمد عبد الهادي ومعهم الفنان علي القشيري يقومون بالتمرين، وفي الحقيقة كانوا يتدربون، ولكن أحيانا كان نبيل منيب يعطيهم الفرصة لتدريبنا، لثقته فيهم، وكان يثق جدا علي خليفة  لاجتهاده وذكائه وقوته؛ لأنه كان يحب التدريب العضلي الرياضي، وكان هذا الأمر مهما في بداياتنا، لنكتسب المرونة العضلية، وكان في الورشة فنانون آخرون مثل: إلهام شاهين وأحمد عبد العزيز، واستمر حضوري معه في هذه الورشة لمدة أربع سنوات بشكل يومي، وأذكر أننا سافرنا إلى رأس البر ومكثنا هناك 15 يوما، قمنا فيها بالتدريب على البحر، ما أتاح لنا جمعيا فرصة التعرف أكثر، وكان الجميع على قدر المسؤولية، ولكن علي خليفة كان متميزا جدا في أشياء محددة أولها: أنه متفائل طول الوقت، محب للحياة، لا يتحدث في شيء إلا الفن، مخلص، نبيل، تشعر وأنت تتعامل معه كأنه أخ كبير يساندك حتى لا تخطئ لتحقيق التميز المطلوب، ولهذا السبب كنا نتعامل معه كأستاذ.
بعد ذلك شاركت معه ممثلا في مسرحية (ماراصاد) بطولة “محمود حميدة” ومن إخراج د. محمد عبد الهادي، وكنا نؤدي شخصيتي اثنين مجانين، ونقوم بتقسيم العمل معا، وكان الأداء صعبا، لأننا كنا نمسك مقشات طويلة نقوم بتمريرها فوق رؤوس المتفرجين، وكنا نخاف من أن نتسبب في إصابة أحد، وكنا نمارس مع ذلك أشياء متداخلة في نفس الوقت: صراخ – ارتماء على الأرض، وكان علي خليفة لأنه متميز في الجانب الفيزيائي والعضلي والتمثيلي، متميزا جدا في هذا العرض.                                   
بعد ذلك جذبه الفيديو، فعمل ممثلا ومساعد إخراج، وانقطعت الصلة بيننا لمدة طويلة، إلى أن قام الفنان محمود حميدة بإنشاء استديو للتمثيل، ضم إليه د. محمد عبد الهادي وعلي خليفة، وانضممت إليهما لأنني بدأت القيام بالتدريب، وهنا أصبحنا زملاء لأول مرة، ودائما ما كانت علاقتي بعلي خليفة كلما ابتعدنا نعود، نشعر بأن الزمن لم يؤثر في علاقتنا، وهذا الأمر ميز علاقتنا، لأنه لا يحدث مع الآخرين بتلك الطريقة، بعدها عملت مذيعا ومخرجا مسرحيا ومخرج دوبلاج والت ديزني.. وفي العام الماضي وبعد سنوات طويلة كان عندي صوت صعب جدا في الأفلام “صوت الكاهن الهندي الذي يتنبأ بأن الإنجليز سيأتون لقتل الهنود الحمر في أمريكا وعملت اختبارات كثيرة جدا لعدد من الممثلين، لكنهم جميعا لم يعطوني الإحساس السليم المتعلق بالشخص الطيب جدا، والصارم في نفس الوقت، وصوته المنبعث من الماضي، رجل ليس له سن محدد فهو يمثل ثلاثة قرون مضت، فتذكرت على الفور الفنان علي خليفة  واتصلت به وأخبرته بضرورة عمل تجارب لإرسالها، وعمل التجربة، فاكتشفت قدرته وحسمت الأمر بإسناد الدور له، والزمن جعل صوته جميلا بمشاعر أجمل، وأدى الدور بمهارة، بعدها رشحته لأدوار أخرى، ومكتب ديزني عندما علموا برحيله، أرسلوا لي تعزية معبرين عن حزنهم.


سامية سيد