بالإجماع.. (تكنزا) أحسن عرض في مهرجان المسرح العربي

بالإجماع.. (تكنزا) أحسن عرض في مهرجان المسرح العربي

العدد 860 صدر بتاريخ 19فبراير2024

في ختام مهرجان المسرح العربي ببغداد، أعلنت الهيئة العربية للمسرح نتائج مسابقاتها للعام 2023 في تأليف النص الموجه للكبار، وتأليف النص الموجه للأطفال، والبحث العلمي المسرحي)، وشهدت المسابقات هذا العام تنافساً كبيرا وزيادة نوعية ملحوظة في المشاركات من حيث تنوع أجيال المشاركين، تنافست فيها عدة دول عربية، ففي مهرجان المسرح العربي  شارك عشرون عرضا مسرحيا قسمت على ثلاثة مسارات، وشارك 258 نصا في مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال، فيما شارك 297 نصا في مسابقة النص المسرحي الموجه للكبار، بما يدل على المكانة التي تحتلها هذه المسابقات في المشهد المسرحي العربي.
وقد تشكلت لجنة تحكيم العروض برئاسة أيمن زيدان من سوريا، وعضوية كل من: حسام أبو عيشة - من فلسطين، د. سامح مهران - من مصر، علي الفلّاح - من ليبيا، د. هشام زين الدين - من لبنان، وفاز فيها بجائزة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بالإجماع، العرض المسرحي «تكنزا قصة تودة» - من المغرب، إخراج أمين ناسور.
وتكونت لجنة تحكيم مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار في نسختها الـ16 من: زيناتي قدسية - سوريا، مثال غازي - العراق، مفلح العدوان - الأردن، وفاز بالمسابقة كل من:
المركز الأول: محمد شحتة يوسف - من مصر، عن نصه «آخر أيام الأرض»، وفي المركز الثاني: حسام عبد الله حنوف - من سوريا، عن نصه «إلى الأرض خطني»، المركز الثالث: مكرر أحمد مصطفى أحمد سراج - من مصر، عن نصه «الأرض الأخيرة»، محمد خميس محمد سرور - من مصر، عن نصه «الفردوس الأحمر».
أما مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال (16)، فتكونت لجنة التحكيم من: المسكيني الصغير - المغرب، الدكتورة زينب عبد الأمير - العراق، الدكتور وليد دكروب - لبنان، وجاءت النتائج على النحو التالي: المركز الأول: روعة أحمد سنبل - من سوريا، عن نصها «قنديل الجدة أم سالم»، المركز الثاني: محمود عبد الله درويش عقاب - من مصر، عن نصه «جدتي وصندوق الأميرة شهرزاد»، المركز الثالث: إباء مصطفى الخطيب - من سوريا، عن نصها «أمي ساحرة».
فيما تأهل للمراكز الثلاثة الأفضل في المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي - المخصصة للشباب حتى سن 40 عاماً: أمينة أحمد دشراوي - تونس، عن بحثها «من شعرية الجسد إلى جمالية الصورة وتجاوز الحدود قراءة في مسار الكوريغراف نوال إسكندراني»، د. فاطمة أكنفر - المغرب، عن بحثها « الدراماتورجيا النسوية نحو تأنيث الفرجة المسرحية الانفلات الجمالي والعمق الفكري في تجربة نعيمة زيطان»، د. منى عرفة محمد أمين - مصر، عن بحثها «تمثيل الآخر من منظور ما بعد النسوي مسرحية جنون عادي جدا نموذجا».
الهيئة كرمت الفائزين في مسابقاتها لهذا العام والفائزين في أعوام الجائحة ضمن فعاليات الدورة الرابعة عشرة من مهرجان المسرح العربي التي امتدت فعالياتها في بغداد من 10 إلى 18 يناير 2024.
خصصت مسرحنا تلك المساحة للتعرف على آراء وانطباعات الفائزين في هذه الدورة والحركة المسرحية عموما، وسيرتهم وأهم إنجازاتهم، وماذا تمثل الجائزة بالنسبة لهم.... وغيرها.
أمين ناسور: الجائزة تعد تحفيزا وتأكيدا على مكانة تجربتنا بين التجارب العربية
 قال المخرج أمين ناسور (من مواليد مدينة مراكش) تتلمذت على يد الراحل الطيب الصديقي في فرقة مسرح الناس قبل أن ألتحق بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، حيث درست شعبة التشخيص، وتخرجت بمشروع إخراجي، ثم بدأت مسيرتي الفنية كممثل وبعدها كمخرج، أخرجت العديد من الأعمال المغربية التي لاقت نجاحا كبيرا سواء داخل المغرب أو خارجها، وحصلت على  العديد من الجوائز الوطنية والعربية والدولية.
 وعن العرض قال: هو مشروع مشترك ما بين فرقة فوانيس التي يمثلها الصديق إسماعيل الوعرابي ويوسف بواخبيان، وسينوغراف طارق الرمح، وعملنا على الفرجة الشعبية في الجنوب الشرقي المغربي، وخصوصا فرقة أحواش، واستلهمنا قصة من قصص الأطلس الكبير، وحاولنا أن نعالجها دراميا، ثم وظفنا مجموعة من الفنون المختلفة في العرض كالموسيقى الحية والغناء، واستعنا بربورتوار مغربي متنوع وأمازيجي وجناوي وعربي، واستعنا بتقنيات المابينج من أجل استكمال دراماتورجيا العرض.
 وعن الجوائز قال: الجوائز تعد تحفيزا وتأكيدا على مكانة تجربتنا بين التجارب العربية، وعندما سمعنا من رئيس لجنة التحكيم «أيمن زيدان» اسم العرض أنه فائز بالجائزة وبالإجماع؛ كانت فرحتنا كبيرة جدا، فالمهرجان العربي هو أكبر تظاهرة مسرحية عربية في العالم العربي، وبالتالي الفوز بهذه الجائزة له شحنة معنوية كبيرة، وأيضا تأكيد للتجربة، ويعطينا إصرارا وعزيمة من أجل مواصلة الاجتهاد والبحث في المسرح العربي.

يوسف المنصور: سعيد بلقب مؤلف لأول مرة 
وقال الكاتب والمخرج يوسف المنصور:
سعيد بهذه الجائزة؛ لأنها تعد شهادة جودة لكل من حصلوا عليها، وأشكر القائمين على الهيئة العربية للمسرح، لما يضيفونه من وعي وتبادل ثقافي عظيم للفنانين العرب، وأتمنى أن تستمر هذه  المسابقة الهامة لدعم الأجيال القادمة.
 يعد هذا النص أول تأليف مسرحي لي، وأنا كمخرج أخرجت أعمالا مسرحية منها: «طقوس الإشارات والتحولات» وأخذت عنها جوائز المهرجان القومي للمسرح المصري 2017، ومسرحية “أفراح القبة” التي حازت على معظم جوائز المهرجان القومي للمسرح المصري 2020، وكانت آخر أعمالي كمخرج مسرحية “الحفيد” التي قدمت على المسرح القومي المصري على مدار سنتين متتاليتين 2022 و 2023.
وأضاف قائلا: سعيد بلقب مؤلف للمرة الأولى، فالمؤلف هو البداية الحقيقية لأي عمل فني جيد، الذي يوفر التربة الصلبة القوية لتأسيس أعمال فنية تتخطى زمانها، فأنا اعتدت العمل كدراماتورج للمسرحيات التي أقوم بإخراجها، وكنت أتهيب التدخل بالكتابة على أعمال كبار كتاب المسرح.
وعن فكرة نصه «آخر أيام الأرض” قال: تدور فكرة النص حول رغبة الإنسان في تطويع الأرض لصالح طموحاته، ورغبته في النجاح والسيطرة، ومع ازدياد غروره وإحساسه بأنه أصبح المتحكم القادر على تطويع الأرض، تكشر الأرض عن أنيابها لتكشف ضعف الإنسان وهشاشته. وتدور الأحداث حول مجموعة من العلماء العرب، يعملون بهيئة البحث العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكنهم يجدون أنفسهم أمام اكتشاف تاريخي مذهل، تنقلب بسببه حياتهم وتتغير نفسياتهم حتى تصل بهم للمصير المحتوم.

محمد سرور: هذه أول جائزة لي في المجال المسرحي 
محمد سرور كاتب وقاص مصري من مواليد الإسكندرية، صدرت له مجموعة قصصية قصيرة (ثلاثة فخاخ لذئب أعور) ونال جائزة ساويرس عام 2023، وصدرت له مجموعة أخرى حصل بها على جائزة أخبار الأدب، وله نص مسرحي بمهرجان شرم الشيخ (قاف قاف القاهرة)، وأخيرا نص (الفردوس الأحمر) الذي فاز في الهيئة العربية للمسرح.
  والنص الفائز يتحدث عن فترة ما بعد سقوط الأندلس، ومدى ارتباط الإنسان بهويته والأرض، ورفضه للتهجير والتنصير الإجباري وترك أرضه أو دينه، فالنص يتناول فكرة المعاناة التي عاشها الإنسان في الأندلس في تلك الفترة والاضطهاد ومحاولات التهجير وسبل المقاومة، عن طريق أكثر من شخصية.
 وقال: فكرة النص راودتني منذ فترة كبيرة، وعندما وجدت تيمة الهيئة العربية للمسرح بخصوص الأرض فكانت الفكرة حافزا لي لكتابة النص، واستغرقت في كتابته حوالي شهرين، أما الجائزة فتعد أول جائزة لي في المجال المسرحي، فهي بالنسبة لي تعد حافزا كبيرا للاستمرار في المسرح، وجائزة الهيئة بالنسبة لي خصوصا اعتبرها أكبر وأنزه جائزة عربية تخص المسرح، والفوز بالنسبة لي بمثابة صك أو ختم لمدى جودة النص، وحافز كبير لي للكتابة والاستمرار فيها.

روعة سنبل: حياتي مكرسة لخدمة الكاتبة داخلي وتطوير أدواتها.
روعة سنبل: (صيدلانية سورية مقيمة في دمشق، تكتب القصة القصيرة والنص المسرحي وأدب الطفل، لها عدد من الإصدارات الأدبية، وحائزة على العديد من الجوائز العربية).قالت:
«قنديل الجدة أم سالم» نص من ثلاثة فصول، موجه للأطفال من 8 إلى 12 عاماً، التيمة المطلوبة كانت “نصوصا تحتفي بأطفال يعتزون بذواتهم وفي نفس الوقت يقدرون قيمة العائلة والأصدقاء”، والنص مبني على حكاية عجوز تعيش وحيدة في قرية جاءت إليها غريبةً قبل سنوات، العجوز ودودة وتساعد أهل القرية دوماً، لكن هناك سر حولها، فهي تعيش في شبه عتمة دائمة مع أن لديها قنديلاً، ترفض إشعاله إلا بزيت خاص يحضره بائع قناديل، شاب اختفى في ظروف غامضة، بطلة المسرحية زينة تقرر البحث عن بائع القناديل لمساعدة العجوز، فتنطلق في رحلة مشوقة مع صديقها طارق، يتخلل الرحلة محطات وألغاز، ولقاءات بشخصيات خيالية طريفة (صوت وصدى)، وهما مهرجان توأمان، وقط أخضر، وجدار متكلّم كثير الأسئلة، ينجح البطلان في مهمتهما، لكن النص يخبئ في النهاية مفاجأة غير متوقعة. 
والفكرة الرومانسية المجردة المتعلقة بالربط بين القناديل التي تنير عتمة البيوت، والمحبة التي تؤنس وحشة القلوب، هي فكرة موجودة في بالي منذ شهور، كنتُ قد فكرت بها كرواية صغيرة للأطفال، لكن حين أعلنت الهيئة عن تيمة الدورة الماضية، وجدت أن فكرتي تنسجم معها، وقررت أن أكتبها كنص مسرحي، وأعتقد أن هذا الشكل قد منحها حيوية ورشاقة أكبر، واستغرقت كتابة النص حوالي عشرة أيام.  
وأضافت: أنا أحاول بدأب منذ سبع سنوات أن أشق دربي بمشروع أدبي يشبهني فكرياً وعاطفياً، دربي المتواضع مستمر بإذن الله سواء صادف الجوائز أم لم يصادفها، لكن الجوائز مهمة بالتأكيد، فهي تشبه كشّافات تسلط النور على الدرب، أو على أجزاء منه، وتقدم الدعم المعنوي والمادي بالطبع، وهذه أمور دافعة للاستمرار. تابعت: جائزة الهيئة العربية للمسرح جائزة مهمة وتحظى بمتابعة كبيرة واهتمام، سعيدة بحصولي عليها للمرة الثانية، خاصة أن حصولي عليها من قبل بفئة النص الموجه للكبار فتح لي أبواباً مهمة محلياً وعربياً، والفوز في فئة النص الموجه للطفل في هذا التوقيت تحديداً يعني لي كثيراً، إذ أنوي التركيز في الفترة المقبلة على الكتابة للطفل، فجاءت هذه الجائزة كأنها تربيتة داعمة.
وعن وجهة نظرها في كيفية تطوير مهارات الكتابة قالت : 
أعتقد أن القراءة بوعي هي أمر أساسي لتطوير مهارات الكتابة، ولا أعني هنا قراءة الكتب فقط، بل قراءة الحياة أيضاً، الأحداث التي نعيشها، والأشخاص الذين نصادفهم، وكذلك قراءة التجارب الفنية للآخرين، لا يقتصر الأمر على مجال الكتابة، بل أيضاً الرسم والنحت والسينما والمسرح وغيرها، لا أقبل أبداً بدور المتلقي السلبي أو المحايد، أقرأ وأتابع الأفلام وأحضر العروض المسرحية والمعارض الفنية، أفعل هذا دوماً بوعي الكاتبة داخلي، مع ورقة وقلم في يدي، أنتبه للخيارات الفنية، وللملامح الجمالية، أسجل الملاحظات ولا أكف عن التعلم. 
وعن الجوائز قالت: الجوائز مهمة وداعمة لا ينكر أحد هذا، لكن من جهة أخرى فإن العمل الفني يفقد معناه وجدواه دون وجود جمهور يقرأ ويتابع وينتقد، لو خيرت شخصياً بين الاثنين، فسأختار الجماهيرية بالطبع.
وعن أزمة تأليف النصوص عربياً قالت: يشاع دوماً أن هناك أزمة نص في المسرح العربي، ولا أنكر أن هناك قلة بل ندرة في عدد الذين يكتبون النص المسرحي مقارنة بكتّاب الأجناس الأخرى، هذه الندرة ملاحظة خاصة بين الكاتبات، وليست لدي خبرة تؤهلني لتخمين الأسباب، لكنني أجد أن إحدى الأزمات الحقيقية التي يعيشها المسرح العربي هي أزمة الثقة بين المخرج العربي والكاتب العربي.     

محمود عقاب: مسابقات الهيئة تؤكد أنه لا توجد أزمة في النص المسرحي.
   وعن بدايات موهبته قال الكاتب محمود عقاب: بدأت مع الرسم منذ أمسكت يدي القلم قبل دخول المدرسة، وكنت أرسم رسما جميلاً أخذت عنه الدرجات النهائية في أولى مراحل التعليم الأساسي، وعندما نمت مداركي السمعية واللفظية وتناولت أشعار شوقي وحافظ في نفس المرحلة، تحول القلم في يدي تلقائيا لكتابة الشعر الذي استطعت أن أقدم من خلاله لوحات فنية يتم رسمها بالكلمات، وفي نفس المرحلة كنت أحب الحكي والقصص الطريفة، فنما لدي الحس الدرامي والشغف لكتابة القصص الفكاهية، إذ عشت في حالة من تعدد المواهب، موهبة تسلم الأخرى، فكان المسرح الذي يطلق عليه دائماً أبو الفنون هو الملاذ الرحب الذي جمع ودمج بين هذه المواهب بشكل تلقائي، ربما ذلك السبب في تكرار فوزي بمسابقات التأليف المسرحي، ومع ذلك أعتز بكوني شاعرا، فالمسرح يضاعف من شاعرية الشاعر وتوهجها. 
 وأضاف: يتناول النص كيفية اعتماد الأولاد على أنفسهم في ظل غياب الأسرة، سواء كان الغياب نتيجة العمل والأعباء أو الخلافات والانفصال، مع شعور الأطفال بفقدان السعادة والدفء، رغم تقديم بعض البدائل التكنولوجية المتمثلة في مربية من الذكاء الاصطناعي، ليتركوا كل ذلك ويذهبون إلى الجدة رغم عدم قدرتها على رعايتهم، لتكون نافذة تطل على بعض المعاني الأصيلة والقيم المفقودة، إذ يبحثون من خلالها عن صندوق الأميرة شهرزاد الذي يرمز للتضحية، ليتم القضاء على الأنانية، تلك الأنانية التي تحول بينهم وبين السعادة، وذلك من أجل أن يعود الدفء الأسري لتعود معه السعادة. 
وجاءت فكرة النص من خلال التيمة التي وضعتها مسابقة الهيئة العربية للمسرح وتفجرت فكرة النص بشكل متدفق، فلم تكن التيمة عائقا أبدا كما يصف بعض الكتاب ولهم الحق في ذلك أيضاً، وقد استغرق النص أقل من شهر في كتابته، وشعرت أثناء كتابته بمتعة كبيرة.
  وعن الجائزة قال: جائزة الهيئة العربية للمسرح من أهم الجوائز المسرحية التي ينظر ويطمح إليها جميع كتاب المسرح في الوطن العربي بما فيهم أسماء لها ثقلها، بالإضافة إلى شفافية المسابقة وذيوع صيتها في كل الأوساط، ما جعل الفوز فيها تتويجا غير عادي، وشهادة فريدة مختومة بالإبداع والتميز دون أدنى مجاملة أو انحياز. 
وبسؤاله أيهما أكثر صعوبة الكتابة للأطفال أم الكتابة للكبار؟ قال: كل مجال وله صعوبته، لكن الكتابة للطفل تكمن صعوبتها في سهولتها وكيف للكاتب أن يبدع ويبتكر ويجدد في ظل هذه السهولة، بشرط ألا ينتهي به الابتكار والإبداع إلى التقعير أو التعقيد وبعض الأمور التي لا تتفق مع تلقي الطفل. 
وعن الوضع المسرحي في مصر قال: الإبداع المسرحي العربي على المستوى الفردي بخير وتألق، وهناك مشاريع كبيرة لم يسلط عليها ضوء الاهتمام بالشكل الذي يليق بها، وذلك للقصور المؤسسي والإنتاجي  والإخراجي،  من ناحية الاتجاه إلى نصوص غربية، أو التعود على أسماء معينة دون النظر لما تفرزه الساحة من إبداعات شابة جديدة ومبتكرة، والمسابقات المسرحية في عالمنا العربي أكبر دليل على هذا التوهج الإبداعي والتجدد.
  وعن أزمة تأليف النصوص المسرحية قال: في كل مرة تؤكّد مسابقات الهيئة العربية للمسرح أنه لا توجد أزمة نهائيا في النص المسرحي ولا في الأفكار، وأن الكاتب العربي المبدع موجود بكل قوته، ولا يتبقى إلا أن يزدهر الدور المؤسسي والإنتاجي بنفس القوة ويعمل كما تعمل شفافية المسابقات التي أفرزت كتاباً مبدعين لم يكن لأحد أن يسمع عن أسمائهم لولا مثل هذه المسابقات. 

إباء الخطيب: الجائزة تصفيق من القدر لمشوار من الجهد والتعب 
  شغف أغذيه بالجهد والمثابرة، رغبة عميقة بالانتصار على كل الخذلان والخيبات في واقعنا، تمسك بالأمل وببصيص الضوء الذي بسببه لم أفقد إيماني بالغد، منذ الطفولة المبكرة رافقني الشعر ومنه دخلت أبوابًا مطلة على بساتين غنائه. هكذا بدأت إباء الخطيب حديثها.
وأضافت: النص موجه للأطفال وخصوصا أصحاب الفئة العمرية تحت ال9 سنوات، وعنوانه (أمي ساحرة)، وأبطال حكايته حشرات، وهم طلاب في مدرسة واحدة ومن بينهم الدعسوقة سيلا، اقترحت معلمتهم أن يحضروا حفلة ويقدموا هدايا لأمهاتهم في عيد الأم كمفاجأة، ويدور حديث بينهم حول عمل أمهاتهم وشهرتهن الكبيرة.. يتنمرون من خلاله على الدعسوقة سيلا ويهزأوون من عمل أمها في البساتين، ليتدخل العصفور بديع الذي راقب الحدث وينتقم للدعسوقة بشكل لا يخلو من الفكاهة، بعد أن أقنع أصدقاءها أن أمها دعسوقة ساحرة وستنتقم منهم، ثم تتوالى الأحداث والمفاجآت، وتتيقن الدعسوقة سيلا أن عملهم رائع ومفيد للبيئة وليس من الضرورة أن يكون الشخص مشهورا حتى يكون سعيدا بعمله، ويعلم أصدقاؤها بخطئهم بعد سلسلة من الأحداث التي تحمل تشويقًا وفكاهة وعبرًا عديدة فكل أمهاتنا ومهما كان عملهن هن أمهات ساحرات بالمعنى الإيجابي يصنعن من حياتنا حياة أسهل وأجمل.
   وفكرة النص موجودة عندي، وربما كنت سأكتبه بشكل قصة قصيرة، وبالإعلان عن التيمة المطلوبة لمسابقة الهيئة المرتكزة على ثلاثة محاور علاقة الطفل بذاته وبمحيطه الأسري وبالأصدقاء، شعرت أنه من الممكن استثمار فكرتي من خلال نص مسرحي وخصوصا أنني   تأهلت للقائمة الأخيرة في العامين السابقين في الجائزة نفسها، فهذه العلاقات الثلاث بالنسبة للطفل حساسة للغاية ومترابطة، ونجاحها يرتكز على ثقة الطفل بذاته واطمئنانه الداخلي في واقع صاخب أكثره افتراضي للأسف لا اجتماعي حقيقي بالنسبة للأطفال فتعزيز هذه العلاقات أمر لافت وحساس بالنسبة لي كي نعالجه ونكتب عنه، وكل جائزة هي تصفيق من القدر لمشوار من الجهد والتعب والمثابرة التي ترافق الموهبة وهي حافز للاستمرار، وابتسامة للقلب الذي قلما يبتسم.
 وأضافت: أدرك تماما أن الكتابة للأطفال هي الأصعب فيما لو قارنّا هذا فيما لو تعاملنا مع الموضوع كحرفة، لأصدقك القول، أنا لا أدخل بهذه المقارنة لأني أزعم أني أكتب بعفوية تطغى على الصنعة وبتدفق داخلي. لكن بلا شك الكتابة للطفل حساسة ويجب أن نعي المعايير قبل أن نكتب اللغة المطلوبة (طول الجمل، الابتعاد عن الوعظ...) وما إلى ذلك من اعتبارات تجعل من الكتابة للطفل أكثر دقة وحساسية.

أمينة شرداوي: طموحي أن يكون المسرح حاضرا في كل ركن من هذا الكون.
وقالت أمينة دشراوي (ممثلة و مخرجة مسرحية، أستاذة تربية مسرحية وباحثة في العلوم الثقافية) إن تتويجي في المركز الأول هو إضافة هامة ومميزة في المسار المسرحي الذي بدأت في نحته منذ سنوات، وذلك بالتأكيد يمنحني مسؤولية كبيرة لتكثيف الجهود والمواصلة في مجال البحث العلمي المسرحي، علني أساهم في إثراء الرصيد العربي من الدراسات والبحوث الخاصة بالتجارب المسرحية. البحث بعنوان “من شعرية الجسد إلى جمالية الصورة وتجاوز الحدود. قراءة في مسار الكوريغراف نوال إسكندراني “، يندرج في إطار الناظم العام للأبحاث الذي اقترحته الهيئة العربية في النسخة الثامنة لمسابقة البحث العلمي المسرحي.
   وأضافت: إن العلاقة بين الباحث والممثل والمخرج هي علاقة تناغم بالأساس، فمسار أية عملية إبداعية لا بد أن يخضع لبحث معمق في آليات الخطاب والجماليات والمرجعيات المختلفة، لبلورة تصوّر كامل وشامل لنظام العرض المسرحي، في ما عدا ذلك الفنان لا يمكن أن يشتغل بعيدا عن القضايا الإنسانية الحارقة، فهو في بحث دائم عن مفاهيم الإنسانية خاصة في هذا العصر الذي تحكمه فلسفة الشيء والفردانية. وأنا أطور من مهاراتي بالاطلاع الدائم على ما يحدث في العالم بشغف المعرفة، بالممارسة اليومية للكتابة النقدية أو البحث العلمي وخاصة بالتقييم الذاتي ومحاولة الاستفادة من آراء القراء في ما أكتبه. فلا يمكن أن نتجاوز أخطاءنا، ولا أن نطوّر من ذواتنا دون أن نخضعها للتقييم الدائم والمستمر.

فاطمة إكنفر: المسرح المغربي حاضر بقوة 
وقالت د. فاطمة إكنفر (باحثة ودكتورة متخصصة في الدراسات المقارنة بجامعة محمد الخامس الرباط؛ مهتمة بالجماليات والأدب والنقد والدراسات الثقافية؛ شاركت في عدة مؤتمرات وندوات ومهرجانات وطنية ودولية؛ ولدي مساهمات نقدية وفكرية في كتب ومجلات علمية محكمة) أنجزت دراسة موسومة بالدراماتورجيا النسوية المغربية: نحو تأنيث الفرجة المسرحية (الانفلات الجمالي والعمق الفكري في تجربة نعيمة زيطان)؛ تفتح هذه التجربة أفقا جديدا لمناهضة أشكال من الظلم داخل المجتمع الإنساني ممثلا في فساد الأنظمة السياسية؛ وتفاقم الحروب؛ واتساع حركات التهجير واللجوء، وقد التقطت بعض الكاتبات النسائية المغربية هذه الأوضاع بكثير من الوعي والجرأة؛ كما نجد في مسرحية (الجلاد) لبديعة الراضي؛ و(ملاك) لنزهة حيكون؛ و(أهازيج إبراهيم الحموي) و(قناديل البر المطفأة) للزهرة براهيم. وأشكر الهيئة العربية للمسرح التي أتاحت لنا شروطا موضوعية للتنافس في البحث العلمي المسرحي لتطوير تجربتنا النقدية؛ وبلورة كفاياتنا البحثية. 
وتابعت: تشكل لي الجائزة إضافة نوعية في مشاريع البحث العلمي المسرحي؛ كما تؤكد لي تطور هذا المشروع لأنني تدرجت من المرتبة الثالثة سنة 2019 في القاهرة؛ إلى المرتبة الثانية سنة 2024 في بغداد؛ وإن شاء الله إلى المرتبة الأولى في مسابقة قادمة.
وعن واقع الحركة المسرحية المغربية قالت: ينم الواقع عن حركة تجريبية طلائعية تطمح إلى أفق ما بعد حداثي أو ما بعد درامي من خلال الكثير من التجارب المضيئة؛ يمتد صداها ليعم أرجاء العالم العربي؛ حيث نالت استحسانا كبيرا ونالت العديد من الجوائز، فالمسرح المغربي حاضر بقوة في مهرجان المسرح العربي ببغداد من خلال ثلاث مسرحيات يتعلق الأمر ب(أكستازيا) إخراج وتأليف ياسين أحجام؛ (كلام) تأليف محمد برادة وإخراج بوسلهام الضعيف؛ (تگنزة قصة تودا) الفائزة بالجائزة الكبرى إخراج أمين ناسور ودراماتورجيا إسماعيل الوعرابي وأمين ناسور وطارق الربح؛ تلقيت مثل عدد من المتفرجين التجارب المسرحية المغربية المشاركة في المهرجان بكثير من الاقتناع بنضج التجارب المغربية وتكامل مفرداتها نصا وإخراج وسينوغرافيا وأداء. 

منى عرفة: الوعي بأهمية الالتزام بالمنهجية هدف أسعى لتحقيقه
 وقالت د. منى عرفة: تخرجت في قسم الدراما والنقد المسرحي بكلية الآداب جامعة عين شمس عام 2012، وفي العام التالي عُينت معيدة بالقسم، وتشرفت بحصولي على أول رسالة ماجستير يتم منحها من قسم الدراما والنقد المسرحي بكلية الآداب جامعة عين شمس، وأخيرًا عُينت مدرس بالقسم بعد حصولي على درجة الدكتوراه عام 2021عن موضوع (تجسيد الصراع الديني السياسي في المسرح الأفريقي المعاصر). بحثي الفائز بعنوان “تمثيل الآخر من منظور ما بعد نسوي: مسرحية جنون عادي جدًا نموذجًا” معني بدراسة النص المسرحي جنون عادي جدًا وتحليله، بعد أن وجدت في هذا النص طرحًا غير نمطي للرجل وللمرأة على حدٍ سواء، وذلك عبر رفضه إعادة تمثيل الأدوار التقليدية للرجال والنساء بالشكل الذي طرحته أغلب الأعمال المسرحية النسوية، إذ سلكت كاتبته المصرية مروة فاروق مسلكًا مختلفًا في فضح الممارسات القمعية للنظام الأبوي؛ بتصويرها أثر تلك الممارسات على الرجال والنساء على حدٍ سواء، وهو ما يؤكد أن تلك الممارسات القمعية ليست حكرًا على النساء فحسب، كما يؤكد إصرار الأنظمة الأبوية على استمرار التراتبيات الهرمية التي تضع الجنسين في مرتبتين مختلفتين، بحيث يغدو تلاقيهما مستحيلًا، فالالتزام بالقوالب الجندرية يعني سيادة هيمنة الرجل على المرأة، وهو ما يضمن عدم اتحادهما، كما يضمن من ناحيةٍ أخرى سهولة إخضاع كليهما لنظام السلطة.
 وتابعت: في الواقع لا كلمات تصف حجم سعادتي بعد فوزي بجائزة الهيئة العربية للمسرح، خصوصًا لكونها المرة الثانية التي أفوز فيها بهذه الجائزة، إذ فزت عام 2019 عن بحث بعنوان “الجسد وخلق الذاكرة الثقافية في مسرحية خمسون”، وقد تم تكريمي ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي عام 2020 في العاصمة الأردنية عمّان، وهو ما جمع بين سعادتي بالتتويج أولًا وسعادتي بالمشاركة في الحدث الثقافي المسرحي الأهم في الوطن العربي وهو مهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح؛ لتتكرر السعادة مرة أخرى بتكريمي ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي في العاصمة العراقية بغداد، وسط كوكبة من المسرحيين في الوطن العربي الذين جاءوا من كل حدب وصوب لحضور هذا المهرجان.
وعن تطوير المهارات قالت: إن تطوير مهارات الكتابة البحثية والنقدية يرتبط بشكل وثيق بالاطلاع والاشتباك مع الكتابات النقدية لأساتذة النقد العرب وغير العرب، فلا يمكن تطوير المهارات إذا بقينا في جزر منعزلة تسودها المركزية والانغلاق على الذات.  
وأضافت: أعمل منذ سنوات على تحقيق هدف بسيط، هو إعادة الوعي بأهمية الالتزام بالمنهجية السليمة للبحث العلمي المسرحي وقواعد الكتابة العلمية، والتي حاد عنها بعض المتخصصين والمهتمين بدراسات المسرح وهي قواعد عالمية يتوارثها الباحثون في مختلف التخصصات، يضيفون إليها أو ينتقصون منها وفقًا لطبيعة الموضوع البحثي، لكن أن يديروا ظهورهم لها برمتها، فهو ما لا يليق بالكتابة العلمية المسرحية.


سامية سيد