فرقة برادايس المصرية في كندا: الفرقة تعمل على ربط الطفل العربي بوطنه وثقافته

فرقة برادايس المصرية في كندا:  الفرقة تعمل على ربط الطفل العربي بوطنه وثقافته

العدد 846 صدر بتاريخ 13نوفمبر2023

هي فرقة لمسرح الطفل تعيش في كندا وتحديداً في أونتاريو، تبذل جهداً كبيراً لتربط الطفل المصري بوطنه، وذلك من خلال عروض فنية متنوعة، تشكيلية ومسرحية، تقدم الكثير من العروض والأفكار المختلفة الفريدة والجديدة على المجتمع الكندي، مثل عرض بالأزياء الفرعونية، ما يجعل أطفال الفرقة يشعرون أنهم أبناء حضارة عملاقة، وكان الأطفال من كل جنسيات العالم ينظرون منبهرين بما شاهدوه من عمق هذه الأزياء التي لها تقدير كبير وشهرة واسعة لدى أهل الأرض، الفرقة أنشأها وأدارها مصريان، شاب وزوجته، هما: محمد عبد الواحد وأمل التطاوي، أسس محمد الفرقة وأدار شئونها المالية والإدارية وترك لزوجته أمل التطاوي الشئون الفنية والإبداعية 
مسرحنا خصصت مساحة لتتعرف أكثر على الفرقة المسرحية “برادايس” بلقاء مؤسسيها..

 اخترنا برادايس لأنها تعني الجنة وهي الأرض التي نحب أن نعيش عليها 
قال محمد عبد الواحد: اخترنا اسم برادايس لأنها تعني الجنة، لأن هذا هو إحساسنا على الأرض التي نحب أن نعيش عليها وهذا هو الشعار الذي نرفعه هنا، لأننا نحب أن نحول مجتمعنا في كندا إلى قطعة من الجنة الموعودة، ويمكن القول إن أعضاء فرقة برادايس لم يفكروا في إنشاء فرقة لمسرح لطفل بين يوم وليلة، ولكن سبق ذلك نوع من أنواع التعاون مع فرق أقدم، خاصة أن هناك فرقا مضى عليها أكثر من عشر سنوات، خاصة من أبناء المسرح العراقي، وهناك محاولات جادة ما زالت مستمرة لتأسيس مسرح عربي، ونحن طبعا نتمنى ذلك ونود أن نقف على تطورات هذا الأمر.
 وأوضح محمد عبد الواحد كيف حدث الاحتكاك بين فرقة برادايس والفرق الأقدم قائلا: لقد شاركنا وتتلمذنا علي يد فرق مسرحية عربية في أورنتو، تعلمنا منها الكثير، مهارات الحركة المسرحية وتصميم الديكورات والملابس واختيارات الموسيقى، وضبط كواليس المسرح، وأدارة خشبة المسرح، ومن هنا فكرنا في نقل تجربتنا المسرحية ولكننا اخترنا ولأول مرة في أورنتو مجال مسرح الطفل، لقد كنا أول من فكر في إنشاء مسرح للطفل في مقاطعة أورتنو الكندية. 

تتلمذنا على يد فرق مسرحية عربية في تورنتو
وبمجهودنا الفردي ولنا الشرف، ولقد قمت أنا والسيدة أمل التطاوي بتأسيس فرقة لأنشطة الطفل العربي، ومن هذه الأنشطة اهتممنا بالمسرح العربي، ونثق أن القادم أهم وأفضل بكثير، مؤكدا أن الاهتمام برعاية الأطفال واكتشافهم والبحث عنهم مسألة صعبة ومعقدة خاصة في ظل حياة المهاجرين والمغتربين، وتحدث محمد عبد الواحد باستفاضة بشأن محاولته ومحاولة أمل التطاوي في البحث عن أطفال موهوبين، مشيرا إلى أن قضية البحث عن المواهب قضية معقدة ولكننا تغلبنا على ذلك بالبحث بين الأصدقاء والمعارف بين الجاليات العربية المختلفة، من خلال جروبات الواتساب التي تجمعنا نحن العرب والمصريين. وأيضاً نكتشف هؤلاء الأطفال بالتحدث مع أولياء الأمور وشرح رسالتنا الفنية وأهدافنا كفريق برادايس. 
وبعد كل المجهودات الذاتية المبذولة لنجاح هذه الفرقة العربية خارج حدود بلدها، كشف محمد عبد الواحد أن فرقة برادايس حتى الآن لم تصل بعد إلى كاست ثابت، وتابع: في عرضنا الأول الذي قدمناه يوم 8 سبتمبر استطعنا أن نكون فريقا موهوبا مكونا من 16 طفلا وطفلة، وسيكون هؤلاء نواة لفرقة ثابتة، وسيكون عملنا القادم أفضل وأفضل، وطبعا نحن حريصون على أن تكون لمصر الريادة على المسرح في كندا نظراً لتاريخ مصر المفعم بالثقافات والفنون العريقة، فنحن جزء من تاريخ مصر الذي سيظل حيا للأبد. 

حريصون على أن تكون لمصر الريادة على المسرح في كندا
وأكد: ولقد شجعنا الإقبال غير العادي من الأطفال وأسرهم على مسرحنا، وتأكد لنا أننا نسير في الاتجاه الصحيح، و أكد لنا جمهور العرض أنهم في المرة القادمة سيجلبون معهم أصدقاءهم من الأسر العربية، بعد أن خرجت الجماهير من المسرح مبهورة وسعيدة بالعرض، وفرحين بأبنائهم الموهوبين، وأكد لنا الأطفال أنهم سيجلبون أصدقاءهم من الجنسيات الأخرى في المرات القادمة، ونحن نسعى بالفعل في الفترة القادمة لأن نقدم عروضاً من تورنتو إلى القاهرة. 
أكثر من مسرح
 فرقة برادايس لم تكن مسرحية فقط، ولكن المسرح جزء من نشاط فني اجتماعي شامل، حدثنتا أمل التطاوي عن تلك المسألة أكثر قائلة:
أنشأنا معسكراً صيفياً للأطفال، شارك فيه الأطفال المصريون والعرب، ليعيش كل منهم مع الآخر في ود وتقارب وانسجام، جعلنا من المعسكر يوماً عربياً خالصا بامتياز، يوم متكامل تتعانق فيه الأسر العربية، الكبار مع الكبار والصغار مع الصغار، وقد راعينا في معسكر النشاط الصيفي أن نحيي عاداتنا وتقاليدنا بل وأطعمتنا العربية الشرقية

راعينا في معسكر النشاط الصيفي أن نحيي عاداتنا وتقاليدنا العربية الشرقية
 وأوضحت أن الأطفال يأكلون نفس أطعمتهم العربية ومعهم أسرهم، بل يقومون بتحضير الأكلات وطهوها بأنفسهم تحت إشرافنا، وكنا حريصين أن نعلمهم أسماء الأكلات الشرقية العربية، سواء من مصر أو الشام أو المغرب العربي وأن يتعودوا على طعم مأكولات بلادهم.
من خلال رحلة التعرف على فرقة برادايس لاحظنا من الصور أن هناك أطفالا يقومون بقص الأزياء وصناعة قطع الديكور والأقنعة التي يرتدونها في العرض المسرحي، عن ذلك قالت أمل التطاوي: نحن نحرص على أن نعلم الأطفال كيف يقومون بصناعة الديكور والأقنعة والأزياء وكل ما يتعلق بالعرض المسرحي، وذلك لسببين: أولهما أن العمل قائم على الجهود الذاتية في المقام الأول، والسبب الثاني هو حرصنا على أن يشعر الطفل أن العمل له هو وأنه يصمم الملابس التي يرتديها، ويمكن أن أؤكد أن سعادة الأمهات والآباء كانت تفوق سعادتنا وهم يرون أبناءهم يفعلون كل شيء بأيديهم، رغم أنهم لايفعلون هذا في بيوتهم.
نعلم الأطفال كيف يقومون بكل ما يتعلق بالعرض المسرحي
وتابعت: من الأشياء المهمة التي أردنا أن نغرسها في الأطفال أن يشعروا بهويتهم العربية، وأردنا أن نذكرهم دائما بأنهم عرب وأن لهم وطنا وقومية لا بد أن يظلوا متمسكين بها محافظين عليها وعلى لغتها وتقاليدها وقيمها وفخورين بتاريخهم  كعرب، وأن يشعروا بذلك وسط المجتمع الكندي الذي يعتمد على تعدد الجنسيات، في عصر ظهور وانتشار الإنترنت والسينما والتكنولوجيا التي توفر كل ألوان الفنون المجانية، وأكدت أمل التطاوي أنه رغم وجود التكنولوجيا والإنترنت يبقى المسرح أبو الفنون، 
وما زال جمهور كندا والعرب يحبون المسرح أكثر من حبهم للسينما، وهناك إقبال قوي على المسرح الذي يحتوي على فنون تمثيلية واستعراضية فلكلورية وغناء بمختلف الثقافات، وقالت إن المسرح في كندا يشبه المهرجانات الشعبية المفتوحة للجنسيات المختلفة.
وأوضحت أمل التطاوي أن نشاط الفرقة يزداد في فصل الشتاء، لأن في فصل الصيف يكون الكل مشغولاً بالإجازات، والسفر، ولكن في الشتاء تستقر الحياة ويستقر الأطفال في مدارسهم والأسر في بيوتهم، والكل يبحث عن أماكن مغلقة ليقضي فيها سهرته، والمسرح هو سيد الاماكن المغلقة.

المسرح في كندا يشبه المهرجانات الشعبية المفتوحة للجنسيات المختلفة 
وقالت التطاوي: نحن نكتب النص باللغة العربية، وعندما نقوم بتحفيظ الأطفال، نجد صعوبتين، أولاً صعوبة فهم المعاني بالعربية، ووقتها نشرح لهم المعاني باللغة الإنجليزية، والصعوبة الثانية هي نطق اللغة الفصحى، ووقتها نترك الأطفال يتحدثون بلغتهم العامية الدارجة، فالمصري يتحدث العامية المصرية والسوري يتحدث بالعامية السورية واللبناني أيضاً والتونسي والعراقي، وهذا الأسلوب يجعل الأطفال يفهمون لهجات بعضهم البعض.

ليس لنا مسرح ثابت ونؤجر قاعة مسرح 
محمد عبد الواحد قال: ليس لنا مسرح ثابت ولكننا نؤجر قاعة مسرح طوال أيام العرض، وهي ليست أياما كثيرة، فلا يمتد الحجز لأكثر من ثلاثة أيام، كما أن هناك مسارح مجهزة وتستخدم للعروض المسرحية والحفلات والمؤتمرات الكبرى وإقامة المهرجانات المتنوعة، ومنها مسارح تستخدم أيضا كقاعات سينما كبيرة أو متوسطة، وأضاف: إذا لم يكن هناك مسرح وليس به الإمكانات طبقا للميزانية المتاحة، وقتها تستكمل الفرقة العناصر الباقية من ميزانيتها وتقوم بتأجير معدات إضاءة وشاشات لعرض الفيديوهات المصاحبة وللإضاءة.
تابع: لكي يكون هناك نشاط فني فهذا يحتاج إلى موارد مالية، في دولة تحسب فيها الأنفاس بالدولار، لا يوجد شيء مجانا، كل شيء له مقابل، هناك فرق لها ممول خارجي وفرق أخرى تنفق من جيوبها الشخصية بهدف الاستثمار، وأوضح عبد الواحد أن تمويلهم بنسبة مئة بالمئة من جيوبهم الشخصية، بالإضافة إلى الاشتراك الشهري من أولياء الأمور المؤمنين برسالة الفرقة والمهتمين بتنمية مواهب أبنائهم، أو المهتمين بتشجيع أبنائهم على الحياة العربية والمصرية.
 وأوضح كيف أن  للرعاة دورا في مساندة مسرحهم قائلاً:
قبل أي عرض أضع أنا والسيدة أمل التطاوي الميزانية المخصصة، ونهتم طبعا بالرعاة، ولدينا ثلاث باقات للرعاية: فضية وذهبية وماسية، ولكل باقة سعر محدد، ومقابل الرعاية نقدم إعلانات مباشرة وغير مباشرة داخل المسرح وداخل المسرحية وقبل العرض وأثناء العرض، وهناك رعاة يقدمون ميزانية مقابل الدعم  فقط دون انتظار مقابل، وهناك من يدعمنا بالأقمشة التي يتم تفصيلها للشخصيات خاصة أننا نقدم الكثير من الأزياء الفرعونية المكلفة جداً. 
وتابع: هناك رعاة مثل المطاعم مثلاً يتكفلون بوجبات الأطفال ومشاريبهم في أوقات البرو?ات والعروض، وغيرها من أشكال الرعاية، ونحن نعرف أن الرعاة يقدمون منتجاتهم إلى المجتمع الكندي بشكل عام، وللمجتمع العربي بشكل خاص.
دولة مثل كندا أسست على طائفة من المهاجرين المتجنسين، والحكومة تعتبر كل من يعيش على أرضها كنديا، ولذلك تدعمه من أجل رفع اسم كندا، وفيما يخص ذلك قال عبد الواحد:
فيما يخص تمويل الحكومة الكندية للفرق المسرحية، فهناك ضوابط تحكم ذلك من خلال قانون الدعم الاجتماعي، فهناك تمويل فيدرالي من الحكومة الكندية، وهناك تمويل آخر من إدارة المقاطعة نفسها، ونحن قمنا بتسجيل أنفسنا كفرقة فنية في حكومة المقاطعة وهي أونتاريو، أما بالنسبة لتمويل الحكومة الفيدرالية المركزية للدولة فنحن في انتظار بدء الدعم الفيدرالي لنا، أما بالنسبة للمقاطعة، فإنها تشترط أن يكون قد مر على نشاطنا عامان كاملان، وفي كل الأحوال، فإن الدعم الحكومي يهدف دائما إلى تنمية حياة الجاليات المتنوعة، وتهدف إلى صهرهم معاً في مجتمع واحد يجعلهم يشعرون بالانتماء إلى وطنهم الأم.
ومن المؤكد أن فرقة مثل فرقة برادايس تعتمد على جهودها الذاتية ودعم أولياء الأمور ومساهمة الحكومة الكندية وتتمنى الفرقة أن تتواصل مع رجال أعمال مصريين لفتح أبواب أخرى من الدعم المادي وتدعو الفرقة رجال الأعمال في مصر إلى أن يدعموا الفرق المسرحية في كندا، لأن ذلك يفتح بابا للتواصل أكثر مع جمهور هذه الدول، كما أن دعمهم يشجع فرقة برادايس على الاستمرار، وأضاف: لن نظل ننفق من جيوبنا على فننا ويكفينا أننا لا نكسب من ورائه شيئا.
لن نظل ننفق من جيوبنا على فننا ويكفينا أننا لا نكسب من ورائه شيئا
واختتم عبد الواحد حديثه حول الفرقة قائلاً: ندرك جيدا قيمة مصر الفنية والمسرحية الرائدة والملهمة، نعلم أننا أبناء يعقوب صنوع وسلامة حجازي والقباني وسيد درويش والريحاني وبديع خيري وعلي الكسار وفؤاد المهندس وعادل إمام، وفوق كل هذا فنحن نعرف قيمة مصر ونحن في غربتنا نذكر ونتذكر المقولة الشهيرة: إن مصر ليست وطنا نعيش فيه 
ولكنه وطن يعيش فينا.
 


نادين فتح الله