حالة طوارئ على خشبة قصر ثقافة بني سويف

حالة طوارئ على خشبة قصر ثقافة بني سويف

العدد 831 صدر بتاريخ 31يوليو2023

في نهاية العرض المسرحي «الطاعون» يقف دييجو بعد أن قرر التضحية من أجل حبيبته وشعبة، مات هو يتألم بلعنة الطاعون، فقد قرر الطاعون  أن يجعل آخر لحظات حياة دييجو ألم  سكرات الموت ممزوج بالشعور بالفخر، طوال العرض المسرحي  يحاول دييجو مقاومة الطاعون من جهة، ومن جهة أخرى يعين شعبه على المرض الذي أصابهم، لم يدرك معنى الاستسلام أو الهزيمة، ومن جهة أخرى يعين شعبه على المرض الذي أصابهم، لم يدرك معنى الاستسلام أو الهزيمة،  ظل يقاوم بكل قوة الطاعون حتى عرف السر الذي سوف من خلاله يستطيع هزيمة الطاعون ألا وهي مقاومة الخوف.
قدم قصر ثقافة محافظة بني سويف عرضًا مسرحيًا بعنوان حالة طوارئ من تأليف ألبير كامو وإخراج أحمد السلاموني، يبدأ العرض المسرحي بشعب يظهر عليه مدى قسوة الحياة، وتتطور الأحداث سريعًا بظهور رجل يدعى الطاعون يجبر حاكم الدولة على الرحيل، يظهر على ذلك الشعب حالة من الضعف، ويوضح لنا العرض المسرحي معنى الاستبداد التي عانت منه الشعوب منذ ظهور الإنسان القديم.
يناقش العرض المسرحي قضية فرض السلطة والخوف منها، ويطرح كامو الإجابة  وهي التحرر من تلك القيود عن طريق التضحية، ويظهر ذلك بوضوح حينما قرر دييجو كسر حاجز الخوف الذي بداخله عن طريق التضحية بنفسه مقابل أن تحيى حبيبته وتكمل الثورة ويتحرر شعبه من ظلم وقهر الطاعون، فيرى كامو تحطيم  شعور الخوف والعجز بالمواجهة والتضحية وإن كانت تلك التضحية تؤدي إلى الهلاك، وإن كانت مقابل لا شيء، فالسبيل للنجاة هو اختيار أصعب الطرق التي يصعب السير بها.
التمرد من أجل المواجهة
عدم الانصياع والتمرد على السلطة «الطاعون» أحد الأشياء التي طرحها عرض حالة طوارئ، دييجو هو البطل الذي استطاع الوقوف أمام الطاعون، فهو يمثل الفئة التي لا تعرف معنى الخضوع أو الاستسلام ولو كان الثمن حياتها، ولكن وجد التمرد منذ أن خلق آدم وتمرد على ربه، فالتمرد يسير في كمجرى الدم، ونرى على سبيل المثال من ينكرون وجود الله  مثل نادا السكير أحد هذه  شخصيات العرض المسرحي الذي لا يهتم بشيء سوى زجاجة الخمر، ودييجو بطل العرض المسرحي الذي ينكر الانصياع للطاعون بل أراد مواجهته بكل شجاعة، ولكن حينما نغوص في الأعماق البشرية نجد التمرد ليس بهذه السطحية، فالطبيعة البشرية لا تحب القيود سواء أكانت الفكرية أو الجسدية، وجدير بالذكر بأن الجميع لديه الشعور بالتمرد ولكن من سيقبل؟
حالة طوارئ و أسطورة سيزيف
هناك  مثال لحالة من التمرد ألا وهي أسطورة سيزيف  وهي أسطورة إغريقية، تقص بأن هناك  حالة من التمرد حدثت حينما خدع سيزيف آلة الموت «ثانتوس»، حينما طلب منه سيزيف أن يجرب الإقفال، وقام بتكبيله ومنذ تلك اللحظة مُنعت الناس من الموت، وعندما علمت الآلهة الأولمبية بما حدث فحكمت على سيزيف أن يقوم أن يحمل صخرة إلي قمة الجبل ويثبتها فتدحرج الصخرة وتهبط على القاع ويتكرر الأمر، مرارًا وتكرراً، بلا توقف بلا نهاية، يشبه الأمر في حالة طوارئ حول سعي دييجو للتخلص من الطاعون رغم علمه الجيد أنه سعي بلا جدوى، وحينما أتت التضحية ضحى بحياته مقابل شعب وحبيبته.
العبث في عرض حالة طوارئ 
ظهرت بعض الشخصيات التي رمزت لبعض الرموز الفلسفية، فنرى السكير نادا الذي مثل العبثية، لا يعبأ بما يحدث، لا يؤمن بأية شيء سوى الخمر، لا يهتم سوى بأفكار العدمية، وأيضًا السكرتيرة التي تصاحب الطاعون أينما ذهب والتي استطاع أن يملأ قلبها بالقسوة، وإن حاولت الطبيعة البشرية ألا وهي المحبة الطغيان يحاول الطاعون إخماد هذه الطبيعة ولو بالقوة، فكانت السكرتارية  طوال العرض المسرحي المنفذ لحكم الإعدام الذي يصدره قراره الطاعون.
الدين هل يمكن أن يصبح مدمرًا للشعوب؟
من بداية العرض المسرحي نرى الشعب في حالة من الانتظار والصبر والصمت على بشاعة الواقع، مقابل ذلك الفعل الوحيد الذين يقومون به هو الذهاب إلى الكنيسة والدعاء فقط دون فعل أي شيء آخر، بالإضافة إلى القس الكنيسة الذي استطاع إخماد الشعب تحت مسمى القانون والدين، فقد تحول الدين في عرض كامو من دين سامي ينهض بالشعوب إلى مسكن لهم يأخذهم خطوات لا حصر له للخلف، فمنذ البداية نلاحظ عدم وجود أدنى مقاومة من الشعب، حتى حاول دييجو بث فكرة المقاومة بداخلهم للقضاء على الطاعون.
تعرض العرض المسرحي لشيء من الرتابة والملل نتيجة بطء إيقاع الأداء المسرحي، بجانب عدد كبير من الاستعراضات التي قطعت الحدث المسرحي والتي لم توظف جيدًا، ونلاحظ بعض الأخطاء اللغوية التي ظهرت أثناء الحوار المسرحي بجانب سرعة التحدث مما أدى ضعف التواصل بين الجمهور والممثلين، وسقوط بعض الجمل الحوارية أثناء العرض المسرحي، مما أدى إلى تشتيت المشاهد.


جهاد طه