ابقى افتكرنى .. أيهما أكثر إيلاما أن يتذكر الإنسان ماضيه أم ينساه

ابقى افتكرنى ..  أيهما أكثر إيلاما أن يتذكر الإنسان ماضيه أم ينساه

العدد 810 صدر بتاريخ 6مارس2023

تحت إشراف قطاع الإنتاج الثقافى برئاسة المخرج خالد جلال، وعلى خشبة مسرح ساحة الهناجر افتتح الفنان شادى سرور الأسبوع الماضى العرض المسرحى الجديد «ابقى افتكرنى» وهو نتاج الورشة التى أقامها المخرج محمد فوزى على مدار عام كامل للتدريب على فن تصنيع العرائس والدمى من مواد بيئية بسيطة وغير مكلفة مادياً، إضافة إلى تدريب الدارسين على فنون التمثيل وتحريك الدمى .
وقد نجح العرض فى حصد الإقبال والتفاعل الجماهيرى من جانب الجمهور من مختلف الأعمار السنية، ولاقى إعجاب كل من شاهده سواء من الجمهور العادى أو المتخصصين من الفنانين والنقاد.
وتتناول الأحداث عدد من الأشخاص الكبار الذين يعانون من مرض «ألزهايمر» مع تقدمهم بالعمر بداية من ذلك الرجل العجوز الذى يساعد المرضى وقد اختار المخرج محمد فوزى أن يصمم الدمية على شكل الدكتور محمد المشالى طبيب الغلابة الذى وهب حياته لخدمة الناس حتى رحيله، وتتنوع شخصيات العرض ما بين ممثلة كبيرة انحصرت عنها الأضواء وتوقف المخرجون عن اسناد أدوار لها رغم أنها كانت يوماً ملء السمع والبصر، والمناوشات التى تجمعها مع مساعدتها العجوز التى ظلت بجانبها حتى فى رحلة مرضها، وذلك الموسيقى الذى ينتظر زوجته على محطة القطار حتى تعود وشخصية السيدة التى تزوج عليها زوجها ولم تستطع أن تنسى له تلك الغلطة أوتصفح عنه، والسيدة التى جلست بإحدى اشارات المرور وانقطع بها الحال على ذلك وغيرها من الشخصيات .
ابقى افتكرني فكرة وإخراج محمد فوزى، تأليف ودراماتورج الكاتبة رشا عبد المنعم بمشاركة الفنانة سهام سنية عبد السلام، موسيقى هانى عبد الناصر، إضاءة محمد سكوندو، تصميم الرقصات أحمد عبد الرازق، تدريب رقص محمد يشرفنى مخرج منفذ أحمد مصطفى.
مسرحنا حرصت على الإلتقاء بصناع العرض للتعرف من خلالهم عن دور كلا منهم فى خروج تلك التجربة الهامة إلى النور .. فماذا قالوا:
تقول الكاتبة رشا عبد المنعم: العرض يتناول فكرة التهميش الاجتماعي والجمالي لكبار السن ومرضى الزهايمر ومعاناتهم ومعاناة ذويهم كما يناقش فكرة الذاكرة والنسيان و أيهما أكثر إيلاماً أن نتذكر أم أن ننسي، وقد اعتمد  النص على ارتجالات أعضاء الورشة التدريبية التى أقامها المخرج وفنان العرائس محمد فوزى منذ شهور وشاركه فى تدريب الممثلين والمحركين المخرج أحمد مصطفى وذلك على تكنيك العرائس البشرية نحت وتحريك، وهو نوع من العرائس يستخدم بالأكثر فى توجيه السلوك والارشاد النفسي خاصة مع الأطفال وكبار السن ومرضى التوحد.. 
وتضيف رشا عبد المنعم: لم أكن معهم أثناء الورشة لكنى استلمت محتوى الارتجال الذى كان ينقصه الكثير من الانضباط الدرامى وعملت على إعادة صياغته وكتبت على الكتابة وشاركتني الكاتبة والمترجمة والممثلة سهام سنية عبد السلام، وقمت بعمل إعداد درامى للارتجالات وصياغتها فى سياق موحد .. 
وقال المخرج محمد فوزى: الورشة تمت إقامتها منذ أكثر من عام من خلال إقتراح من الفنان شادى سرور مدير مركو الهناجر للفنون وكان هناك مقترح لأن نقدم من خلال العرائس مسرح موجه للكبار وبالتالى عملت على ذلك من خلال بعض الأدوات والخامات وهى أشياء شبه ابتكار من جانبى حول كيفية تصنيع عروسة من خلال خامات بيئية بسيطة وغير مكلفة أستطيع من خلالها تحقيق الشكل الفنى المطلوب .
ويضيف فوزى: الفكرة الأساسية التى يتمحور حولها العرض تدور حول المهمشين وكبار السن وخاصة من أصيبوا بمرض ألزهايمر، فهذه القضية تشغلنى دائما خاصة أن النسيان لم يعد مقصورا على كبار السن، فقد بدأنا جميعا ننسى، ومن هنا كان المدخل لفكرة العرض حول مرضى الزهايمر الذين يجترون ذكرياتهم ويعيشون بداخلها، فالمريض لدينا يتذكر الأشياء القديمة التى حدثت له، أما الأشياء الأحدث فهو لا يتذكر منها شيئاً وقد جذبتنى هذه الفكرة بشدة فقررت تقديمها فى عرض مسرحى .
واختتم المخرج محمد فوزى أن الهدف الرئيسى لتلك الورشة هو تقديم ورشة بصفة مستديمة وذلك بالاتفاق مع الفنان شادى سرور، لأن فن تصنيع العرائس يحتاج إلى وقت طويل جداً وتدريب مستمر ولابد أن يكون المتدرب ممثلاً حتى تكتمل أدواته، ولقد بذل الشباب جهداً كبيراً على مدار عام وكان العدد أكبر من ذلك بكثير حيث وصل العدد إلى 200 متدرب خلال تلك الورشة ومن ظل معنا منهم للنهاية هم من شاركوا بالعرض .
وقالت الفنانة سهام سنية عبد السلام: معظم الكتابة والبناء الدرامى للكاتبة رشا عبد المنعم وأنا كتبت أجزاء متفرقة لشخصيات «زاهية» و «كامل»، وشخصية «نونا» التى جسدتها بالعرض وهى إعداد مسرحى عن قصة قصيرة لى اسمها «المكنة» وكتبت أجزاء من الحوار وهناك أجزاء كتبتها رشا وكان بيننا علاقة جميلة أثناء الكتابة، والحمد لله أن العرض لمس الجمهور وان كان هناك من تخوف من أن يصاب بالمرض، ولا شك أن الشخص المصاب بهذا المرض لديه شخصية متكاملة ويحتاج لعلاقات انسانية حتى وان كان لا يتذكرهم .
أحمد مصطفى مخرج منفذ العرض: رحلة تكوين هذا الفريق استمرت لأكثر من سنة من خلال ورشة الهناجر والتى استقبلنا من خلالها كثير من الشباب حتى وصلنا إلى أن قدمنا العرض بمن تبقى منهم، وقد سبق أن قمنا بعمل عرض نتاج الورشة خلال عيد الأضحى الماضى تحت عنوان «حاول تفتكرنى» وكان بهم عدد كبير من الشباب مابين قسم تصنيع الدمى والديكورات والاكسسوارات، ومابين قسم التمثيل وكانت رحلة العرض طويلة لكنها كانت ممتعة وشيقة .
اختيار تيمة العرض راجع إلى أننا نطمع فى تقسيم كل قصة منهم وعمل مجموعة من العروض نقم من خلالها بجولات فنية لتقديمها فى دور رعاية المسنين الذين لا يستطيعون الذهاب للمسرح.
وقال الممثل مصطفى عماد: أنا طالب بالمعهد العالى للفنون المسرحية ولى تجارب سابقة كممثل بالثقافة الجماهيرية وعرض «أشباح الأوبرا» بالهناجر، وأنا سعيد بالمشاركة فى عرض «ابقى افتكرنى مع المخرج محمد فوزى والذى أراه لونا جديدا لأنه دمج بين العرائس والممثلون، وأجسد من خلاله دور ممرض بالمستشفى يضطر لتجسيد أدوار أخرى مثل عامل الكافتريا والسائق وغيرها مما منحنى قدرا كبيرا للتعبير عن نفسى والتنويع خلال دورى .
وقالت الممثلة نوران خالد: التحقت بالورشة خلال العام الماضى وتم تدريبى على العديد من فنون العرائس مثل التصنيع والتحريك وكيفية التمثيل بالماسكات والتلوين الصوتى حتى أعطى إيحاءا للمتفرج أنه أمام سيدة عجوز بالفعل، كما تدربت على التمثيل والغناء والاستعراض، وقد سبق لى التمثيل من خلال مسرح الجامعة والثقافة الجماهيرية .
وقد شاء حظى أن قدمنى المخرج محمد فوزى فى أكثر من دور مثل دور زوجة المايسترو رجب وشخصية الفنانة شويكار فى مسرحية «سيدتى الجميلة» لما لعبت دور سعاد اللبيسة ثم دور كاميليا الممثلة .
وتؤكد نوران أنها قد حرصت على اكتساب العديد من المعلومات عن مرض الزهايمر وأعراضه بناء على نصيحة المخرج منذ بداية الورشة، وأحضر لنا طبيبة متخصصة أعطت لنا محاضرة عن المرض وكيفية التعامل مع مريض الزهايمر وأعراض المرض وفذا الأمر أفادنى كثيرا حتى على المستوى الإنسانى .
وقال الممثل «حليمو»: أنا بالأساس ممثل ومطرب، وشاركت بالورشة مع المخرج محمد فوزى وأسند لى تحريك العروسة على شكل كلب وهو دور مهم جدا ومؤثر بالعرض وقد حرصت على التدريب على الدور كثيرا وبصفة يومية حتى أتقنت تحريكها تماماً وذلك طبعا بتوجيهات الفنان محمد فوزى الذى كان بمثابة أب لنا خلال تعامله معنا .
وقال الممثل خالد آدم: تعلمت كل شيئ متعلق بفن العرائس خلال هذه الورشة بداية من أماكن شراء الخامات ثم تصنيعها وانتقلنا بعد ذلك للتدريب على التمثيل وكيفية التحريك بالشرح التفصيلى لكل جزء من أجزاء الجسم، وقد اكتشفت أن التمثيل بالعرائس أصعب كثيرا من التمثيل البشرى وأخذ منا التدريب وقت طويل حتى استطعنا تقديم العرض بمنتهى الاحترافية، وقدمت خلال العرض شخصية د. المشالى طبيب الغلابة ثم الموسيقار ناجى كاتب المذكرات الذى يخرج من الدار مرة كل شهر لصرف معاشه فيتوه فى احدى المرات .
الممثلة هناء الخواجة: أنا فى الأساس حكاءة وعندما سمعت عن الورشة قررت الانضمام إليها ووجدت ترحيبا كبيرا، والحقيقة أننى كنت أسعى لتعلم أشياء تساعدنى فى الحكى فوجدت نفسى فى كريق آخر حيث تعلمت العديد من الأشياء حتى وصلنا إلى العرض وأصبحت الست زاهية .
وتستطرد هناء: فى البداية قرأت كثيرا عن المرض وأعراضه حتى أستطيع الإمساك بتفاصيل الشخصية وهذا أفدنى كثيرا على المستوى الشخصى، زشخصيتى بالعرض هى شخصية إمرأة كانت تعمل بمصنع الغزل والنسيج وهى لأرملة وليس لديها أطفال وعندما أصابها المرض تخيلت أن كاما زميلها بالدار هو زوجها، وشخصية زاهية شخصية معقدة وليست سهلة لأنها مريضة ومسنة لكنها طويلة اللسان ومشاغبة ومهتمة بنفسها .
 


كمال سلطان