جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 807 صدر بتاريخ 13فبراير2023

بعد أيام تمر 37 عاما على سقوط ديكتاتور الفلبين الراحل فرديناند ماركوس (1917 -1989) الذى حكم الفلبين حكما مطلقا لمدة 21 عاما. وكان ذلك قبل الإطاحة به وهروبه إلى الولايات المتحدة حيث توفى هناك. وكانت رفيقته في هذا الحكم زوجته إيميلدا ماركوس (93 سنة حاليا ) عارضة الأزياء وملكة الجمال السابقة التى يعتقد كثيرون أنها كانت الحاكم الحقيقى للبلاد في سنوات حكم زوجها الأخيرة في الحكم بعد تدهور حالته الصحية. وعادت إيميلدا إلى بلدها الفلبين عام .1991 وانخرطت أسرتها في عالم السياسة. ويتولى حاليا نجلها فرديناند ماركوس الابن الشهير ببونج بونج رئاسة الفلبين.
ورغم مرور هذه الفترة لا تزال قصة حياة إيميلدا تلهم الفنانين والمبدعين . واحدث مثال على ذلك كان في برودواى عاصمة المسرح الأمريكي.
 وقريبا سوف يكون واحد من اكبر مسارح برودواى (1763 مقعدا) على موعد مع افتتاح إعادة للمسرحية الموسيقية “هنا يأتى الحب”. تروى المسرحية بالموسيقى والغناء قصة صعود إيميلدا ماركوس لتصبح سيدة الفلبين الأولى ثم انهيار عرشها بسقوط زوجها بعد ثورة شعبية.
المسرحية من تأليف وإخراج المطرب الاسكتلندى الأمريكي ديفيد بيرن وهو أيضا مؤلف أغان وممثل ومنتج سينمائى ومسرحى . وهو قبل هذا وذاك ملحن هذه المسرحية واغانيها بالتعاون مع الملحن البريطانى نورمان كوك الشهير بـ«فات بوى سليم” أو الفتى البدين النحيف كما يعنى اسمه بالإنجليزية.

عشر سنوات
المسرحية ليست جديدة بل يعود تاريخها إلى عشر سنوات مضت وعرضت من قبل عدة مرات في الولايات المتحدة وخارجها وحققت نجاحا كبيرا. لكن هذا هو العرض الأول لها في برودواى.
والجديد أيضا أن المسرحية تحولت هذه المرة إلى مسرحية موسيقية بالكامل بعد أن كانت عروضها السابقة تجمع بين الموسيقى والغناء والتمثيل المسرحى التقليدى بعد أن تولى إخراجها بنفسه وبالتعاون مع مصممة الرقصات انى بارسون.
وتتناول المسرحية التى تستمر 90 دقيقة عشق إيميلدا للرقص حتى انها حولت سطح أحد القصور الرئاسية في مانيلا إلى ملهى ليلى لتمارس فيه الرقص مع أصدقائها. وكانت تقيم حفلات ديسكو في السبعينيات بشكل دورى.
ويقول ديفيد بيرن انه يدين بفضل كبير إلى بارسون حيث حولت خشبة المسرح إلى مايشبه صالة للرقص فضلا عن رقصات الديسكو الرائعة التى يعتقد أن الجمهور سوف يتفاعل معها ويرقص اثناء العرض.
ويبدأ العرض الذى يصفه بيرن بالملئ بالحيوية والجذاب بعرض نشأة إيميلدا كفتاة فقيرة ثم تدخل عالم الشهرة واضواءها بعد أن فازت في مسابقة ملكة جمال الفلبين وكيف تمت خطبتها التى كانت حديث الفلبين وتزوجت من شخص اصبح فيما بعد رئيسا للدولة وهو فرديناند ماركوس. ويشارك في المسرحية 15 ممثلا.

محاولة للفهم
ويقول بيرن أن المسرحية في حقيقة الامر محاولة لفهم شخصية إيميلدا والعوامل التى أثرت في سلوكها ومعاناتها في حياتها وماكانت تحبه وتكرهه ولماذا فعلت ما فعلت.
ويجرى حاليا البحث عن وجوه مناسبة لتجسيد الشخصيات. وتجرى المفاضلة بين الممثلين الذين قاموا بتجسيدها هذه الشخصيات في العرض الاول عام 2018 على مسرح بابليك في نيويورك وبين ممثلين اخرين مراعاة لاحتمال تغير ملامحهم بحكم مرور الوقت.
في 2013 جسدت شخصية إيميلدا الممثلة الأمريكية الكورية “روثى أن» (40 سنة حاليا) التى كانت تشبه إيميلدا في عنفوان شبابها. وجسد شخصية ماركوس خوسيه ليانا وهو ممثل فلبينى امريكى.
اما دور زعيم المعارضة بنينو اكينو الذى ادى اغتياله إلى اندلاع ثورة شعبية ضد ماركوس فجسد شخصيته كونراد ريكامورا وهو أيضا فلبينى امريكى.
ورشحت المسرحية بعد عرضها في لندن لثلاث من جوائز لورانس أوليفييه المسرحية المرموقة وهى جائزة افضل مسرحية موسيقية وافضل رقصات وافضل إنجاز موسيقى.
وحصل العرض على خمس من جوائز “لوسيل هورتل” وهى جائزة مسرحية مرموقة في الولايات المتحدة تمنح فقط للعروض التى تقدم خارج برودواى. وتحمل هذه الجوائز اسم ممثلة ومنتجة مسرحية امريكية شهيرة (1900- 1999).

تجديد شباب الكابوكى من اجل الشباب
هاكوين يسعى للمعادلة الصعبة
ومستعد للتعاون مع الجميع
تتعدد مسارح الكابوكى ذلك الفن المسرحى الذى تتميز به اليابان. وكان هاكوين احد اكبر مسارح الكابوكى في اليابان على موعد مع تعيين مدير جديد له. المدير هو “ايشيكاوا هاكوين” أحد أبناء أسرة هاكوين التى انشأت هذا المسرح ويتوارث أبناؤها إدارته منذ انشائه في بداية القرن العشرين. وهو المدير رقم 13 للمسرح منذ إنشائه.
يقول هاكوين وهو أيضا ممثل وراقص كابوكى أنه يسعى لتحقيق معادلة صعبة. وهذه المعادلة هى إعادة الشباب اليابانى إلى فن الكابوكى ليصبح فنا شبابيا بعد أن انصرفت عنه قطاعات كبيرة من هذا الشباب وفضلت مشاهدة المسرحيات التقليدية وكاد يصبح فقط فنا لكبار السن.
هذا رغم أن الكابوكى نشأ اصلا في القرن 17 في عهد اسرة ايدو كفن شعبى بديل عن فن النو المسرحى الذى كان يعتبر فنا للخاصة والمثقفين والنبلاء. وتميز مسرح الكابوكى باضافة الرقص والغناء إلى جانب الحوار.
وربما كان هناك بعض العذر له لان فن الكابوكى يحتاج قدرا كبيرا من التركيز وإعمال العقل والفكر حتى يستسيغه المتلقى. وهذا الامر لم يعد سهلا في عصر الفضاء والسرعة والانترنت. كما أن عروض الكابوكى تستخدم لهجات يابانية قديمة تجد الاجيال الحالية صعوبة في فهمها.

معادلة صعبة
من هنا يسعى هاكوين إلى تحقيق معادلة صعبة تتمثل في الحفاظ على جوهر الطابع العريق للكابوكى مع تجديد شبابه ليتلاءم مع الطبيعة الجديدة للشباب اليابانى وإلا سيكون معرضا للانقراض إذا لم يجدد نفسه ويجدده المسئولون عنه بحجة الحفاظ على التقاليد. وهو واثق من أنه سوف يواجه معارضة حادة..لكن التجديد هو سنة الحياة . كما يهدف إلى تقريب هذا الفن الرفيع إلى جمهور المتلقين خارج اليابان في مختلف قارات العالم.
وفى سبيل تحقيق هذا الهدف يؤكد هاكوين انه مستعد للتعامل مع الفنانين المتخصصين في أشكال مسرحية أخرى يابانية مثل فن النوه وفن الكيوجين. ولن يمانع في الاستعانة بفنون أخرى وفنانين أخرين حول العالم. وسوف يكون منفتحا امام كافة الاقتراحات لتطبيق المناسب منها.
وسوف يبدأ هاكوين (44سنة) بعرض مجموعة من أفضل 18 مسرحية كابوكى على مسرح كابوكيزا الشهير في طوكيو ويتلقى الاقتراحات الخاصة بالتجديد والتطوير ويأخذ بما هو مناسب منها. المهم أن يظل هذا الفن الذى يعود إلى حوالى القرن السابع عشر حيا ومتجددا. و لايمل من تكرار عبارته “لاينبغى الاكتفاء بحماية فن الكابوكى فقط بل لابد من التجديد”.
ويشعر هاكوين بالارتياح لان اختياره لهذا المنصب جاء بناء على أعمال متميزة كانت في حد ذاتها نوعا من التجديد. وابرز هذه الأعمال كانت مسرحية “حرب كواكب الكابوكى” التى كانت عبارة عن معالجة مسرحية يابانية كابوكية للفيلم الأمريكي الشهير. وقام فيها بدور البطل الأسطوري في الفيلم “كيلو رين” . وسبق له أن قدم اوبرا “حكايات جنجى» التى استعان فيها بمغن أمريكي.
وسبق له أن قدم عروضا ناجحة في بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وموناكو والولايات المتحدة. ويأمل في أن تحقق كل أشكال الفن اليابانى انتعاشا بعد الركود الذى أصابها من جراء كورونا كما حدث في دول عديدة في العالم.

مفارقات
 ويحفل تاريخ الكابوكى بالعديد من المفارقات الطريفة. فقد كانت الفرق في البداية إما أن تتكون من الرجال فقط أو النساء فقط ويمثل الجنس الواحد أدوار الجنسين. وكانت الفرق في بعض الأوقات وأوامر من الأسر الحاكمة تتكون من كبار السن الذين تجاوزوا الستين.
من أهم الخصائص التي تميز مسرح الكابوكى هي خشبته التي يمكن أن تلف حول نفسها، وهي مزودة بالعديد من اللوازم، على غرار الأبواب الخفية، والتي يمكن للممثلين الاختفاء من خلالها ثم الظهور مرة ثانية. والذي يمر عبره الممثلين إلى الخشبة، ويتوجب عليهم أثناء ذلك اجتياز جمهور الحاضرين. وحاليا يمكن أن يقوم الرجال فقط بأدوار النساء وليس مسموحا للنساء بالقيام بأدوار الرجال.
ويقوم الممثلون بتجميل وصبغ وجوههم على عكس «مسرح نو» حيث يرتدى الممثلون الأقنعة بدلا من الأصباغ.
تتناول المواضيع التي يقدمها المسرح الأحداث التاريخية والحوادث الأخلاقية كالعلاقات العاطفية وغيرها. ويمكن تقسيمها بشكل رئيسى إلى العروض التاريخية والعروض التى تتناول الحياة اليومية والعروض الغنائية.


ترجمة هشام عبد الرءوف