صاحب المبادرات والترجمات المؤثرة في المسرح العربي الناقد والباحث سباعي السيد .. العازف

صاحب المبادرات والترجمات المؤثرة في المسرح العربي الناقد والباحث سباعي السيد .. العازف

العدد 805 صدر بتاريخ 30يناير2023

أصحاب الرسالة لا يموتون، تتجلي أرواحهم في كلماتهم وفي تلامذتهم وفي إبداعهم ، في سيرتهم وذاكرة محبيهم لا ينتهون إلا لبيدأو عمرا جديداً من الخلود ، وأحد هؤلاء هو الناقد والمترجم سباعي السيد  الذي وافته المنية عن عمر يناهز 60 عاماً ، تاركا ً وراءه إرثاً من الكتب والترجمات القيمة والأبحاث والمؤلفات المسرحية التي ساهمت فى نهضة المسرح المصري والعربي. الراحل سباعي السيد باحث وناقد مسرحي ولد عام 1963 م ، حاصل على الماجستير في موضوع التقنية الرقمية وأثرها في المسرح.2017
وكان يستعد لمناقشة الدكتوراه في موضوع علم السيميوطيقا وأثره في المناهج النقدية المعاصرة، درس المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية- أكاديمية الفنون بالقاهرة. ونشر العديد من الأبحاث في الدوريات المسرحية المتخصصة.
ساهم وشارك بأوراق بحثية في عدة مؤتمرات ومهرجانات منها: مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، مهرجان المسرح العربي – الرباط – يناير 2015، ندوة نقد المسرح العربي، رؤية مستقبلية – الهيئة العربية للمسرح، الشارقة، 2011، الندوة الدولية لمهرجان طنجة للفنون المشهدية، جامعة عبد المالك السعدي، المغرب ، مهرجان المسرح العربي – الهيئة العربية للمسرح، الدوحة، قطر. عمل بالمركز القومي للمسرح المصري كباحث ومراجع بقطاع الإنتاج - التليفزيون المصري. ثم محررا ثقافيا بجريدة عكاظ السعوديه ، كما عمل بمجال التربية المسرحية بقطر، وبمجال العلاقات العامة بالمجلس الأعلى للتعليم ، أسس موقع المسرح دوت كوم عام 2002 الذي انطلقت منه عدة مبادرات منها الجمعية العربية لنقاد المسرح ، أسس مشروع ذاكرة المسرح على شبكة الانترنت (نحو ذاكرة للمسرح العربي على الانترنت) عام 2012، بهدف توثيق الحياة المسرحية،
ترجم الى العربية الكتب التالية: مارتن اسلن- مجال الدراما، 1990، باتريس بافيس – المسرح في ملتقى الثقافات، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي 1992، جورج سافونا، الين أستون- المسرح كنظام من العلامات، 1996، في المسرح العربي _ مارفن كارلسون _ عن مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمركز الدولي لدراسات الفرجة القاهرة-طنجة. ساهم في تحرير موسوعة كيمبريدج لفن التمثيل.   نعاه  أصدقاء دربه وتحدثوا عنه وهذه  بعض شهادات قمنا برصدها خلال هذه المساحة

وداعاً يا رفيق العمر
نعاه عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتور مدحت الكاشف
فقال: الصديق الرائع دمث الخلق الناقد والمترجم والباحث المسرحي المتميز {سباعي السيد} زميل الدراسة.. رحلت يا صديقي ونحن نعد العدة لإنهاء إجراءات مناقشة الدكتوراه خلال هذا الأسبوع... لكنك عجلت بالترجل... وداعا يا رفيق العمر .

الناس موتى وأصحاب المشاريع العظيمة أحياء
قالت الكاتبة صفاء البيلي: يعيش البعض وهم يملأون الدنيا من حولهم ضجيجا، ولكنه ضجيج بلا طحين كما يقول المثل الشهير.. وفي المقابل هناك كذلك من لا تكاد تسمع صوته إلا همسا، وهدوءا منقطع النظير وهو يموج فكرا وعطاء، لا يحب الثرثرة فيما لا يفيد، كان مفكرا متواضعا..
لم ألتق به سوى مرات عديدة ربما بسبب هجرته الإرادية سعيا لأكل العيش وتوفير حياة كريمة لأبنائه الذين كانوا مثار افتخاره ومحبته.
كانت المهرجانات العربية موعدنا، إضافة إلى التحاور عبر مواقع التواصل. كثيرا ما كان يبادر هو بالسؤال.. ويناقشني فيما وصلت إليه في رسالتي العلمية. كان يصر أن يلقبني بالدكتورة، وأنا أرد عليه أنا تلميذة في محراب العلم، كان مبادراً بالخير دوما، ما إن عرف موضوع رسالتي حتى بدأ يرسل لي الكتب الرقمية والأبحاث التي تتماس من قريب أو بعيد معها. أحيانا لم تكن النسخ متوفرة رقميا، فيرسلها لي صورة؛ صورة.. نعم .. صورة صورة.. كان يغرقني بجميل صنعه وحسن خلقه.
وتابعت: كم من مرة يشعر أنني أمر بعارض صحي أو غيره، فيتصل ويسأل، أتذكر أنني في مرة من مرات يأسي كنت سأغلق “المسرح نيوز” لأنه يكلفني كثيرا ماديا ومعنويا ويسلبني وقتي الذي أحتاج إليه في الكتابة والدراسة، إلا إنه كان السبب الأساس في إثنائي عن ذلك.. وحينها يأخذنا الحديث عن موقعه الرائد” المسرح دوت كوم” الذي نشر لي كثيرا من الأعمال خلاله. نعم إن “المسرح دوت كوم” كان شعلة الانطلاق لكثير من المواقع الإلكترونية المتخصصة في المسرح، قبل هذا الموقع، لم يكن لدينا مواقع متخصصة تهتم بهذا الفن العظيم. كما لا أنسى همه الشديد بالنقد والنقاد وإنشائه لمشروعه الواعي “جمعية النقاد” وضمني لقائمة المؤسسين. وكان يسعى لأن يكون لها شأن كبير.
أضافت: على الفيس بوك منذ أشهر قرأت ما يعني أنه مريض، وكان في القاهرة يعرض نفسه على الأطباء، تواصلنا بشكل يومي وكان يطمئنني بالأمل في الشفاء وكان سعيدا أن الأطباء المصريين متطورين كثيرا. واطمأننت أكثر حين أخبرني أن حالته في تحسن وأنه سيعود إلى قطر لاستكمال رحلة كفاحه مع الحياة.
ومع تعبه الشديد، لم يكن ينسى التواصل معي، كنت أشعر بوهن صوته، لكن إرادته كانت أقوى. كان سعيدا بمترجمه الجديد إلى العربية الذي نشره المسرح التجريبي في دورته الأخيرة   «المسرح والعلامات “ وهو يعد من أهم الكتب التي اطلعت عليها.
منذ أيام عدت من المغرب بعد حضور مهرجان الهيئة العربية للمسرح وحصلت على نسخة من كتابه “الدراما الرقمية والعرض الرقمي” ولم أكن قد حصلت عليه بعد على الرغم من صدوره منذ مدة.. وكنت على أهبة أن أتواصل معه وأخبره ولكن لم يمهلني الوقت. وقرأت خبر وفاته عبر الفيس بوك، هرعت إلى الماسنجر ودموعي لا تتوقف، كتبت  له أن يطمئننا عليه، كنت أنتظر أن يقول إنها شائعة، أنا لم أمت يا دكتورة.. ليس بعد.. وجدت علامة الكتابة تهتز قلت لنفسي: ها هو سيرد، إنه بخير.. لكن الكلمات المكتوبة أكدت الخبر وزاد نشيج البكاء. لن ننساك يا صديقي فالناس موتى وأصحاب القضايا والمشاريع العظيمة من أمثالك  أحياء.. وداعاً يا أعز الإخوة، وأنبل الأصدقاء. اللهم اغفر له وارحمه وأكرم نزله ووسع مدخله وإنا لله وإنا إليه راجعون.

صاحب السبق المسرحي
فيما قال الناقد دكتور محمود سعيد: يمثل الراحل الجميل سباعي السيد السبق بمعناه المتنوع، فهو المترجم الأكثر إنتاجا في مجال المسرح ، بدأ نتاجه في الترجمة منذ أكثر من ثلاثة عقود بشكل احترافي وهو بذلك يحقق سبقاً في مجال الترجمة، خاصة ترجمه أعمال ألين ستون، جورج سافونا، مارفن كارلسون، وغيرهم.. ثم واصل مشوار الترجمة بقوه ..وكان دوما يبحث عن الجديد والمهم والمميز فترجم عن مارتن أسلن ايضا ليدخل مع بداية الألفية الجديدة مرحلة مهمة جدا وهي مرحله الموقع الإلكتروني المسرحي الذي ضم أعدادا كثيرة من عشاق المسرح في العالم، وعرف سباعي بعشقه لضم شباب المسرح ودعمهم ..ليمثل عام 2002 عام انطلاقه حقيقة لأكثر من مسرحي مصري وعربي وكان لي الفخر أن تلقيت دعما مهما من هذا الرجل الطيب ليمثل جيل 2002 المدعوم من الموقع الالكتروني مرحلة شديدة الأهمية حاليا في عالم المسرح علي كل المستويات: البحث والنقد والكتابة والإخراج والتمثيل والسينوغرافيا..
وتابع : ولأنه يعشق الجديد دوما عليه رحمه الله كان من أوائل من خاضوا في لعبه المسرح الرقمي وساعده في ذلك إتقانه الشديد اللغة الإنجليزية
واطلاعه علي أحدث المدارس والاتجاهات، لذلك راح يبحث في الإشكالية المهمة وهي علاقة المسرح كفن زماني يعتمد علي جسد الممثل الحي في مواجهه مباشره مع جمهور قليل في فضاء مكاني مغلق أو محدود وبين التكنولوجيا الرقمية التي تخاطب الملايين متجاوزه حدود الجغرافيا والاختلاف الزمني واكد مرارا وتكرارا أن التقنية الرقمية لم يكن لها أثر كبير علي التجربة المسرحية العربية، وهي تجارب تمت وفق ظروف خاصه ووفق شروط معينة، وكان مشروعه الأهم هو الدراما الرقمية، مشروع الماجستير الذي حصل عليه بامتياز من أكاديمية الفنون عام 2016.
حقا كان ومازال سباعي السيد صاحب السبق المسرحي في أكثر من منطقه مسرحيه .. كان هادئا قليل الكلام وصاحب ابتسامه مميزة، التقيت بيه كثيرا في مصر وتونس والإمارات وكان دوما يقول لي “تعالي يا صديقي احنا شراقوة زي بعض ولينا كلمتنا “ عليك رحمه الله يا صديقي ودامت كلمتك وإبداعك قوي وفعال.

مكتشف النار
فيما قال الناقد أحمد خميس الحكيم: للوهلة الأولى صدمني الخبر الصاعق وكأنني ارتطمت بحائط ضخم في غفلة منى، فهل حقا توفى ذلك العالم النبيل المثابر صاحب الخلق الطيب والاخلاق الرفيعة, تحدثت مع الصديق الدكتور سيد على فأكد الخبر، أحقا توفى من كنا نعتبره نموذجا للبدايات الملهمة واقتناص الفرص؟ توفى صاحب التعامل الجاد مع جديد المشهد المسرحي العالمي، من كان يأتينا بالوعى المغاير دون عناء منا؟ هل حقا رحل عنا من كنا نعقد الآمال عليه في ترجمة الدراسات النقدية المشاكسة التي تأتى لنا بما لا نخبره و نعلمه بحق ؟ لم تكن هناك أي إشارة للرحيل، فقط كان يحدثنا عن مقاومته للمرض ورضاه وانه قادر على التجاوز وانجاز المهام البحثية الخاصة برسالة الدكتوراه وكنا ننتظر معه لحظة المناقشة لذلك المشروع الصعب عن (علم السيميوطيقا واثره في المناهج النقدية المعاصرة)
كنت أشفق عليه، فالموضوع خشن الى حد كبير وهناك تفاوت كبير في قراءة اثره واهميته ومعظم الدراسات العربية فيه أقل من متوسطة، وكنت قد تابعت مناقشته لرسالة الماجستير فى المعهد العالى للفنون المسرحية بالقاهرة عن الدراما الرقمية والعرض الرقمي ذلك الموضوع المعقد الذى يهرب منه معظم الباحثين أو يقدموا عنه أوراقا جاهزة مسقاة من دراسات غربية ولا تشذ عنها, هكذا هو سباعي دائما، سباق بالمعرفة والوعى وكأنه يحمل المسئولية العلمية وحده،
وحتى فى مجال الاعلام المسرحي الإلكتروني فقد أنشأ موقع (المسرح دوت كوم) الذى كان يقدم المعلومة والمقال والدراسة النقدية للمتابعين العرب، وتلك مسألة تبين مدى شغفه بالمستقبل وكيفيات إدارة ملفاته بالقدر الذى يضعنا على الطريق الصحيح في تبادل المعرفة ودون أن ينسب الفضل لنفسه أو حتى يحتفى بكونه أول من اكتشف النار،
وفى الوقت الذى علت فيه الأصوات مطالبة بجمعية للنقاد المسرحيين العرب كان أول من بادر بتولي التحضير لإشهار الجمعية والسعي لضم اعضائها، رحمة الله عليك صديقي المجدد وأسكنك فسيح جناته جزاء ما قدمت.

أول من ربط المسرحيين العرب عن بُعد
بينما كشف دكتور سيد علي إسماعيل عنه قائلاً: سباعي السيد هو أول من ربط أغلب المسرحيين العرب عن بُعد، من خلال أول منتدى للمسرح، وهو (المسرح دوت كوم)!! وهذا الموقع الإلكتروني كان أول تعارف بيني وبينه وبين المسرحيين العرب عبر الإنترنت منذ عام 2002!! فالمرحوم سباعي له الفضل الأول في ذلك قبل انتشار مواقع الإنترنت في مجال المسرح!! كما أنه صاحب الفضل الأول في الإصدارات المسرحية الإلكترونية، عندما أصدر أول عدد من أول مجلة إلكترونية مسرحية عام 2006، وهي مجلة (المسرح دوت كوم)!! آخر حوار بيننا كان في الأول من يناير الحالي بمناسبة السنة الجديدة، وتناقشنا في أمر مهم خاص بحياته العلمية القادمة، وعندما بدأت نبرة الحزن تظهر في كلماته، علمت أنه مريض، وأفصح لي عن سر مرضه، وأنه يتمنى إتمام خطوته العلمية قبل أن يأتي أجله!! فرفعت من روحه المعنوية، ووعدته خيراً بأنني سأبذل قُصارى جهدي في سبيل تحقيق رغبته العلمية. هذا ما حدث.. وفجأة وجدت خبراً سريعاً منشوراً في الفيسبوك من قريب له عن وفاته!! لم أفق من الصدمة حتى وجدت الخبر قد اختفى!! فهرعت إلى صفحة سباعي فلم أجد شيئاً، فكتبت له رسالة فلم يرد .. واتصلت به هاتفياً .. لم يرد!! فناشدت من معه هاتفه أن يرد عليّ.. وبعد ساعتين كتب من يحمل هاتفه هذه العبارة: «سباعي في ذمة الله إنّا لله وإنا إليه راجعون» .. وفي صباح اليوم التالي أرسلت إلى من يحدثني عبر هاتف سباعي أسأله عن موعد وصول الجثمان إلى مصر، حتى ننتظره ونصلي عليه ونحضر مراسم دفنه .. فجاءني الرد هكذا: «تمّ دفن سباعي اليوم في مقابر أبو هامور بقطر.. نسألك الدعاء والمغفر له» .. فكتبت إليه قائلاً: «ممكن أعرف من يتحدث معي» .. وكانت الإجابة: «أنا زوجته أم يوسف»!! صدق المولى عز وجل حين قال: «ولا تدري نفس بأي أرض تموت» .. صدق الله العظيم.. رحمك الله يا سباعي رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته.

ألم بمفردات اللغة الإنجليزية وأتقنها
الناقد أحمد هاشم ذكر عنه : سعدت بمزاملتي للأستاذ سباعي السيد في قاعات الدرس لأنه ابن دفعتي، ومن اللحظة الأولي التي تقابلنا فيها كانت تعكس ملامحه رقيا، فكان بالفعل إنساناً نبيلاً وراقياً وبعد التخرج اجتهد وألم بمفردات اللغة الإنجليزية حتي أتقنها، وأصبح يترجم بعض الأعمال الخاصة بالدراسات المسرحية ، وقد أتاح له فرصة الترجمة تلك أستاذنا الجليل الراحل فوزي فهمي في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي منذ عام 1990 م ، ومنذ تلك اللحظة لم يتوقف سباعي عن ترجماته الهامة المعروفة لنا جميعاً، وكان أول من أسس موقعاً للمسرح الرقمي حتي أن رسالته لنيل درجة الماجستير كانت في هذا المضمون وقد حصل على الماجستير عام 2003 ، وكان سعيداً لأنه سينال درجة الدكتوراه التي لم يمهله القدر الحصول عليها.. رحم الله الناقد والمترجم سباعي السيد وأسكنه فسيح جناته
شكل إضافة حقيقية للعمل الأكاديمي المصري والعربي
فيما قال د. حسام عطا: سباعي السيد الناقد الكبير اختار طريق البحث العلمي كي يعبر عن موهبة نقدية كبيرة وتدعيما لمساره الأول وهو البحث العلمي رغم أنه لم يكن يعمل أكاديمياً ، فقد أدرك أن كل كتاب ترجمه أو بحث انجزه هو إضافة وتراكم حقيقي للعمل الأكاديمي المصري والعربي،
 كان حريصاً على أن يتعلم اللغة الانجليزية، عندما كان طالباً بالمعهد العالي للفنون المسرحية سبق جيله في هذا الاهتمام، كان الخلوق المهذب العالم الصامت من أوائل النقاد والمترجمين المصريين الذين ترجموا للسان العربي مترجمات في السيميولوجيا «علم الدلالة»  في سنوات باكرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، كان علامة في جيلنا اختار الاختيارات الجادة والمعرفة العميقة في أيام شديدة الصعوبة ورحل إلى قطر التي أكرمته كثيراً نظراً لعلمه وخلقه وانضباطه المهني وكان له دورا فعال في تقدم التعليم في قطر الشقيقة.. رحم الله الناقد والباحث الأستاذ سباعي السيد .

 (المسرح دوت كوم) من أوائل المواقع المسرحية العربية
فيما روي الكاتب  والناقد  د. علاء الجابر  فقال : تعرفت على الصديق النبيل سباعي السيد رحمة الله عليه من خلال حدثين مهمين بالنسبة لي، أولهما كتابه المترجم الرائع «المسرح والعلامات» من تأليف إلين أستون وجورج سافونا، مراجعة العزيز الراحل د. محسن مصيلحي، الذي صدر ضمن السلاسل الأولى لمطبوعات مهرجان القاهرة التجريبي، والذي أحسبه أحد أفضل الكتب التي ظهرت من خلال تلك السلسلة موضوعاً وترجمة دقيقة، ولا أعتقد أن أحداً من المهتمين الحقيقيين في مجال المسرح، لم يستفد منه، وخاصة في الغوص في قراءة وتشفير نظم العلامات واستيعابها.
أما الحدث الثاني الذي قرّبني من هذا الرجل، فكان موقعه المسرحي (المسرح دوت كوم) الذي كان من أوائل المواقع المسرحية العربية، والذي كان بحق موقعا متميزاً على كل المستويات، خاصة وأن من يديره عقلية نقدية واعية ومتمكنة.
لم أكن قد التقيت بسباعي إلا مطلع الألفية حين تعرفت عليه من خلال أستاذنا وحبيبنا وأبانا الراحل العزيز د. حسن عطية طيب الله ثراه، وتعمقت العلاقة منذ ذلك الحين، وكنت خلال السنوات الماضية، أتذكر حوارات الراحل د. عطية معه حينما أبدى رغبته باستكمال الدراسات العليا بعد فترة طويلة، ونصيحته له بأنه فوق كل شهادة لما وصل إليه من معرفة وشهرة أهلته لأن يُصبح له موقعاً بارزاً في الوسط المسرحي، وكان رأي د. عطية إن سباعي أكبر من ذلك اللقب الذي يسعى إليه، وبعد أن بدأ عجلة الدراسة، بات د. عطية يستعجله للانتهاء منها، حتى يلتفت لمنجزه النقدي الأهم.
أضاف: استمرت العلاقة حسبما يشاء الله لنا اللقاء حتى مغادرته للعمل خارج مصر عام 2017، وحين قررت إنشاء جائزة علاء الجابر للإبداع المسرحي التي حملت اسم الراحل الحبيب د. محسن مصيلحي، فكرت في اختيار ثلاثة أسماء لتحكيم الأعمال المشاركة في الدورة الأولى، كان اسم سباعي أحدها، ولم أتفاجأ أبداً بموافقته الكريمة مباشرة للمساهمة معي في هذا العمل الذي خصص للشباب، فأبدى استعداده مباشرة متطوعاً دون مقابل بجانب الأعزاء أحمد خميس ود. محمود سعيد، حيث بذل السيد جهداً كبيراً في فحص وتقييم واختيار الأعمال الفائزة. وبعد توقف الجائزة بسبب جائحة كورونا، عادت عام 2021، فكان لا بد من تكريم الزملاء من محكمي الدورة الأولى، وكان ذلك في المجلس الأعلى للثقافة في دار الأوبرا بالتزامن مع انطلاق ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي، حيث تمت دعوتهم جميعاً، إلا أن سباعي السيد هاتفني خجلا من عدم قدرته على حضور الحفل بسبب المرض، لكنه أصر على إرسال ابنته وابنتنا الغالية د. سلمى، فكانت خير ممثل له بخلقها وروحها الطيبة،  ورغم آلامه وتعبه جسدياً، إلا أنه لم يكتف بالشكر الكبير الذي وجهه لي من خلال ابنته د. سلمى، أو الذي نشره في (بوست) على الفيس بوك، بل اتصل هاتفياً شاكراً ومثمناً هذا التكريم.
وداعا صديقنا الغالي العزيز سباعي السيد الذي كان ورغم كل المشاغل والمعوقات والغربة وألام المرض مصراً على تحقيق حلمه بنيل درجة الدكتوراه، رغم أنه أكبر منها بكثير، حتى وصل إلى حافة الحلم، لكن الله لم يشأ له أن يناقشها، وآمل أن تجد الأكاديمية التي ترأسها العزيزة الإنسانة النبيلة. د. غادة جبارة، والمعهد الذي يتولاه الصديق العزيز الوفي لأصدقائه د. مدحت الكاشف، أن يجدا حلا إداريا يتيح للراحل العزيز منحه هذه الدرجة التي ظل يكابد كثيراً للوصول إليها.
له الرحمة والمغفرة وسيبقى في ذاكرتنا حتى نلقاه في جنة الخلد بإذن الله.

كان أكثرنا اطلاعا على الإصدارات العالمية
وصفه الفنان القدير محمد الشافعي بأنه من أهم النقاد وقال : كان من أهم النقاد، متميزاً في الدراسة، وحصل على الماجستير وكان يجهز للدكتوراه ، وكان منطوياً طول الوقت، يعمل فى هدوء وصمت، كان أكثرنا اطلاعا على كل الإصدارات العالمية، يجيد الانجليزية فيترجم وينقل عن المصادر الأجنبية بإتقان، سباعي ليس له أتباع ولم يكن تابعا لأحد، رجل مستقل بذاته .

لا أحد يستطيع أن ينسى ترجماته
ونعاه الناقد د. محمد سمير الخطيب قائلاً : سباعي السيد من أهم النقاد والباحثين والمترجمين بالنسبة لنا ولجيلنا فلا أحد يستطيع أن ينسى ترجماته في بداية المهرجان التجريبي ومنها «مجال الدراما» لمارتن أسلن ، «مسرح في مفترق طرق الثقافة «لباتريس بافيز»، «المسرح والعلامات» ألين ستون، وكان الراحل له أياد بيضاء من خلال الموقع الإلكتروني يتواصل به المسرحيون، وكان منبراً هاماً يناقش به المسرحيون قضاياهم المهمة، وكان حاضراً بقوة في المؤتمرات العربية والدولية، وله العديد من المواقف الإنسانية فقد كان يساعد الاخرين، كما كان بعيداً عن الضجيج.. ترجم كتاب «في المسرح العربي «لمارفن كارلسون»، ومهمته فتحت آفاقا لجيل كبير من النقاد والباحثين فقد استفدنا من هذه الكتب بشكل كبير وفي التعرف على بعض المناهج النقدية.


رنا رأفت