العجز في عدد الاخصائيين وقلة الميزانيات أكبر مشكلات المسرح المدرسي

العجز في عدد الاخصائيين وقلة الميزانيات أكبر مشكلات المسرح المدرسي

العدد 791 صدر بتاريخ 24أكتوبر2022

يُعد المسرح من الفنون التي لها تأثير كبير على تكوين الهوية والنشأة السليمة للشعوب، الأنشطة في حد ذاتها تخلق روحًا من الإبداع في أذهان الأطفال والتلاميذ، والمسرح بشكل خاص له تأثير فعّال فى تربية وتنشئة الطفل، ويُعد المسرح دُعامة أساسية من دُعامات الأنشطة المدرسية.
منذ ما يقرب من عام أجرت «مسرحنا» تحقيقًا عن المسرح المدرسي ومشكلاته واحتياجاته، وللأسف مازال المسرح المدرسي يحتاج المزيد من تسليط الضوء على احتياجاته ومشكلاته وأهمية تفعيله بشكل حقيقي على أرض الواقع، لذلك فتحت «مسرحنا» هذا الملف من جديد، لنستعرض من خلاله وجهات نظر أخرى من أخصائيين المسرح والمسؤولين عنه، وبعض النجوم والفنانين والمسرحيين.
قال النجم نضال الشافعي: سعيد جدًا أنكم تجرون هذا التحقيق، كنت اتمنى أن يتم عمله، واتمنى أن لا يتم نشره في «مسرحنا» فقط، ويتم نشره بأكثر من شكل على مستويات عديدة، أعتقد أن نشر هذا الوعي بالمسرح المدرسي سيكون له أثر كبير جدًا، يعود الفضل الأول فيما قدمته وسوف أقدمه بعد الله للمسرح المدرسي والقائمين عليه على أيامي، وقتما كنت طالبًا كان المسرح المدرسي شيء عظيم جدًا، وبه كوكبة من الفنانين الحقيقيين، موجّهة المسرح أ. حياة يوسف كانت في إدارة وسط الجيزة، فجأة أصبح لدينا ماراثون بين الإدارات وبعضها البعض، وليس بين المدارس وبعضها فقط، وكان يحضر إلى المدارس أثناء العروض فنانون ومخرجون وموجهون المسرح، ويختاروا من الأطفال والشباب من لديهم الموهبة  لتنميتها بتقديمهم لعروض مسرحية، وكان لي شرف كبير أن ساعدتني أستاذة  حياة يوسف بشكل كبير في نشأتي المسرحية، فقد جعلتني ألتحق بمسابقات إلقاء وأشارك في المسرح، وقدمنا مسرحيات ونحن في المدرسة من  الأدب العربي والعالمي، التحقت بالمسرح المدرسي في المرحلة الإعدادية، ست سنوات كنت في مختبر ومعمل حقيقي، نتعلم أسس المسرح بشكل صحيح وسليم، كانوا يستعينون بمخرجين من الخارج، من المعهد العالي للفنون المسرحية، ممن لديهم باع في مسألة الاحتراف.
وأضاف «الشافعي»: فكرة تراجع هذا النشاط تحديدًا كارثة كبيرة جدًا، الغالبية العظمى من أولياء الأمور يبحثون عن كيفية أن يصنعوا من أولادهم فنانين أو لاعبين كرة قدم، الأنشطة المدرسية في حد ذاتها تحدد أشياء كثيرة جدًا بالنسبة للأسرة والطفل، هي «مسار حياة»، عدم وجود هذه المختبرات وهذه المعامل الفنية داخل المدارس، الخاصة بالأنشطة، كارثة كبيرة، يترتب عليها  أن الطفل لا يكون مدركا هل هو موهوب أم غير موهوب، لأنه لم يخض التجربة، لم يُجرّب. على سبيل المثال من يلتحقون بالمسرح الجامعي وليس لديهم أي خلفية مسرحية، أو بعد التخرج يرغبون في سلك مسار الفن، وليس لديهم أي خبرة أو معرفة عن التمثيل والفن بشكل عام، تجذبهم فكرة الشهرة ليس إلا، ربما اتاح ذلك فرصة لظهور فكرة الورش الفنية، لكن عندما كنت طالبا، كان الطالب يحضر بروفات المسرحية، ويكون قد تقدم في البداية مثلًا 50 طالبا، إلى أن يتم اختيار عدد محدد منهم، وهنا يتعرف الطالب على نفسه وعلى ما ينتمي إليه وموهبته، ويبدأ من هم على وعي حقيقي في الإدارة من  مسؤولي المسرح  في تنمية مواهب الموهوبين، وخلال سنوات الدراسة يكون الطالب قد تأسس مسرحيًّا بشكل سليم.
وتابع «الشافعي»: كان المدرسون لديهم وعي، ويهتمون بالأنشطة بأقل الإمكانيات، في مدرستي «مصطفى كامل» في المرحلة الإبتدائية، كان مدرسو اللغة العربية يهتمون جدًا بفكرة الإلقاء والتعبير وممارسة  الأنشطة المختلفة، الغناء والموسيقى وغيرها، وفي إعدادي بدأت نشأتي المسرحية الحقيقية، في إدارة وسط الجيزة، ولن أنسى جرأة أستاذة حياة وقد جعلتني أخرج مسرحية شعرية كاملة، وقمت بالإعداد المسرحي لها، وكانت مسرحية شعرية لـ»أديب لحود» وهو كاتب مسرحي ومؤرخ ومدرس لبناني، وكانت مكونة من أربعة فصول، في كل فصل ثلاثة مشاهد، واستطعت أن أقدمها ويتم عرضها خلال 30 دقيقة، وكنت مسؤولا عن كل شيء من تركيب الموسيقى التصويرية و الإضاءة، والتحدث مع فنيي الإضاءة والديكور، ووضع وجهة نظري ورؤيتي، كل هذا، بعد الله، بسبب وجود سيدة عظيمة، معلمة فاضلة حقيقية وهي الأستاذة حياة يوسف، وبدون أي عنصرية، أتمنى أن تعاد فكرة أن يكون للنشاط درجة، أيا كان نوع النشاط، يجب أن يكون للنشاط قيمة عند جهة التعليم، حتى تتسرب هذه القيمة تدريجيًّا للأسرة، وتتسرب تدريجيًّا للطالب، حتى يستطيع أن يختار هوايته وكيانه منذ الصغر.
ضعف الإمكانيات من مشاكل المسرح المدرسي
وقال الناقد د. سمير الخطيب أستاذ الدراما والنقد بكلية الآداب جامعة عين شمس: ضعف الميزانيات من أكبر مشاكل المسرح المدرسي، إلى جانب أنه يُعامل معاملة النشاط الوقتي وليس نشاطا مستديما، بمعنى أنه مرتبط بالحفلات والمسابقات، نشاط موسمي فقط، لذا أطالب أن يصبح للمسرح حصة أسبوعية، وهناك مشاكل تواجه النشاط المسرحي عند تنفيذه منها عدم وجود حافز للنشاط المسرحي، النشاط الرياضي له عشر درجات تقريبًا، ويجب أن يكون للنشاط المسرحي مثل ذلك على الأقل، كنوع من تحفيز الطلبة للانضمام لنشاط المسرح.
وتابع «الخطيب»: هناك العديد من المدارس ليس بها مسرح، ونحن نحتاج إلى وبعض المدارس للأسف قامت بتحويل مسارحها لفصول دراسية، أتمنى أن يتم تفعيل فكرة مسرحة المناهج داخل المدارس بشكل حقيقي، وأن يأخذ النشاط المسرحي حقه داخل المدارس.
أدركت معنى الالتزام وتعرفت على المسرح من خلاله
فيما قال الممثل لؤى سامي: التحقت بالمسرح المدرسي في المرحلة الثانوية في مدرسة السعيدية، وكانوا يهتمون جدًا بتدريبنا ويأتي لنا مخرجون كبارا من خارج المدرسة مثل الاستاذ محمود حمدان، وقد علمني المسرح المدرسي كثيرًا، لقد تعرفت على المسرح من خلاله، وأدركت معنى الالتزام والبروفة والتعرف على كل تفاصيل المسرح من إضاءة وكواليس إلى أخره، كذلك الوقوف على المسرح والإلقاء، بعدها دربني الأستاذ حسن محمد وتعرفت من خلاله على التمثيل وأنواعه وكيفية قراءة النص المسرحي، كل ذلك تعلمته في المسرح المدرسي، وقدمت في المدرسة ما يقرب من أربعة عروض، المسرح المدرسي أسسني وجعلني ألتحق بالمسرح الجامعي، ثم شاركت في عرض «ولاد البلد»، والآن أشارك في عرض يُعرض على مسرح الهناجر بدار الأوبرا، وهو «استدعاء ولي أمر»، بالتأكيد المسرح المدرسي له تأثير كبير في تكوين ذاكرة مسرحية لدينا ووعي بأهمية المسرح، وأتمنى أن يتم تفعيله بشكل حقيقي من جديد في المدارس.
و قال الممثل أحمد صبري الشهير بـ»كانو»: شاركت في المسرح المدرسي كممثل في البداية، وعندما تخرجت أخرجت العديد من المسرحيات في إدارة العمرانية، وشاركت في مسابقات المسرح المدرسي، مسرحة المناهج وفنون مسرحية، والمسابقة الأولى يشترط أن تتم المشاركة من خلال عمل منهجي من داخل المناهج الدراسية، والمسرح المدرسي يُنشيء جيلا حقيقيا واعيا بأهمية المسرح، ولكننى ضد فكرة المجانية في النشاط، في بعض المدارس الحكومية لا يهتمون بهذا النشاط، ويتم إقامة هذه العروض المسرحية في الخفاء، يقومون بعرضها صباحًا وليس مساءً كما كان يحدث معي، إلى جانب أن العروض يتم عرضها بدون جمهور، والمسرح مبني على التفاعل ما بين الممثل والجمهور في المقام الأول، اتمنى ان يتم الاهتمام بهذه الجزئية، وأن يتم تسليط الضوء عليه، فالمسرح المدرسي أخرج العديد من النجوم منهم محمد رمضان ونضال الشافعي وخالد أنور.
لدينا عجز شديد في اخصائي المسرح
كذلك قالت شيرين رضوان موجه أول مسرح مركزي بمديرية التربية والتعليم بالجيزة: لدينا عجز شديد في أخصائي المسرح، و نحتاج إلى عدد أكبر في المدارس، إلى جانب أن الغالبية العظمى من أولياء الأمور يتخوفون من التحاق أولادهم بنشاط المسرح المدرسي بسبب الدراسة، ومن المشكلات أيضًا التي تواجهنا قلة الميزانيات، وضعفها ما يتسبب في عدم قدرتنا على تقديم عرض مسرحي كما نتمنى.
وتابعت «رضوان»: أتمنى أن يصبح نشاط المسرح مادة أساسية، على الأقل الطالب سيكون لديه وعي مسرحي منذ الصغر، وأساس مسرحي سليم، و أتمنى أن يتم توفير إمكانيات مناسبة لنشاط المسرح المدرسي من حيث زيادة عدد الاخصائيين وزيادة الميزانية المخصصة للنشاط.
فيما قالت اخصائية المسرح بوزارة التربية والتعليم بإدارة الوايلي فاطمة عصمت: ضعف الإمكانيات المادية في المسرح المدرسي من أكبر المشكلات التي تواجهنا، وخاصة في المدارس الحكومة، العروض تُقام بالاجتهاد الذاتي؟، ليس كل الأماكن متوفر فيها الإمكانيات المادية، أو التأقلم مع إمكانيات المكان، وتواجهنا مشكلة أخرى وهي قلة وعي أولياء الأمور بأهمية المسرح المدرسي، وفكرة التمثيل في حد ذاتها، كل ذلك يستغرق منا وقتا ومجهودا لشرح ذلك وأهميته لأولياء الأمور، ممكن أن يكون الطالب لديه موهبة ولكن الأب والأم ليسا على وعي كاف بأهمية المسرح المدرسي والتمثيل، من وجهة نظري طالما توفر أخصائي المسرح، فنحن فقط نحتاج إلى الميزانية الكافية، ولكن المشكلة أن عددنا كأخصائيين قليل جدًا على عدد المدارس، وهذا القياس على مستوى إدارة واحدة، وعلى مستوى الجمهورية هناك عجز شديد .
وأضافت «عصمت»: نحتاج أن يتم الاهتمام بالنشاط المسرحي أكثر من ذلك ويُعامل بحجم أهميته، الفكرة أننا نُعامل معاملة المدرسين، فمسؤول المسرح يجعلونه  مسؤولا عن أنشطه أخرى، والحصص المخصصه للنشاط ي يتم إلغاؤها لصالح مواد أساسية.
واتفقت زينب عبد الفتاح من اخصائية المسرح بإدارة العمرانية مع ما سبق وقالت: نحن في حاجة لزيادة الوعي بأهمية المسرح المدرسي وأنه يساعد على تنمية واحيانًا علاج بعض الطلاب من أساليب عدائية وسلوك غير سوي، لدينا عجز شديد في اخصائي المسرح، إلى جانب عدم إدراك أولياء الأمور لأهمية نشاط المسرح بالنسبة لاهتمامهم بالأنشطة الرياضية، نحن نضطر كثيرًا للجوء إلى المدارس الخاصة حتى نتمكن من حل مشكلة ضعف الميزانية، وهم من يتكفلون بمصاريف العرض من ملابس وديكور وغيرها من عناصر العرض المسرحي من ميزانيتهم الخاصة بالمدرسة.
وقالت مي أحمد الإخصائية المسرحية في الإدارة ذاتها:  مسرحة المناهج تساعد فى تبسيط المعلومة وتوصيلها للطلاب، خصوصًا فى المنهج الدراسي الخاص بمرحلة التعليم الأساسي.
ونحتاج إلى توعية أولياء الأمور بأهمية النشاط المسرحي وأنه ليس مضيعه لوقت الطالب وليس  مجالا للهروب من الحصص المدرسيه الأساسية.


إيناس العيسوي