إلى أين؟.. يا رحلة قطار العمر

إلى أين؟..  يا رحلة قطار العمر

العدد 787 صدر بتاريخ 26سبتمبر2022

ضمن مسابقة العروض القصيرة التي قدمت على مسرح زكي طليمات بمقر فرقة الطليعة ضمن فاعليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي لدورته التاسعة والعشرون، قمت بمشاهدة العرض المسرحي “ الى أين “ لفرقة المسرح الوطني بليبيا من إخراج : عوض الفيتوري، تأليف علي العبادي، موسيقى أنس العريبي، والذي لا يتجاوز مدته النصف ساعة ... وعلى الرغم من قصر تلك المدة .. الا إنه قد كفى ووفا بما يريد مخرج العرض توصيله من صراعات وعذابات مر بها الرجل طيلة عمره بغاية من البراعة والمهارة والدقة والاتقان في الأداء، فقد شخصها لنا حسين العبيدي بأسلوب البانتومايم، حيث ظهر لنا شخص يقف في محطة القطار يحضر حقائبه الأربعة واحدة تلو الأخرى بأداء تمثيلي بطئ، يخطو خطوات ثقيلة بطيئة، ثم يظهر صوتا عبر ميكروفونات التنبيه يحذر من وجود قنبلة ضمن حقائب أحد الركاب، ثم بعد ذلك تسمع مؤثرات دقات ساعة القنبلة ليشعرنا بالتوتر أثناء الانتظار حينما يطول الوقت، وفي تلك الأثناء تبدأ رحلة بحث الممثل عن القنبلة داخل الحقيبات، ليعبر خلالها بالحقبات العمرية التي مر بها طيلة حياته، فجاءت الحقبة الأولى ذات اللون الوردي لتعبر عن حقبة الطفولة، ربيع العمر، حيث المرح واللعب، اللهو دون جدوى أو هدف بأسلوب تمثيلي جميل وسلس يخرج الممثل موتيفات لعب الأطفال من عرائس، ثم شمسية، ثم مضرب تنس الطاولة ليلعبها شيئا فشيئا .. مع دقات الساعة التي قد سبق وإن سمعناها .. شيئأ فشيئا لأن تشعر وكأنه ماتش احترافي يتصاعد إلى أن يصل بنا من خلاله إلى مرحلة الشباب، حيث الحقيبة الثانية التي تشعر وكأنها حقيبة يحملها عسكري في الجيش يؤدي فترة الخدمة الوطنية تجاه بلده، وقد برع الممثل هنا في تأدية الصراع الداخلي الكائن داخل كل شب، حيث احتمالية الاستشهاد وحبه لوطنه من خلال حمله لبرواز صورة فارغة من داخل تلك الحقبة به جانبا إلى اليسار شريط الحداد ويتوسط وجهه بداخله .. ثم يذهب ويجئ بين تلك الحقيبة الرمادية اللون والحقيبة التالية لها الذهبية اللون والتي تمثل الحقبة الزمنية الذهبية التي يشعر بها أي شاب بالحب والرغبة في الزواج والاستقرار، فقد نجح فيها الممثل في ذهابه وإيابه ذلك بأن يعبر عن مدى المعاناة الداخلي للشاب بين المشاعر الإنسانية في حب الوطن وتلبية نداء ذلك الواجب، وبين حب الحبيبة ورغباته الإنسانية .
 


نهاد السيد