مسرحيون: الإصدارات والمحاور الفكرية الأهم وآلية اختيار العروض تحتاج لمراجعة

مسرحيون: الإصدارات والمحاور الفكرية الأهم وآلية اختيار العروض تحتاج لمراجعة

العدد 786 صدر بتاريخ 19سبتمبر2022

أسدل الستار على فعاليات الدورة ال 29 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي برئاسة د. جمال ياقوت وتحت رعاية وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني، زخزت هذه الدورة بالعديد من الفعاليات وتمتعت بالتنوع فى مسابقاتها فقد أقيمت مسابقتان مع المسابقة الرسمية، مسابقة العروض المسرحية القصيرة، ومسابقة نوادي المسرح التجريبي،
كما أقيمت مجموعة من المحاور الفكرية التي ناقشت موضوع التكنولوجيا والتطور الرقمي وأثره على المسرح، وقدم 26 إصدارا من بينها رسائل علمية تنشر لأول مرة، كما أقامت  إدارة المهرجان مسابقة خاصة للنصوص التجريبية القصيرة.. خلال هذا الملف قمنا برصد أراء وإنطباعات المسرحيين العرب والمصريين حول الدورة وكانت كالآتي:
قال المخرج والممثل السعودي سامى الزهراني: المهرجانات الفاعلة، المؤثرة، المحركة للسكون، الباحثة عن الجديد والمتجدد في المسرح، هي من لها الأثر الأكبر في محيطها، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي هو نموذج حي وعملي لهذه المهرجانات التي نفتخر به في وسطنا المسرحي العربي بأنه هو من حقق ذلك وأكثر.
وتابع: ما يجعل المسرح حياً، مستمراً، مميزًا هو التفاعل الإنساني المباشر ما بين الممثلين على المسرح والجمهور، هذا ما يجعل المهرجانات المسرحية في مختلف أنحاء العالم لها رواج، وحضور جماهيري مميز، كما تضاعف المهرجانات المسرحية تلك الطاقة الخلاقة، والإبداعية في الفرق المسرحية من خلال تبادل الأفكار، التعلم ورصد التجارب المسرحية المميزة، مما تؤثر مستقبلاً في مسيرة هذه الفرق المسرحية، المهرجانات المسرحية لها قيمتها في مختلف أنحاء العالم وهناك اكثر من 20 مهرجاناً مسرحياً لها شهرة واسعة في العالم وتشد لها الرحال من الجمهور ومن المسرحيين أنفسهم.
تابع: مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي دوماً ما يدفع الفرق المسرحية لتخطي الحدود، حرفيًا ومجازيًا، هو أحد هذه المهرجان التي يشد لها الرحال في العالم، يستضيف مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عروض مسرحية تجاوزت حدود الأداء المسرحي التقليدي، تستكشف أشكالًا جديدة للمسرح لحث الفرق المسرحية للذهاب لمناطق بعيدة جداً في المسرح لإثبات أن المسرح لا حدود له، عروض مذهلة وبها لحظات من السحر، عروض مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في مختلف دوراته آثرت بالإيجاب في وسطنا العربي المسرحي، أصبح للعديد من الفرق المسرحية العربية رؤية مختلفة وتعاطي مختلف مع العروض المسرحية مما أنعكس على أوساطهم المسرحية المحلية وأحدث طفرة مسرحية في شكل الحراك المسرحي. 
وأضاف: العروض المسرحية المختارة الرائعة المضمون والجديدة في الطرح هي العلامة الفارقة لنجاح مهرجان القاهرة التجريبي، طوال عمر المهرجان المستمر لأعوام عديدة تميزت دورات المهرجان بالتخطيط السليم والممنهج الذي يدفع بعجلة المهرجان للأمام وساهمت الإدارة الواعية في خلق بيئة مسرحية ممتازة من خلال الاختيارات الجيدة لمحاور الندوات الفكرية، فعاليات المهرجان المختلفة خلقت تجددا يدفع بالملل بعيداً عن كل المشاركين والضيوف والجمهور، كل هذا يعتبر دورة مكثفة في الإدارة لكل متابع عربي يبحث عن ماهية نجاح المهرجانات الدولية المسرحية في عالمنا المسرحي. 
وختم بأن مدينة القاهرة تزخر بالعديد من المعالم السياحية التي تعد عامل جذب سياحي مهم لهذه المدينة العريقة، و مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي من وجهة نظري هو أحد المعالم الإنسانية الفكرية المسرحية الذي يتابعه كل مثقف عربي بكل اهتمام وتقدير، هذا المهرجان أصبح منصة تبث الجمال والإبداع ومسطرة سنوية لقياس أحدث ما توصل له العالم في مجال المسرح.

تكثيف الحالة المسرحية 
فيما أوضح الكاتب والباحث السعودى د. سامي الجمعان قائلاً : في ما يخص الدورة التاسعة والعشرين من المهرجان التجريبي ولكوني أحد الذين حضروا دورات عديدة في هذا المهرجان فإنني أرى أن هذه الدورة سعت لتكثيف الحالة المسرحية عبر عروض متنوعة، وقد أعجبني كثيرا وأقف عنده بالتقدير والاحترام، هو نادي المسرح التجريبي الذي سيفرخ تجارب مسرحية تجريبية، والعديد من المواهب التي سيكون لها شأن كبير أيضا في مستقبل الفعل المسرحي، وكذلك وجود مسابقة النص المسرحي التجريبي سيكون لها أثرها الكبير جدا في خلق مواهب مسرحية في مجال الكتابة قادرة على أن تقدم نصوصا مغايرة، وأيضا العروض القصيرة التي اشتملت عليها هذه الدورة ربما يتم تطويرها لتصبح شيئا مغايرا،  ومختلفا لاحقا إلا أن ملاحظاتي على هذه العروض هو وجوب دخولها في إطار الجديد، والخارج عن المألوف، وأن لا تكون مجرد عروض مسرحية؛ طالما أدخلت  في مقام الحالة التجريبية.

المهرجان يؤسس لفرجه جديدة ومغايرة  
المخرج والممثل السفير على المهدى من السودان أعرب عن سعادته بإقامة الدورة فى موعدها القديم مشيراً إلى أن عمر المهرجان أكثر من خمسة عقود فقد تأسس عام 1988 وذكر قائلاً: كنت واحداً من الذين قدموا أربعة عروض من قبل، وكانت علاقتي بالمهرجان قوية فعندما كنت أمينا عاماً لاتحاد الفنانين العرب كان الدكتور فوزى فهمي رئيس الاتحاد، ورئيساً للمهرجان فتبادلنا الأفكار كثيراً، وأعتقد أن هذه الدورة قامت ببناء جهدها معتمده على الدورة الماضية،  وهناك جودة ودقه فى اختيار العروض، شاهدت عرض النمسا وعرض إيطاليا والعرض السوري، والثلاثة عروض راهنت على الحركة أكتر من الحوار،  والمهرجان يؤسس لفرجه جديدة ومغايرة بخلاف الفعاليات الأخرى، والتي تشتمل على الجانب الفكري، وعدد المطبوعات التي زادت والتي لها فائدة قصوي فى المؤسسات العلمية والمعاهد والجامعات.
وتابع: وكان أعظم حدث فى هذه الدورة الاحتفاء بالمسرحى «بيتر بروك»، وهذه تعد واحدة من النجاحات فبيتر بروك يشكل إضافة لحركة المسرح الدولية، أعرفه وشاهدت له عروضا، وكالعادة يحتفى المهرجان بالمبدعين من الوطن العربي والعالم .
وأضاف: كنت أتمني إلا تغيب دول مثل السودان فقد سبق وأن شاركت بأربعة عروض والمشكلة ليست من المهرجان ؛ولكن يجب مراجعه الأمر مع الفرق فى السودان، وتحفيزها للمشاركة، وما زاد سعادتي هو إعلان شبكة المهرجانات العربية، وقد تحدثت فى هذا الأمر العام الماضي مع الدكتور جمال ياقوت والأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله،  ويوم 7 سبتمبر هو حدث جلل لأنه تم الاتفاق على كيفية التنسيق  ليس فى المواعيد فحسب، وإنما فى البرامج والعروض وكيف يمكن تبادل المعلومات وتعزيز التعاون وهو المطلوب .

وتيرة متدفقة بالعطاء الثري
د. عبد الحسين علوان أعرب عن أمنياته قائلاً: ما تم تقديمه في هذه الدورة  يعتبر إنجاز كبير في مجال اختيار العروض والمطبوعات التي ركزت على محور التجريب والتكنولوجيا، كما أضيفت مفردات عديدة بدعم الأطاريح الطلابية والعروض القصيرة والتأليف المسرحي، نستطيع  أن نقول أن المهرجان خطى خطوات سريعة ليكون متميزاً ؛ لذلك لا يمكن لأى متابع أن يتمنى أن يضيف أو يقترح شيئاً  لأن تفكير رئيس المهرجان واللجنة العليا اغلق علينا باب الاقتراح.
 وتابع: ما أتمناه هو أن يستمر المهرجان بهذه الوتيرة المتدفقة بالعطاء الثري والإبداع، وبنفس القيادة، فكفانا تغيرات وتجارب لمهرجاناتنا العريقة.

عودة مبشرة ومبهجة لإصدارات المهرجان
د. بشار عليوي وصف الدورة بأنها تضم كل ما هو جديد ومغاير فقال «تختلف هذه الدورة اختلافاً جذرياً عن الخمس دورات السابقة،  فقد احتوت على فعاليات عديدة، ومتعددة لعل فى مقدمتها مسابقة نوادي المسرح التجريبي على مستوى جمهورية مصر العربية ؛ وبالتالي أصبح المهرجان وفعالياته متاحا للجمهور في عموم المسرح المصري،  الفعالية الثانية مسابقة العروض المسرحية القصيرة التجريبية فضلاً عن عماد المهرجان المتمثلة فى المسابقة «الرسمية»، التى شملت العروض العربية والأجنبية والمصرية، كما احتوت هذه الدورة عودة مبشرة ومبهجة لإصدارات المهرجان وهي واحدة من أهم علامات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي،  فكان هناك 26 إصدارا تنوع ما بين إعادة طبع وتوزيع الرسائل العلمية، التي نوقشت فى عدد من الجامعات المصرية والعربية أو تتماهى تماماً مع محور الدورة وهو «التجريب والتطور التكنولوجي» فضلاً عن الأبحاث، واحتوت الندوات الفكرية مجموعة من الباحثين والنقاد المصريين والعرب تباروا فيما بينهم للتماهي مع محور الدورة، وأتمنى فى الدورات القادمة مد أيام المهرجان لتصل لعشرة أيام وحتى أسبوعين، فهناك مهرجانات مثل أفينيون الذي تستمر فعالياته لمدة شهر، وكذلك  مهرجان أيام قرطاج الذي يستمر لمدة 10 أيام؛ وذلك حتى يتلمس المسرحيين العرب والأجانب الأثر المعرفي للمهرجان، فما يشاهدونه من عروض مسرحية يشكل الحوصلة الأخيرة للمشهد المسرحي العربي .

تنظيم جيد للعروض والندوات الفكرية 
د. عامر صباح المرزوك قال «لفت نظري تنظيم العروض والندوات الفكرية، وجودة طباعة الكتب والنشرة،  والمطبوعات بشكل عام فى طريقة فنية صحيحة وإعداد الكتب بطريقة رائعة علمياً،  و اختيار الخطوط والألوان، فكلنا نعي أن ما يبقى  من المهرجان هو المطبوع الذي يستمر لسنوات طويلة وكذلك الانفتاح على أسماء متنوعة جديدة وهذا فى حد ذاته إضافة لإدارة المهرجان حيث تتيح  الاطلاع على تجارب مهمة، وكذلك اختيار العروض المسرحية، ففى اليوم الواحد شاهدنا عروضا عربية وأجنبية، وهناك تنوع وزخم فى هذه التجارب؛ وهو ما يعطي لنا تصورا عن المسرح العالمي اليوم وكيف يتعاملون مع مفهوم «التجريب»، وفق كل تجربة مسرحية.
وعن أمنياته تابع: أتمنى أن يتم ترجمة كتب لأسماء مهمه لم تترجم سابقاً حتى وإن كانت هذه الكتب قديمة؛ حتى نطلع على هذه التجارب لاسيما أننا تعلمنا واطلعنا على أمهات الكتب التي تم ترجمتها فى ثمانينات وتسعينيات القرن المنصرم لمهرجان القاهرة التجريبي خلال دوراته، وكذلك أتمنى التوفيق لأداره المهرجان، فهي تجتهد فى الإضافة والتجديد ؛ لتكون مصر فى الواجهة كما عرفناها .

عودة حميدة ومهمة 
الدكتور عبد الجبار خمران من المغرب  قال: أود أن أشير فى البداية أن هذه الدورة جاءت بعد فترة سكون وبعد جائحة كورونا، وبعد توقف الحركة المسرحية، والكثير من الفرق  والمهرجانات، وكل الأنشطة الفنية والثقافية التي جاءت بعد جائحة كورونا ضخت دماء جديدة في الخشبة والفضاءات الفنية والثقافية؛ بالتالي هذه العودة مهمه وحميدة،  وكان اختيارا مميزا للمحور الفكري، هو الذى يدور حول الوسائطية والرقمية، وهو حديث جديد حول ما يتعلق بالتقنية والرقمية والتكنولوجيا بشكل عام حيث أن الرؤية لم تتشكل بعد؛ حتى يدخل الباحثون والمفكرون إلي هذه المنطقة جمالياً وفكرياً  وإبداعاً.
وتابع: وهناك عروض مصرية وعربية وأجنبية وهو ما يعطي فرصة لتلاقي المسرحيين ومنصة نشاهد من خلالها أين وصلت التجارب المسرحية، وركزت لجان اختيار عروض المهرجان على البعد التكنولوجي، فكان هناك تكامل بين النظرية والتطبيق .

عودة المهرجان لمكانته وإيقاعه الخاص 
د. نجوي قندقجي من الأردن قالت: حضرت الدورة السابقة التي كانت تعد دورة إنقاذية، فقد كنا للتو ننتهى من مرحلة وباء كورونا، ومع هذه الدورة يعود المهرجان مرة أخرى لمكانته وإيقاعه الخاص ونشاطاته؛ ولذلك هناك فرق كبير بين هذه الدورة والدورة السابقة وقد سعدت كثيراً لمستوى العروض والضيوف الأعزاء،  وهناك ضرورة لمراعاة الجانب «الجندري” فهناك قلة فى عدد الضيوف من الفنانات،وهناك مقترحات جيدة لتطوير شكل الندوات وقد اقترح د. جمال ياقوت ضرورة التركيز على المادة البصرية، ومراجعه الوقت لكل مداخله للباحثين، وهناك تفاعل كبير بين المسرحيين من دول العالم،  وكذلك تبادل خبرات وأراء، وطريقة التواصل للتخطيط للمستقبل فيما يخص استحضار العروض، ووجود بحوث ونشاطات مشتركه.

تنوع فى الورش رغم قصر المدة الزمنية
المخرج والفنان عدنان سلوم من سوريا أشار قال: هذه أولى الدورات التي احضرها لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وسعدت كثيراً بهذا الحضور وتنوع الفعاليات،  وكان هناك تنوع فى الورش رغم قصر المدة الزمنية لإقامتها، ووجود ندوات أثارت الكثير من الأسئلة المهمة التي سيكون لها دور فى تغير الممارسة المسرحية،  وكذلك العروض المسرحية التى تنوعت فكانت من مدارس وأطياف وتجارب مختلفة، وهو شيء هام وشاهدنا عروضا بها عنصر الدهشة بدرجات متفاوتة، ونطمح فى الدورات القادمة مشاهدة عروض أكثر دهشة، وما يميز هذه الدورة هو وفرة المطبوعات وهو شيء يحسب لإدارة المهرجان .

ما الجديد في نوادى المسرح التجريبى؟
وقال الناقد أحمد هاشم: فاجأنا القائمون على الدورة بمجموعة من المستحدثات داخل فاعليات المهرجان، ومن الضروري إحداث تطوير فى دورات المهرجان المتعاقبة، ولكن هل  ما شهدناه من استحداث لبعض الفاعليات يعد تطويرا؟ على سبيل المثال لا الحصر رأينا إما سمى بنوادي المسرح التجريبي! ثم فوجئنا بأنها مجموعة من العروض المسرحية من إنتاج الثقافة الجماهيرية، التي تنتج أساساً عروض نوادي المسرح وبنفس آلية نوادى المسرح التى يتم إنتاجها من ثلاثين عاما تقريبا حيث أقيم أول مهرجان لها في عام 1990 في دمياط، وتنتج وفق آلية وفلسفة خاصة بها، فما الجديد في نوادي مسرح التجريبي، التى أنتجت تقريبا وفقا للشروط المعتادة لنوادي المسرح الذى يخصص إنتاجه لشباب المخرجين لإتاحة الفرصة لهم للتجريب فى النصوص، والأفكار و في كافة العناصر المسرحية، وربما كان الهدف من أن تكون ميزانية عروض النوادي فقيرة للغاية أن  يجرب صانعوها البحث فى حلول بديلة للتغلب على مسألة ضعف الإنتاج هذه، ومن ثم يكتسب المخرج وغيره مهارة إيجاد حلول وبدائل لما يواجهه من صعاب، وهذا في حد ذاته شيء مطلوب للفنان ولا سيما العامل فى الثقافة الجماهيرية، ولقد شاهدنا ـ على مدار سنوات طويلة ـ مجموعة من العروض المسرحية الرائعة نتاج نوادي المسرح الرائعة. فما هو الجديد بنوادى المسرح التجريبي؟ الإجابة لا شيء، والأسوأ أنها لم تعد قاصرة على الشباب الأحق بالتجربة بل شاهدنا بعض العروض يقوم بإخراجها مخرجون راسخون فى مجال الإخراج، والعرض الفائز بالجائزة الأولى صاحبه قام بإخراج العشرات من العروض المسرحية وصاحب تجربة عريضة... إذن فقد حرم نوادي التجريبى مستحقيها من المخرجين الشباب لعدم وضعه فلسفة وهدف محددين لتلك التجربة مما جعلها تفقد الهوية والمعنى. 
وتابع: من جهة أخرى لم أستطع فهم قيام المهرجان بطباعة بعض الرسائل العلمية (ماجستير، ودكتوراه) ضمن مطبوعاته لأن تلك الرسائل العلمية تظل دراسات علمية أكاديمية لا تستهوى سوى الباحثين والأكاديميين وليس القارئ العادي من جمهور المهرجان فلماذا إذن أخذ المهرجان على عاتقه هذه المهمة؟ ومن المستفيد؟، ومن جهة ثالثة اجتمع الكثير من متابعي عروض المهرجان على سوء الكثير من العروض الأجنبية المشاركة، وعدم ارتقاء مستواها الفني مما أفقد الدورة جزءا من هدف المهرجان، وهو إطلاع المشاهد المصرى على أفضل وأحدث العروض الأجنبية الموجودة بالعالم، مما يجعلنا نطالب بإعادة النظر فى لجان مشاهدة واختيار العروض حتى يستعيد المهرجان قوته وسمعته.

مطلوب  مراجعة صارمة وآليات عمل مختلفة 
طرح الناقد أحمد خميس الحكيم رأيه فى هذه الدورة فقال: من حيث تضمين بعض الأفكار الجديدة كإقامة مسابقة للعروض القصيرة، وأخرى للنص القصير وثالثة لعروض نوادي المسرح التجريبى فتلك الأفكار فى حد ذاتها ممتازة، ويمكنها فى المستقبل القريب أن تكون نافذة مهمة للمهرجان يسعى من خلالها للتوافق مع روح العصر وإدراك كيفيات استقطاب المبدعين والأفكار الجمالية التي تناسب العصر،  وان كانت فكرة نادى المسرح التجريبي تحتاج أكثر لنقاش طويل واشتغال على الأفكار الدرامية المقدمة من قبل الشباب.
وتابع قائلاً : أما من ناحية المؤتمر الفكري فالمهرجان، ورغم كونه قد سبق  وأن ناقش  نفس الموضوع سابقاً؛ إلا أن الموضوع متجدد، ويسمح بأكثر من تناول جاد يخص فكرة الرقمنة وتكنولوجيا العرض المسرحي، وكنت أرجو ضمن هذا السياق أن يتم دعوة المسئولين عن الإنتاج عندنا لنطرح معاً حال الأجهزة التقنية، ودورها فى المستقبل.
وعن كفاءة العروض أضاف: أظن أنها من أقل الدورات جلباً للعروض المهمة المؤثرة، التي يمكن أن تفيد المسرحي المصري والعربي، وهذه المسألة تحتاج لمراجعة صارمة، وآليات عمل مختلفة لصحة تأثير المهرجان فى المستقبل؛ وإلا انفض عنه المهتمون به.

مشكلة كبيرة فى اختيار العروض
ورأى المخرج سعيد سليمان أن هناك العديد من الإيجابيات فى هذه الدورة ومنها على سبيل المثال مسابقة العروض القصيرة ونوادي المسرح التجريبي في الأقاليم، وهى فكرة هامة للشباب، خاصة أنها تعرفهم بالتجريب، وهناك العديد من الإصدارات الجيدة،و مسابقة النصوص التجريبية القصيرة التى شملت العديد من الكتاب العرب والمصريين،  وهناك ندوات ومحاور فكرية قائمة على التيمة الرئيسية للمهرجان وهى «التكنولوجيا والمسرح»، رغم اختلافه مع فكرة التكنولوجيا فى المسرح.
وأما عن السلبيات فذكر قائلاً «سلبيات هذه الدورة ترتكز فى العروض، وتعد العروض جوهر المهرجان وهى ذات أهمية قصوي، و أهم من ما تم  ذكره من فعاليات،  فالعروض كانت متواضعه وهزليه جداً لا ترتقى لجودة المسرح التقليدي، وكانت العروض الجيدة قليلة للغاية، وهناك مشكلة كبيرة فى اختيار العروض، فهل تمت للتجريب بصله؟  والإجابة  بالتأكيد «لا» .. فقد عاصرنا التجريبي وما قبل التجريبي، وشاهدنا عروضا فى أواخر الثمانينات من  بولندا ومن فرنسا وأمريكا وشاهدنا عروضا لبيتر بروك وعروض المسرح الحي فى أمريكا، هناك ضرورة لإعادة النظر في آلية اختيار العروض المشاركة فى المهرجان التجريبي .

 عروض حققت المعادلة الصعبة 
الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف كان له بعض المشاركات فى الكتابة عن العروض العربية والأجنبية وعن تقييمه للعروض ذكر أن : هناك عروض جيدة ولافتة، وهناك عروض تحتاج لتأمل لمعرفة عناصر التجريب بها مثلا على سبيل المثال كتبت عن العرض الأمريكي «عبر الأمواج»،  وعرض «شاطارا» من المغرب وعرض «الكوميديا الإلهية» من تونس، وهى عروض جيدة ومتميزة،  وهناك عروض تحتاج لتفكير طويل وتأمل  لشكل التجريب بها،  فلا يجب تقديم تجريب لمجرد التجريب فقط بدون وجود قضية ما،  وهناك عروض حققت المعادلة الصعبة، بها تجريب وتحوي قضية، وعلى أي حال يعد المهرجان دفعه للأمام بعد مجموعة من السياقات التي شهدها العالم كله سواء كورونا،أو الحرب الروسية الأوكرانية .
وتابع: هناك مجموعة متميزة من الإصدارات وكذلك النشرة اليومية، وكان لدي أمنيتين الأولى وجود جوائز للمهرجان وهذا تحقق بالفعل، والثانية تجوال المسرح التجريبي طوال العام بمعنى أن لا يتوقف على عدد من الأيام.

أول مهرجان ينتصر للمؤلف
الكاتب د. السيد فهيم الذي كان ضمن الكتاب الذين صعدوا للقائمة القصيرة لمسابقة النصوص المسرحية التجريبية القصيرة أوضح قائلاً: يعد المهرجان التجريبي أول مهرجان ينتصر للمؤلف بإيجابية وموضوعية،  فمنذ كلمة الافتتاح أوضح د. جمال ياقوت أن ليس هناك أزمة تأليف؛ ولكن هناك أزمة تسويق وإنتاج، فهناك 222 كاتبا عربيا تقدموا لمسابقة النصوص المسرحية التجريبية القصيرة،  وصعد للقائمة القصيرة 70 كاتبا،  وهو ما أثار استغرابنا كمؤلفين، فالعدد كبير، وتم طبع نصوصهم في ثلاثة مجلدات وتم تتويج ثلاثة بالجائزة،  وقد حصلنا على وعد بتسويق وترجمة ورفع النصوص على موقع المهرجان؛ لتصل إلى أكبر عدد من المخرجين والمنتجين،  ففي هذه الدورة أصبح الكتاب فعالين داخل المهرجان التجريبي.
ورأى الناقد د. محمد سمير الخطيب أن المهرجان ضم مجموعة ثرية من الندوات مشيراً إلى أن اعتذار بعض العروض ووجود بعض العروض البديلة لم تكن على نفس قوتها كان له أثر كبير على المهرجان وهو شيء خارج  عن إرادة المهرجان،  وأعرب عن أمنياته للدورات القادمة وهى أن يتم استدعاء فرق محترفه، والتنسيق معها قبل بدء المشاهدات بفترة طويلة، وهو ما سيعطي ثراء للمهرجان،  وأثنى الخطيب على الإصدارات الخاصة بالمهرجان فى هذه الدورة،  خاصة كتب الرسائل العلمية، واصفاً المهرجان التجريبي بأنه أهم المهرجانات فى الوطن العربي .


رنا رأفت