فى ندوة «هجرة شجرة» لأحمد زحام بمركز توثيق أدب الطفل

فى ندوة «هجرة شجرة» لأحمد زحام بمركز توثيق أدب الطفل

العدد 711 صدر بتاريخ 12أبريل2021

 عقد الأسبوع الماضي الملتقى الشهري لمبدعي أدب الطفل، بمركز توثيق وبحوث أدب الطفل برئاسة د. أشرف قادوس وتحت رعاية د. نفين موسى رئيس دار الكتب والوثائق القومية. الملتقى دار حول مسرحية «هجرة شجرة « للكاتب أحمد زحام، وحضره الناقد المسرحى جمال الفيشاوي، المخرج محمد فؤاد، رشا منير رسامة كتب الأطفال، د. فيفى أحمد أستاذ غير متفرغ بقسم الإخراج والوسائط المتعددة بالمعهد العالي لفنون الطفل، و أدار اللقاء د. سلامة تعلب، كما حضر الملتقى الكاتبة الصحفية أنس الوجود، د. سامية سليم أستاذ الأدب الروسي.
د. سلامة تعلب قال إن ملتقى مبدعي ونقاد ورسامي أدب الطفل، هو الآن في عامه الرابع، مشيرا إلى أنه انبثق عن توصية قدمت في المؤتمر الأول لأدب الطفل، ما يعني أنه من التوصيات القليلة التي تم تفعيلها, منوها إلى أن الملتقى يعد فرصة للقاء المبدعين في كل عناصر أدب الطفل .
د. سلامة تعلب عرف أحمد زحام بأنه ناقد وكاتب مبدع ، قدم العديد من النصوص المسرحية للطفل، أولى مسرحياته قدمها على مسارح الثقافة الجماهيرية عام 1980 بعنوان «خروف بقرش «، و له العديد من المسرحيات الموجهة لذوى القدرات الخاصة، وأخرى تعمل على فكرة الدمج بين الأسوياء وأصحاب الهمم.
ووصف تعلب أدب الطفل بأنه العصا السحرية في يد الكبار، معلمين وآباء وكتاب ومبدعين، للوصول لعقل الطفل وقلبه ووجدانه، باعتبار أن الجانب الادبى يعد أسهل الطرق وأكثرها قدرة على الوصول إليه؛ مشيرا أيضا إلى أن المسرح بالنسبة للطفل يعد وسيلة مهمة لتفريغ الطاقات الانفعالية وتنمية الوجدان وإثراء الخيال والعقل بالمعارف والعلوم المختلفة، ووسيلة لعلاج بعض مشاكل الطفولة من خجل وانطواء. موضحا أن المسرحية كتبت بوعى وهندسة دون إقحام وتوجيه مباشر،
كما جمعت الشخصيات مابين الأطفال والكبار والأسوياء وذوى القدرات الخاصة فى خمسة فصول، وذكر أن من مميزات المسرحية أنها متعددة المستويات يستطيع أن يتناولها أكثر من مخرج.
بينما ذكر الناقد جمال الفيشاوي خلال إن نص «هجرة شجرة « مزج فيه الكاتب أحمد زحام بين ذوى القدرات الخاصة والأصحاء وقدمه بأسلوب رشيق . وقال: إن الكاتب تناول الاستخدامات الخاطئة للبشر باقتلاع الأشجار وعدم غرس أخرى؛ ما ينجم عنه تصحر للمجتمع. أوضح الفيشاوي أيضا أن الفكرة مستلهمة من قصة «سفينة نوح « وعن سؤال الكيف قال: « قدم الكاتب البناء الدرامي بشكل جيد وببساطه شديدة، حيث تبدأ المسرحية بفتى يرغب في الهجرة للبر الثاني لإعماره على غرار قصة سيدنا نوح عليه السلام الذي كان يبنى السفينة فى اليابس وكان الناس يسخرون منه، وتتوالد الأحداث من هذه النقطة. مشيرا إلى أن الكاتب ارتكز على فكرة الهجرة غير الشرعية وهي إحدى المشكلات التي يواجهها المجتمع، كما دفع الطفل للحصول على المعلومة من خلال الوسائط التكنولوجية المختلفة ، خلال بحثه عن بعض المعلومات الهامة الخاصة بالبيئة ما يحفز الطفل على البحث وقد تميز الحوار بالرشاقة والسلاسة، ولم يكن مهما في هذه المسرحية التعرف على البعد المادي والنفسى للشخصيات لأنها من المجتمع، كما أن شخصيات مثل القرد او الغزالة تعطى المعلومات ببساطه ويسر، دون خطب رنانة والصراع هنا ليس تقليديا ولكنه يتولد من نفس الإنسان، فهو الذى يصارع الطبيعة ويفسدها ويأتي بالحل.
وختم الفيشاوي بقوله في مسرحيات الكبار يأتي الصراع والذروة والصراع الهابط ثم الحل، ولكن الأمر يختلف هنا، حيث لايحتمل الطفل هذا التسلسل الدرامي، فهو يرغب فى معرفة المعلومات بسرعة، وهو مابرع فيه الكاتب، فقدم المسرحية فى خمسة مشاهد بشكل مبسط مثلما قالت كتب التنظير، وعالج بها العديد من القضايا مثل الهجرة غير الشرعية و التصحر .
سفينة نوح
فيما أشارت رسامة كتب الطفل رشا منير إلى ارتكاز الكاتب أحمد زحام على أكثر من محور ، منها التاريخ الممثل في سفينة نوح التى من المفترض أن تنقذ البشر الخيرين من مساوئ الحياة، وكذلك الحيوانات. وقد استطاع الكاتب سرد ذلك ببراعة وسلاسة شديدة، وكانت الهجرة هي الأمنية الكبرى التي تعددت أسبابها لكل الشخوص، كما كانت الشجرة هي العنصر الاساسى في موضوع الهجرةـ، حيث تمثل اساس الحياة وعدم تواجدها يؤدى إلى انقطاعها ، ويمثل ذلك الشباب الذي يضطر للهجرة بسبب عدم العثور على عمل. وكذلك الطوفان وإنقاذ الأطفال .
أوضحت أنه من خلال الشجرة مرر الكاتب مجموعة من المعلومات والأفكار والقضايا الخاصة بالتاريخ والواقع، وكان وراء هذه الشخصيات شخصية التلميذ الذى يجلس ليعرف المعلومات ويتوصل إليها عن طريق محرك البحث جوجل ، إذن فالمسرحية تناقش قضايا المجتمع وتوجه إلى البحث العلمي، وتربط بين الواقع والحاضر والمستقبل، وقد جمع الكاتب ذلك ببراعة شديدة.
تحدثت رشا منير عن عدم وضوح مشكلات ذوى الاحتياجات الخاصة وأسباب لجوئهم للهجرة، و رأت أنه كان من الضروري أن يعلق الطفل الذي يجلس أمام اللاب توب على الأحداث فى نهاية العرض المسرحى.
بينما أعرب المخرج محمد فؤاد عن سعادته بمناقشة مسرحية للكاتب أحمد زحام الذي يعده أحد أساتذته، وشريكه في بعض الأعمال المسرحية، حيث سبق أن قدما معا ثلاثة أعمال .
أشار فؤاد أيضا إلى أن زحام يعد من الكتاب القلائل الذين اهتموا بمسرح ذوى الاحتياجات، وأنه قام بعمل الدمج بشكل صحيح بين الأصحاء وبين ذوى الاحتياجات الخاصة. و أوضح محمد فؤاد أن لكل الشخصيات أبعاد ثلاثة، وأن الممثل يستطيع استنباط هذه الأبعاد.
وعن شخصية «التلميذ» الذي يستخدم اللاب توب قال إنه يبلور فكرة فشل التعليم بعكس الآراء التى ترى أن الشخصية توضح أهمية استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، حيث لم يعط الكاتب أي دلاله على أن التلميذ يمتلك وعيا بالأخبار التي يتلوها، وأشار إلى اقتناعه بالنهاية الخاصة بشخصية التلميذ التي اختفت فى نهاية المسرحية، وهو ما يؤكد وجهة نظره فى تراجع العملية التعليمية. أضاف: تميزت المسرحية بالبناء الهندسي الرشيق وحققت الفعل المسرحى الجاذب للمخرجين لتقديم النص.
قضية أزلية
فيما أكد د. أشرف قادوس رئيس الإدارة المركزية للمراكز العلمية على ضرورة وأهمية مسرح الطفل في معالجة قضايا المجتمع والطفولة وعده وسيلة لتحصين الأطفال ثقافيا حتى لا يتعرضون لسلوكيات غير صحيحة، وأشار إلى أن النص المسرحى الموجه للطفل مظلوم، لأن كثير من هذه النصوص المسرحية لا تقدم على المسرح، و لأن المخرج حتى يقدم نصا للأطفال فلابد أن يكون قد قرأ العديد من النصوص حتى يختار النص الذي يضيف له ولرصيده كمبدع. بالإضافة إلى صعوبة الإجراءات الأخرى إذا ما كان النص سينفذ على خشبة مسرح الدولة، فيمر بإجراءات صعبة. و تحدث قادوس عن تجربته عام 2008 كباحث، مشيرا إلى أن المركز القومي لثقافة الطفل أصدر فى هذا العام كتابا يضم مجموعة نصوص مسرحية للأطفال، على الرغم من ذلك نعانى من فقر فى عروض الطفل، لأسباب إنتاجية. ورأى أنه ليس بالضرورة أن يتطلب مسرح الطفل إمكانيات مبهرة كمسرح الكبار ولكن يحب أن يكون هادفا، يناقش قضايا هامة.وقال إن الكاتب أحمد زحام تناول قضية شائكة وإنسانية وهى الهجرة، وهى قضية قديمة جديدة، لأن الحياة الإنسانية قائمة على الهجرة .
وأضاف: «سيبقى هذا النص حيا لأنه يناقش هذه القضية الأزلية، موضحا أن الهجرة فى النص لها دوافعها، وأن الكاتب يبعث برسالة هامة وهى أن الهجرة لاتعني فقط هجرة الأرض، ولكن هجرة الأفكار أيضا، فهناك أفكار غير صحيحة لابد أن ندفع الأطفال لهجرتها، و هو دور المسرح، أن يدفع إلى هجرة الأفكار السيئة، و حتى الأصدقاء السيئين .
فيما وجهت الدكتور فيفي أحمد التحية للكاتب أحمد زحام لما يحمله النص من قضايا تعد من أهم القضايا التى يتعرض لها الطفل، ليس فى مصر فحسب ولكن فى العالم، أولى هذه القضايا الاحتباس الحراري و علاقته بقطع الأشجار، مؤكدة على أنه إذا كان لدى الطفل وعى كاف بأهمية النباتات فلن يحاول اقتلاع الأشجار ، أما القضية الثانية فهى قضية الهجرة غير الشرعية، والأفراد والجماعات الذين يعلقون آمالهم على السفر للخارج. خاصة أن كثيرا ممن يهاجرون يتعرضون للامتهان، مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن يوضح الكاتب جميع هذه السلبيات.
وتساءلت: عن السبب في وجود أربع شخصيات من ذوى الهمم في النص وما دروهم؟ وأشادت د. فيفي أحمد بسلاسة المسرحية ومناسبتها لأعمار ما فوق سبع سنوات إذا كان الطفل سيقرأها ، وأقل من ذلك إذا كان سيشاهدها على المسرح ، ورأت أنه كان من الممكن الاستغناء عن شخصية الراوي، خاصة أن فكرة العرض واضحة.
تعقيب
عقب الكاتب أحمد زحام فأوضح أن « الهدف من وجود ذوى الاحتياجات الخاصة داخل النص هو إحداث حالة تراكمية في كتابته، وأشار إلى أن ذوى الاحتياجات كانا أكثر تشبثا بالأرض، في حين يرغب الجميع فى الرحيل، وأنه على الرغم من مشاكلهم فإنهم يرغبون في التغيير، وعن شخصية الرجل الذي يجلس على الكرسي فقال إنه الرجل يمثل حكمة الماضي بالنسبة للشخصيات، وأن إضافة شخصيات مثل الطيور والحيوانات فكان لصنع البهجة، خاصة أن النص للأطفال، وتساءل: لماذا تهاجر الطيور فقط دون سائر الكائنات، لقد ضجروا هم أيضا ويرغبون فى الرحيل.
وعن شخصية «التلميذ» الذي يظهر بشكل مباشر فقال: تمسكت بوجود هذا الصبي بشكله التقليدي وأردت أن يكون مستخدما للتطور العلمي بشكل مباشر و كنت أعي وأنا أكتبه أنه مباشر، فهو يحث الطفل على البحث بالشكل التقليدي، وفى نهاية العرض عندما تم الإتفاق على شىء واحد اختفى ، وهو إجابة على سؤال: لماذا لم تكن شخصية التلميذ فى نهاية المسرحية حاضرة ؟ وفيما يخص الرسومات الداخلية باللونين الأبيض والأسود فقد كان ذلك بسبب ضيق ميزانية المركز القومي لثقافة الطفل، وقد طبعوا النص مشكورين ولهم مني كل الاحترام.
واختتمت المناقشة ببعض المداخلات من الضيوف ومنها مداخلة الكاتبة الصحفية أنس الوجود التى أكدت على أهمية النص لما يناقشه من قضايا هامة وشائكة ، كما روت بعض مشاهداتها الشخصية فيما يخص قضية الهجرة غير الشريعة ، كما أكدت على نجاح النص عند تقديمه على خشبة المسرح، وشدد على أهمية دور المسرح المدرسي للطفل، فيما أشادت دكتورة سامية سليم بالنص وبطرح قضية الهجرة بأسلوب جيد والربط بين شخوص المسرحية بسفينة نوح.

 


رنا رأفت