الحضور الدرامي للميثولوجيا في نصوص خزعل الماجدي المسرحية في رسالة ماجستير

الحضور الدرامي للميثولوجيا في نصوص خزعل الماجدي المسرحية  في رسالة ماجستير

العدد 684 صدر بتاريخ 5أكتوبر2020

تم مناقشة رسالة الماجستير بعنوان “الحضور الدرامي للميثولوجيا في نصوص خزعل الماجدي المسرحية” مقدمة من الباحث أحمد مرتضى جاسم، وتضم لجنة المناقشة الدكتور يوسف رشيد جبر، أستاذ الأدب والنقد الدرامي بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (رئيسًا)، والدكتورة سافرة ناجي جاسم، أستاذ الأدب والنقد الدرامي الانثروبولوجي بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (عضوًا)، والدكتور عامر صباح نوري، أستاذ دراما والنقد المسرحي بكلية الفنون الجميلة جامعة بابل (عضوًا)، والدكتور رياض موسى سكران، أستاذ بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد (مشرفًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير وبتقدير(أمتياز).
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحث أحمد مرتضى جاسم: 
تناول الباحث في دراسته مفصليين مهمين الأول هو(الميثولوجيا) بوصفها  الباعث الأساس الذي نشأ منه فن المسرح، والثاني هو المنجزات المسرحية (لخزعل الماجدي) الذي يعد من أبرز مؤلفين المسرح العراقي والعربي، والذي تفرد عنهم في جعل رصيده الثقافي والعلمي مرتكزاً معرفياً تقوم عليه المغايرة الدرامية القائم جدلها بين ما يستمده من تجارب الماضي وحضورها الدرامي في النص، إذ تميزت نصوصه المسرحية في خصوبةِ أفكارها و رؤاها الدرامية المتخطية حدود الزمان والمكان، فهي تحتوي ثقافة الماضي وعمق فعلها المستمر ضمن مساحات افتراضية تذاكر القلق الحياتي الراهن، وفي حدود معالجات درامية مستحدثة تغور في مكنونات المجتمع وتواصل مفاهيمها مع معتقدات الفرد وتاريخه ولا سيما الميثولوجيا، التي تعد محوراً أساس تصدرتها نصوص الشاعر والكاتب العراقي والأكاديمي المتخصص في تاريخ الأديان والحضارات القديمة( خزعل الماجدي)، وفي ضوء تلك المعطيات حاول الباحث التعرف على طبيعة ذلك الحضور الدرامي في معيار الدراسة النقدية ضمن موضوعات النقد المسرحي، وخصوصياته الجمالية والفنية، فقد أسس الباحث المعمارية البحث ضمن اربعة فصول تضمن الفصل الأول وهو الإطار المنهجي طرح (مشكلة البحث) وصياغة سؤالها الفلسفي في رصد مضامين المعالجات الدرامية التي يقدمها(خزعل الماجدي) في نصوصه المسرحية، بين ما يستمده من أحداث السرد الأسطورية التي يعمد على تسويغها وتصرف بها ويجعلها وشيجة فاعلة تغذي رؤيته الدرامية، والذي استدعى تعليل تلك المقاربة بين استلال المادة الأسطورية ودرجة ارتباطها بالرؤية الدرامية واستدراك وجه المغايرة وتحليل بعدها الجمالي، أما عن(أهمية البحث) فهي تكمن في تقديم طريقة تحليلية تفيد الدارسين والمهتمين والمتخصصين في الكتابة الدرامية، وفق (هدف البحث) وحدوده الموضوعية التي تكشف عن طبيعة  (الحضور الدرامي للميثولوجيا في نصوص خزعل الماجدي) ودراسة كيفيات الحضور المنطوي في حدود الرؤية الدرامية ضمن علاقة التبادل والتقابل القائمة على الاستنباط والتفكيك، ومن خلال متابعة الصيغ الدرامية المتحققة في النص باستيفاء المؤلف إلى عناصر الدراما، أما في الفصل الثاني وهو الإطار النظري للبحث عرض الباحث بعض المفاهيم النظرية القائمة على المنطقات الفكرية لمفهوم الميثولوجيا، وتعرض إلى بعض المفاهيم المغلوطة، فعلى الصعيد العلمي اختلف موضوعيا مع نظرية(دارون) التي اهتمت  بالاصطفاء الطبيعي النوعي والتحليل البيولوجي الذي يجزم أن الإنسان حيوان  خاضع إلى مراحل يحكمها التطور والارتقاء، من خلال التأكيد الباحث بالطريقة العلمية وجه الاختلاف بين الفطرة الحيوانية العاجزة بالخروج من عالمها الضيق، وقدرة الإنسان الفكرية وتصوراتها التي تجاوزت حدود المكان والزمان، فقد منحت الإنسان مساحات تأملية تسمو به من مرتبة الوجود البيولوجي إلى مرتبة الوجود الميتافيزيقي وجعلت منه موجودا حضاريا، وعلى الصعيد الأدبي حاول الباحث أن يميز بين الميثولوجيا بوصفها مصطلحا علمياً يعنى بدراسة الأساطير، وماهية  حضورها في الادب بوصفها نصاً يحاكي المضمون الديني والسماوي وهو لا يتداخل مع الملحمة، والليجندة، والخرافة، والحكاية الشعبية، أما على الصعيد الدراما المسرحية حاول الباحث التفريق بين أن تكون الميثولوجيا في نص المسرحي حضورا دراميا وحضورا وظيفيا، وما علاقة الحضور بالرؤية الدرامية، وما هي علاقة الميثولوجيا بالموقف الجمالي للمؤلف من الأسطورة بوصفها الغائب المحال إلى الحقل الدلالي وما هي المعاني التي تنعكس من حضورها في الواقع، وهل الأسطورة وعي جمعي أم وعي فردي وما علاقة الحضور في ذلك، كما تعرض الباحث إلى دراسة الميثولوجيا وأهميتها الفاعلة في تاريخ المعرفة البشرية، وعن حضور الميثولوجيا في الفلسفة وتحولاتها المفاهيمية بوصفها المحور الانطولوجي المقرون بالوجود وماهية نقد الميثولوجيا في تأملات العقل الفلسفي في حقليه الميتافيزيقي والابتسمولوجي، كما حاول الباحث الغور في ماهية الميثولوجيا وعلاقتها بأصول الدراما المسرحية، وارتباط الميثولوجيا بمفهوم المحاكاة واختلافها بين(أفلاطون) و(أرسطو)، وما هي علاقة الميثولوجيا في قواعد التنظير الأرسطي، كما عرج الباحث على كيفية حضور الميثولوجيا في النص المسرحي الإغريقي الذي اختلف على نحو متباين بين كتاب الدراما الأوائل(اسخيلوس، وسوفوكلس ويوربيدس)، ومن ثم قدم الباحث عرض تحليلي عن الحضور الجمالي للميثولوجا في النص المسرحي العالمي بدءً من مسرح العصور الوسطى وصولاً إلى مرحلة ما بعد الحداثة.
استعرض الباحث الدراسات الأكاديمية السابقة على رسالته ومن ثم حدد مؤشرات البحث وأبرزها:
 • الميثولجيا دليل علمي يكشف قدرة الإنسان التحرك داخل منطقة اللاوعي وتجربة الوعي للاستشفاف الوجود، بوساطة التصور والخيال وربط الإدراك الحسي بالفهم وبعلم الأشياء.
 • تمثل الميثولوجيا الدليل الأول للاستغراق الذهن بالتفكير وتفاعل الذات الإنسانية بموضوع المحيط الكوني. 
بالفصل الثالث وهو إجراءات البحث قام الباحث في تحليل عينة البحث التي تمثلت في ثلاث نماذج مسرحية لمؤلفها( خزعل الماجدي) وهما سردنبال، الليدي ماكبث، الغصن الذهبي .
أما في الفصل الرابع حدد الباحث نتائج واستنتاجات البحث وقائمة المصادر والملاحق ومن ثم ختم رسالته بملخص البحث بالغة الانكليزية. 

أبرز الاستنتاجات: 
1.يعاود(خزعل الماجدي) الحضور الميثولوجي، إلى رصد متغيرات العالم  ضمن إستراتيجية درامية معقدة تستنبط الخصائص الأولية للميثولوجيا وتحيلها إلى مضمرات جمالية. 
2.يسعى(خزعل الماجدي)، تأسيس رؤية درامية تترصد معاينة طابع الشر الإنساني لبغية إصلاح العالم.
3.عمد(خزعل الماجدي)، إحياء الحضور الميثولوجي في ضوء قيمة دلالية تفسر حاجة الإنسان بوصفه كائن مجتمعي يتأزم نتيجة المتغيرات السياسية وقيود الأعراف الدينية.

أبرز النتائج : 
1 -يعمد(خزعل الماجدي) مغايرة الأصل الميثولوجي وجعلهِ طريق لفكرة معاصرة تعالج قضية أزلية تسوقها وجهة النظر الخاصة، كما في مسرحية(سردنبال) التي تطرق من خلالها إلى ماهية الحرب وقضايا الموت العبثي وتبرير القتل باسم الوطن والقيم والمبادئ، وفي مسرحية (الغصن الذهبي) إلى ثيمة الاستبداد بالسلطة التي ترتكز على مفهوم ديني واعتقاد راسخ بذاكرة الوعي الجماعي، وفي مسرحية (الليدي ماكبث) نحو كيفية الوصول إلى المال والسلطة وإشكالية الهامش والمركز وفكرة احتدام الذات مع الأخر وما ينتج عنها من صراع يقبع في مجاهل النفس.
2 - يعالج (خزعل الماجدي) الحضور الميثولوجي بالمفهوم المأساوي المتحرك بالصورة المتغيرة التي تجاري فعل الزمن، يتعين فيها مفهوم المتعالي المتزحزح من مكانتهِ السماوية المقدسة إلى حضورها الدنيوي فلم تعد أقدار والصراع الإنساني رهن الحتمية الإلهية، إنما يعود لما يخص طبيعة التفكير البشري وصراع الفرد مع نفسهِ ومع الظروف المحيطة به فهو أساس الذي يلازم الكينونة الإنسانية، ظهر واضحا على شخصية البطل (سردنبال) حين سعى بنفسهِ للاستبدال عرف الحروب والموت إلى السلام، وفي مسرحية(الغصن الذهبي) في سعي المرأة إلى اكتشاف القيمة الزائفة للغصن واقتلاع الشجرة، وفي مسرحية (الليدي ماكبث) حين أدرك ماكبث انه يد الشيطان العاملة على تدمير الحياة والمصير الإنساني.
3 - يمحور(خزعل الماجدي) الحضور الميثولوجي مع منطلقات التفكير الإنساني الذي يربط الإدراك الحسي بالفهم المعرفي وما تتفاعل به الذات مع تأثيرها بالمحيط الوجودي وجذرها الكوني، فلم تعد الشخوص والأحداث الأسطورية التي يوظفها مجرد مصادر بدائية، إنما هم  يمثلون حضور يرادف هموم الإبطال العصريين وضغوط الحياة المعاصرة وما هو قريب من الكاتب والمتلقي في ضوء التصويب الكوني. 
4 - يعطف(خزعل الماجدي) الحضور الميثولوجي من ضوء بعده التاريخي إلى طاقة حضورية درامية رمزية لها في خطابها رسائل قصدية توجه حفيظة المتلقي إلى معاينة سلبيات الواقع بالنظر إلى فلسفة الزمن.
5 - يعمد(خزعل الماجدي) مقابلة الحضور الدرامي للميثولوجيا على طرح سؤال فلسفي، جمالي، يعاود قراء الواقع الراهن، وإثارة جدلية إدراكية تحاكي ظروف الفعل الكوني الذي يعادل المد الميثولوجي بموضوعية العالم واشكالياته الأزلية المتقلبة بين المبدأ والجوهر.
 


ياسمين عباس