المسرحيات المجهولة للحكيم.. بقلم فؤاد دواره

المسرحيات المجهولة للحكيم..    بقلم فؤاد دواره

العدد 703 صدر بتاريخ 15فبراير2021

 يحسب للهيئة العامة لقصور الثقافة حرصها الدائم على اختيار بعض مؤلفات كبار الكتاب -والتي تعد من كنوز المعرفة ونفذت ولم تعد موجودة ويعتبر البحث عنها بمثابة التنقيب عن المعادن النفيسة- وإعادة طبعها من خلال سلسة ذاكرة الكتابة، وقد وقع الاختيار مؤخرًا على كتابي “مسرح توفيق الحكيم “المسرحيات المجهولة”، مسرح الحكيم “المسرحيات السياسية” للكاتب والناقد الكبير الراحل فؤاد دوارة اللذان صدرتا الطبعة الأولى لهما عامي 1985، 1986، ويعد هذان الكتابان من أهم المراجع التي تهم الباحثين في مسرح الحكيم، وتعد من كنوز المكتبة المسرحية.
وقد تضمنت الطبعة الثانية التي أصدرتها الهيئة دراسة وتقديم لابنه وتلميذه الناقد الدكتور عمرو دواره.
 وسوف أتناول الآن عرضًا للكتاب الأول: مسرح الحكيم “المسرحيات المجهولة” الذي يقع الكتاب في (298) من القطع المتوسط ويضم المقدمة التي تتناول الدراسة والتحليل الذي أعدها دكتور عمرو دواره وثلاث فصول وخاتمة.
 في الدراسة التي أعدها دكتور عمرو دواره يشرح فيها أهمية الكتاب وأسباب إصداره حيث يقول: (هذا الكتاب خصصه مؤلفه الأديب فؤاد دوارة لدراسة البذور والمحاولات الأولى للكاتب الكبير توفيق الحكيم، وهي تلك المرحلة التي تبدأ منذ طفولته المبكرة حتى نشره لمسرحية “أهل الكهف” عام 1933، حيث يهدف بدراسته إلى رصد وتحديد أهم مكونات وملامح شخصية “الحكيم” الفنية والإجتماعية العاطفية باعتبارها العامل الأساسي في صياغة نتاجه الأدبي كله والمسرحي بطبيعة الحال، بالإضافة إلى دراسة مسرحياته الأولى التي كتبها وهو في مستهل شبابه قبل سفره إلى فرنسا).
 الفصل الأول بعنوان “بذور فنية”: وفيه قام المؤلف برصد وتحديد أهم مكونات وملامح شخصية “الحكيم” والعوامل النفسية والظروف العائلية والاجتماعية التي أحاطت بطفولته وصباه وكانت ذات أثر في توجيهه إلى حب الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص، باعتبارها العامل الأساسي في صياغة نتاجه الأدبي كله والمسرحي بطبيعة الحال وقد قسمها إلى ستة موضوعات تتناول جميعها بالدرجة الأولى تلك العناصر الأولية التي ساهمت في تشكيل وصقل الموهبة الإبداعية لديه، وكان لها تأثير كبير عليه طوال مسيرته الإبداعية بعد ذلك، والموضوعات الستة هي: ألعاب الخيال، قصص الأم، الأسطى حميدة، إدمان القراءة، نزعات فنية، عالم المسرح.
 الفصل الثاني بعنوان “المحاولات الأولى”: ويتكون من سبعة موضوعات فرعية، تم خلال ستة منها عرض وتحليل ستة مسرحيات من المحاولات الأولى للكاتب/ توفيق الحكيم وهي: “الضيف الثقيل”، “أمينوسا”، “العريس”، “خاتم سليمان”، “علي بابا”، “المرأة الجديدة”، في حين تم خلال الموضوع السابع والأخير بهذا الفصل دراسة وبيان آثار تلك المحاولات الأولى على المسيرة الإبداعية للكاتب بعد ذلك، كما أكد على مدى أهمية دراسة وتحليل هذه المسرحيات لأنه يعتقد بأن أي دراسة متكاملة لمسرح “الحكيم” يجب أن تبدأ بهذه المسرحيات القديمة، فلعل فيها كثيرا من خصائص فن “الحكيم” الأصيلة، لأنه كتبها قبل سفره إلى فرنسا، وتأثره القوي باتجاهات المسرح الأوربي وكبار كتابه، كما ذكر مدى صعوبة الحصول على هذه المسرحيات، خاصة وأن “الحكيم” نفسه لا يمتلك أصولها ولا نسخة منها كما أخبره، نظرا لأنه كان يكتبها من نسخة واحدة بالقلم “الكوبيا” ويقوم بتسليمها للفرقة لتنسخها بمعرفتها، ولم يكن يهتم بحفظ مسودات ما يكتب في ذلك الحين، خاصة أنها لم تنشر لأنها مقتبسة، حيث ذكر له الحكيم أنه خشى أن ينسب الإقتباس إلى بقية مسرحياته، لذلك لم ينشر منها سوى المسرحية الوحيدة المؤلفة وهي “المرأة الجديدة”،
     الفصل الثالث بعنوان “البحث عن أسلوب”: ويتكون من ستة موضوعات فرعية وبيانها التفصيلي كما يلي: في جامعة “باريس”، قراءة موسوعية، معلمون، ملهمات، حمى الخلق، عقدة التمثيل. وجميع الموضوعات السابقة تتكامل فيما بينها لتوضح تلك العناصر التي تآلفت وتضافرت معا لصقل موهبته ثم لتحديد أسلوبه المميز وشخصيته الفنية، وبالتالي تحديد أهم السمات المشتركة لإبداعاته الغزيرة بعد ذلك.
 واعتمد مؤلف الكتاب على مجموعة من المقولات للأديب إسماعيل أدهم التي عثر عليها خلال بحثه عن العوامل التي شكلت شخصية الحكيم وكذلك نصوصه المسرحية والتي اعتبرها مجرد مفاتيح حرص على الاستفادة منها وتحليلها بصورة علمية لتحقيق هدفه، من هذه المقولات: ما كتبه الأديب إسماعيل أدهم في كتابه “توفيق الحكيم”: (نحن وان لم نكن قد وقفنا على هذه المسرحيات فاننا لا نعتقد بأن فيها شيئا كبيرا من الفن، وإلا كان الأستاذ/ الحكيم نشرها) .. كما كتب في موضع آخر: (لا شك أن تحول الفتى/ توفيق عن “فن الشعر” إلى “فن المسرحية” كان نتيجة للتأثر بالموجة المسرحية الطاغية على الأدب المصري التي ابتدأت عام 1918 بمسرحيات إبراهيم بك رمزي ومحمد لطفي جمعة وفرح أنطون، وانتهت عام 1921 بمسرحيات محمد بك تيمور).


نور الهدى عبد المنعم