رئيس لجنة تحكيم المهرجان القومي د. أسامة أبو طالب: اتبعنا مبدأ أغلبية الأصوات في التحكيم

رئيس لجنة  تحكيم المهرجان القومي  د. أسامة أبو طالب: اتبعنا مبدأ أغلبية الأصوات في التحكيم

العدد 703 صدر بتاريخ 15فبراير2021

في ظل ظروف خاصة و جو مشحون بالحذر نتيجة انتشار جائحة كورونا أقيمت على استحياء وتوجس الدورة الثالثة عشر للمهرجان القومي للمسرح المصري التي سميت دورة الآباء . اتسمت هذه الدورة بتغيير نظم التسابق عن العام الماضي، حيث عادت لفكرة دمج جميع فئات التسابق من المحترفين والهواة في بوتقة تنافسية واحدة. ورغم قلة عدد العروض نسبة إلى ما كانت عليه العام الماضي, فقد كانت هناك بعض الصعوبات جعلت لجنة التحكيم تشاهد ثلاثة عروض متتالية في اليوم الواحد. كما أثارت النتائج النهاية جدلا كبيرا (مثل كل عام) من بعض من لم يحصلوا على جوائز. ومن هنا رأينا ضرورة الحوار مع الكاتب والناقد د. أسامة أبو طالب رئيس لجنة التحكيم بالمهرجان كي يضع النقاط فوق الحروف, موضحا حصاد المهرجان من إيجابيات وسلبيات, وأهم المعايير التي استندت إليها لجنة التحكيم في تقييم العروض, وعن رأيه الشخصي في بعض العروض, ورأيه في التوصيات النهائية وتخصيص الدورة القادمة للكاتب المسرحي المصري.
- ما القواعد التي بنيت عليها عملية التحكيم منذ البداية؟
 اتفقنا منذ البداية على ديمقراطية التحكيم في فرز الأصوات بمبدأ خمسين زائد واحد. فمجموع الأعضاء سبعة إذن نأخذ الأصوات بالأكثرية, وقد بحثنا عن شرطين, الأول هو أن تكون النتائج عادلة وموضوعية ومقنعة وتتسم بالنزاهة والموضوعية. والشرط الثاني هو البحث عن الجديد والمبتكر والمغاير أو المختلف مع اتباع  القواعد والأصول وأن تتوافر الأصالة في التقليدي وأن تتوافر المعرفة والأصول بأن الجديد أو المبتكر يرتكز على معرفة التقليدي, فقد ظن البعض من شباب وصغار الفنانين أن التجريب هو كل ما هو غريب والقفز قفزات عالية دون أي معرفة منهم بالتقاليد المسرحية. وبالطبع فإن الفن كله تجريب. فالفنان الحقيقي المبدع مجرب دائما من خلال خامات جديدة وأطر جديدة وموضوعات جديدة, وكما قلت إن كل مبدع يتضمن ناقدا بداخله، وشرط الإبداع معرفة الأصول القديمة والتقاليد التي ينطلق منها، الفن نظام وأصول للعمل وبذلك يحدث اكتمال الصناعة, من هذين الشرطين الديمقراطية في التحكيم والمصارحة في الرأي والنتائج. إضافة لأصالة العمل وارتكازه على أسس حقيقية. قام عملنا ، وتركنا مساحة إضافية صغيرة لكل في تخصصه عندما نختلف، أو تتساوى الأصوات.. في وقت المناقشات يوضح لنا وجهة نظره باعتباره متخصصا. أنا رئيس اللجنة أستاذ نقد والناقد الحقيقي يعرف في كل هذه الموضوعات ولا يمارسها بنفسه, ويوجد ممارسون للإبداع أيضا وأنا منهم. على هذه الأسس تمت المسألة وكانت تجربة مرهقة، حيث اضطررنا إلى رؤية عرضين وأحيانا ثلاثة في اليوم الواحد في زحام القاهرة،  لكن الجميع كانوا يتحلون بالسماحة والتعاون الحقيقي.

- ما الآلية التي اعتمدت عليها عملية التصويت بين أعضاء اللجنة؟
رغم وجود الأصول والقوانين التي يتم التحكيم بها لكن نختلف في مسألة التذوق أو الذائقة الخاصة, وليست الأهواء الخاصة فهي تعتمد على فهم وعلى أصول بمعنى التفضيل, عندما نختلف نحتكم للتصويت علنا وليس في أوراق مغلقة , و أنا باعتباري رئيس اللجنة, كان من الممكن أن أمارس قدرا من السيطرة أو التحكم أو التفضيل وهذا ما لم أفعله على الإطلاق وكنت مثلي مثل بقية الأصوات.

كيف ترى الانتقادات التي وجهت لنتائج التحكيم؟
إن عدم الفوز بالمرتبة الأولى لا يعني أن العمل الذي لم يفز هو عمل ردئ أو عمل ضعيف, على الإطلاق, نعم اختلفنا وأخذنا الأصوات. أنت لا تستطيع أبدا أن تعطي المركز الأول لكل المتسابقين, فلابد أن يكون هناك رقم واحد ورقم اثنين ورقم ثلاثة, وهذا ما اتبعناه, وطالت المناقشات واحتدمت كثيرا واستطعنا أن نتفق.

- بغض النظر عن النتائج ما رأيك في العروض التي جانبها التوفيق في الفوز؟
هناك عروض أحببتها كثيرا مثل العرض المأخوذ عن رواية فولتير «المتفائل» فهو عرض بالغ الأناقة ، جاذب للجمهور. قصة فولتير بسيطة وميلودرامية وساذجة لكن المخرج إسلام إمام نجح في تحويل هذه الرواية الكبيرة إلى عمل مسرحي موسيقي ميلودرامي.

- كيف تعلق على اعتراض البعض على عدم  فوز أزياء وديكور عرض المتفائل  رغم دقة التصميم وحجم الإبهار الجمالي والتقني؟

ملابس عرض المتفائل أنيقة جدا, ومصنوعة بعناية ودقة وصاحبتها فنانة حقيقية هي الفنانة نعيمة عجمي, ومعروف إعجابي الشديد القديم بها وبأدائها، فهذا شغل جيد جدا, والديكور جيد جدا, وهذا ليس ديكور لمسرحية طبيعية, هذا عرض ميلودرامي وموسيقي إلى حد ما وتقليدي, وهذه الجودة لا تفرضه كعمل رقم واحد ولا تنفي عنه صفة الجمال والأناقة والجذب للجمهور. يتبقى مسألة أخذ الأصوات والتفضيل, فلم يحصل على الأصوات التي حصل عليها عرض أفراح القبة.

- كانت المنافسة قوية بين عرضي «المتفائل» و»أفراح القبة» فكيف رجحت كفة «أفراح القبة»؟
عرض «أفراح القبة» بالغ الصعوبة, فرواية «نجيب محفوظ» صعبة جدا والإعداد الدرامي لها مجهد وشاق, وليس بسهولة الإعداد الدرامي لمسرحية عالمية مثلا . أفراح القبة  رواية مصرية تحولت من جنس روائي إلى جنس درامي, من السرد إلى الدراما. و مثلما نجح المخرج  إسلام إمام في تحويل رواية «فولتير» إلى جنس درامي، نجح المخرج محمد يوسف في هذه الكتابة تماما رغم صعوبته.

- أثير الجدل أيضا حول بعض جوائز التمثيل.
لا يمكن أن ننكر مدى صعوبة الأداء التمثيلي، الأداء التمثيلي في المتفائل أداء جميل جدا. الممثلة الشابة سهر الصايغ جميلة ورقيقة ولها حضور مشع على المسرح. والفنان يوسف إسماعيل رغم أن دوره لم يكن الدور الأول إلا أنه كان ثابتا وقويا ومقنعا. كل الممثلين في المسرحية والتشكيلات الحركية كانت جميلة. لكن في «أفراح القبة» فن التمثيل فيه كان صعبا. وقد قامت ممثلة بتقديم عشر دقائق في البداية اسمها ياسمين وافي واستحقت جائزة لأنها  قدمت الدور بشكل مقنع ومتمكن رغم أنه ليس الدور الثاني ولا حتى الدور الثالث. نجاح  أفراح القبة على اعتبار أنها تجربة صعبة، وهذا  لا ينفي أن مسرحية المتفائل تجربة رائعة وعرض جميل.

- هل كان الاختلاف شديدا بين أعضاء اللجنة حول تلك النقاط بين العرضين؟
 تم الاتفاق النهائي بين أعضاء اللجنة. لكن في التفاصيل كان الزملاء لهم رأي مختلف حول بعض العناصر ومنها الديكور والملابس. أحصينا الأصوات وتحددت المسألة. وعلينا أن نلتزم بالديمقراطية. وإن لم نلتزم بهذا فنحن لم نتعلم من درس سقراط العظيم عندما تناول السم طائعا مختارا وهو يعلم أن الجميع على خطأ وأنه على صواب، لكنه تناول السم كي ينتصر المبدأ، مبدأ الديمقراطية. أنا أيضا فعلت ذلك. ربما كان لي رأي مختلف لكن مبدأ الديمقراطية المتمثل في فرز الأصوات هو من حسم الأمر.

-من لفت نظرك من الممثلين في العروض الأخرى؟
رأينا بعض التجارب الجميلة. ففي المعهد تجارب واعدة. وفي العرض الجميل جدا الذي قدمته الثقافة الجماهيرية «جريمة في جزيرة الماعز» كانت هناك ممثلة رائعة وممثل متمكن بشكل بالغ الرقي وهو أحمد أبو عميرة. المسألة تختلف من عرض لآخر. على سبيل المثال الممثل أحمد السلكاوي كان متألقا بشكل كبير في أحد العروض وفي عرض آخر أقل تألقا ربما بحكم العرض نفسه. فأحيانا يكون العرض ملهما وأحيانا أخرى العكس, ونحن نأخذ في اعتبارنا مثلا مسألة الجمهور الذي هو الطاقة الكهربية أو البطارية التي تشحن الممثل على خشبة المسرح وغياب الجمهور كان غيابا مؤثرا في بعض العروض ويقلل من توهج الفنان. والفنانون عندما يعرضون مسرحية للجنة التحكيم أنا معهم قلبا وقالبا ومتعاطف تماما معهم لأنهم يشعرون أنهم أمام هيئة محكمة. عدم وجود الجمهور يجعل الجو باردا تماما بالنسبة للفنان لا يعطيه الطاقة المطلوبة. كل هذه المسائل واجهتنا.
عرض موليير (البخيل) هو عرض جميل ، ولأول مرة أرى فنانا قديرا مثل أشرف طلبة يلعب دورا كوميديا رائعا. لكن هي أيضا مسألة الديمقراطية وفرز الأصوات أولا وأخيرا،  فإذا اختلفنا نتفق. أعتقد أنني التزمت بهذا تماما.

- إذن ترى أن هناك من يستحقون لكن شدة المنافسة حسمت النتائج لغيرهم.
أنا دائما كنت أعتذر عن المهرجانات وعن رئاسة اللجان وغير ذلك خشية هذه الخلافات التي تكون في كثير من المرات غير علمية وموضوعية وغير محايدة. وإنما تكون مشخصنة تماما. لكن الحمد لله هذه المرة و بشهادة الناس فإلى حد كبير كانت مقنعة ومرضية. الذي لم يأخذ جائزة هذه المرة سوف يأخذها في المرات القادمة . فعدم الحصول على الجائزة لا يسلب القدرة ولا الطاقة الإبداعية من المبدع. وحصول من ليس أهلا للجائزة نتيجة أخطاء أو تحيز فهذا لا يضعه في صف الفنانين ولا المبدعين.

- هل ترى أن الدمج بين المحترفين والمستقلين في تسابق واحد صوابا أم أنه بعيد عن العدالة في التنافس؟
- أنا من البداية طالبت بفصل عروض الهواة والمستقلين عن المحترفين وقد قلت هذا في  كلمتي بشكل واضح جدا أمام الجميع وأمام الدكتورة إيناس عبد الدايم باعتبارها المسئولة الأولى. إنه من الظلم و الإجحاف أن يزاحم الهواة المحترفين الراسخين في العمل الفني في عروض تنافسية. فيستطيع على سبيل المثال أي شخص أن يتقدم لجائزة الدولة التقديرية أو جائزة نوبل لكنه سوف يرفض من البداية. إنه يزج نفسه في أتون من المنافسة الشرسة. إذن ليس عدلا أن يتنافس الجميع مرة واحدة لكن من العدل أن تفصل المسابقتين،  مسابقة المحترفين وهي لفرق البيت الفني للمسرح وفرق الثقافة الجماهيرية القديمة الراسخة القادرة على الأداء المحترف. لكن هل يعني هذا إغلاق الباب ومنع أي أحد من الدخول متسابقا مع المحترفين.  لا على الإطلاق. تستطيع فرقة مبتدئة أن تزج بنفسها في أتون التنافس المستعر مع المحترفين وتتحمل النتيجة. لكن من الأفضل أن نضع حدا وسطا بأن نعرف من هو المحترف والفرقة المحترفة؟  ومن هي فرقة الهواة؟ والفرقة المحترفة تعريفها سهل جدا. لكن الفرقة الهاوية هي التي لم يمض على تقديمها أو على أدائها أو على عملها المسرحي خمس سنوات أو عشر سنوات على سبيل المثال فنضع حدا لهذه المسألة. لكن إذا أرادت فرقة مستقلة أو هاوية أن تضع نفسها في إطار التنافس مع المحترفين فلا مانع و لكن تتحمل النتيجة. لكنها لا تدخل إلا بتحقيق الحد الأدنى من الشروط أو المتطلبات وهي على سبيل المثال أن تكون قد قدمت قبل ذلك خمسة عروض مثلا..

- كيف كان مستوى عروض الهواة هذا العام؟
يجب أن تكون هناك مسابقة لتنافس الهواة خاصة بهم مما سيرتقي بمستوى عروضهم. وسيتيح للجنة المشاهدة التي هي المصفاة الأولى الفرصة لاختيار عروض ذات مستوى أفضل يستحق الدخول في المسابقة الكبرى وهي المهرجان. وبالتالي يخفف الحمل عن لجنة التحكيم وعن المسارح وعن الفنيين والإداريين والجمهور أيضا. خصوصا أننا رأينا هذا العام عروضا مستواها أقل من المتوسط ولا ترقى للدخول في المهرجان.

-  ما وجهة نظرك في تغير نظام المهرجان من عام لآخر والتأرجح بين فصل مسرح الطفل في تسابق خاص وبين دمجه مع مسرح الكبار؟
كانت تلك توصية مهمة نسيت أن أكتبها تحت الضغط حيث ظللنا نكتب حتى السادسة والنصف صباحا نعمل ولم ينم أحد منا على الإطلاق. وهي مسألة موجودة في المسودات وهي وجود مسابقة خاصة بمسرح الطفل في إطار المهرجان القومي للمسرح . فمسرح الطفل نوع خاص جدا ولابد أن تكون له مسابقة. لا يجب أن يتسابق مسرح الطفل بمفاهيمه ورؤاه البسيطة المباشرة مع مسرحيات معقدة وتثير إشكالات كبيرة وأسئلة فلسفية وأسئلة ميتافيزيقية وأسئلة وطنية. توجد مسألة أخرى تتعلق بفن العرائس. فهو ليس كما يفهم البعض قاصر على الأطفال. فالعرائس بأشكالها وأنواعها الكثيرة ما بين عرائس القفاز والمسرح الأسود ومسرح الدمى أو الماريونيت و العرائس المشتركة في التحريك وفي الظهور مع الممثلين على خشبة المسرح. أصبحت متعددة جدة وأصبح هناك ضرورة لوجود مسابقة خاصة بفنون العرائس وهي مسألة جذابة جدا سواء للكبار أو للصغار. وأظن أن الليلة الكبيرة لصلاح جاهين وناجي شاكر وصلاح السقا تثبت أنه فن يتعاطاه الكبار ويحبونه كما يتعاطاه الصغار.

كان من أهم توصيات لجنة التحكيم الاهتمام بالكاتب المسرحي المصري في الدورة القادمة. فلماذا أقيمت دورة الكاتب من قبل؟ وماذا كانت نتائجها؟ ولماذا العودة إليها؟
دورة الكاتب المسرحي أقيمت من قبل كي أبحث عن الكاتب المسرحي المصري وأدعمه ماديا وفنيا وأتيح له الفرصة للظهور بعد أن كثرت الأقاويل أنه ليس لدينا كتاب مسرح. وهو كلام غير صحيح بالمرة. الكاتب المسرحي لا ينطلق من الوحدة ولا من العزلة ولا من الفراغ. عكس كاتب السرد وكاتب الشعر. نجيب محفوظ ظل في بيته يراقب القاهرة و يراقب مصر ويراقب العالم وكتب أعظم الروايات وهكذا كاتب الشعر. اما كاتب المسرح وكاتب فنون العرض الحي في الباليه أو فنون الموسيقى على سبيل المثال فه لا يستطيع أبدا أن يكتب في عزلة عن العرض بمعنى أنه يعلم  في البروفات أو التدريبات من الممثل الواقف على خشبة المسرح ويتعلم من المخرج ويصحح أخطاءه تلقائيا. يستطيع مثلا أن يلمح ممثلا يتعثر في نطق حواره. يلمح  جملة أو حروف تتضارب مع بعضها في حواره. أو أن الحوار به إطالة أو ثرثرة غير مطلوبة على الإطلاق. كل هذا لن يتعلمه كاتب المسرح الجديد المحترف إلا لو رأى عمله حيا أمامه في التدريبات. ومن ثم لابد أن يكون هناك مهرجان أو مناسبات تعرض فيها الكتابات المسرحية الجديدة.
عندما أقمت مهرجان الكاتب المسرحي الأول كنت أنا المؤسس وصاحب المشروع وكنت أعلم أن هناك كتاب مسرح جيدون جدا لكنهم لم يأخذوا حقهم. الكاتب السيد حافظ على سبيل المثال. هذا كاتب مسرحي أصيل ومحترف تماما ولم تعرض له مسرحية واحدة في مصر قبل مهرجان الكاتب المسرحي. إلا ربما سنة 1968 في مسرح العلبة بالمركز الثقافي الفرنسي الذي كنت أحد مؤسسيه. والدكتور مهدي بندق كاتب وشاعر وأديب ولم تعرض له مسرحية واحدة وأعتقد انه من مواليد سنة 1936 أو 1937 . وهذا المهرجان أتاح الفرصة للكتاب المتمكنين المنسيين مثلما أتاح الفرصة للبراعم الجديدة، فالكاتب أسامة نور الدين رحمه الله كان عمره تقريبا 21 عاما وعرضت له في المهرجان مسرحية للمرة الأولى وأصبح أحد كبار كتاب الدراما المرموقين وعرف طريقه إلى التليفزيون. وأيضا الكاتب عبده الزراع كانت تجربته الأولى فهو ابن مهرجان الكاتب المسرحي المصري الأول وكذلك الكاتب محمد ناصف عبد العال.  قدمنا  18عرضا مسرحيا مرة واحدة في 15 قاعة، و ظهر هؤلاء الكتاب الذين استمروا حتى هذه اللحظة ، وهناك أسماء أخرى ،  وهناك أيضا 18 مخرجا منهم 15 مخرجا جديدا وعدد كبير من الفنانين قدموا أنفسهم للمرة الأولى. وقد تكلف هذا المهرجان 280 ألف جنيه فقط حيث كنا نعمل بفلسفة المسرح الفقير. والمسرح الفقير كما يعرفه المسرحيون ليس فقيرا في القيمة ولكنه محدود البهرجة ومحدود الإسراف على الديكور. هو يعتمد على الفنان مثلما يعتمد على الكتابة وعلى الإخراج. ونجحت التجربة تماما ولكنها توقفت. وكانت قد لاقت معوقات شديدة .
كان لابد أن أتذكر أنا والزملاء هذه التجربة وننادي بعودة المهرجان والوزيرة تفهمت ذلك فوافقت على الفور على إقامة الدورة القادمة إن شاء الله للكاتب المسرحي المصري، وهذا مكسب كبير جدا أعتبره مكسبا شخصيا بالنسبة لي كأسامة أبو طالب.

ماذا تقول لمن لم يفز بجائزة هذا العام؟
 إن عدم الفوز لا يعني خلع صفة الإبداع عنهم وأن الفوز لا يعني نفي الآخرين على الإطلاق ، من فاز هذه المرة ربما لا يفوز المرة القادمة ومن لم يفز هذه المرة ربما يفوز في المرات القادمة. فلتحكمنا روح السماحة. والثقة في بعضنا البعض. وبالرغم من كل شيء سوف نظل مختلفين دائما وهذه طبيعة الحياة. فهي إن كانت مسألة علم لكن هناك أيضا الذائقة والتفضيل الشخصي. فعلي سبيل المثال نحن لا نأكل تبعا لما في الطعام من كمية الفيتامينات لكننا ندفع برغبتنا في مذاق الطعام رغم اهتمامنا بالفيتامينات. وفيما سبق كانت لجان التحكيم تختلف إلى حد الشجار وتبادل الألفاظ الجارحة. لكننا هذا العام كان يحكمنا روح التعاون والسماحة الشديدة جدا والرغبة في تقديم شيء لهذا الوطن العظيم ونتمنى أن نكون قد حققنا هذا بإذن الله.

- ما ملاحظاتك بشكل عام التي لم تدون في التوصيات؟
- كانت هناك ملاحظات أخرى تتعلق بالمصطلح أنا لم أقلها لأن جمهور الحاضرين في حفل الختام لم يكن كله يفهم المسرح كعلم. فقد كثر التداول الخاطئ والبعيد عن الصواب للمصطلحات المسرحية منها مصطلح السينوغرافيا ومصطلح الدراماتورج والدراماتورجي وهذه المصطلحات استعملت استعمالا خاطئا بدون فهم.
توصية أخرى لم أقلها وهي دراسة التغذية المرتدة أو التغذية العكسية وهي دراسة علمية تماما تسمى دراسات التلقي وأنتهز الفرصة هنا كي أشير إليها.
هناك ملاحظة بالغة الأهمية وللأسف لم أقلها في حفل الختام وهي أن عددا من المؤلفين لم يشيروا إلى أن أعمالهم مقتبسة أو معدة أو ممصرة عن أعمال عالمية أخرى وهذه المسألة أصابتني لن أقول بالحزن وإنما أصابتني بالغضب الشديد. لأن هؤلاء الكتاب الذين يكتبون يدركون أن هناك من يعرف ومن يفهم ومن يقرأ دائما ويعرف بشكل موضوعي النصوص الموجودة. وأقول جملتي الشهيرة: من يغمض عينيه ظنا منه أن الناس لا يرونه فهو أعمي. أتمنى أن من يقتبس يكتب اقتباس ومن يمصر يكتب تمصير وأن من يعرب يكتب تعريب وأن من يعد يكتب إعداد. ومنهم كتاب أحب كتاباتهم حقيقة،  لكن هذه المرة خانهم التوفيق تماما في عدم ذكر المصدر.

- قل كلمة أخيرة حول المهرجان
 ليس مهما أن نصنع مهرجانا ناجحا كل عام ولكن الأهم أن تظل المصابيح مضيئة طوال العام. لذلك فقد أوصيت بأن هذه العروض الفائزة تجوب أرض الوطن المصري كله سواء في مسارح الدولة او مسارح وبيوت الهيئة العامة للثقافة الجماهيرية أو في مسارح الجامعات مثلا. هذه العروض الجميلة سواء كانت فائزة أو غير فائزة لا بد أن تمارس التجوال والطواف كي يستمتع بها الجمهور المصري العريض, ويستمتعوا هم أيضا بالتعرف على جمهورهم. وأنا سعيد جدا بعدد كبير من الفنانين الذين فازوا وأستطيع أن أقول إنه حقهم تماما وبإذن الله يوفق الجميع نحو عمل مهرجان يليق بمصر.

 


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏