جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 702 صدر بتاريخ 8فبراير2021

لايمكن ان يظل المسرح – او الفن عموما - بعيدا عن مشكلة مهمة تواجه المجتمع. من هنا قررت “لورين جاندرسون” ان تقتحم هذا الموضوع. وجاندرسون لمن لايعرفها كاتبة امريكية شابة (39 عاما) لاتقتصر ابداعاتها على المسرح بل تمتد الى السنيما والتليفزيون والقصة القصيرة. وتتميز بانها لم تكتف بموهبتها الادبية الفطرية بل صقلت موهبتها بدراسة الكتابة الدرامية فى جامعتى ايمورى ونيويورك.  
وهى تهتم بقضايا المجتمع الامريكى خاصة شيوع العنف والجريمة فى الولايات المتحدة بسبب فوضى حيازة الاسلحة. كما انها تهتم بسير العلماء فى مسرحياتها مثل مسرحية “منتصف حياة مدام كورى”. واحيانا ما تكون مسرحياتها عن علماء مجهولين مثل مسرحية “اميل”   التى تدور  حول فيلسوف وعالم  فرنسى  عاش فى القرن 18. وهناك  مسرحية عن الكاتبة المسرحية الفرنسية    “اوليمب”  التى عاشت فى القرن 18   ولايكاد يعرفها كثير من الفرنسين انفسهم .
 وتصنف جاندرسون حاليا بانها من اغزر كتاب المسرح   انتاجا وبين  اكثر الكتاب الذين عرضت لهم اعمال مسرحية فى السنوات الاخيرة .   وقد عرضت لها  رغم هذه السن الصغيرة اكثر من 20 مسرحية تصنف بعضها بين عيون المسرح الامريكى مثل “انا وانت” و”اميل” و”السماء الصامتة”..
من خلال الزوج
وعندما ارادت كتابة عمل مسرحى عن وباء كورونا الذى يضرب المجتمع الامريكى بقسوة ، لم تجد سوى ان تعالج القضية من خلال زوجها  الذى اقترنت به منذ 8 سنوات “ناثان وولف “(51 سنة )خبير الفيروسات وطب المناطق الحارة الذى عاش لفترة فى افريقيا.
وتعاملت معه كأى مصدر تتعامل معه فى عملية الابداع حيث اجرت مقابلات معه للحصول على كافة المعلومات المطلوبة للعمل المسرحى وقامت بتسجيلها واستمعت اليها عدة مرات قبل ان تكتب المسرحية التى حملت اسم “الكارثى” وهى مسرحية من مسرحيات الممثل الواحد. وبسبب قيود كورونا امكن فقط عرض المسرحية على احد المسارح الصغيرة فى ضواحى سان فرانسيسكو لايام قليلة ثم تصويرها وبثها على الانترنت لمن يريد بمقابل كنوع من المسرح السنيمائى. وكانت المسرحية من انتاجها. وكانت المفاجأة انها اختارت فى البداية  زوجها فى البداية للقيام ببطولة المسرحية وتجسي شخصيته . وقالت انها دربته  على الالقاء لعدة اسابيع ليقوم بدوره كاى ممثل مسرحى. وكانت فترة التدريب قصيرة نسبيا بفضل مايتمتع به من موهبة لم تكن هى نفسها تتوقع وجودها لديه فضلا عن بساطة العبارات. لكنها تراجعت عن الفكرة واسندت البطولة الى الممثل الشاب وليم دى ميريت.
وهى عموما لم تكن فكرتها بل اقترحها بعض الاصدقاء والنقاد ونفذتها عندما اقتنعت بجدواها بعد فترة من الدراسة والتفكير لكنها تراجعت عنها..
تعقيدات
وتقول جوندرسون انها يمكن فى مسرحيات ان تتناول مواضيع عديدة لكن الاساس انها تنظر الى التعقيدات التى يتسم بها الناس واخطائهم وما يتعرضون له من فشل واحباط وما يتعرضون له من خيانات. وهذا ماجعلها ترشح زوجها لتجسيد شخصيته فى المسرحية فى البداية . وهو بالمناسبة من عشاق المسرح وتعرفت عليه فى مهرجان شكسبير للمسرح بولاية اوريجون.
 وتدور المسرحية حول علاقة زوجها بالفيروسات وبداية اهتمامه بها والتخصص فيها بعد ان اكتشف انها اكثر انماط الحياة شيوعا فى كوكبنا الارضى. كما تعرض المسرحية المخاطر التى يتعرض لها الاطباء فى مواجهتها.  
وتقول ان مادفعها الى الى كتاب المسرحية معاناة مدينة سان فرانسيسكو التى تعيش تعيش اوضاعا ماساوية بسبب كورونا. فمن نجا من الاصابة بالمرض يمكن ان يفقد عمله مما ادى لتصاعد معدلات الجريمة بها. هذا رغم نجاح المدينة فى التعامل مع كورونا حث لاتزيد معدلات الاصابة والوفاة عن ربع المعدل العام.
وتقول ان المسارح توقفت عن العمل لكنها لن تتوقف عن الابداع ولن تشغلها عنه اعباء رعاية طفليها (4و6 سنوات).
خبر حزين ...لعشاق المسرح
اغلاق مسرحين خلال اسبوع
عندما يعلن مسرح عن اغلاق ابوابه وتصفية نفسه ،يكون ذلك خبرا حزينا لعشاق المسرح. وعندما يكون ثانى مسرح يصدر عنه اعلان من هذا القبيل يكون الحزن اكبر. وعندما يحدث ذلك فى مدينة واحدة مثل شيكاغو –كبرى مدن ولاية الينوى- يصبح الحزن اكبر واكبر.
وهذا ما حدث فى شيكاغو بالفعل عندما اعلن مسرح “اى او” الشهير فى المدينة وهو مسرح متخصص فى الاعمال الكوميدية والارتجالية comedy and improvisation عن اغلاق ابوابه وطرح نفسه وأصوله  للبيع.  
وكان ذلك بعد اقل من اسبوع من اعلان مسرح اخر من مسارح شيكاغو متخصص فى الاعمال الكوميدية ايضا وهو مسرح “سكند سيتى” عن قرار مماثل.  وينظر البعض الى الكوميديا باعتبارها فرصة  تخفف عن سكان شيكاغو معاناتهم من التبعات الاقتصادية لازمة كورونا  وبسبب الجريمة التى تجتاح المدينة ويسقط من جرائها نحو 700 قتيل كل عام.
 وتعود نشأة «اى او« وهو اختصار عبارة IMPROVE OLYMPICالى 1981 فقط واسسته ممثلة كوميدية هى «شارنا هالبرن»  بينما نشأ «سكند سيتى «  قبله ب22 عاما. وخاض المسرحان – وهما ملكية خاصة – منافسات حادة كان جمهور المسرح المستفيد الاول منها. وكان يعتمدان فى اعمالهما على الفنانين الناشئين وكانا السبب فى شهرة العديد منهم وتحولهم الى نجوم على مستوى الولايات المتحدة فى المسرح والسنيما وغيرهما  مثل تينافاى ومايك مايرز.
وتأثر المسرحان بالاجراءات الوقائية التى فرضت فى المدينة بسبب كورونا  وتوقف نشاطهما وفشلا فى تعويض الموارد فكان القرار الصعب.
سبب أخر
ولم تكن كورونا السبب الوحيد فى المشكلة بل نشبت خلافات داخلية بين العاملين  فى الفرق نفسها من ممثلين ومخرجين حيث ارتفعت اصوات تنادى بالتجديد وعدم الاقتصار على الاعمال الكوميدية والارتجالية.  وهناك اتهامات تعرضت لها الفرقتان مع فرق مسرحية اخرى بالعنصرية والاهتمام بالبيض على حساب العرقيات الاخرى خاصة السود الذين يعيش عدد كبير منهم فى شيكاغو. ولم يكن هناك بديل عن اغلاقه كما تقول هالبرن بعد محاولات مضنية للحيلولة دون اغلاقه .
وتقول ان «اى او «كان يتمتع بميزة مهمة وهى انها كانت تملك المسرح الذى تقدم عليه عروضها بينما كانت سكند سيتى  تستأجر المسارح التى تقدم عليها اعمالها فى الحى القديم بشيكاغو.
المسرح مظلوم
شهدت العاصمة الفرنسية مظاهرة قام بها العاملون فى المسرح من مؤلفين ومخرجين وممثلين وفنيين احتجاجا على استمرار اغلاق المسارح فى باريس وجميع انحاء فرنسا بسبب  الموجة الثانية من كورونا. جرت المظاهرة فى ميدان باستيل امام اوبرا باريس الشهيرة.
اكد المتظاهرون الذين قدرت اعدادهم  بالألاف  انه لم يعد هناك مبرر للاستمرار فى اغلاق هذه المؤسسات الثقافية التى ارتبطت بها الحياة الثقافية فى فرنسا – خاصة فى باريس - وتقدم لسكانها ولضيوفها خدمة ثقافية  مميزة.  كما اكدوا ان كافة المسارح قامت وتقوم بتطبيق الاجراءات الوقائية على النحو المطلوب ولايوجد ما يبرر الاستمرار فى اغلاقها.  
واتهموا بلدية باريس بالتحايل والخداع بالاعلان عن السماح بفتح المسارح فى غير اوقات الحظر التى تبدأ من الثامنة مساء حتى السادسة  صباحا  لانها تعلم جيدا ان الاوقات المسموح خلالاها بفتح المسارح غير مناسبة لطبيعة العمل المسرحى ومواعيده المناسبة. واكدوا انه لم يثبت ان التردد على المسارح يمكن ان يزيد من فرص اصابة المترددين بكورونا او غيرها. وقالوا ان الميزانية التى اقرتها الحكومة الفرنسية لدعم الفنون خلال الازمة  (35 مليون يورو) لا تكفى ولابديل عن عودة المسارح وكافة المؤسسات الثقافية الى نشاطها الطبيعى.
قادت المظاهرة الممثلة والمخرجة المسرحية الشهيرة فيرونيك بيلى نائبة رئيس مسرح مونترى فى الضواحى الشرقية لباريس. واكدت فى تصريحات صحفية خلال المظاهرات  انها لاتفهم ان يتم اغلاق المسارح بينما سمح بفتح الكنائس دون اى شروط.


ترجمة هشام عبد الرءوف