حواديت أراجوزية.. «نمر» وحكايات جديدة

حواديت أراجوزية..  «نمر» وحكايات جديدة

العدد 694 صدر بتاريخ 14ديسمبر2020

«لقطات متتابعة، يتعدد كتابها، وإن ظلت من حيث البنية والشكل واللغة والدلالة موحدة ومتجانسة، هي لقطات انتقادية وتعليمية بدرجة ما، تميز بحس ساخر يلتقط المفارقات ويصوغها عبر حوارات خاطفة وصور موجزة ومكثفة.
بشكل عام، تعكس اللقطات المرحلة الراهنة: الخطر والوباء والتباعد وسطوة الخوف والعزلة، مع ما ينتج من ذلك من أشياء وأدوات مستحدثة، وما يترتب عليها من شيوع أنماط من المشاعر والمخاوف والسلوك.
يأتي تنوع الكتاب وتعددهم – وهذا ما يثير الانتباه ويبرر التوقف النقدي قليلًا – مؤكدًا على وحدة المشاهد وصانعًا لتجانسها، وكأنها صورة كلية تنحل في لقطات، وأن أضفى تعدد الكتاب شيئًا من التنوع اللغوي والدلالي وبعض اللمسات النوعية في الصياغة والرؤية وكثافة التكوين والإيحاء، ولكن ظلت البنية المشهدية كلية وموحدة بدرجة واضحة.
تتصل اللوحات كما هو واضح بتراث الأراجوز وقناعه وسحره الإيهامي ولعبته المتوارثة الجاذبة للخيال الطفولي والفرجة المرحة، وهو ما أعطى اللوحات تميزها وطموحها في كتابة فقرات مغايرة لتلك التي درجت عليها اللعبة الشعبية، فقد حافظت اللوحات بتفاوتات معينة على حركة الدمية والخيال العرائسي وقناع الأراجوز ودوره الكاشف ولغته الهزلية الانتقادية التي تخفي قدر ما تكشف وتعري وتظهر مثلما تحجت وتغطي، مع ذلك سعت اللوحات إلى إضافة ملمحها الخاص، واستهدفت إحياء اللعبة وتحديث مواضيعها وخطابها وعلاماتها، بحيث يتجدد الاراجوز ويغدو راهنًا وفاعلًا في الواقع مثلما كان في تراثه السحيق».. هكذا جاءت كلمات الدكتور محمود نسيم في مقدمة كتاب «حواديث أراجوزية .. نمر وحكايات جديدة».
وسنتعرض الآن ما دار في حفل توقيع «حواديث أراجوزية .. نمر وحكايات جديدة» إعداد أحمد عبد العليم وناصر سالم، وشارك في كتابته أحمد جابر، أحمد زيدان، سيد لطفي، محمد زناتي، محمد ناصف، وذلك ضمن فعاليات الملتقى الثاني للأراجوز المصري بالحديقة الثقافية.
قال الكاتب محمد ناصف، رئيس المركز القومي للطفل، إن كتاب «حواديت اراجوزية» اعتبره كتاب فارق بين مرحلتين، الأولى هي مرحلة النمر التراثية أو الشعبية التي كان يتغنى بها الاراجوز طوال عقود من الزمن، ونمر جديدة تشتبك مباشرة مع الواقع المعيشي الذي نوجد فيه.
وأضاف الكاتب محمد ناصف، أن كتاب «حواديت أراجوزية» لـ 5 كتاب أحبوا الاراجوز وكتبوا له نمر جديدة مشتبكة مع الواقع، مثل فيروس كورونا، والإنترنت، والواتس، وجميع المشاكل التي تقابل المواطنين، ويقول الاراجوز فيها كلمة بعيدة عن نمره التراثية التي كان يعمل عليها طوال السنوات الماضية.
وتابع: أن هؤلاء الكتاب قدموا نمرا جديدة، هذه النمر تظل في ذاكرة اجيال أخرى جديدة، وسوف تكون إضافة مهمة لدور الاراجوز في الواقع الاجتماعي، وأعتقد أن هذه النمر سوف يتم التعامل معها من خلال لاعبي الاراجوز الجدد في المراحل القادمة.
وأشار إلى أن فكرة الكتاب التي تحمس لها الزملاء بداية من الأستاذ ناصر عبد التواب وأحمد جابر وأحمد الزناتي وأحمد زيدان وسيد لطفي، وأنا أيضا تحمست وكتبت أول نمرة من نمر هذا الاراجوز إيمانا بالفكرة، وتشجيع للأصدقاء الآخرين في أن يكتبوا نمرا جديدة.
وأردف: أعتقد أننا في الفترة المقبلة سوف نقدم نمر أخرى جديدة، ومن الممكن أن نصدر كتابا جديدا في ملتقى الاراجوز والعرائس التقليدية الثالث، بنمر جديدة مختلفة لإضافة نمر جديدة لدى الاراجوز، لافتاً إلى أن هذه النمر تم تحويلها وتنفيذها عن طريق الاراجوز وتصويرها وتقديمها للجمهور على قناة المركز القومي لثقافة الطفل بموقع «يوتيوب»، وتحولت من مجرد نصوص على الورق إلى نصوص حية موجودة على اليوتيوب، هذا يصب بشكل مباشر وفعال في الصون العاجل للاراجوز، بالإضافة إلى أنها تعطي زخما كبيرا بجانب المحاضرات والندوات، كما أننا بحاجة إلى تدريب وتقديم لاعبين جدد للاراجوز، وأيضا تقديم نمر جديدة للاراجوز برؤية جديدة وعصرية.
واختتم حديثه قائلا: سعيد أننا نعمل بامكانيات بسيطة، ومن المفترض أن يحدث لها دعم من جهات أخرى من أجل الوصول بالصون العاجل للاراجوز إلى شيء مرضي بالنسبة لنا، وسوف نواصل في صوننا للاراجوز.
وقال الباحث أحمد عبد العليم: «كلنا عارفين أن الأراجوز تراث من عشرات السنين، ولكن بمساعدة أ. ناصر عبد التواب كمخرج ولاعب أراجوز، وبمساعدة الكتاب الذين شاركوا في كتابة هذا الكتاب، حصل حاجه تعتبر من وجهة نظري تاريخية، هي أن كل الأراجوزات بتاعت زمان حتى قبل هذا الكتاب كانوا بيشتغلوا على نمر قديمة، نمر جاية من التراث معمولة قبل كده، وهما في حدود عشر نمر، ولكن بصدور هذا الكتاب أصبح هناك نمر جديدة وعصرية تتحدث عن التنمر والطمع، وتناسب وقتنا الحالي، فنحن أمام نموذج جديد للأراجوز غير الذي رأيناه من قبل في التراث والموالد، نحن الآن أمام نموذج يقدم قيمة وسلوكيات إيجابية في مواجهة بعض السلوكيات السلبية الموجودة في المجتمع، ويحاول تقويم هذه السلوكيات في الكبار والصغار».
وأضاف: سعدت بكوني محرر لهذا الكتاب وهذا اضطرني لقراءة جميع النمر، والنمر في مجملها جيدة، حيث أنها راعت نفس النسق الذي يسير عليه الأراجوز القديم، خاصة أننا نحاول الحفاظ عليه ولكن مع بعض التطويرات التي تمت بشكل أو بآخر.
فيما المخرج الفنان ناصر سالم: هناك أساتذة قبلي بدأوا أن يستلهموا من التراث أشكال أو أنهم يستخدموا الأشكال الشعبية بشكل عصري وحديث، منهم الأستاذ الراحل بهاء الميرغني، وكمال الدين حسين، وانتصار عبد الفتاح، وأحمد إسماعيل الكبير، وهذه التجارب شكلت جزء كبير من وعيي باستخدام الأراجوز والعمل به، خاصة أنه عروسة بسيطة يدهش الناس بصوته وملابسه، وهذه العروسة البسيطة استطاعت أن تشكل في العقل الجمعي في المواطن المصري أشياء تقاوم جميع الأشكال السلبية.
وأضاف ناصر سالم: أنه عندما يخطئ الأراجوز من الجميل أنه يأخذ الموعظة من الأطفال، وعادة الرجل الكبير أمامنا هو قدوة، متابعًا: «العروسة إذا تم تطويرها وبقت عينيها بتتحرك مبقتش أراجوز، ولو شفايفها اتحركت مبقتش أراجوز، فهو له شكل تراثي نحاول الحفاظ عليه، إنما من الممكن أنه يتم تطويره على مستوى تحميل مضامين أخرى لهذه العروسة الجذابة المدهشة، لافتًا إلى أن هناك أشياء كثيرة نفعلها خاطئة مثل فكرة التكالب على الأشياء، وأيضًا فكرة التنمر والطمع والغش وتنظيم الوقت، حاولنا أن نقوم بكتابة مجموعة «نمر» عصرية وهي تعني إصلاح ما تم إفساده بطريقة مرحة.
وقال الشاعر أحمد زيدان: الحقيقة أنا يمكن حضرت الحلقة النقاشية التي تمت حول «فن الأراجوز» بالمجلس الأعلى للثقافة، وكنت أحد المستمعين والمشاركين في هذه الحلقة النقاشية، وكان بها حديث عن ندرة النصوص الموجودة للأراجوز، ويمكن بعض لاعبي الأراجوز أشاروا للعجز في هذه المنطقة، كما تحدث بعض النقاد واللاعبين عن شكل العروسة وتطويرها والمساحة الصغيرة التي يؤدي بها الأراجوز نمرته، وهل تحتاج لشيء من الجذب؟.
وأضاف أحمد زيدان: كان اختبار صعب جدًا أني أكتب نمرة للأراجوز، وجلست مع أ. ناصر سالم وتحدثنا كثيرًا وشاهدت العمل عن قرب، عشان أعرف المطلوب بالظبط، والراهانات المطلوبة أن أخوضها، وبدأت أحاول أن أجعل الحديث الخاص بالأراجوز جمل قصيرة، وأنه يكون ناجح في توصيلها للناس، وكان هناك حديث حول أن النمرة تكون قائمة على موقف وحيد أساسي بشكل عصري، حيث أننا عملنا على أراجوز يوتيبر، والحظر، والكورونا، وتنظيم الوقت، خاصة أننا تناولنا ما يثير الناس على مواقع التواصل الاجتماعي.
بينما قال الفنان أحمد جابر: أشكر جميع زملائي الذين شاركوا في ظهور هذا الكتاب بهذا المظهر المشرف، كما أشكر الأستاذ محمد ناصف رئيس المركز القومي لثقافة الطفل على دعمه وتشجيعه المستمر، بالنسبة لتجربتي: أنا ملاغي الأراجوز، يعني باتكلم معاه وأوصل الحالة بتاعته للناس، وأكون حلقة الوصل بين الأراجوز والجمهور، ومهمة الملاغي هي إجماع الناس حوله ويبدأ توصيل الفكرة التي سوف يعمل عليها الأراجوز، ثم يقوم بالتحاور معه.
وأضاف: في بداية التعامل مع أ. محمد ناصف أنا كان في ذهني شكل الأراجوز القديم اللي كلنا كنا بنتفرج عليه، وكان العالم بتاعه الفنان محمود شكوكو، لكن اكتشفت أن أ. محمد ناصف ينتهج منهج مختلف، أو على حد قوله – أنا سكتي غير – باعتبار أهمية المكان الذي يقدم فيه ثقافة للأطفال ودعم لهواياتهم، خاصة أننا نعمل على تقديم «نمرة» بها ابتسامه وتنتهي بقيمة نتعلم منها، أما بداية كتابتي فهي من زمان لكن كنت محتفظ بها لنفسي، لكن أني اقدمها بشكل احترافي فهي كانت فكرة أسسها الفنان ناصر سالم بعد جائحة كورونا.
وتابع: وضعت تصور لثلاث نمر هي: العيد فرحة، لا للعنف، والنمرود دايمًا مفقود، وكانت مفاجأة جميلة بالنسبة لي أن يكون أول شغل ليا متوثق في كتاب مع كٌتاب عظام وإنتاج ثقافة الطفل، وتحت إشراف مخرج رائع مثل الأستاذ ناصر سالم، وذلك بجانب عملي كممثل بدعم وتوجيه أ. محمد ناصف وإدارة مركز ثقافة الطفل.
 


ياسمين عباس