جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 690 صدر بتاريخ 16نوفمبر2020

منعت السلطات التركية عرض مسرحية كوميدية باللغة الكردية، كان مقررا أن تعرض في مسرح بلدي في إسطنبول، بزعم “ترويج الدعاية الإرهابية”.
ومسرحية “بيرو” وهي ترجمة كردية لمسرحية “الأبواق والتوت البري” للكاتب الإيطالي داريو فو، كانت مدرجة في برنامج أكتوبر في المسرح البلدي في إسطنبول،  الذى يعود تاريخه 1914.
وكان من المقرر أن تكون المسرحية أول عمل باللغة الكردية تستضيفه قاعة تابعة للمسرح البلدي في إسطنبول، في تاريخ تركيا الحديث، كما كان يفترض أن يتم العرض الذي تقدمه الفرقة المستقلة “تياترا جيانا نو” أو “مسرح الحياة الجديدة”  ، في القاعة الواقعة في حي غازي عثمان باشا.
وقالت الممثلة روجيش كيريدجي “كنا على المسرح، ومستعدين لبدء العرض وبانتظار المشاهدين حين وصلنا القرار”.
اللغة الكردية
وبعدما كانت ممنوعة لوقت طويل، سمحت السلطات التركية باستخدام اللغة الكردية بشكل جزئي خلال التسعينات، وبشكل أوسع منذ بداية الألفية.
وأكد الممثل عمر شاهين: “لم نكن نتوقع أن يمنع العرض. حصلت حالات مماثلة في التسعينات، لكننا كنا نعتقد أن هذا أمر مضى عليه الزمن”.
واعتبرت كيريدجي أن “هذا عار على البلاد. هذه المسرحية عرضت بكل اللغات في العالم. لماذا سيشكل عرضها بالكردية تهديدا للنظام العام؟ كنا سنضحك معا على مسرحية كوميدية، لكن لم يسمح بذلك”.
لكن السلطات التركية ما لبثت أن نفت أن يكون سبب منع المسرحية لغتها، مؤكدة أن المنع سببه تضمن المسرحية “دعاية لحزب العمال الكردستاني” الذي تصنفه أنقرة كيانا إرهابيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن “العروض المسرحية باللغة الكردية مسموحة طبعا. لكن لا يمكن للمرء أن يتساهل مع مسرحية تحتوي على دعاية لحزب العمال الكردستاني”.
وترجمت مسرحية داريو فو إلى لغات عديدة، وعرضت في بلدان كثيرة حول العالم.
لكن قرار المنع يبدو أنه يتعلق بالفرقة التي تؤديها، أكثر من مضمون المسرحية نفسه، إذ إن السلطات تأخذ على الفرقة المسرحية انتماءها إلى مركز ثقافي تعتبره قريبا من الحزب المحظور.
ومنذ محاولة الانقلاب في صيف عام 2016، شددت الحكومة التركية من قمعها للأوساط السياسية والثقافية الكردية، كما أدى فشل عملية السلام وتجدد النزاع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني في عام 2015، إلى تشديد أنقرة قبضتها على المنظمات الكردية.
وأوقفت السلطات أو عزلت عشرات من رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، في جنوب شرق تركيا.
سياسة وفن وكوميديا
 ومسرحية “الأبواق والتوت البرى” عمل مسرحى يمزج بين  السياسة والفن في جو من الكوميديا الساخرة، حيث سادت في فترة السبعينيات حركات سياسية معارضة خارج الإطار الحزبي التقليدي، فمنها ما اتخذ السلمية سبيلًا ومنها ما لجأ إلى العنف والخطف والاغتيال،   وهذا  ما جعل المؤلف يقدم على تأليف هذه المسرحية الهامة، وهي تبرز جانب خلط الهوية.
 وتدور المسرحية حول رجل يعمل بائعا  في شركة فيات  ويشاهد ما يبدو أنه هجوم إرهابي على   رئيس الشركة فيات، فيسرع ويغطي رجل الصناعة الذي احترق بشدة بسترته قبل أن يهرب من المكان، وقد نقل أجنيللي المشوه تماما إلى المستشفى وهناك تحددت هويته على أنه البائع الذي بالمحل، بينما البائع يستجوبه البوليس على أنه الإرهابي مرتكب الجريمة. وصاحب ذلك من  الكثير من المفارقات الممتعة التى تفجر الضحكات .
وفكرة المسرحية التى قدمت لاول مرة عام 1981 مستلهمة من حدث حقيقي في أواخر السبعينيات في إيطاليا, حادثة اختطاف منظمة الألوية الحمراء اليسارية لرئيس الوزراء ألدو مورو وقتله بعد رفض الحكومة التفاوض وتنفيذ مطالب المختطفين
في المسرحية   يعرض داريو فو الاختلاف في رد الفعل والتفاوض إذا كان الشخص المخطوف واحد من رجال المال والصناعة ” أجنيللي” مالك ورئيس شركات فيات الذي يملك قوة اقتصادية مسيطرة على الدولة.وبأسلوب ساخر وهزلي أحيانا يكتب عن سلطة وهيمنة المال على الحكومات
 وجاءت معالجة المسرحية لهذه التساؤلات  هزلية ساخرة، لا تترك في المجتمع الإيطالي شيئا دون أن تسخر منه. وكانت الترجمات والمعالجات تطوع الفكرة للاوضاع المحلية فى الدول التى يقدم فيها العرض . وقد تم تقديمها فى مصر العام الماضى بواسطة مجموعة من الهواة على قصر ثقافة الانفوشى. وقدمت فى سوريا من اخراج ايمن زيدان.
وداريو فو اديب مسرحى ايطالى شهير توفى عام 2016 عن 90 عاما .
نتفلكس حل مؤقت ....بعد شهرين
العرض الجماهرى ...هو الاساس
جاء الحل متأخرا شهرين ...لكنه جاء على اية حال. المقصود هنا المسرحية الموسيقية “ديانا” التى كان من المقرر عرضها على احد مسارح برودواى اعتبارا من منتصف اغسطس الماضى فى ذكرى  وفاة ديانا سبنسر  اميرة ويلز فى حادث سيارة   فى لندن قبل 23 عاما عندما كانت بصحبة الشاب المصرى عماد الفايد الشهير بدودى نجل اسرة الفايد. وحرصا على تحقيق اعلى درجات الجودة بدأت بروفات المسرحية فى اول مارس الماضى رغم ان العروض المسرحية الامريكية عادة لا تحتاج بروفاتها سوى اسابيع محدودة.
وعندما حان موعد العرض كان من المقرر بدء عرضها على مسرح لوناكرى فى برودواى لكنه مغلق . لم يمكن العثور على مسرح مناسب بسبب اغلاق مسارح برودواى فى اطار الاجراءات الوقائية لمواجهة انتشار وباء كورونا الذى اودى حتى الان بحياة نحو 230 الف امريكى. وامتد البحث خارج برودواى فى نيويورك نفسها لكن المسارح المتاحة لم تكن مناسبة سواء من ناحية تجهيزاتها التى لا تلائم مسرحية موسيقية او قيود السعة التى لا تزيد عن 25 % من سعة المقاعد واحيانا اقل.
واخيرا قررت الفرقة عرض المسرحية قبل ان تمر فترة طويلة على ذكرى مصرع اميرة ويلز ويفقد العمل جاذبيته. ولن تعرض المسرحية عرضا جماهيريا على اى مسرح بل ستعرض على مسرح خال بدون جماهير .وسوف تذاع على الهواء على الشبكة الاعلامية الرقمية  نتفليكس التى ستقوم  ببثها  لمشتركيها على الهواء بمقابل مادى. ويقل المقابل الى النصف  لمن يريد مشاهدتها بعد انتهاء العرض . الا ان هذه القاعدة سوف تنطبق فقط على مشتركى الشبكة خارج الولايات المتحدة عبر نتفليكس التى يبلغ عدد مشتركيها نحو 160 مليونا داخل الولايات المتحدة وخارجها فى نحو 60 بلدا.
 وتقول ادارة الفرقة ان هذا الاجراء سيكون اجراء مؤقتا والامل ان تبدأ العروض الجماهيرية الحقيقية  العام القادم لانها الاساس بلا بديل.
دوافع
ويبدى المدير الادارى للفرقة اسفه للقرار الذى صدر قبل ايام ويمدد الاجراءات الوقائية فى برودواى حتى مايو القادم . وقال ان هذا القرار كان وراء قرار إدارة الفرقة باختيار نتفليكس التى يعود تاسيسها الى 1997. وهذا لايمنع من ان هذا الاتفاق سوف يساعد على توسيع قاعدة مشاهدى المسرحية ويعوض الفرقة عن خسائرها. ويؤكد المدير الادارى انه سوف تراعى اعلى درجات الاجراءات الوقائية لحماية الممثلين والفنيين وكل افراد المسرحية. ولكن الفرقة سوف تكون مضطرة الى اجراء العرض التجريبى للمسرحية الذى يحضره النقاد ليبدوا ملاحظاتهم التى تكون فى اغلبها قيمة واعتادت الفرقة الاخذ بها.
 وتقول مارى ماكول رئيسة احدى النقابات  الفنية ان المهمة لن تكون سهلة. فالمسرح عمل جماعى يتطلب التفاعل بين كافة المشاركين فى العمل المسرحى  من ممثلين وفنيين وغيرهم مما يجعل الفصل بينهم امرا مستحيلا. لكن لا باس من المحاولة لانه لا ينبغى ان تظل المسارح مغلقة.        
 ولا تعد مسرحية ديانا اول مسرحية تتعاقد نتفليكس على عرضها بهذا الاسلوب بل تعاقدت على عرض مسرحيات اخرى موسيقية وعادية مثل “الابن الامريكى” لكيرى واشنطن.  
وتشير احدى الدراسات الى ان هذا الاسلوب تكون له فائدة غير مباشرة وهى انه يزيد من اقبال الجماهير على المسرح وانها يمكن ان تسعى الى مشاهدة العمل المسرحى على المسرح اذا نال اعجابها عند عرضه تليفزيونيا. وربما يزيد ذلك من اقبال الجماهير عندما تعرض المسرحية جماهيريا .
وهناك مثال واضح على ذلك فى مسرحية “هاملتون “ التى عرضت على مسارح عديدة وبواسطة فرق عديدة فى مدن عديدة. فقد زاد معدل الاقبال عليها بمقدار الثلث بعد عرض اجزاء منها على قناة ديزنى بلاس .  
وديانا مسرحية موسيقية تقدم بشكل ماساوى قصة الأميرة ديانا التى تمردت على قيود الاسرة المالكة وكيف انتهت حياتها بشكل مأساوى.
وتجسد شخصية ديانا الممثلة الامريكية المسرحية “جيانا دى وال”. وكتب اغانيها ديفيد بريان وهى من تاليف الكاتب المسرحى جو دى بيترو.


ترجمة هشام عبد الرءوف