المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (10) فرقة رمسيس داخل قطار فلسطين

المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (10) فرقة رمسيس داخل قطار فلسطين

العدد 688 صدر بتاريخ 2نوفمبر2020

زارت فرقة رمسيس فلسطين في صيف عام 1932. وبطبيعة الحال، سافرت الفرقة بقطار فلسطين من القنطرة إلى حيفا. وهذا القطار هو وسيلة المواصلات لأغلب الفرق المسرحية المصرية، التي تزور بلاد الشام، وتحديداً فلسطين ذهاباً وإياباً. وهذا القطار نسمع عنه ونقرأ عنه، وربما نجد صوراً له، ورغم ذلك لم يصفه لنا أحد، ولم يروِ لنا أي مسرحي رحلته بهذا القطار!! لذلك، كانت مفاجأة سارة، عندما وجدت «قاسم وجدي» - أحد أفراد فرقة رمسيس – يصف في مجلة «الصباح» المصرية في مايو 1932، رحلة فرقة رمسيس إلى فلسطين من خلال هذا القطار!! ومهما كانت الطرائف التي رواها، والوصف الدقيق لما حدث داخل هذا القطار، سيظل ما نقله قاسم وجدي الوصف التفصيلي المتاح لرحلة إحدى الفرق المسرحية المصرية داخل قطار فلسطين، ومنه إلى الشام، مع وصف هذا الطريق أيضاً!!
قال قاسم وجدي: .. انتقلنا بالقطار من محطة مصر. وفي العاشرة مساء وصل بنا القطار إلى محطة القنطرة، فانتقلنا منها على «الطوافة» [يقصد المعديّة] إلى القنطرة الشرقية، وكان علينا أن ننتظر «الطوافة» لنعود بالتالي بحقائبنا .. كان الباقي على موعد قيام قطار فلسطين ربع ساعة لا أكثر، ودون إنذار فوجئنا بأن أمتعتنا ينقصها شيء نَسَيه «الشيّال» على رصيف القطار المصري، شيء كان أهون علينا أن ينسى كل حقائبنا على ألا ينساه!! ذلك الشيء هو «صندوق الروايات»، روايات الفرقة كلها التي ستمثلها في الرحلة! يا للهول .. كيف العمل؟ الطوافة هناك ولا سبيل إلى استعمالها .. إذن فلوكة تقطع القناة لتحضر رأس مال الفرقة، وحين يكون الإنسان متعجلاً يمر الوقت عليه سريعاً راكضاً أو يخيل إليه أنه كذلك .. وعاد الصندوق .. ولكن لم يبق على الرحيل أكثر من خمس دقائق .. وجاء ناظر المحطة ووضع الصندوق فوق الميزان لتقدير وزنه، وفجأة رأينا القطار يتسلل من المحطة كلص دون إنذار! وقطار فلسطين له نظام غريب في رحلته، فهو يقوم ولا يسبق قيامه رن الجرس أو نفخة صفارة. ونادى البعض أوقفوا القطار دون جدوى، ورأى الناظر إمارات الجزع تبدو على وجوهنا، فأمر بإيقاف القطار والحمد لله فقد تم شحن الصندوق، وسار بنا القطار يقطع طريقه في صحراء سيناء، وكان يسير ببطء فوق رمال الصحراء، وأينما نظرنا من نوافذه، وجدنا فضاء يحدوه فضاء، يرسل القمر عليه أشعته فترى من حين لآخر نخيلاً مغروساً. لست أدري ما وجه الحكمة في صغر حجم القطار الفلسطيني وعرباته، والطريق الذي يقطعه من القنطرة لحيفا كله صحراء متسقة. وما كان ليؤثر في اتساعها لو كان القطار في ضعف حجمه الحالي. وهذا الضيق في قطار فلسطين يسبب إزعاجاً للراكب! فالممرات إذا وضعت فيها حقيبة أصبح من المتعذر اجتيازها، والمقاعد إذا امتلأت بالركاب تصادموا ببعض. لكن قطار فلسطين يمتاز عن قطارات مصر بعنايته الفائقة باتقاء الخطر عن الركاب، ففي كل ديوان من كل عربة تجد لوحة موضوعة في إطار من زجاج، تحتوي على هذه العبارة «إذا رأيت خطراً في القطار فأوقفه». وترى فوق هذه اليافطة «الزنجير» وهو سلسلة تنتهي بمقبض يشد إلى تحت فيقف القطار. وهذه السلسلة بمقبضها موضوعة في علبة ذات غطاء من الزجاج ينكسر بسهولة عند الحاجة إلى شد الزنجير. وفي كل عربة ترى دولاباً صغيراً أحمر اللون درفته [ضلفته] من الزجاج. فإذا حدث حريق لا قدر الله في القطار، فما على أي راكب يتبين هذا الحريق إلا أن يحطم الزجاج ويضغط على الزر، فتندفع مياه في العربة تكفي لأن تطفئ أي حريق مهما بلغت شدته، وتحصرها في عربة واحدة، ثم تقضي عليها في دقائق معدودة، فلا يمكنها من الوصول إلى العربات الأخرى. ولا سبيل إلى الخوف من إساءة استعمال هذه التعليمات الوقتية، فأنت ترى مع كل إعلان عن التعليمات السابقة تحذيراً هذا نصه: «إذا استعملت هذه الأشياء في غير ضرورة يجازى المستعمل بخمسة جنيهات فلسطينية يدفعها غرامة». أما الفوز بالراحة في قطار فلسطين فلمن يتقدم ولمن يسبق!! فقد ذهبت إلى العربة بعد شحن الصندوق، فوجدت السابقين من الركاب على العموم لا من الزملاء فقط! فقد أخذ كل اثنين منهما ديواناً أُعدّ ليجلس فيه ثمانية ركاب، وحولاه إلى غرفة للنوم، تاركين بقية الركاب وقوفاً أو جلوساً على حقائبهم. وهو ظلم كان يجب أن تتدخل مصلحة السكة الحديد الفلسطينية في منعه عن ركاب قطاراتها، بإصدار أمر مشدد بعدم استعمال المقاعد للنوم، ففي القطار عربة للنوم لمن شاء أن يدفع لينام، فلا معنى مطلقاً لأن تدفع أنت ما أدفعه أنا تماماً من ثمن التذكرة، ثم تستمتع أنت بقضاء الليلة نائماً فوق مقعد متسع، وتحت رأسك وسادة، وعليك غطاء، وأقضيها أنا واقفاً، أو جالساً فوق حقيبة، أو على خرقة مفروشة على الأرض في المماشي والممرات، كما حدث لبعض الزملاء. وهكذا كان نصيبنا في ليلة القطار غير متساو بالمرة، وبينما كان البعض ينام براحة على شبه سرير مفروش، كان آخرون يتخذون من أكتاف جيرانهم في المقاعد وسائد يستندون رؤوسهم عليهم، ويغطون في نوم عميق، وآخرون افترشوا «بلاطيهم» على الأرض وناموا. وكان نصيبي أنا حقيبتين من الخشب لا أدري لمن كانت موضوعتين في الممشى، قضيت فوقهما ليلتي، ويا لها من ليلة. وكان طبيعياً أن لا تكون لي القدرة على النوم في فراش كهذا، وفي قطار يخال لك لاهتزازه وتمايله أنه يسقط في هوة أو يكاد. وفي الخامسة صباحاً كان أكثرنا مستيقظاً، وعدنا للغناء وللضحك وحين أشرقت الشمس استمتعنا بمشهد بديع. وعندما بلغت العاشرة صباحاً كان القطار قد أصبح في محاذاة أفريز محطة حيفا. ثم غادرنا حيفا بالسيارات إلى دمشق عن طريق طبريا لا بيروت، كما كان مقرراً من قبل؛ لأن هذا الطريق أقصر من الطريق المقرر قبلاً. والمسافة بين حيفا ودمشق 220 كيلومتر قطعناها في ست ساعات، مضافاً إليها ساعات الانتظار، والطريق من حيفا إلى جسر «بنات يعقوب» وهو نهاية الحدود، التي وضعتها فرنسا بالاشتراك مع إنجلترا في تقسيمها سوريا وفلسطين إلى مناطق ودول، طريق غني بالمناظر الجميلة. فأينما أرسلت البصر وجدت أراض متسعة منخفضة أو مرتفعة وكلها مكسوة بالزرع الأخضر الناضر. في نهايتها جبال عالية قممها مغطاة بالسحب المتجمعة البيضاء الناصعة، فتبدو كأنها جبال من الثلوج وتسير السيارات في طريق ممهد مغطى بالأسفلت. أما الطريق من جسر بنات يعقوب إلى دمشق فتبدو فيه قلة عناية فرنسا بإصلاح الأراضي، التي تستعمرها! فترى السيارات تقطع طريقها في أرض غير ممهدة تملأها «المطبات» العميقة والهضاب المرتفعة. ولقد وقعت لنا حوادث في بعضها فكاهة وفي بقيتها انزعاج! ومنها أن السائق طلب بنزيناً ويريد نقوداً، ونحن معنا نقود مصرية، وهو لا يقبلها ويريد نقوداً فلسطينية. وبعد مناقشة وجدال، حلّ المشكلة رجل فلسطيني تطوع بتحويل الجنيه المصري إلى فلسطيني! وعندما وصلنا إلى نقطة «الجاعونة» يجب أن نبرز الجوازات، وكيكي نسيت ووضعت جوازها في حقيبة ملابسها، والحقيبة مربوطة مع باقي الحقائب في مؤخرة السيارة، ولكي نحلها نحتاج ساعة على الأقل. وأخيراً تمكنا بعد جهود من إخراج الجواز دون الالتجاء لحل الحقائب. وآخر حادثة كانت متعلقة بالزميل «منسى فهمي» ولقبه حيّر ضباط الجوازات في نقطة «جسر بنات يعقوب» وهذا اللقب هو «أسخرون»!! قضينا أكثر من نصف ساعة في تعريف لقب منسى، فهو يُقرأ حيناً «مسخرون»، وحيناً آخر «مسخريوطي»! وأظرف ما قاله ضابط الجوازات: «العمى .. والله .. المُنجم ما بيعرف يحلّ ها الاسم».
عروض ناجحة
رحلة فرقة رمسيس في هذا العام إلى فلسطين كانت مميزة؛ لأنها عرضت عروضاً ناجحة، منها خمس حفلات في حيفا، وثلاث في يافا، وخمس في القدس، واثنتان في نابلس، ومن أهم المسرحيات التي عرضت في هذه المدن «أولاد الفقراء، والجحيم، ومجنون ليلى، وراسبوتين، وكرسي الاعتراف»! وقد أقيمت حفلات تكريم كثيرة في فلسطين ليوسف وهبي وقرينته وفرقته. هذا هو مجمل ما تم في رحلة هذا العام، ولنتحدث عن التفاصيل ونقول:
كان من المفروض أن تنهي الفرقة عروضها في فلسطين، حسب البروجرام المعلن من قبل المتعهدين «محمود العكرماوي»، و«داود عمر الدجاني»، ثم تعود إلى مصر؛ ولكن أهالي المدن الفلسطينية لم يكتفوا بما هو مُعلن في البروجرام، وطالبوا بزيادة العروض! فعلى سبيل المثال لم يكتفِ أهالي القدس بحفلتين مثلت فيهما الفرقة مسرحيتي «أولاد الفقراء، والجحيم»، التي وصفت مجلة «الصباح» نجاحهما، وما ترتب عليه من تغيير، قائلة: «.. وكان نجاحهما هائلاً، والإقبال عليهما من الأشياء التي تُذكر في معرض الفخر. فقد امتلأت صالة «سيون» [صهيون] بمئات المتفرجين والمتفرجات، الذين كان صوت تصفيقهم وتهليلهم يدوي كرعد قاصف. لذلك لم يكتفِ المقدسيون بهاتين الحفلتين، فألحوا على إحياء حفلة ثالثة، وكان المقرر أن تمثل فيها «راسبوتين»! ولكن الحكومة الفلسطينية لم تصرح بتمثيلها، فاستبدلت بـ«مجنون ليلى»!
راسبوتين وكرسي الاعتراف
عدم التصريح بتمثيل مسرحية «راسبوتين»، أوضحت أسبابه جريدة «الجامعة العربية» الفلسطينية في يوليو 1932، قائلة تحت عنوان «رواية راسبوتين تثير استياء المسيحيين»: « علمنا أن فريقاً من إخواننا المسيحيين ساءهم أن يقوم الأستاذ يوسف وهبي بتمثيل رواية «راسبوتين»، لأنهم يرون فيها مساساً بالشعور المسيحي. وقد ذهب بعض وجهائهم إلى دار الحكومة فقابلوا بعض كبار الموظفين لهذه الغاية. وقد شاع أيضاً أن غبطة بطريرك اللاتين قابل فخامة المندوب السامي لهذا الغرض، غير إننا سألنا بطريركية اللاتين فأكدت لنا أن مقابلة غبطته للمندوب السامي إنما كانت تلبية لدعوة فخامته، ولم تكن من أجل الاحتجاج على تمثيل الرواية». وبناء على إلحاح الجمهور، صرّحت الحكومة بتمثيل راسبوتين! وعندما علم أهل القدس بهذا التصريح، طلبوا عرضها في حفلة رابعة، فتحدد الموعد وعُرضت في سينما «إديسون» بالقدس.
ويروي لنا «قاسم وجدي» - في مجلة الصباح - ظروف تمثيل «راسبوتين» بعد مصادرتها، قائلاً: ليست المرة الأولى التي تصادر فيها مسرحية «راسبوتين»! فقد صودر تمثيلها في القدس فقط مرتين قبل الآن في رحلتي الفرقة الأولى والثانية إلى فلسطين. وقد يكون غريباً على القارئ أن يعلم بمصادرة الرواية في القدس، والتصريح بها في حيفا، وهو يعلم أن كلا البلدين تابعتان للحكومة الفلسطينية! والسبب في ذلك راجع إلى أن مدينة القدس سكانها مزيج من مختلف الطوائف الدينية. فرأت الحكومة عدم السماح بتمثيلها احتراماً لهذه الطوائف، التي قد نجد في إظهار راسبوتين القس الفاسق على المسرح أمام جمع عظيم من النظارة، ما يمس كرامة أهل الدين، أو ما يعطي فكرة سيئة عن القساوسة في نظر أولئك، الذين ينظرون إليهم نظرة تقديس مطلقة، ويعتبرونهم فوق الأخطاء وأسمى من أن يتدنى أحدهم إلى ما يتدنى إليه سائر البشر بحكم مراكزهم، وللثوب الذي يرتدونه. وأخيراً لجأت حكومة فلسطين إلى استفتاء رجال الدين المسئولين من المطارنة، فأفتوا بجواز تمثيل الرواية مع اشتراط أن لا يظهر راسبوتين أو غيره من أشخاص الرواية بملابس القساوسة، أو ما يقترب منها! ولم يكن هناك بد من قبول هذا الشرط على قسوته.
وبمناسبة تهافت الجمهور على مشاهدة مسرحية «راسبوتين»، نشرت جريدة «أبو الهول» المصرية بعض الطرائف على لسان أعضاء الفرقة – عندما عادوا - قائلة: من الحوادث الطريفة التي يقصها أفراد الفرقة عن الرحلة، أن الأستاذ يوسف وهبي أعلن عن تمثيل رواية «راسبوتين» في مدينة اللاذقية كطلب الجمهور، وكانت ملابسها قد أرسلت إلى بيروت، ففُصلت لها ملابس جديدة، وأعدّ لها «إكسسوار» جديد في يوم واحد! وتكرر ذلك مرة أخرى في القدس، عندما طلب الجمهور عرض رواية «راسبوتين»، وكانت ملابسها القديمة والجديدة قد أرسلت إلى القنطرة، فأعيد تفصيل ملابس جديدة لها [بناءً على اشتراطات رجال الدين في القدس، التي تحدثنا عنها سابقاً] وبذلك أصبح لراسبوتين في مخزن ملابس رمسيس «ثلاثة ملابس»!!
ما حدث لراسبوتين، حدث ما يشبهه لمسرحية «كرسي الاعتراف»، عندما أعلنت عن تمثيلها جريدة «الجامعة العربية» في يوليو 1932، قائلة: أسرعوا إلى مشاهدة الحفلة الختامية الكبرى لحفلات الممثل الكبير الأستاذ يوسف وهبي، الذي يقدم للجمهور روايته الخالدة «كرسي الاعتراف» على مسرح سينما أديسون. والمقاعد مرقمة، مساء الثلاثاء في 5 تموز الساعة التاسعة والنصف، الأسعار 200 مل كرسي ممتاز، 150 مل كرسي فوتيل، 100 مل كرسي درجة ثانية. محلات خصوصية للسيدات. تباع التذاكر عند السيد خميس قرش بباب الخليل تلفون 1163 وفي باب السينما». 
وأشارت مجلة «الصباح» إلى طرفة حدثت لهذه المسرحية، حيث إن ملابسها قد أرسلت للقنطرة، فأرسل رئيس مخزن الملابس بتوصية لمدير جمرك القنطرة للسماح له باستخراج ملابس الرواية لإرسالها للقدس. وقبل يوم التمثيل بيوم واحد وصل تلغراف من أحمد أفندي حلمي رئيس المخزن من القنطرة، يقول إن ناظر المحطة الإنجليزي يرفض تسليم العفش بتاتاً!! ورغم ذلك فقد أصر الأستاذ وهبي على تنفيذ وعده للجمهور، وأرسل في طلب ملابس من «تل أبيب»، استأجرها بمبلغ كبير.
قهوة الهموز
كان برنامج فرقة رمسيس مزدحماً، فانتهز أهل نابلس فرصة راحة الفرقة في مساء أحد الأيام، فطلبوا أن تشتغل الفرقة هذه الليلة في نابلس، وقد بذل جهداً كبيراً في ذلك توفيق خوري صاحب فندق فلسطين الكبير بنابلس ومستأجر حفلتها. هذا ما أخبرتنا به الصحف المصرية، أما جريدة «الجامعة العربية» الفلسطينية، فقال مراسلها في نابلس، تحت عنوان «الأستاذ يوسف وهبي في نابلس»: « وصل إلى نابلس يوم السبت الأستاذ يوسف وهبي الممثل المصري النابغة وأعضاء فرقته المؤلفة من نحو أربعين ممثل وممثلة. وقد قام في مساء اليوم نفسه بتمثيل رواية «أولاد الفقراء» على «مسرح قهوة الهموز»، فكان الإقبال عليها عظيماً. وزار الأستاذ وهبي مدرسة النجاح الوطنية فأعجب بها، ثم زار معمل الصابون لصاحبه أحمد أفندي الشكعة، وزار أيضاً مع أعضاء فرقته آثار المدينة التاريخية ... وقد طلبت جمعية العناية بالسجناء والسجون من الأستاذ يوسف وهبي أن يمثل في نابلس ليلة خاصة، يرصد ريعها لعائلات السجناء، فوعدهم أن يجيبهم على طلبهم قريباً إذا كان في وقته متسع».
حفلات التكريم
تأكيداً على نجاح الفرقة في فلسطين هذا العام، حفلات التكريم التي أُقيمت لها، ومنها حفل العشاء الفاخر الذي أقامه «عزيز ضومط» في أوتيل نصار بحيفا، تكريماً ليوسف وهبي وقرينته، وعزيز ضومط مؤلف مسرحي، يكتب باللغة الألمانية ومثلت مسرحياته في بعض المسارح الألمانية! وقد حضر الحفلة نخبة ممتازة من ذوات البلدة ورؤساء النوادي والجمعيات .. هكذا عرفنا مما نشرته الصحف المصرية! أما جريدة «الجامعة العربية» الفلسطينية، فقالت في يونية 1932، تحت عنوان «تكريم يوسف وهبي في حيفا»: « أقام يوم الجمعة الأستاذ عزيز ضومط حفلة عشاء فاخرة في فندق نصار للأستاذ يوسف وهبي دعا إليها فريقاً كبيراً من الوجهاء والأدباء. وخطب فيها كل من الأستاذ وديع البستاني ورشيد أفندي الخوري والمحتفل به الأستاذ وهبي. ودامت الحفلة إلى منتصف الليل. وأقام مساء أمس السبت الأستاذ رشيد الخوري سكرتير البلدية حفلة شاي تكريمية للأستاذ وهبي أيضاً في منزله، دعا إليها عدداً من الوجهاء والأدباء وخطب فيها صاحب الدعوة والمحتفل به. ويقيم مساء اليوم الأحد أيضاً النادي التمثيلي الحيفاوي حفلة شاي تكريمية للأستاذ وهبي».
وأفادت مجلة الصباح أن حفلة «نادي التمثيل الحيفاوي»، أقيمت في دار النادي، وقام رئيس وأعضاء النادي بتمثيل فصل من رواية «دموع البائسة»، فأعجب بها يوسف وهبي وأثنى على هذا النادي الناهض، ووعده بالمساعدة الأدبية بأن يقدم له من آن لآخر بعض رواياته ليمثلها على مسرحه. وعندما وصل يوسف وهبي إلى القدس دعاه المندوب السامي في فلسطين للغداء على مائدته، تقديراً لنبوغه ونجاحه الذي أحرزه في فلسطين! وهذا ما أكدته جريدة «الجامعة العربية» بخبر عنوانه «الأستاذ يوسف وهبي على مائدة المندوب السامي»!! كما أن الجريدة نفسها، نشرت آخر خبر حول تكريم يوسف وهبي في هذا العام، قائلة في منتصف يوليو تحت عنوان «تكريم الممثل يوسف وهبي بحيفا»: « أقام فريق من الشبان المسلمين حفلة شاي تكريمية في فندق ماجستيك للممثل الكبير الأستاذ يوسف وهبي، فكانت أنيقة للغاية دل القائمون بها على ذوق سليم بترتيبها وتقديرهم للنابغين من أبناء العرب. وقد خطب فيها السادة المحتفل به والدكتور رشدي التميمي، ورشيد كساب، ورشيد الخوري، وحضرها فريق كبير من وجوه المدينة وأدبائها».


سيد علي إسماعيل