المسرح العربي في بوادر الثقافة الخديوية إعادة النظر في مسرح يعقوب صنوع (1868- 1872)

المسرح العربي في بوادر الثقافة الخديوية إعادة النظر في مسرح يعقوب صنوع (1868- 1872)

العدد 686 صدر بتاريخ 19أكتوبر2020

(في هذه الدراسة يقدم الدكتور مستيان المجري الأصل والذي يعمل في جامعة هارفارد وقبلها في أوكسفورد في قسم الدراسات الشرق أوسطية (القسم الذي ترأسه سادجروف ودرس فيه موريه ونال بعض درجاته العلمية)، حيث يقوم بدراسة تنقيحية لبدايات المسرح في العصر الخديوي معتمداً على مصادر أرشيفية من صحف تلك الفترة.)
يعيد هذا المقال النظر في الثقافة الرسمية للمرحلة الخديوية المبكرة عبر إلقاء نظرة متمعنة لأول مسرح مصري باللغة العربية. بني هذا المقال على بحث مخطوطي بهدف إعادة تقويم المعرفة الحديثة بعرض الثقافة الخديوية كإطار معقد لمنافسة الروح الوطنية. يحلل المقال الخطاب ويعالج موضوع المسرح في الصحافة العربية بما فيها دعوة الصحفي محمد أنسي لتعريب المسرح عام 1870. تظهر هذه المقالة كيفية إدراك تلك الفكرة وتنفيذها بواسطة فرقة مسرحية تحت قيادة يعقوب صنوع في الفترة ما بين (1871 - 1872) تلك الفرقة التي أدت أيضا تراجيديا عبد الفتاح المسيري لكنها لم تكن تعبيرا ولا تجسيدا للوطنية المدمرة المناهضة للخديوية كما زعم الدارسون والمحللون. تبين نظرتي التاريخية وتحليلي لمحتوى كوميديات يعقوب صنوع أنها كانت تظهر الولاء للخديو إسماعيل. لكن كان هذا الشكل من النقد المعاصر متضاربا مع الوطنية الثقافية للنخبة تلك التي وظفت التأريخية على أنها طريقتها وأسلوبها المهيمن والمسيطر. تلقي هذه المراجعة بضوء جديد على لحظة حاسمة للتغير الاجتماعي في تاريخ مصر الحديث عندما كان يتوقع من الحاكم أن يقوم بتوجيه الهياكل الثقافية الجمعية للأمة.
في عام 2001 اندلعت في الصحافة المصرية مناقشات ساخنة، حيث زعم المؤرخ المسرحي سيد على اسماعيل أن كل ما نعرفه باعتباره أول مسرح مصري حديث ناطق بالعربية وأن هذا المسرح تم بقيادة يعقوب صنوع  (1839 - 1912) كان مصدره وتم استقاءه من كتابات يعقوب صنوع نفسه وأن يعقوب صنوع ليس هو رائد المسرح المصري بل الرائد الحقيقي للمسرح المصري هو محمود عثمان جلال ( 1829 - 1898) وقد كان مترجما للمسرحيات الفرنسية والشعر الفرنسي. نرى على الجانب الآخر تأكيد المؤرخ المسرحي الكبير محمد يوسف نجم الخصم اللدود لاسماعيل على وجود مسرح صنوع وفند ودحض مزاعم اسماعيل بالقول أن ريادة المسرح تعني التمثيل على خشبة المسرح وليست ترجمة المسرحيات. من جانبه يمنح اسماعيل تلك الريادة لسليم النقاش وهو مترجم مهاجر بيروتي ومدير فرقة ومنتج وصحفي (1856 - 1884).
لذا، ما الأمر الذي جعل صنوع يحظى بكل تلك الأهمية. ينحدر صنوع من أم مصرية يهودية وأب  يهودي إيطالي هاجر من ليفورنو (Livorno) إلى مصر. كبر صنوع وترعرع في القاهرة ودرس لسنوات قليلة في ليفورنو. بعد عودته للقاهرة قام بتدريس اللغة في المدارس وللأسر العريقة في القاهرة وذلك في ستينيات القرن التاسع عشر. كتب صنوع الشعر وألف المسرحيات وأسس فرقة مسرحية لم يكتب لها البقاء طويلا عام 1871 وهذا ما سأقدم الدليل عليه في هذا المقال. في ربيع عام 1878 بدأ في إصدار صحيفة عربية ساخرة وناقدة أطلق عليها ( أبو نضارة) تم نفيه واستمر في إصدار الصحيفة في باريس منذ منتصف صيف نفس العام. بعد عام 1882 كتب كتابات مناهضة للاحتلال البريطاني لمصر ومنددة به. كان صنوع يصنف نفسه على أنه وطني مصري وكان مؤمنا بوحدة الأديان رغم أنه استخدم الإسلام كأداة سياسية مناهضة للخديوية والاحتلال البريطاني; بسبب الإحساس المبالغ فيه بأهمية الذات في كتاباته. مثلت صحافته قضية صعبة وحالة من التحدي للدعاية ضد البريطانيين باسم الأمة المصرية. وقع أول مطبوعتين لصنوع في هذا الفخ إلى حد ما. في خمسينيات وستينيات القرن الماضي كتب المؤرخ الصحفي ابراهيم عبده واصفا صنوع بـ“4اليهودي المسلم” في حين استدعته ايريني إل جيندزيار ناعتة إياه بـ“ المنذر الذي شهدت الأجيال السابقة له بأنه الأكثر علاقة بناءة والأكثر ظرفا بين هاتين الشعبين.”5 مازال صنوع يمثل ظاهرة لدرجة أن يوصف ويصور على أنه عربي يهودي غريب وشاذ.6 لقد صاغ تصوير الصراع بين الفلسطينيين والدول العربية في القرن العشرين وإسرائيل كواحد بين شعبين” ( العرب واليهود أو المسلمون واليهود) والقيام بعملية إسقاط لهذا الصراع العنصري والعودة به للقرن التاسع عشر ما كان له عظيم الأثر على فهم وإدراك صنوع.
لقد زعمت تفسيرات علمية بشكل عام أن صنوع قد سعى منذ شبابه لبث الكراهية ضد الحاكم الطاغي الممثل للإدارة الخديوية.”7 وأن فكرة المسرح العربي “ لم تخطر ببال أي مصري من قبله”8 وأنه أوضح التزامه بالوطنية المصرية معبرا عن نفسه في البداية على خشبة المسرح.”9  “وأنه مؤسس المسرح الوطني المصري.”10 وأن مسرحياته احتوت على موضوعات وطنية ذكية.”11 وأنه خلال قمة الشيوعية المصرية أطلق عبد الحميد غنيم على صنوع “ الممثل الثوري الذي حول مسرحه التهريجي لمرآة تعكس حياة العامل والفلاح المصري.”12 لقد تم النظر لعمله على أنه تطور مستمر لروح التمرد أو العصيان التي ظهرت أولا وتم التعبير عنها في المسرح ومن بعد ذلك في الصحافة.13
في نفس الوقت وكما يعترف صنوع ذاته ترى أيضا، إيرين جيندازير (Irene L Gendzier) أن المسرح كان مشروعا يحظى برعاية ملكية.14 لقد حاول بالفعل كل من أنور لوقا ومتى موسى ونجوى ابراهيم وأنس مصطفى بدوي وبشكل خاص فيليب ساندجروف  التحقق من رواية صنوع عن طريق تحليل رواياته التي تمت طباعتها في الغالب بعد وفاته أو بالبحث والتمحيص والنبش في مصادر معاصرة.15 يؤكد لوقا على أن مسرحه قد شوهد من خلال عدسات صحافته اللاحقة.16 يشير موسى إلى أنه “من الواضح أنه كان يتمتع أيضًا برعاية الخديوي ويحظى برضا ولي النعم”. 17 ويصف المؤرخ ألكسندر شولش صنوع  بأنه “أشبه بمهرجي البلاط”. 18 بالطبع هناك تناقض واضح بين صورة البطل الثوري وصورة الكاتب المسرحي الذي يحظى برعاية الحاكم.
بناءً على هذه الانتقادات، يعيد هذا المقال النظر في الحياة الثقافية في القاهرة في الفترة من 1868 وحتى  1872 من أجل التحقق من النشاط المسرحي لصنوع وتقديم رؤية جديدة له. ومن وجهة نظري فإن فرقته لا يمكن اعتبارها تعبيرا عن القومية التخريبية المناهضة للخديوية.لا يمكن فهم هذه التجربة المعزولة والمجهضة والتي استمرت لمدة عام واحد خلال الفترة من 1871 وحتى 1872 إلا من خلال علاقتها الموالية للنخبة الحاكمة، وليس في معارضته لها. لقد فشلت لأن الكوميديا العامية لـصنوع لم تحتوي على موضوعات تاريخية وكان التاريخ يمثل أمرا هاما ومحوريًا في التقنية المهيمنة على أوبرا ودراما النخبة في القرن التاسع عشر .في الوقت ذاته، قام طالب الأزهر محمد عبد الفتاح بتأليف تراجيديا تاريخية قامت فرقة صنوع بأدائها على المسرح وكانت تتماشى مع التمثيل الرسمي للدولة.علاوة على ذلك، كان هناك مثقفون مصريون آخرون مهتمين بالمسرح باللغة العربية في وقت سابق أو في نفس الوقت، ولا سيما الصحفي محمد أنسي، الذي أكد على أهمية التراث التاريخي العربي، عن طريق دمج وربط  الاهتمام الحديث باللغة العربية في المسرح كمصدر للتاريخ الحديث للشرق الأوسط. 19 أوضح أن الطرق التي حاول الأفراد من العامة الاتصال بالحاكم بها كممثلين للمجتمعات السياسية الجديدة باستخدام تقنيات متنوعة لإنتاج أعمال روائية جديدة باللغة العربية . تحدت هذه التعبيرات عن الوطنية الثقافية في مصر في إطار الثقافة الخديوية التبسيط الثنائي للروايات القومية والتخريبية مقابل الروايات الاستعمارية والملكية.
الثقافة الخديوية
يقسم زياد فهمي المشهد الثقافي المصري إلى ثقافات شعبية ونخبوية من أجل إماطة اللثام عن استخدام العامية في تشكيل الهوية الوطنية.20 بالإضافة إلى هذا النهج اللغوي الاجتماعي، من المفيد اختبار التمييز بين الثقافة الرسمية  وغير الرسمية بشكل عام لأنه بهذه الطريقة يصبح الإطار السياسي الذي تم فيه إنشاء كل من ثقافة “النخبة” والثقافة “الشعبية” أكثر وضوحًا.  نظرًا لأن هذه الفئات غالبًا ما ترتبط بأحكام القيمة فمن المهم فهمها في سياق تطورها تاريخياً واعتمادها على السياق.
في القرن التاسع عشر كان ينظر للحاكم العثماني شبه المستقل في مصر كما لو كان هو “الدولة”. لقد جعل اهتمامه ورعايته ورعاية أفراد عائلته للترفيه والفن قيمة رسمية معترف بها في الدولة. يمكن تمييز أربعة أوجه من هذه الرعاية: الترفيه عن الحريم وثقافة البلاط والترفيه الحضري للقاعدة الأعرض من السكان، وفي وقت لاحق من القرن التاسع عشر وجدت المؤسسات العامة مثل المسارح. يمكن للمرء أن يضيف إلى هذه القائمة رعاية الأفراد من قبل وجهاء،  بما في ذلك أعضاء البلاط أو الأسر الغنية. ليس هناك الكثير من الأدلة على أن محمد علي باشا (1805 - 1848) 21 كان لديه أي اهتمام برعاية الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة العربية الفصحى أو الاهتمام بالترفيه الذي يتم إجراؤه بالعامية وهي الأكثر استخدامًا 22 بصرف النظر عن ترجمات الكتيبات التقنية التي تمت للأغراض العسكرية. كان الترفيه عن الحريم والبلاط عمومًا يتم باللغة التركية العثمانية. (23) على الرغم من أن عباس باشا ( 1849-1854) كان يتحدث اللغة العربية بسهولة وسلاسة ويسر، إلا أنه كان هناك نقصًا في المعلومات حول ما إذا كان يمكنه الاستمتاع بالترفيه باللغة العربية وما إذا كان يستوعب ما يضحك من اللغة أم لا. غير أنه تم تقديم الأعمال الفنية التى كانت تنتج للحكام مكتوبة باللغة العربية. تراوحت هذه الأعمال ما بين مدح وإطراء الشيخ أحمد الرجبي المدافع عن محمد علي في  عام 1821،25 إلى الثناء على إبراهيم بك المنتصر في سوريا العثمانية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر،26 إلى القصائد التي قيلت تمجيدا في زيارة سعيد باشا (1854 - 1863) التي قام بها لبيروت  في عام 1859. 27 بدأ سعيد باشا في الاستثمار في الترفيه واهتم بالأعمال الفنية معتقدا أنها ستسعد الجنود المصريين.
في خمسينيات القرن التاسع عشر، تم تكيلف رفاعة رافع الطهطاوي بمواصلة كتابة وتأليف  القصائد العربية (الوطنية) 28 تلك التي يمكن أن يغنيها الجنود أثناء السير. كما قام بتوزيع سيرة نابليون الذاتية عليهم باللغة العربية.29ومع ذلك اختلفت القصائد التي كان يكتبها شيخ مثقف عن تلك التي كتبت بغرض الترفيه عن الجنود أو العامة من المصريين.30
استثمر إسماعيل باشا (1863 - 1879) في المؤسسات العامة للفنون في القاهرة (المسرح الكوميدي الفرنسي والسيرك ودار الأوبرا  والمسرح الصغير في حديقة الأزبكية) وقام برعاية موظفيها والفرق الإيطالية والفرنسية الزائرة لها. قام أيضا برعاية الأعمال الفنية المكتوبة باللغة العربية بما في ذلك القصائد والأغاني والفنانين الأفراد (على سبيل المثال،قدم دعما للمطرب المصري عبده الحامولي ودعم الصحف مثل (وادي النيل في القاهرة، والجواب في أسطنبول، وحديقة الأخبار في بيروت) وانتشرت النصوص الكلاسيكية من خلال إنشاء مكتبة الخديوية ودور الطباعة. كانت الأموال الموجهة لرعاية المصنفات العربية متواضعة للغاية مقارنة بالأموال الموجهة إلى الأعمال الفنية الترفيهية الإيطالية والفرنسية لكن جميع الأعمال كانت بمثابة وسيلة جمالية لتعزيز روعة فترة حكمه وقد نجم عن ذلك ما وصفته نادية البغدادي بأنه “ مجال عام متخيل أو معاد تقديمه 31 “ لأنه بالإضافة إلى المؤسسات العامة الجديدة، كانت رقابة إسماعيل تهدف إلى احتكار كامل للمجال العام في مصر.”
لقد أستخدمت مصطلح “الثقافة الخديوية” لوصف ثقافة الدولة في مصر في الفترة من  1867 وحتى  1914. في هذه الفترة كانت مصر من الناحية القانونية خديوية، والخديوية هى شكل فريد من أشكال الحكم في الدولة العثمانية. لقد استخدم إسماعيل باشا وخلفاؤه لقب “خديوي” رسميًا منذ عام 1867 كرتبة عثمانية جديدة (أيضا استخدمها كل من محمد علي وعباس وسعيد). تم الحفاظ على الخديوية من عام 1882 إلى عام 1914 من قبل المحتلين البريطانيين عندما أصبحت الدولة الاستعمارية مميزة ومترفعة  عن مجال نفوذ الحاكم. كان الخديوي مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالجماليات الجديدة. يشمل مصطلح “الثقافة الخديوية” جميع التجارب الثقافية، سواء كانت تلك التي تم تصويرها على أنها نخبوية أو شعبية، باللغة الإيطالية أو الفرنسية أو العربية أو التركية العثمانية أو اليونانية، والتي تمت الموافقة عليها أو طلبها أو إنتاجها بواسطة الحكام في الفترة الخديوية ومناصريهم من الرجال والنساء المرتبطين بهم .
البنية التحتية للثقافة الخديوية والمسرح العربي الحديث
يمكن أن تتم ترجمة الثقافة الخديوية التي هي عبارة عن مجمل الأعمال الفنية المتعلقة بالدولة بما فيها (المباني والنصوص والعروض والصور) إلى مصطلحات القوة ويمكن النظر لدولتها في مصر باعتبارها “دولة أوبرالية”. يشير هذا التعبير، الذي صاغته روث بيريسون (على الرغم من أن “مسرح الدولة “ لكليفورد جيرتز يمكن أن يعبر بشكل جيد أيضًا)، إلى شكل من أشكال الحكم الاحتفالي الذي يستخدم المسرح وخاصة الأوبرا لإضفاء الشرعية على الحكم وخلق نوع من الهيمنة السياسية وترسيخها. من الأمثلة المجسدة لهذا الأمر الدول الأوروبية وروسيا واستراليا والولايات المتحدة. لقد  كان هذا النوع من السياسة الجمالية تتم ممارسته في جميع أنحاء العالم من ريو دي جانيرو إلى موسكو منذ ستينيات القرن التاسع عشر. شكلت المباني الترفيهية الخمسة التي تمت إقامتها في مصر الخديوية البنية التحتية العامة لثقافة الدولة الجديدة، على الرغم من أن قصور الأسرة الحاكمة أدت نفس الخدمة وكانت بمثابة مشاهد للإنتاج الثقافي.
قام إدوارد سعيد بتعريف هذه المؤسسات الفنية الفرنسية أو الإيطالية بشكل مضلل  وخاصة دار الأوبرا وأوبرا عايدة فقد عرفها على أنها “سلعة إمبراطورية فاخرة تم شراؤها عن طريق الائتمان لزبائن صغار. أي سلعة تم شراؤها بالدين لأناس لا تستحق”. 33 أما في حقيقة الأمر فقد  كانت تلك المؤسسات تمثل استثمارات كبيرة في النمط الجديد للهيمنة السياسية: لقد جذب السيرك بشكل خاص أعدادًا كبيرة من الزوار كما قدمت الأوبرا في وقت لاحق فنها لجمهور مختلط من النخبة. لقد عبرت المباني عن أسلوب الهيمنة الجديد لكل شخص في المدينة (وما ورائها وعبر البطاقات والصور). قام خادم موثوق فيه للأسرة الحاكمة  وهو في الأصل صيدلي يدعى  بول درانيت بك (1815 - 1892) بتوجيه تلك المؤسسات بين عامي 1869 و 1879 كمشرف على المسارح الخديوية، حيث تعامل فقط مع الفرق الفرنسية والإيطالية التي من أجلها تمت عملية إنشاء هذه البنى التحتية وكان درانيت مسئولا عن اختيار الفنانين والنصوص المسرحية.
لم يكن المسرح باللغة العربية مدرجاً ضمن فنون الدولة الخديوية. ويرجع ذلك جزئياً إلى حقيقة أن العروض المقلدة لم يكن ينظر إليها على أنها فنا في الثقافة العربية أو الشريعة العربية  تلك التي كانت خاضعة لعملية إعادة  بناء في هذا الوقت. كانت المسرحيات الهزلية المصرية ومسرحيات الظل  التي تم تقديمها كعروض مسرحية في الهواء الطلق ساخرة  تحمل في ثناياها انتقادات سياسية وغالبًا ما كانت مبتذلة وعادة ما كان يتم تقديمها بالعامية المصرية. 34 لا يوجد سوى تقرير واحد لخبر عن مثل هذه الهزليات الساخرة التي تم عرضها  أمام محمد علي باشا. 35 بدأ العرب العثمانيون من ستينيات القرن التاسع عشر في الابتعاد عن هذه الأنواع.36 بحلول نهاية القرن التاسع عشر كان استخدام العامية المصرية قد اكتسب معنى اجتماعي إضافي طبقي في الترفيه المحاكي ينتمي إلى غير المتعلمين والفقراء والمبتذلين.
ومع ذلك تم انتاج مسرحيات حديثة باللغة العربية في أربعينيات وخمسينيات القرن التاسع عشر في بيروت بلبنان التي كانت عثمانية تحت قيادة مارون نقاش عام 1855، كلمة “حديثة” هنا تعني الأداء المسرحي المؤسس على نصوص مكتوبة، بهدف واع مقصود من أجل إنتاج شيء جديد ؛عادة ما كان يطلق علي المسرح  تياترو وهو لفظ مأخوذ عن اللغة الإيطالية  أو المسرح (ليس المسرح الحالي) . كانت الأعمال المسرحية المؤداة بواسطة مارون نقاش أوغيره باللغة العربية بالفصحى عادة. كما أنها كانت تحتوي على أغان شعبية وكانت بمثابة  تجميع مبتكر للتراث الأدبي والمسرح الموسيقي العربي. 37 لو كانت أخبار تلك العروض المهنية البيروتية قد وصلت لحكام مصر، ليس يوجد هناك مؤشر أو دليل على اهتمامهم بها منذ تلك السنوات المبكرة.  ولا توجد أي محاولة موثقة أو معروفة لتقديم مسرحيات حديثة مكتوبة باللغة العربية العامية أو الفصحى في مصر قبل عام 1870. كما أن  الخديوي إسماعيل لم يأمر بمبنى مسرحي معين مخصص للعروض المسرحية العربية في القاهرة. ومع ذلك فإن استخدامه للمسارح الفرنسية والإيطالية يتقاطع مع فكر المثقفين السوريين العثمانيين والمصريين الذين فهموا “الحضارة” على أنها تحقيق التربية الأخلاقية وتصور الترفيه ليس فقط كمصدر للمتعة ولكن أيضًا كأداة للتقدم.38
السيطرة على الثقافة الخديوية والمسرح العربي في مصر  1870
لقد خضعت البنية التحتية للثقافة الخديوية منذ إنشائها عام 1869 والمتمثلة في (المسرح الكوميدي الفرنسي ودار الأوبرا الخديوية) لرقابة مشددة لأن المسارح كانت تعتبر أماكن عامة تشكل خطرا على  القادة السياسيين. على سبيل المثال، تم اغتيال الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن في مسرح في العاصمة واشنطن عام 1865. وفي القاهرة، تم تعزيز مخاوف إسماعيل باشا عندما تم اكتشاف قنبلة في ربيع عام 1869 في المسرح الكوميدي الفرنسي. تم الرد باتخاذ اجراءات مشددة حيث كان يجلس ثمانية رجال شرطة على الأقل بين الجمهور في موسم 1869 - 1870 في المسرح الكوميدي ودار الأوبرا الخديوية.40 كانت المسارح الخديوية تحكمها في الغالب قواعد غير مكتوبة. وكان أول رقيب مسرحي هو باولينو درانيت باشا “Draneht Bey”مدير التياترات وكان بمثابة الحارس للذات الخديوية.
41 كان يتم كتابة التقارير عن الحياة اليومية للفنانين الأوروبيين المستأجرين للخديوي ما يعني أن الفنانين كانوا تحت المراقبة : على سبيل المثال، طلب فنان إيطالي منه التدخل لرفع الظلم عن راقصات الباليه ممن كن قد تعرضن لمعاملة سيئة .42 كان هناك أيضا عميلا  سريا يعمل جاسوسا وقد تجسس  أيضا العميل إكس (كما كان وقع على تقاريره الفرنسية)، على أعضاء الفرقة الموسيقية في الأوركسترا .43
ترجع معرفتنا لأحدث المعلومات عن التجارب المسرحية باللغة العربية في مصر لتقرير كتبه عميل آخر لمفتش الشرطة وقام بنقله مباشرة إلى مجلس الوزراء الخديوي.  أفاد تقرير “العميل زد “ Z” والذي كتبه بالفرنسية عن رغبة  شباب مصريين في القاهرة عام 1870 في عرض مسرحية الاسكندر في الهند للفرنسي جان راسين تلك التي تُرجمت إلى العربية. قد يشير هذا العنوان الفرنسي إلى المسرحية الإيطالية “الاسكندر في الهند” التي كتبها بيترو ميتاستاسيوPierro Metastasio) )، والتي تم وضع ما يقارب سبعين لحنا موسيقيا لها، أشهرها أوبرا جيوفاني باتشيني الذي تم عرضه لأول مرة في عام 1824.ربما يكون العميل زد z)) قد ترجم العنوان الإيطالي لتقريره إلى الفرنسية. أشار العميل z)) أن “السكان” في القاهرة يرغبون في وجود مسرح ناطق باللغة العربية، وأن هذا الاهتمام يرجع لمزيج من التأثيرات المتمثلة في : صدور  كتاب مسرحيات عربية الذي تم طبعه في بيروت (ربما كتب مقدمته نقولا نقاش وهو بعنوان أرزة لبنان، 1869) ؛ كما تم إلقاء كلمة مطولة  حول المباني المسرحية العربية في ربيع عام 1870 في فندق نيو كايرو  (ربما من قبل المهندس المعماري هيكتور هوورو كما صدرت ترجمات عربية لمسرحية حلاق اشبيلية التي كتبها جولكينو روسينيBarbier du Seville)) أراد أيضا أفراد من عائلة قطاوي اليهودية المصرية الثرية عرض مسرحيات عربية في منزلهم، لكنهم اضطروا إلى تأجيل تلك النية بسبب مأساة عائلية .واقترح العميل زد  Z” “ على الحكومة أنه ينبغي عليها أن  تدعم قيام مسرح ناطق  باللغة العربية من أجل تثقيف الجماهير عن طريق بناء مبنى لمسرح وطني و”مدرسة لتعليم فنون التمثيل والموسيقى”، وكذلك عبر سن قانون حقوق الملكية الفكرية لحفظ حقوق المؤلفين. لم يحدد الاقتراح ما إذا كان يقصد الفصحي أم العامية حين أشار بتعريب المسرح. كان الهدف من المشروع الذي قدمه العميل زد هو العمل على “تنوير” الناس وإغراء المصريين العاديين على ارتياد المسرح بدلاً من تركهم “يغنون أغاني مبتذلة” في المقاهي. وهكذا فإن المسرح باللغة العربية سوف يبشر بأخلاق جديدة لمصر وسيسهم في الارتقاء بالمصريين والسمو بذوقهم.44
يحتوي هذا التقرير على إشارات إلى التعليم والحضارة والأمة والتقدم. إذا كان تعريفي لأرزة  لبنان صحيحًا فمعنى ذلك أنه حتى عام 1870 لم يكن هناك كتاب آخر يحتوي على أية أعمال مسر حية باللغة العربية ما يعني أيضا أن تأثير المسرح اللبناني البيروتي العربي على بدايات المسرح المصري هو أمر جدير بالملاحظة ويستحق التقدير.  تؤكد التقارير أن الخديوي إسماعيل نفسه كان مهتمًا بالإشراف على الثقافة الخديوية في القاهرة . تم توجيه هذه السيطرة نحو الأوروبيين العاملين أكثر من الرعايا المصريين  (أو على الأقل بالتساوي نحو كليهما)، لأن الأوروبيين كانوا هم من يديرون المسارح. أبلغ العميل زد عن تجربة ثقافية خارجة عن هذه السيطرة واقترح بالحجج الوطنية أنه يجب دمجها في الثقافة الخديوية.
فكرة المسرح باللغة العربية أو تعريب المسرح عند أنسي وجلال والمويلحي ومبارك
تمت التجربة المجهضة للشباب المصري كما جاء في تقرير العميل زد”  Z”  في جو فكري حيوي في القاهرة. لقد تمت ترجمة بعض الأعمال الأوبرالية بأمر الخديوي) وذلك بواسطة أبو السعود أفندي، محرر مجلة وادي النيل، كما تمت ترجمات أخرى بأمر من دارنيت باشاDraneht Bey) ) وتمت طباعتها في عام 1869. 45 لم تكن تلك النصوص عامة للبيع ولكن من الممكن أن تكون قد وزعت على الجمهور الناطق بالعربية من مرتادي المسرح الكوميدي ودار الأوبرا. تمت ترجمة أعمال أيضًا من العربية إلى التركية العثمانية، ومن الإيطالية إلى الفرنسية .46 دفع الخديوي ثمن تذكرة مقعد في دار الأوبرا لمحرر وادي النيل ومعه الصحفيين الأوروبيين. واستناداً إلى خبرته هناك، طلب من  محمد أنسي، نجل وزميل رئيس التحرير أبو السعود أفندي في مجلته القيام بترجمة المسرحيات الأوروبية و “أدائها في المسارح المصرية باللغة العربية” وذلك في فبراير من عام 1870
في نوفمبر من نفس العام تمت عملية ترجمة وطباعة العمل الأوبرالي المفضلة La” Favorite “ لمؤلفه جيتانو دونزيتي وحلاق اشبيلية لمؤلفه الإيطالي الشهير جواكينو أنطونيو روسيني في مطبعة المصري الثري إبراهيم المويلحي. 48 وتم إرسالها إلى جريدة وادي النيل لتوزيعها مشفوعة برسالة غير رسمية من قائد الشرطة. يعد العمل الأوبرالي  libretti” “ أحد تلك الأعمال التي ألمح إليها العميل زد. تتم الإشارة للمسرح في مقدمة الترجمات على أنه وسيلة للحضارة والتقدم. لم يُنسب الفضل لتلك الترجمة إلى مترجم بعينه لذلك افترضت وادي النيل أنه محمد عثمان جلال، على الرغم من أن جلال لم يأت على ذكر مثل هذا الأمر. ربما جاء الاعتقاد بأن جلال هو المترجم بسبب سابق علاقته بالمويلحي ولكونهم أصدقاء من قبل وبسبب القيام بإعادة طبع ترجمته لكتاب لافونتين “La Fontaine” ومنحه عنوان (العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ) في نفس العام .50 خلاصة القول أنه قد تم  نشر نصوص مسرحية  باللغة العربية لنشر فكرة المسرح في مصر أضف إلى ذلك  دعوة أنسي لتقديم عروض باللغة العربية. خلال عامي 1869 و 1870. هذا هو السياق الذي يشير إليه العميل زد في يناير 1871.
منذ تلك السنة فصاعدا تطورت فكرة الأداء المسرحي الحديث وفكرة التمثيل باللغة العربية بصورة كبيرة. فقد سعت الصحافة العربية الإقليمية في ربيع عام 1871 بشتى الطرق لإقناع الخديوي بضرورة وأهمية أن يكون المسرح باللغة العربية. كما تم إبلاغ قراء الدوريات العربية عن الممثلين الأرمن الذين يؤدون باللغة التركية في اسطنبول .51 في حين استمرت مجلة  وادي النيل في  نشر الأخبار المسرحية في القاهرة (حتى آخر عدد موجود في 18 مارس 1871 أعلن عن أوبرا سميراميس)، في ابريل من عام 1871 وصف مراسل جريدة الجوايب التركية التي كان مقرها إسطنبول المسارح على أنها دلالات على التقدم وعلامة على التحضر.52 في مايو من عام 1871 عرضت مجلة الجنان البيروتية على الحكومة المصرية القيام  بإنشاء مسارح عربية.53 نشرت مجلة روضة المدارس في مصر في الفترة من مايو وحتى يوليو عام 1871 صفحات من ترجمة عثمان جلال لمسرحية “ طبيبا رغما عنه” للفرنسي موليير  تحت عنوان “الفخ المنصوب للحكيم المغصوب”. قام جلال بتمصير كل من اللغة (باستخدام لهجة قاهرية مرسلة غير مقفاة) والحبكة ; لأن علي مبارك، مدير ورئيس تحرير روضة المدارس كان صديق وزميل دراسة قديم لإسماعيل باشا) وهو من “أمره” للقيام بذلك .54 يجب وضع اسم علي مبارك أيضًا جنبًا إلى جنب مع أنسي  والمويلحي  وجلال كمساند وداعم مبكر لفكرة تعريب وتمصير المسرح. ومع ذلك، فإن إنشاء أول فرقة مسرحية بالعربية لم يكن من عمل هؤلاء المثقفين المصريين.
الهوامش:
Author’s note: The first version of this article was written when I was a 2011/2012 Fellow of the “Europe in the Middle East—The Middle East in Europe” program of the Wissenschaftskoleg zu Berlin hosted by the Zentrum Moderner Orient. I am grateful for the directors of this program; for the suggestions of Lale, Eliane Ettm¨uller, Mohamed-Salah Omri, and Abhishek Kaicker; for the English corrections of George Taylor; and for the critical comments of four anonymous reviewers and the IJMES editors, Beth Baron and Sara Pursley. I alone am responsible for all remaining mistakes.
   (1)  Since the publication of Philip Sadgrove’s The Egyptian Theatre in the Nineteenth Century 1799–1882 (Cairo: American University in Cairo Press, 2007 [1996]), Sayyid _Ali Isma_il has focused on 19th-century Egyptian theater history. See Sayyid _Ali Isma_il, Ta_rikh al-Masrah fi Misr fi al-Qarn al-Tasi_ _Ashar (Cairo: Maktabat al-Usra, 2005 [1997]); Ta_rikh al-Masrah fi al-_Alam al-_Arabi (al-Qarn al-Tasi_ _Ashar) (Kuwait: Mu_assasat al-Marjah, 1998); and Muhakamat Masrah Ya_qub Sanu_ (Cairo: al-Hay_a al-Misriyya al-_Ammalil- Kitab, 2001).Most reviews of Isma_il’s books are accessible on his website (http://kenanaonline.com/sayedesmail), and the introduction of Muhakamat also contains references to his reception in the Kuwaiti press Muhammad Yusuf Najm’s main works in theater history are al-Masrahiyya fi al-Adab al-_Arabi al-Hadith, 1847–1914, 2nd ed. (Beirut: Dar al-Thaqafa, 1967), and a number of text editions, including Sanua’s eigh  plays in Ya_qub Sannu_ - Abu Naddara (al-Masrah al-_Arabi–Dirasat wa-l-Nusus 3) (Beirut: Dar al-Thaqafa  1963). Najm challenged Ismail in “Riyadat Sanu_ li-l-Masrah Haqiqa . . . wa-hadhihi hiya al-Adilla,” al- Ahram al-Masa_i (5 March 2001). Isma_il replied in “Muhakamat Masrah Sanu_ . . . ma Zalat Mustamirra,” al-Ahram al-Masa_i (12 March 2001). Najm also published his critique in Akhbar al-Adab (25 March 2001)  to which Isma_il replied in the same journal (8 April 2001). This heated debate continued for a time; in 2001 and 2002, poets, journalists, and playwrights contributed to it in the Kuwaiti al-Watan and the Egyptian al-Muhit, al-Akhbar, and al-Ahram al-Masa_i. A later contribution is Muhsin al-Musaylihi, Su_ali: Man 132 Kataba Masrahiyyat Ya_qub Sanu_? (Cairo: Akadimiyyat al-Funun, 2005). Najm’s last word was probably the republication of Muhammad _Abd al-Fattah al-Misri’s play Nuzhat al-Adab fi Shaja_at al-_Arab al-Mubhija li-l-A_yun al-Zakiyya fi Hadiqat al-Azbakiyya as Lu_bat Layla (Beirut: Dar Sadir, 2002 [1872]), discovered and analyzed by Philip Sadgrove, “Leyla - The First Egyptian Tragedy,” Osmanl? Aras¸t?rmalar? 7–8 (1988): 161–76.
(2)  See his series of articles in al-Jumhuriyya during 2010–2011: for example, “Tahwid al-Masrah al-_Arabi” (The Judaization of Arab Theater), 31 October 2010.
(3) Ziad Fahmy, “Francophone Egyptian Nationalists,Anti-BritishDiscourse, and European Public Opinion, 1885–1910: The Case of Mustafa Kamil and Ya_qub Sannu_,” Comparative Studies of South Asia, Africa and the Middle East 28 (2008): 170–83, esp. 176.
 (4 )  Ibrahim _Abduh, Abu Nazzara–Imam al-Sihafa al-Fukahiyya al-Musawwara wa-Za_im al-Masrah fiMisr, 1839–1912 (Cairo: Maktabat al-Adab bi-Darb al-Jamamiz, 1953), 17.
(5) Irene L. Gendzier, “James Sanua and Egyptian Nationalism,” Middle East Journal 15 (1961): 16–28, esp. 17.
(6) Lisa Lital Levy, “Jewish Writers in the Arab East—Literature,History, and the Politics of Enlightenment, 1863–1914” (PhD diss., University of California, Berkeley, 2007), 142, 166.
(7) Jacob M. Landau, “Abu Naddara, an Egyptian-Jewish Nationalist,” The Journal of Jewish Studies 3 (1952): 30–44; idem, Jews in Nineteenth-Century Egypt (New York: New York University Press, 1969), 12.
(8)_Abduh, Abu Nazzara, 26.
(9)  Gendzier, “James Sanua and Egyptian Nationalism,” 20.
(10) Shmuel Moreh and Philip Sadgrove, Jewish Contributions to Nineteenth-Century Arabic Theatre (Journalof Semitic Studies Supplement 6) (Oxford: Oxford University Press, 1996), 21.
(11)  Ziad Fahmy, Ordinary Egyptians: Creating the Modern Nation through Popular Culture (Stanford, Calif.: Stanford University Press, 2011), 45.
(12)_Abd al-Hamid Ghunaym, Sanu_-Ra_id al-Masrah al-Misri (Cairo: Dar al-Qawmiyya li-l-Tiba_a wa-l- Nashr, 1966), unpaginated (p. 5).
(13)_Abduh, Abu Nazzara, 26–27; Fahmy, Ordinary Egyptians, 46.
(14) Irene L. Gendzier, The Practical Visions of Ya_qub Sanu_ (Cambridge,Mass.: Harvard University Press,
1966), 3.
(15) Anwar Luqa, “Masrah Ya_qub Sanua_,” al-Majalla, 5 (1961): 51–71; Matti Moosa, “Ya_qub Sanu_ and the Rise of Arab Drama in Egypt,” International Journal of Middle East Studies 4 (1974): 401–33; Najwa
 Ibrahim Fu_ad _Anus, Masrah Ya_qub Sanu_ (Cairo: al-Hay_a al-Misriyya al-_Amma li-l-Kitab, 1984); Muhammad Mustafa Badawi, “The Father of theModern Egyptian Theatre: Ya_qub Sannu_,” Journal of Arabic Literature 16 (1985): 132–45, esp. 134; Sadgrove, The Egyptian Theatre, 89–124. Contemporaries already called attention to Sanua’s self-aggrandizing personality: “On remarquera peut-`etre que le Moli`ere ´egyptien se taille un rˆole qui ne brille pas pr´ecisement par la modestie.” Paul de Baignieres, Album d’Abou Naddara (Paris: Imprimerie Lefebvre, 1886), 16.
(16 ) Luqa, “Masrah Ya_qub Sanua_,” 52.
(17)  Moosa, “Ya_qub Sanu_,” 408.
(18 ) Alexander Sch¨olch, Egypt for the Egyptians! The Socio-political Crisis in Egypt, 1878–1882 (London: Ithaca Press, 1981), 107–108, 121.
(19) In addition to the works cited above, see Mas_ud Hamdan, Poetics, Politics and Protest in Arab Theater: The Bitter Cup and the Holy Rain (Brighton: Sussex Academic Press, 2006); Mohamed Garfi, Musique et spectacle: le th´eˆatre lyrique arabe. Esquisse d’un itin´eraire (1847–1975) (Paris: L’Harmattan, 2009); Ilham Khuri-Makdisi, The Eastern Mediterranean and the Making of Global Radicalism (Berkeley, Calif.: University of California Press, 2010); Carmen M. K. Gitre, “Performing Modernity: Theater and Political Culture in Egypt, 1869–1923” (PhD diss., Rutgers University, 2011); Adam Mestyan, “‘A Garden with Mellow Fruits of Refinement’: Music Theatres and Cultural Politics in Cairo and Istanbul, 1867–1892” (PhD diss., Central European University, 2011); and Eliane Ursula Ettm¨uller, The Construct of  Egypt’s Nation-Self in James Sanua’s Early Satire and Caricature (Berlin: Klaus Schwarz Verlag, 2012).
(20) Fahmy, Ordinary Egyptians, 7.
(21) I use the Turkish spellings of names of the Ottoman–Egyptian ruling elite.
(22 ) Reem Bassiouney (Arabic Sociolinguistics [Edinburgh: Edinburgh University Press, 2009], 14–19) and Ziad Fahmy (Ordinary Egyptians, 5–11) argue that the Arabic linguistic situation cannot be reduced to a simple case of diglossia containing a high and a low language. However, I do not provide further distinctions, since the argument of this essay is not linguistic.
(23) Ekmeleddin ?Ihsano?glu, The Turks in Egypt and Their Cultural Legacy, trans. Humphrey Davis (Cairo: American University in Cairo Press, 2012), 39–79.
(24) There is an urban legend that Abbas liked “Arabs” because his mother was an Egyptian (Arab). John Ninet, “Origin of the National Party in Egypt,” The Nineteenth Century (1883): 117–34. This is incorrect; Abbas was the son of Tusun Pasha and Penbe Han?m, a Turkic woman. For his Arabic language skills, see Murray toWalne, 20 September 1850, FO 78/841, appendix in Helen Anne B. Rivlin, “The Railway Question in the Ottoman-Egyptian Crisis of 1850–1852,” Middle East Journal 15 (1961): 365–88.
 (25) Dyala Hamzah, “Nineteenth-Century Egypt as Dynastic Locus of Universality: The History ofMuhammad _Ali by Khalil ibn Ahmad al-Rajabi,” Comparative Studies of South Asia, Africa and the Middle East 27(2007): 62–82.
(26) Iskandar Abkariyus, al-Manaqib al-Ibrahimiyya wa-l-Ma_athir al-Khidiwiyya (Homs: Matba_at Hims,
1910), 87–91.
(27( Hadiqat al-Akhbar, 17 Dhu al-Qa_da 1275 (18 June 1859), 3.
(28)Shmuel Moreh, Modern Arabic Poetry (Leiden: E. J. Brill, 1976), 18–19.
(29)Mohammed Sabry, La gen`ese de l’esprit national ´egyptien (Paris: [Libraire Picart], 1924), 98.
(30)For popular colloquial poetry, see Pierre Cachia, Popular Narrative Ballads of Modern Egypt (Oxford: Clarendon Press, 1989); Marilyn Booth, “Colloquial Arabic Poetry, Politics, and the Press in Modern Egypt,” International Journal of Middle East Studies 24 (1992): 419–40; and Margaret Larkin, “Popular Poetry in the Post-Classical Period, 1150–1850,” in The Cambridge History of Arabic Literature, vol. 6, ed. Roger Allen and D.S. Richards (New York: Cambridge University Press, 2006), 191–242.
(31)Nadia Al-Bagdadi, Vorgestellte O¨ ffentlichkeit (Wiesbaden: Reichert Verlag, 2010).
(32)Ruth Bereson, The Operatic State: Cultural Policy and the Opera House (London: Routledge, 2002).
(33)Edward W. Said, Culture and Imperialism (New York: Vintage Books, 1993), 129.
(34)Ehud Toledano, State and Society in Mid-Nineteenth-Century Egypt (Cambridge: Cambridge University Press, 1990), 231–33.
(35)Edward William Lane, Manners and Customs of the Modern Egyptians (The Hague and London: East-West Publications, 1978), 384–85.
(36)_Ali Pasha Mubarak, _Alam al-Din, 2 vols. (Alexandria: al-Mahrusa, 1882), 2:403–404; Thomas Philipp, G? urg?i Zaidan—His Life and Thought (Beirut: Franz Steiner Verlag, 1979), 142–43.
(37) Matti Moosa, “Naqqash and the Rise of the Native Arab Theater in Syria,” Journal of Arabic Literature 3 (1972): 106–17; Philip C. Sadgrove, “The Syrian Arab Theatre after Marun Naqqash (the 1850s and the 1860s),” Arch´?v Orient´alni 55 (1987): 271–83.
(38) Niqula Naqqash, ed., Arzat Lubnan (Beirut: al-Matba_a al-_Umumiyya, 1869), 4–28; for an analysis of Marun and Salim Naqqash’s ideas about theater as a social instrument, see Khuri-Makdisi, The Eastern Mediterranean, 63–67. See also Rifa_a Rafi_ al-Tahtawi, al-Diwan al-Nafis fi Iwan Baris, aw Takhlis al Ibriz fi Talkhis Bariz (Beirut: al-Mu_assasa al-_Arabiyya li-l-Dirasat wa-l-Nashr, 2002 [1834]), 139–41. In general, see Muhammad Kamil al-Khatib, ed., Nazariyyat al-Masrah (Damascus: Manshurat Wizarat al Thaqafa, 1994); and Reinhard Schulze, “Schauspiel oder Nachahmung? Zum Theaterbegriff Arabischer Reiseschriftsteller im 19. Jahrhundert,” Die Welt des Islams 34 (1994): 67–84.
(39) Levant Herald, 5 April 1869, 2.
(40)  Letter dated 14 January 1870, Draneht to “la Daira des affaires particuliers de Son Altesse le Kh´edive,” Carton 80, Collection _Ahd Isma_il (old system), Dar al-Watha_iq al-Qawmiyya (Egyptian National Archives, hereafter DWQ).
(41) Khuri-Makdisi quotes a Theater Regulation (Nizam al-Masrah) from 1874 (The EasternMediterranean, 76), based on Najm, al-Masrahiyya, 21–22. The 1874 date is a printing mistake in Najm. The original Italian text is dated 1847, issued by Artin Bey. The original is in DWQ; it was first published by Jeanette Tagher (“Les de´buts du the´aˆtre modern en E´ gypte,” Cahiers d’Histoire E´gyptienne 1 [1948]: 192–207, esp. 197), then as Appendix 1 in Sadgrove, The Egyptian Theatre. Khuri-Makdisi draws unjustified conclusions; this text regulated one specific theater in Alexandria during Mehmet Ali’s rule. There might have been a written regulation for the theaters of Ismail Pasha but Draneht personally controlled all of the theaters’ affairs.
(42)  Letter dated 29 December 1869, Antoine Banucci to the Khedive, 5013-003022, Usrat Muhammad _Ali (new system), DWQ. Nicole Lablache was at this moment the administrative director of the Opera House, La Revue musicale de Paris, 23 May 1869, 174.
 (43) Letter  dated 11 January 1871, Agent X to M. Nardi, Inspecteur de Police au Caire, 5013–003022, Usrat Muhammad _Ali (new system), DWQ.
(44) Letter dated 27 January 1871, Agent Z to M. Nardi, 5013–003022, UsratMuhammad _Ali (new system), DWQ. Hector Horeau (1801–1872), a French architect invited to the Suez Canal Opening Ceremony, gave a lecture in Hotel d’Orient on 7 March 1870. This was advertised in Arabic in Wadi al-Nil, 4 March 1870 (1869 is wrongly printed on the title page), 1347–48 and again, 7 March 1870 (1869 is wrongly printed on the title page), 1363–64.
(45) Sadgrove, The Egyptian Theatre, 48.
(46) For example, Aida was translated into Turkish from Arabic, Letter dated 20 December 1871 from Draneht to Rassik Effendi. The original letter was published in Saleh Abdoun, ed., Genesi dell’ ‘Aida’, con documentazione inedita, Quaderni dell’Istituto di Studi Verdiani 4 (1971), 101, and its English translation in Hans Busch, Verdi’s Aida—The History of an Opera in Letters and Documents (Minneapolis, Minn.: University of Minnesota Press, 1978), 266. A bilingual Italian–French edition of the libretto was also printed: Aida—Opera in 4 atti e 7 quadri, parole di A. Ghislanzoni, musica del Comm. G. Verdi, scritta per comissione Sua Altezza Il Khedive per il Teatro dell’Opera del Cairo e rappresentata per la prima volta su queste scene nei mese di Decembre 1871 (Cairo: Tipografia francese Delbos-Demouret, 1871).
(47) MuhammadUnsi, “Mal_ab al-Ubira bi-Misr al-Qahira,”Wadi al-Nil, 28Dhu al-Qa_da 1286 (28 February 1870; 1869 is wrongly printed on the title page), 1332.
(48) Ibrahim al-Muwaylihi’s press, al-Matba_a al-Wahbiyya, was established in 1868, according to Ibrahim El Mouelhy Pacha, “Les Mouelhy en ´ Egypte,” Cahiers d’Histoire Egyptienne (1949/50): 313–28, esp. 319; however, there are books available in library catalogs printed in this press earlier, from hijri year 1281 (1864–65).
(49) Wadi al-Nil, 20 Sha_ban 1287 (15 November 1870), 2–3. Sadgrove, The Egyptian Theatre, 58–59, accepts that the translator was _Uthman Jalal and calls Tartuffe and Le Malade imaginaire “operatic libretti” (The Egyptian Theatre, 100). However, these are not operas (although Le Malade imaginaire contains musical intersections). Carol Bardenstein rejects the idea of Jalal translating libretti, in Translation and Transformation in Modern Arabic Literature: The Indigenous Assertions of Muhammad _Uthman Jalal (Wiesbaden: Harrassowitz Verlag, 2005), 36.
(50) Since Jalal in his autobiography describes his difficulties with finding a publisher in the 1850s and somehow vaguely relates that he printed the translation of La Fontaine on his own expense, it has been commonly thought that it was published for the first time in 1870. Moreh and Sadgrove, Jewish Contributions, 20; Bardenstein, Translation and Transformation, 32, n. 20. But the book was first printed in August 1858 (Dhu al-Hijja 1274) (Cairo: Matba_at al-Hajar, 1858); copies could even be bought in Beirut: see Hadiqat al-Akhbar, 12 Muharram 1276 (11 August 1859), 4.
(51) Al-Jawa_ib, 22 February 1871, 2.
(52) Al-Jawa_ib, 12 April 1871, 2.
(53) Al-Jinan as quoted in al-Jawa_ib, 10 May 1871, 2.
(54) Quoted in Bardenstein, Translation and Transformation, 105.
دراسة بقلم : أدم مستيان
 


نشأت باخوم