بمناسبة فوزه بمسابقة قصور الثقافة .. إسلام أبو عرب: مواجهة الحقيقة أفضل من أن نمثل الإصابة بـ«العمى»

بمناسبة فوزه بمسابقة قصور الثقافة .. إسلام أبو عرب: مواجهة الحقيقة أفضل من أن نمثل الإصابة بـ«العمى»

العدد 675 صدر بتاريخ 3أغسطس2020

الكاتب إسلام أبو عرب من مواليد محافظة المنصورة، حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة المنصورة، بدأ مشواره المسرحي عام 2009 كممثل في عرض «زيارة السيدة العجوز» تأليف فريدريش دورينمات وإخراج محمد السعيد، كما أخرج العديد من المسرحيات منها مسرحية «أطلنطس» تأليف وائل عبد اللطيف وعرض «ثورو الراهن» عن نص «الليله التي أمضاها ثورو في السجن» تأليف جيروم لورنس وروبرت لي وعرض «البيانولا» تأليف سيد فهيم. يُمارس إسلام تصميم وتنفيذ الإضاءة المسرحية منذ عام 2013، وشارك في تصميم وتنفيذ إضاءة عروض في عدد من الجامعات أبرزها جامعات المنصورة والقاهرة والمنوفية والنيل، وشارك أيضا في عدد من المهرجانات أبرزها مهرجان إبداع والمهرجان العالمي في المعهد العالي للفنون المسرحية بعرض «المنور» إخراج خالد شكري والمهرجان القومي للمسرح بعرض صدى الصمت إخراج عبد الباري سعد، ومنذ أيام أعلنت الهيئة العامة لقصور الثقافة عن أسماء الفائزين بجوائز مسابقة الكتابة المسرحية للعام الحالي فى التأليف والإعداد المسرحي، وفاز الكاتب المسرحي إسلام أبو عرب بالجائزة الأولى في مسابقة الإعداد المسرحي عن نص «العمى» عن رواية جوزيه ساراماجو، وعن تلك المسابقة ونصه الفائز وأسئلة أخرى كان لـ»مسرحنا» معه هذا الحوار.
- هل هذه هي المشاركة الأولى لك في تلك المسابقة؟ وما دافعك للمشاركة فيها؟
نعم هي المشاركة الأولى لي في مسابقات الكتابة بشكل عام، فأنا لست كاتبا أو مؤلفا ولكنني كنت أُشارك في مسرح الجامعة، ومنذ تخرجي أعمل في مجال الإضاءة المسرحية، وأحيانا كُنت أخرج بعض العروض، وكُنت أُحب أن أُعد بنفسي النصوص التي أخرجتها.
الأمر في المقام الأول توفيق من المولى عز وجل، كنت أكتب إعدادا لهذا النص «العمى» قبل أن أعلم بالمسابقة، ولكن عندما شاهدت إعلانها، كان ذلك حافزا مهما لكي أُقدم فيها. قدمت يوم 29 ديسمبر، وكان متبقيا يوم واحد على غلق المسابقة.
- لماذا اخترت أن تُشارك في الإعداد وليس التأليف المسرحي؟
لا أفكر في الكتابة إلا عندما يستفزني نص مسرحي فأقوم بإعداده، وهذا كان يحدث أكثر عندما أخرج عروضا، فكنت أُعد النص الذي أخرجه، وأول تجاربي في الإعداد كانت عن نص «الليلة التي أمضاها ثورو في السجن»، وقتها قمت بصياغة جديدة للنص وأصبح اسم العمل المسرحي «ثورو الراهن» وكان من إخراجي أيضا، قمت بإضافة للنص ما يُلائم الفترة الراهنة، وقدمت به في نوادي المسرح بالثقافة، وتم تصعيد العمل الحمد لله ولكن للأسف لم أحصل على جوائز.
دائما ما ألجأ للإعداد عندما أجد فكرة أو نصا يجعلني أرى أنني أستطيع أن أضيف إليه.
- هل المسرح الجامعي له أثر في تمييز المسرحيين؟ وما الذي ما زال يحتاجه؟
في السنوات الخمس الأخيرة، ظهرت أهمية مسرح الجامعة جدا. كُنت أرى أن المسرح الجامعي له أثر في الوسط المسرحي، وفي الفترة الأخيرة أرى أنه الأساس لمهرجانات مسرحية كبيرة، كما يُظهر مواهب مسرحية قد يكونوا نجوما فيما بعد، وقد أصبح مسرح الجامعة مقياسا لتفوق الفنان وإبراز قدراته الفنية، لذلك يجب أن يكون هناك مزيد من الاهتمام بإمكانيات المسارح الجامعية، فعلى سبيل المثال أنا أُشارك كمصمم إضاءة في المسرح الجامعي منذ ما يقرب من سبع سنوات، كُل لجان المشاهدة تقريبا تكتب من ضمن التوصيات الاهتمام بإمكانيات المسارح والإنتاج وبظروف العروض، وهذه مشكلة عامة في معظم الجامعات تقريبا، فالغالبية العظمى من المسارح فيها بلا صيانة والإمكانيات ضعيفة جدا، والمعدات مستهلكة للأسف.
- ما الذي أضافه اشتغالك بالإضاءة للإعداد المسرحي؟
جعلت اهتمامي لا يقتصر على السيناريو والحوار فقط، وإنما أصبحت أهتم بطريقة وصف المشهد وسينوغرافيا العرض، أصبحت أخرجها على الورق بشكل جيد، وربما هذا سبب حصولي على الجائزة، أني استطعت أن أجسد الصورة المسرحية على الورق.
- حدثنا عن الإيجابيات والسلبيات في المسابقة من وجهة نظرك؟
من بداية تقديمي للمسابقة كان هُناك تعاون وتنظيم أكثر من رائع، احترمت فيهم الشفافية في التعامل، فقد جعلوا أحد المتسابقين وكان قد كتب اسمه في كل صفحة من النص، يقص اسمه تماما من كل صفحة، لأن النص يذهب للجنة بدون أسماء المتسابقين، وعلى الرغم من أن هذا المتسابق اسم معروف، فإن القواعد سارت على الجميع.
لا توجد سلبيات في المسابقة إلا فيما يتعلق بجزء التواصل، فلم أجد أي متابعة بعد المسابقة، ولم يخبرني أحد بحصولي على الجائزة، وعلمت بها بالصدفة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ربما كانت المفاجأة مذاقها أفضل بكثير، ولكن كنت أتمنى أن يكون هناك تواصل ومتابعة، فيما عدا ذلك المسابقة أكثر من رائعة.
- حدثنا عن النص الفائز بالجائزة؟
الرواية المأخوذ عنها النص تحمل نفس الاسم، فازت بجائزة نوبل عام 1998، الرواية تتحدث عن انتشار شيء غير معلوم يُصيب الإنسان بالعمى المفاجئ، وفى فترة زمنية قصيرة أصبح كل من على الأرض أعمى، وهناك طبيب عيون، عندما بدأ يلاحظ ذلك بدأ يتواصل مع المسئولين، والأحداث أغلبها تدور حول هذا الطبيب وزوجته بعد إصابته بهذا المرض، وتمثيل زوجته بإصابتها أيضا حتى تكون إلى جانب زوجها فى المكان المخصص للمرضى، وهو عبارة عن مستشفى قديمة قررت الحكومة أن يكون مكانا لعزل المُصابين. أحداث المسرحية تظهر غياب الإنسانية، وقد تناولت النص بداية من تواجد الناس في عنابر العزل، بدأت النص بدخول الطبيب الأعمى وزوجته ولكنها ترى من خلف الجمهور، وكأن خشبة المسرح هي العنبر، وتدور صراعات كثيرة تُبين أهمية أن نحتفظ بآدميتنا، وأن مواجهة الحقيقة أفضل بكثير من أن نُمثل أننا مُصابون بالعمى.
- ما الدوافع التي جعلتك تُعد هذا النص المسرحي؟ ومتى كتبته؟
استفزتني جملة في العمل، معناها ألا يجب أن نتهم بعضنا البعض بالتقصير وأحيانا نكون - بدون قصد -  مُغيبين ولا نرى الحياة جيدا بأعيننا بشكلها الصحيح، أحيانا يجعلنا ألم الحقيقة نتعمد ألا نراها، وكان مقصودا إبراز تلك النقطة: أن هُناك حقيقة قد أراها فتؤلمني وتصيبني بالعمى، فأتعمد ألا أراها.
- هل لدينا أزمة في كتابة وإعداد النصوص المسرحية؟
لا أرى ذلك الآن، ربما كان هُناك أزمة عندما كُنت في مسرح الجامعة، لأن المُعظم كانوا يستسهلون ويتجهون للنصوص العالمية، فكرة أن يأخذ أحد نصا مصريا أو عربيا أو نصا حديثا كانت قليلة جدا، مؤخرا أصبح الأمر غير ذلك، هُناك نصوص عربية ومصرية حديثة مُتاحة ويتم اختيارها، وهذه دلالة تؤكد أن ليس لدينا أزمة في الكتابة والإعداد المسرحي، وأرى أن الكاتب والمُخرج محمود جمال حديني رجل عبقري، وفي الفترة الأخيرة أصبح لدينا نماذج كثيرة تنفي فكرة أن لدينا أزمة.
- هل في الكتابة جوانب تحتاج إلى المزيد من الاهتمام؟
لاحظت أن تلك الجوانب قد بدأنا في معالجتها منذ بدأت الدولة تهتم بعمل مسابقات للكتابة، بالإضافة إلى جوائز تأليف في المهرجانات الكبيرة، وأرى أن هذا يتم فعله الفترة الحالية، ورُبما هو ما جعلنا نصل إلى هذا المستوى الجيد من الكتابة الذي ذكرته سابقا. وأتمنى أن يستمر هذا الاهتمام بمسابقات الكتابة والتأليف والإعداد حتى نُحافظ على المستوى الجيد وهذا يتطلب أن نهتم أكثر بمسابقات الكتابة وبنشر النصوص الجديدة، ونهتم أكثر بتقييمها دون التحيز للكتابات العالمية، فللأسف بعض لجان التحكيم تتحيز للنصوص العالمية عن النصوص العربية، ويجب أن نهتم بالجانب المعنوي للكاتب أكثر من الجانب المادي، بالتأكيد الجانب المادي مهم، ولكن الجانب المعنوي يجعلك قادرا على الكتابة لتحقيق الجانب المادي.
- ما هي المشاكل التي تواجهكم بصفتكم مؤلفين وكُتّابا؟
كما ذكرت سابقا نقص الإمكانيات، على سبيل المثال عند كتابتي للنص الذي فُزت عنه بالمركز الأول، عملت على أن يكون بسيطا ليس به أفكار صعبة التنفيذ بالإمكانيات المتاحة، ففكرة تقييد الأفكار حتى لا تكون صعبة التنفيذ أمر سيء جدا، وعلى سبيل المثال لا يوجد مسرح في المنصورة ستارته تُغلق، فإن وددت أن أُقدم رسالة على ستارة المسرح لن أستطيع! ونقيس على ذلك أشياء كثيرة، أنا ككاتب أو كمُعد يجب أن تكون أفكاري بسيطة ومحكومة وهذا ضد الإبداع والخيال.
هُناك مشكلة أخرى أن بعض اللجان يُفضلون نوعا من النصوص على أخرى، ومن وجهة نظري يجب أن يكون التقييم للعرض، دون ميول شخصية.
- ما الذى يحتاجه مسرح الثقافة الجماهيرية؟
جمعنا نتفق على أهميته وهو بالفعل يُتيح فرصا كثيرة وقد أصبح لدينا أكثر من مهرجان مسرحي، كمهرجان النوادي ومهرجان «لقاء المخرجين»، ولكن مسرح الثقافة الجماهيرية يجب أن يُراعي الفرق بين ظروف كل إقليم والآخر فهُناك عروض تُعرض على خشبة مسرحية غير ملائمة، كما أن توزيع المسارح على العروض يكون غير مُوفّق أحيانا.


إيناس العيسوي