غنام غنام: نعيش زمن الدواعش.. لذلك كتبت «ليلك ضحى»

غنام غنام: نعيش زمن الدواعش.. لذلك كتبت «ليلك ضحى»

العدد 588 صدر بتاريخ 1ديسمبر2018

شارك مؤخرا العرض المسرحي «ليلك وضحى» في دورة اليوبيل الفضي لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر، العرض من تأليف وإخراج غنام غنام المولود في أريحا بفلسطين وهو يعتبر واحدا من أهم المسرحيين العرب، فهو مؤلف وممثل ومخرج، شارك أكثر من مرة في المهرجان التجريبي بالقاهرة في دورات سابقة. العرض المسرحي «ليلك ضحى» يفضح العقول الظلامية التي أساءت للإسلام وتحاول أن تسير بالمجتمعات العربية إلى عصور القهر والاستبداد باسم الدين والدين منهم براء، وتجعل وطننا العربي يعيش صراعات ملتهبة بين أبناء البلد الواحد كما يحدث الآن، ولذلك كان لنا هذا الحوار مع المؤلف والمخرج غنام غنام.
 - بداية حدثنا عن مسرحية «ليلك وضحى» وماذا يعني اختيارك لهذا الاسم؟
بدأت كتابة النص عام 2015 وانتهيت منه عام 2016 وقد سبق وفاز النص بجائزة الإبداع في المملكة الأردنية الهاشمية عام 2016 وتمت ترجمته إلى اللغة اليابانية سنه 2017، وما دفعني لكتابة النص أننا أصبحنا نعيش زمن الدواعش وهم يشوهون قيمنا الجميلة البسيطة، كما أنهم لا يعرفون صحيح الدين، وأنا بدوري باعتباري مسرحيا لا أملك إلا أن ألقي الضوء على ما يحدث لمواجهة القوى الظلامية، فأنا أدافع عن الحب والقيم النبيلة التي تحاول هذه القوى الظلامية انتزاعها منا تحت ستار الدين. أما عن اختيار الاسم، فكلمة «ليلك» تعبر عن وردة الليك وقد تكون بمعنى الليل، و«ضحى» تشير إلى الأوقات الأولى من الصباح.
 - شارك العرض في مهرجان الشارقة.. هل كانت لك مشاركة أخرى بعروض سابقة في هذا المهرجان؟
أنا لم أشارك في مهرجان الشارقة بأي عرض مسرحي وهذه أول مرة أشارك بعرض مسرحي من تأليفي وإخراجي، وقد كان ذلك بناء على رغبة من زملائي المسرحيين في الإمارات، فأنا مقيم بينهم منذ سبع سنوات ولكنني لي مشاركات متعددة كناقد وقارئ للعروض وعضو لجان اختيار الأعمال.
- هل لديك منهج معين تفضله في الإخراج المسرحي؟
بما أنني طرحت نفسي بوصفي مخرجا مسرحيا منذ عام 1991، فالحقيقة إن كل المدارس المسرحية والمناهج هي عبارة عن الدرس الأول ومن ثم تجاوزها لتذهب أنت إلى المساحة التي تريدها. أنا من أصحاب الانشغالات الحرة التي لا تنضبط بشكل أساسي ولكنها تعرف أين تضع قدمها وكيف تنتقل من أداء إلى آخر، خاصة وأنني «فرجوي» بمعنى أنني من أصحاب الفرجة المسرحية وعندي بيانات في هذا الموضوع، بيان نحو مسرح لكل الناس وبيان الفرجة في مطلع التسعينات، وبالمناسبة تم توزيعهما في القاهرة عام 1992 وعام 1994، وبالتالي الشغل أقرب إلى الاستفادة من مقومات الأداء التمثيلي والأداء الفرجوي في الطقوس الشعبية التي تشكل ثقافتنا وحضارتنا، ومن هنا أميل إلى التشخيص كثيرا ليس إلى التمثيل بمفهومه الأساسي وأميل إلى دعم التنازلات الخاصة ومهارات المستقبل.
- بمناسبة ذكرك الممثل ما علاقتك بالممثل؟
أنا أحترم الممثل جدا لأنني ممثل، وأجعل الممثل هو المادة الأساسية في عرضي، وممكن أن تستغنى عن كل الأشياء الأخرى التي تشكل المشهد المسرحي مقابل وجود ممثل قادر على الإمساك بخيوط اللعبة، ويدل على ما أقول العرض المشارك في هذه الدورة بالمهرجان «ليلك ضحى»، وأيضا عرض المونودراما الذي أقدمه منذ عام «سأموت في المنفى»، فقد استغنيت فيه عن المقومات المكملة للعرض المسرحي.
- جماهير المسرح هي المستمتع بالعروض المسرحية.. كيف إذن ترى علاقتك بالجمهور؟
علاقتي بالجمهور علاقة عضوية فأنا أؤمن بأن الجمهور ليس المتلقي، الجمهور هو فاعل، الجمهور مؤثر وأيضا هذا منطلق الفرجوية. أنا بين كل عمل وعمل عندي عمل له علاقة بالحلقة والفضاءات المفتوحة، وأحب مدرسة مصطفى ناصف في عدم الاستعلاء والاستعداد، فلذلك لا تعالي على الجمهور، والاستعداد له، ولكن أحاول أن أقود ذائقة الجمهور بسلاسة باتجاه الارتقاء بمستوى الذائقة الجمالية للفرد والمجموع، أنا أذهب للجمهور أينما كان ليس عندي اشتراطات عالية، أبدأ في تقديم كل الأشياء ومن هنا علاقتي عضوية به. أنا أصلا ابن تجربة خاصة بهذه المسائل، أنا لاجئ فلسطيني وبالتالي ابن النزوح واللجوء والمخيمات والعمل الجماهيري المعتمد على الموقف السياسي، لذلك لا انفصال بين ما أقدم وبين الجمهور لا في التمثيل أو الإخراج.
 - بالنسبة لعروضك المسرحية.. هل تم توثيقها بشكل عام وبخاصة العروض التي قدمت بالمهرجان التجريبي في القاهرة؟
ربما أكون من الفنانين القلائل الذين اهتموا بالتوثيق. إن تجاربي تقريبا بنسبه 70 في المائة موثقة بالفيديو وبالصور والمقالات النقدية التي كتبت عنها وبالجوائز التي حصلت عليها، لذلك ليس لدي أي مشكلة مع التوثيق على الإطلاق، حتى عرض «ليلك ضحى» المشارك بالمهرجان هناك من يوثقه ويصوره لأنه لا يبقى من أي عمل إلا الوثائق. نعم أنا من الذين يوثقون عملهم بشكل جيد.
 - من ضمن الندوات التي أقيمت في المجلس الأعلى ندوة خاصة بعنوان «المسرح تحت دوي القنابل» وعرضك المشارك بالمهرجان يناقش مشكلة القتل والصراع التي تمر بها بعض البلاد في عالمنا العربي، فما رأيك؟
عنوان الندوة مهم جدا لأننا نعيش تحت دوي القنابل وتحت تهديدها، وهذا العرض استجابة أساسا للظروف التي تمر بها المنطقة ودعوشتها وجرها إلى الظلامية، وبالمناسبة هذا النص اعتمده اليابانيون كمثال جيد على المسرح في مناطق الصراع والاحتدام وترجموه إلى اللغة اليابانية وقدموا له قراءات وندوات وذهبت إلى طوكيو في العام الماضي من أجل ذلك. هذا واحد من النصوص التي أنجزتها بهذا الاتجاه، ومعظم نصوصي تعمل على الاشتباك مع هذا الواقع، وليس من المستغرب أن يكون هناك ارتباط بين الندوات الفكرية التي تتناول الموضوع والعروض.
 - ما دورك في تجميع المسرحيين من البلاد العربية للتصدي لما تمر به المنطقة، لأننا في احتياج شديد للقوى الناعمة؟
في عام 1999 وعام 2000 شكلت مع 8 فرق مسرحية عربية رابطة «بلا حدود رماح» التي كانت تعمل على تجميع المشهد، ولكن فشلت التجربة لأسباب لها علاقة بالمواقف السياسية لكل دولة والظروف التي تمر بها، لكنني الآن ومنذ 7 سنوات وأنا أشتغل بالهيئة العربية للمسرح التي تعمل الآن بيتا عاما للمسرحيين العرب، أعمل مسئولا للنشر والإعلام، وبالتالي لدينا استراتجيات كبرى بهذا الاتجاه. ليس فرديا الآن من خلال مؤسسة كبيرة ويطول الحديث عن الجهود التي تتم في ذلك وربما الهيئة تدعم الورش بمهرجان القاهرة المعاصر والتجريبي في اليوبيل الفضي، وندعم الكثير من النشاطات وسنقيم مهرجان المسرح العربي الذي يجمع كل المسرحيين العرب في يناير القادم في القاهرة، وهو ما يعني أنني الآن جزء من مؤسسة تعمل على هذا الموضوع وتعمل على المسرح المدرسي ومسرح الهواة والمسرح الجامعي ونضع مناهج بالمدارس، وفي كل ما يمكن أن يشكل تقريبا لحالات المسرح العربي بعضها مع يعض، والأهم من ذلك أنها تجمع في مؤتمرها؛ أي مهرجان المسرح العربي، نحو 400 مسرحي عربي كل عام من أجل أن يتفاعلوا ويتناقشوا في شؤونها؛ شؤون المسرح العربي.
 - عند حصولك على جائزة.. ما هو إحساسك كإنسان وفنان؟
أنا أشوف أن الجوائز مسئولية جديدة مضاعفة، وبشكل عام أنا لا أسعى للجوائز، وليس لدي أي مشكلة مع أي عمل أقدمه سواء فاز بجائزة أم لا، فأنا أتعامل مع الجوائز بحيادية شديدة، وإنما هي تشكل حوافز جديدة لإنتاج جديد للذهاب أكثر والإتقان والإنجاز المحكم، وبالنسبة لي في هذا العمر لا تعنيني الجوائز على الإطلاق من قريب أو من بعيد.


جمال الفيشاوي