«فرقة المسرح الكوميدي».. أحدث إصدارات د. عمرو دوارة

«فرقة المسرح الكوميدي».. أحدث إصدارات د. عمرو دوارة

العدد 668 صدر بتاريخ 15يونيو2020

يشهد فن الكوميديا في “مصر” الآن كارثة مؤسفة أصدرت الحكم بإعدام المعنى والهدف والدلالة، وفتحت المسارات أمام الزيف والتضليل والاستهانة المطلقة بعقول الناس، حيث يغيب دور الفن ووظيفته في الضحكات البليدة والقيم الهابطة والأفكار الشاذة، دون محاولة لصياغة كوميديا تثير الوعي والإدراك وتشاغب تفاصيل واقعنا الشرس المسكون بالتناقضات، والذي تأتي أبعاده أقوى من جميع الأشكال والقوالب الكوميدية (وفي مقدمتها: “الفارس” و”الجروتسك” و”الفودفيل” و”الديلارتي”)، وإذا كانت كل التجارب التي نشاهدها الآن قد تحولت إلى تيار متصل من الإسفاف والابتذال والخروج السافر عن أصول الكوميديا بكل مذاهبها ومدارسها واتجاهاتها، فمن المؤكد أننا أصبحنا في الزاوية الحرجة، وعلينا أن نواجه أنفسنا بحقيقة الخسائر الثقافية الفادحة والآثار السلبية الفاضحة التي يبعثها هذا التيار.
في هذا السياق المتوتر المنذر بالخطر يشهد واقعنا الثقافي ضوءا كاشفا يؤكد أن مفكري مصر ومثقفيها الكبار يدركون أبعاد الأزمة ويواجهون وقائع الغياب، حيث تأتي أحدث إصدارات الفارس المثقف دكتور عمرو دوارة بعنوان: “فرقة المسرح الكوميدي”، ليقوم بتناول ومواجهة أهم قضايا المسرح المصري بذلك الكتاب الثري، ويكشف من خلاله عن حقيقة تراثنا الكوميدي العظيم، ويؤكد أن التيار الحالي ليس هو الابن الشرعي لذلك التاريخ العبقري الذي اتسم بالجدل والوعي والعلم والإبداع والبهجة والإحتفال بالحياة.
وعندما يتحدث “د. دوارة” ندرك أننا أمام شخصية استثنائية رفيعة المستوى، فهو ظاهرة ثقافية تثير الجدل والتساؤلات، وهو كيان عبقري يمتلك التجربة المتوهجة والعلم الغزير واللغة المغايرة، والرؤى العلمية والموهبة الخصبة، والوعي الثائر بجماليات المسرح وفلسفة الفن، هو الباحث والناقد والمؤرخ والموثق والمخرج الكبير، الذي استطاع - وخلال مشواره الفني الثري - أن يغير مسارات البحث والفكر والإبداع في مصر والعالم العربي، ويكفي أن أذكر أنه صاحب “موسوعة المسرح المصري المصورة”، ذلك الإنجاز العظيم غير المسبوق والذي سيتحدث عنه تاريخ الفن طويلا، باعتباره من الأعمال الوثائقية الكبرى التي تحافظ على ذاكرة الأمة وتاريخها وشخصيتها، وعلى امتلاك الوعي بالحاضر والاشتباك مع المستقبل، وبعث تيارات المقارنة الجدلية بين الكائن وما يجب أن يكون، وكذلك إعادة قراءة التاريخ وصولا إلى نتائج جديدة تتوافق مع عصر المعرفة الكونية التي نعيشها الآن.
يمتلك د. عمرو دوارة خبرات فنية وفكرية وثقافية نادرة  فقد قام بتأسيس “الجمعية المصرية لهواة المسرح” عام 1982، وانتخب رئيسا لأول مجلس إدارة لها، وتحمل رئاسة مجلس إدارتها لمدة عشر دورات متتالية، وكذلك قام بتأسيس وإدارة جميع المهرجانات المسرحية التي نظمتها بتميز واقتدار “الجمعية المصرية لهواة المسرح”، ومن أهمها “مهرجان المسرح العربي” بدوراته الخمسة عشر 2001- 2017، وعلى مستوى آخر قام بإخراج أكثر من خمسين عرضا بمسارح المحترفين وجميع تجمعات الهواة، ويكفي أن نسجل له إسهاماته في مجال مسارح الأطفال وقيامه بإخراج خمسة عروض متميزة حازت على العديد من الجوائز العالمية.
وجدير بالذكر أن مؤلفاته في مجال الفنون المسرحية تمثل حالة من الوعي والإبداع الثري، ولعل أهم هذه الأعمال هي: “فؤاد دوارة عاشق المسرح الرصين”، ملك ومسرحها الغنائي” - المركز القومي للمسرح، “المسرح القومي منارة الفكر والإبداع”، “المسرح هموم وقضايا، “يوسف وهبي فنان الشعب”، “مسارح الأقاليم وعلامات على الطريق” - الهيئة العامة لقصور الثقافة، “المهرجانات المسرحية العربية”، - المملكة الأردنية، “كرم مطاوع صانع الفرجة المسرحية” - دولة الإمارات المتحدة، “الإخراج المسرحي بين مسارح المحترفين والهواة”، “شموع مسرحية انطفأت بلا وداع”،” الإخراج لمسارح الأطفال” - الهيئة المصرية العامة للكتاب.
شهد “المهرجان القومي للمسرح المصري” في دورته الماضية إعترافا خطيرا من ثمانية عشر مؤلفا لكتب المكرمين في المهرجان، حيث تضمنت الكتب جميعها شكرا للدكتور دوارة، الذي تعاون بكل الحب والعطاء مع مجموعة المؤلفين لتوفير كثير من المعلومات الغائبة والصور المسرحية النادرة، مما يؤكد على دوره الفريد المتميز بحياتنا المسرحية، ويكشف طبيعة الصدق والجمال في شخصيته كأحد كبار مثقفي مصر، وفي نفس السياق يأتي كتابه العبقري: “المسرح المصري .. مئة وخمسون عاما من الإبداع”، والذي يمثل النسخة المصغرة أو الدليل الإرشادي لموسوعته الكبرى المصورة لجميع الإنتاج المسرحي المصري، يأتي كشهادة على أن  د. عمرو دوارة هو شخصية ثقافية فنية غير مسبوقة، ويمتلك الحضور والوهج والتأثير، ويحرك موجات الصمت والسكون في واقعنا المسرحي.
وأخيرا يقدم لنا كتابه المتفرد “فرقة المسرح الكوميدي” كإنجاز غير مسبوق، فيمثل إضافة فعلية للمكتبة العربية، كما أنه يمثل - في حقيقة الأمر أيضا - تحديا كبيرا لمؤلفه المثقف، حينما يبادر ويتصدر بالتوثيق لتاريخ ومسيرة فرقة من أهم الفرق المسرحية وأكثرها جماهيرية، ومع ذلك نفتقد لجميع المراجع والبيانات عنها. فرقة مضى على تأسيسها ما يقرب من ستين عاما قدمت خلالها عددا كبيرا من الأعمال  المتميزة، التي شارك في تقديمها كبار الكتاب الذين يمثلون أكثر من جيل، وعدد كبير من المبدعين في مختلف مفردات العرض المسرحي على مستوى الإخراج والديكور والموسيقى والتمثيل .
هذا الكتاب صادر عن “المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية”، وهو كتاب توثيقي علمي يرتكز على رؤية نقدية غزيرة الثراء، ترسم صورة دقيقة متكاملة تلقي بالضوء الكاشف على جميع أعمال فرقة “المسرح الكوميدي”، لذلك يعتبر الكتاب مرجعا علميا يمكن الإعتماد عليه في إعداد الدراسات الأكاديمية والرسائل العلمية، حيث يبني الحقائق حول تاريخ المسرح المصري، ويطرح مشروعا متكاملا في النقد والتوثيق، ويتناول مفهوم النهضة الفكرية والثقافية عبر المعرفة والموضوعية والمنهجية، والنقد والتوثيق مع سرد تاريخ أعلام المسرح ومؤسساته.
يتكون كتاب فرقة “المسرح الكوميدي” لمؤلفه الدكتور دوارة بخلاف كل من المقدمة والخاتمة ثمانية فصول وأربعة ملاحق تتضمن القوائم الخاصة بعروض الفرقة من عام 1962- 2019، ويأتي “الملحق الأول” متضمنا قائمة جميع عروض الفرقة بتفاصيلها الأساسية طبقا للتتابع الزمني، ويضم “الملحق الثاني” قائمة بأسماء جميع المؤلفين الذين قدمت الفرقة نصوصهم مرتبة هجائيا، أما “الملحق الثالث” فيشمل قائمة بأسماء جميع المخرجين الذين قدموا عروض الفرقة وهي مرتبة هجائيا أيضا، كما يشتمل “الملحق الرابع” على قائمة العروض الأربعة والأربعين التي تم اختيارها - من قبل مؤلف الكتاب - كأفضل العروض التي قدمت بفرقة “المسرح الكوميدي”، وفي نفس السياق يتضمن الكتاب مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية النادرة، يبلغ عددها مائتي وعشرين صورة، وهي من الأرشيف الخاص بالدكتور دوارة، ومن بينها واحد وخمسين صورة نادرة لعروض مسرحية، وتسعة صور لدور العرض، وكذلك مائة وستين صورة شخصية لكبار النجوم والممثلين والمديرين والمؤلفين والمخرجين. ومن الجدير بالذكر أن هذه الصور تمثل ثروة رفيعة المستوى، حيث لا تتوفر لدى أي جهة بحثية أو ثقافية، وبالتالي إذا كانت هذه الصور تمثل إضافة لهذا الكتاب المرجع وللواقع الفني المصري بشكل عام فإنها تؤكد أيضا أن الدكتور عمرو دوارة يتفاعل بشكل إيجابي متميز مع قضية غياب دور المراكز البحثية وافتقادها للكثير من المعلومات والصور، وعلى مستوى آخر فإن هذا الكتاب الصادر عن “المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية” برئاسة الفنان القدير/ ياسر صادق، يأتي كمثال شديد الدقة والموضوعية ليؤكد ترشيد مسار هذا المركز المهم، وحرص قيادته الواعية على اجتذاب المتخصصين وتقديم الإصدارات المتميزة التي تعد نماذج مثالية يجب أن تحتذي  في مجال التوثيق لفرقنا وأنشطتنا المسرحية.
يتناول “الفصل الأول” من الكتاب نشأة وتطور الكوميديا المسرحية بمصر، حيث يتعرف القارئ على السياق التاريخي والفني لنشأة المسرح العربي بشكل عام، والذي بدأ مسرحا غنائيا بفضل إسهامات كل من  الرائدين/ مارون نقاش (في لبنان عام 1848)، وأبو خليل القباني (في سوريا عام 1856)، حيث كانا على دراية كاملة بذوق الجمهور العربي العاشق للموسيقى والغناء، ورغم أن تجارب الرائد المصري يعقوب صنوع - التي بدأت عام 1870 - قد اتجهت نحو تقديم الكوميديا الشعبية ومعالجة القضايا الإجتماعية من خلال الأنماط التقليدية للكوميديا إلا أن هذا لم يمنع “يعقوب صنوع” من توظيف بعض الأغاني الشعبية والمقطوعات الموسيقية أيضا في أعماله.
يشير دكتور/ دوارة إلى أن صحوة المناخ الثقافي والفكري في نهايات القرن التاسع عشر والتي تبلورت في تشجيع التعليم وتنشيط حركة التأليف والترجمة والبعثات العلمية كان لها أثرا بالغا في نجاح تجربة “يعقوب صنوع”، الذي ساندته الطبقات المتوسطة وتفاعلت مع أعماله التي تناولت قضايا الناس الحقيقية. ورغم أن هذا التيار المسرحي قد انتهى سريعا في مصر بعد نفي “صنوع” إلى باريس عام 1872 بسبب انتقاداته اللاذعة للخديوي في مسرحياته إلا أن أصول الفن المسرحي قد انطلقت إلى قلب الواقع المصري، لدرجة أن الخديوي قد انتبه إلى الفراغ الذي تركه “صنوع” مما دفعه إلى الموافقة على دعم واستقبال فرقة “سليم النقاش” القادمة من الشام لتقديم عروضها في مصر.
تأصلت الظاهرة المسرحية في مصر والعالم العربي منذ 1876 وحتى الآن، وكما يوضح الدكتور/ دوارة فإن الملامح والسمات الكوميدية كانت حاضرة بقوة منذ نشأة المسرح العربي في العصر الحديث، حيث اتسمت تجارب كل من الرواد الثلاث: مارون نقاش، أبو خليل القباني، ويعقوب صنوع بالحرص على توظيف الكوميديا في عروضهم، وإن اختلفت في مصادرها وأساليب توظيفها، حيث اعتمد “مارون نقاش” في عرضه الأول على تعريب واقتباس مسرحية “البخيل” لمؤلفها الفرنسي/ موليير، أما في عرضه الثاني فقد اعتمد على الاقتباس من حكايات “ألف ليلة وليلة”، ليقدم مسرحية “أبو الحسن المغفل وهارون الرشيد” عام 1850، وفي نفس السياق اتجه أبو خليل القباني أيضا إلى “ألف ليلة وليلة”، عندما قدم أول عروضه “الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح”، والتي جاءت تموج بالمفارقات الكوميدية الساخنة، ويذكر أن “يعقوب صنوع” قد اعتمد بدرجة كبيرة على توظيف أشكال وشخصيات بعض أنماط الفن الشعبي مثل المرأة الشلق، البربري، الشامي، والخواجة الأجنبي.
في الفصل الثاني من الكتاب يشير المؤلف إلى أن فرقة المسرح الكوميدي هي إحدى الفرق التابعة للبيت الفني للمسرح بوزارة الثقافة، تأسست في البداية عام 1962  في إطار مسارح التليفزيون، عندما تم إعادة تقسيم الفرق الثلاث الحرية، السلام، والنهضة، إلى أربع فرق خصصت أحدهم لتقديم الكوميديا بدءا من موسم 1962- 1963، وأسندت إدارتها للفنان محمود السباع، بعد ما انضم إليها نخبة من نجوم برنامج ساعة لقلبك، من بينهم الفنانين فؤاد المهندس، خيرية أحمد، عبد المنعم مدبولي، محمد عوض، أمين الهنيدي، محمد أحمد المصري، محمد رضا، كما انضم إليها ميمي شكيب، زوزو شكيب، عقيلة راتب، نجوى سالم، نظيم شعراوي جمالات زايد وأبو بكر عزت .
قدمت فرقة المسرح الكوميدي عروضها في عدد كبير من المسارح المخصصة لمسرح التليفزيون، مثل مسرح 26 يوليو ومسرح الجمهورية، ولكن طبقا للنظام الجديد تم تخصيص مسرح الهوسابير لشعبة المسرح الكوميدي، وتم الاتفاق أيضا على تخصيص مسرح سيد درويش بالإسكندرية لجميع فرق التليفزيون المسرحية لتعمل بالتناوب، ويذكر أنه تم الاتفاق على أن تضم شعبة المسرح الكوميدي ثلاث فرق، تناولها دكتور دوارة بالتفصيل من حيث أسماء الممثلين والممثلات وعددهم بالتحديد، وكذلك أسماء الفنيين والإداريين وعددهم، ويلاحظ أن الفرق الثلاث لم تضم في تشكيلها نجوم الكوميديا الكبار، أصحاب الحضور الجماهيري الواسع، حيث لم يتم تعيينهم كأعضاء في الفرقة نظرا لارتباطهم بفرق أخرى، أو تفضيلهم أسلوب التعاقدات  .
تضمن هذا الفصل أيضا قائمة المسرحيات الجماهيرية الناجحة منذ البدايات وحتى عام 1966، ويلاحظ أن معظمها هزليات مقتبسة أو ممصرة عن مسرحيات الفارس الفرنسية، فيما عدا بعض الأعمال المؤلفة  مثل “جلفدان هانم”، للأديب علي أحمد باكثير، “ممنوع الستات “، لبهجت قمر،”  مقالب محروس “ لأنور عبد الله، “عطوة أفندي قطاع عام “ لنعمان عاشور، “ولا العفاريت الزرق “ لعلي سالم، ويحسب لمسرحيات هذه المرحلة تأكيدها على موهبة ونجومية جيل جديد من نجوم الكوميديا مثل فؤاد المهندس، عبد المنعم مدبولي، محمد عوض، أبو بكر عزت، أمين هنيدي، شويكار، خيرية أحمد، عادل إمام، سعيد صالح، وصلاح السعدني،  وفي هذا السياق تمتد بصمات د . دوارة ومعلوماته الثرية ونتعرف على مرحلة غياب النجوم، وانضمام فرقة المسرح الكوميدي مع باقي فرق التليفزيون عام 1966، إلى مؤسسة فنون المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وكيف تأسست فرقة الفنانين المتحدين بقيادة سمير خفاجي بعيدا عن فرقة المسرح الكوميدي، التي نجحت في مواجهة تحدي غياب الكبار واتجهت إلى الاهتمام  بالمؤلفات المصرية مثل عسكر وحرامية، علي جناح التبريزي وتابعه قفة، الملوك يدخلون القرية، معروف الاسكافي، والجيل الطالع .
يقدم دكتور/ دوارة في “الفصل الثالث” من الكتاب توثيقا لأسماء وبيانات جميع المديرين، الذين تحملوا مسئولية إدارة الفرقة، وفي “الفصل الرابع” الذي يأتي بعنوان “النصوص بين التأليف والترجمة والاقتباس” نتعرف على كل الذين ساهموا في تقديم نصوص فرقة “المسرح الكوميدي” منذ نشأتها وحتى نهاية 2019. أما “الفصل الخامس” الذي يأتي بعنوان “المخرجون” فهو يتضمن تصنيفا لجميع  المخرجين الذين ساهموا بإخراج مسرحيات الفرقة طبقا لأجيالهم المختلفة، مع التعريف بكل منهم، وبيان عدد العروض التي قام بإخراجها. وفي “الفصل السادس” يقدم المؤلف تصنيفا دقيقا لجميع النجوم والممثلين الذين شاركوا في عروض الفرقة خلال مراحلها المختلفة سواء كانوا من المتعاقدين أو المعينين بالفرقة. وقد حرص الدكتور/ دوارة على وضع صورة شخصية لكل منهم، وهو بلا شك إنجاز شديد التميز، خاصة وأن كثير منهم غير مرتبط بذاكرة المشاهدين إلا من خلال الصورة فقط وفي سياق متصل يتضمن الفصل السابع بيانا تفصيليا بأسماء جميع المسارح التي قدمت الفرقة عروضها عليها منذ بداياتها وحتى الآن  .   
يأتي “الفصل الثامن” بعنوان “علامات مضيئة على الطريق”، وهو يعد من وجهة نظر الدكتور/ دوارة من أهم فصول هذا الكتاب، ومن وجهة نظري فأنا أراه قطعة فنية رفيعة المستوى تستحق أن تكون كتابا عن الكوميديا في الستينيات حيث يستعرض الدكتور/ دوارة من خلاله التفاصيل الكاملة لعدد أربعة وأربعين عرضا مسرحيا متميزا تم اختيارها بدقة شديدة من خلال العروض التي نجحت في الجمع بين النجاح الجماهيري والنجاح الأدبي والفني والنقدي. وتقتضي الحقيقة أن أوجه الشكر في هذا الصدد للفنان/ وليد يوسف مصمم الغلاف والمخرج الفني للكتاب على جمال التصميم وأيضا دقته في تنفيذه بحيث تتضمن المادة الخاصة بكل مسرحية الصورة الخاصة بها.
وأخيرا يظل الدكتور/ عمرو دوارة شخصية استثنائية رفيعة المستوى، وظاهرة ثقافية تثير الجدل والتساؤلات حول عشقه اللامحدود لعالم المسرح، وكيفية توظيف خبراته ومهاراته ودراساته الهندسية المتخصصة بمجال “نظم المعلومات” في إصدار تلك الكتب القيمة وبتلك الدقة المتناهية.


وفاء كمالو