لها مالها وعليها ما عليها.. قرارات إدارة التجريبي باستعادة التسابق والاسم القديم

لها مالها وعليها ما عليها.. قرارات إدارة التجريبي باستعادة التسابق والاسم القديم

العدد 657 صدر بتاريخ 30مارس2020

بعد قرار مجلس إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي برئاسة دكتور علاء عبد العزيز بعودة التسابق  بعد توقف دام ست سنوات، وكذلك عودة الاسم القديم للمهرجان وحذف صفة المعاصر، حاولت مسرحنا التعرف على آراء المسرحيين في هذا الشأن ، فحصلت على العديد من وجهات النظر المختلفة، التي نعرضها في هذه المساحة..   

قال المؤلف سامح عثمان: بشكل عام هناك مهرجان تسابقي وهناك ملتقى غير تسابقي وعهدنا أن التجريبي مهرجان وبالتالى فهو تسابقي. و من الجيد عودة التسابق، فهو يمثل عودة جائزة المسرح الدولية الوحيدة المقدمة باسم مصر ، خاصة أن مهرجانات كثيرة عربية أصبح لها جوائز باسمها، وفكرة إلغاء التسابق من الممكن أن نقول أنها كانت على سبيل التجربة، خاصة مع زيادة المطالبات بإلغاء التسابق بشكل عام، ولكن الآن أصبحنا بحاجة ماسة للجائزة المصرية التي تجعل الفرق من مختلف الدول تهتم بعروضها وكذلك الفرق المصرية.
وتابع: الفطرة المسرحية المصرية تميل إلى فكرة التسابق، ولكن التساؤل الأهم هو : هل نحن بحاجة للجائزة على مستوى سياستنا المسرحية المصرية، وعلى مستوى وجودنا على الخريطة العربية أم لا؟ وأنا أرى أننا في احتياج لوجود.

ضد إلغاء صفة المعاصر
فيما علق الكاتب محمد أبو العلا السلامونى فقال: أضفنا كلمة معاصر لإرضاء أطراف كثيرة كانوا يرفضون المهرجان التجريبي باعتباره جانبا واحدا من الفن المسرحي، الذي يتسع لكل التيارات، بما فيها التجريبي. الفن المعاصر من الممكن أن يقدم فنا تجريبيا، وأعتقد أن إضافة المعاصر إلى التجريبي كانت مفيدة لحركة المسرح في مصر. فلماذا نخلق هذا الخلاف مرة أخرى؟ .. واتفق السلامونى على ضرورة عودة التسابق، مشيرا إلى أن المهرجان حصل على سمعته من وجود التسابق، حيث كانت الدول المشاركة تحاول تقديم أفضل ما لديها حتى تحصل على الجوائز. كما كان ذلك يجعلنا نحن أصحاب المهرجان نشاهد أفضل ما وصل إليه الفن في العالم . التسابق يعد عنصر أساسي فى المهرجانات و ليس بدعة جديدة، ولكنه تاريخ طويل بدأ منذ عهد الإغريق .

ضد التسابق
و اختلف المخرج المسرحى سمير العصفوري مع فكرة عودة التسابق فقال : “التسابق عن إيه” ليست هناك “مسطرة حكم “ حتى نستطيع الحكم بأن كان هذا عرض متكامل أم لا ، ليس لدينا خبير مسرحي متكامل للحكم على الأعمال الخاصة بالمهرجانات، وهو ما يجعلنا نقسم العمل لمجموعة من العناصر: إخراج ،ديكور ، موسيقى ، تمثيل وهذا كلام مدرسي “خايب جدا “ لا يوجد لدينا رجل مسرح لديه الحكم على كل هذه العناصر.
أما بالنسبة للعروض المسرحية التي لا تدخل فى باب التجريب فهي عروض قابلة للحكم عليها وفق المعايير وقواعد علوم المسرح . لذلك نحن نرفض التسابق ومن خبرتي الشخصية ومشاركتي فى العديد من المهرجانات، الجميع يذهبون للمهرجان سعداء، وعندما تعلن النتائج يحدث عداء شديدة بين المشاركين .
وتابع: ليس هناك منطق يحكم اختيار العرض الأفضل، لأن التجريب غير خاضع للمسطرة الأكاديمية “ لأن التجريب ضد الأكاديمي أصلا.
وضرب العصفوري مثالا بيونيكسو وبكيت، قال : لو كانا تقدما للسربون بأبحاثهم لرفضت لأنهم خارج المنظومة الأكاديمية، وقد حققا تواجدهما فى التجريب والتحديث وصنعا طفرة، فيونسكو صاحب نظرية تسمى “اللا مسرحية“ . كيف نستطيع الحكم على التجريب فلكل تجربة طعم معين، كذلك: كيف نستطيع تحديد أفضل ممثل مثلا بافتراض أن العمل التجريبي يؤديه راقص.
وأشار العصفوري إلى أن المهرجان في بدايته كان يطرح استمارتين للتقديم: الأولى يكتب المخرج فيها مشروعه و نوع التجريب في عرضه، أما الثانية فيحدد تكنيك العرض وتقنياته وهو أمر يضمن لنا وجود أعمال تجريبية حقة.
وعن عودة الاسم القديم قال : إضافة شىء جديد للاسم يغير التاريخ، ولم يكن هناك معنى لتغيير أسم المهرجان ابتداء ، وعودة المهرجان إلى أسمه الذي أسس عليه بمثابة عودة المسألة إلى حقيقتها .

 لا ثوابت
المخرج عمرو قابيل أيضا ضد التسابق، حيث لا يوجد معيار محدد نستطيع من خلاله الحكم، وأن التجريب ليس لها ثوابث وأن التسابق يقتل الشغف الفني، وبالتالى يقتل شهوة الابتكار، حيث التجريب يعني الخروج عما هو ثابت ومألوف.
أما فيما يخص عودة الاسم الأول قال : هذا شىء جيد، لأنه عرف لسنوات طويلة باسم مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، وبإضافة لفظة “المعاصر “ اصبح اسما مطاطيا، ليس له معنى، ولكن كلمة التجريبي تعد قيمة مطلقة، تبقى مهما تغير العصر. و اتفق قابيل مع رأي الناقد محمد الروبى فى مقالته التي تكلم خلالها عن فلسفة الاسم و اقترح تسمية المهرجان باسم “التجريب في المسرح “ . أضاف : هنا تنازل عن المعنى الحرفي انتصارا للمعنى الفني، فالمحتوى أهم من دقة اللفظ، كما أن المهرجان استمر لربع قرن يحمل اسمه الأول ، حتى بعد تغير الاسم وإضافة لفظة معاصر ظل الفنانون على مستوى العالم يذكرونه بالاسم الأول .
وعن رأيه في عودة التسابق أضاف :أنا مع فكرة أن تقام المهرجانات بشكل كرنفالى أو ملتقيات بالرغم من إقامتي لمتلقي القاهرة الدولي للمسرح الجامعي كملتقى تسابقي، وكان سبب ذلك هو أنى عندما ألغيت التسابق لم يحدث إقبال على المهرجان، ولكنى سأعيد النظر فى فكرة التسابق في الدورات المقبلة
وقال المخرج أكرم مصطفى أن التسابق أمر فردى يرتبط بإحساس الفنان بالتحقق وليس له علاقة بفعاليات المهرجان، فقوة المهرجان تقاس بعدة أمور ، منها أهميته وعدد العروض المشاركة ونوعية العروض المختارة وأهمية الفنانين المشاركين. وكما نعلم فإن المهرجان التجريبي له مكانه خاصة وشارك به عدد كبير من الفنانين الذين قدموا تجارب متميزة، لذا فعودة التسابق شىء جيد، وأنا كفنان وممارس للفعل المسرحى كتابة وإخراجا وتمثيلا أرى أنه من الجيد أن أشارك فى تسابق شريف، وأطمح في الحصول على جائزة وعن إقامة ملتقيات أو كرنفالات قال: الأمر يخضع لرؤية المهرجان، كما أن الشكل الكرنفالى به رقى واحترام، ولكنى كفنان أهتم بشكل كبير بالتسابق، وعن عودة الاسم “مهرجان المسرح التجريبي أضاف :الأمر ليس مهما ففي النهاية المهرجان فاعلية كبيرة ومهمة فى الوسط المسرحى العالمي.

 الكرنفالية تصلح للفرق القومية
اتفق الكاتب السيد حافظ حول أهمية عودة التسابق ، لما تحدثه من تحفيز لعناصر العملية المسرحية لتقديم أفضل ما لديها والحصول على جائزة، مشيرا إلى أن النفس البشرية تميل للحافز. وفيما يخص الكرنفاليه ذكر أن الكرنفالية تصلح للفرق القومية في الدول العربية وذلك منعا للإحراج واحتراما لتاريخ هذه الفرق.. وعن عودة الاسم القديم تابع : الاسم القديم كان متخصص للغاية في نوعية محددة من العروض، و إضافة “المعاصر” كانت محاولة للخروج من عباءة المصطلح، وهذا يحمد له، ولكنها لم تؤتى ثمارها، والأمل أصبح معقودا على الإدارة الجديدة فى ظل ظروف غاية فى التعقيد مستفيدة بالتجربة التي قدمها د. فوزى فهمى
فيما شدد السينوغراف د. حسين العزبى على أهمية المهرجان التجريبي لما يقدمه من تجارب مختلفة ومتميزة، موضحا أن المسرح التجريبي نوع من المسرح مطلوب فى العالم مثل مسرح الكباريه السياسي والرقص الحديث ومسرح الكلمة وغيرها من المسارح، مشيرا إلى أن أكثر الأمور إيجابية هو عودة اسم المهرجان الأول، لأنه يعبر عن تاريخ عريق، ويعد التسابق أحد أهم الأمور الايجابية أيضا ، فبدون تسابق لا رونق للمهرجان وأنا أفضل الشكل التسابقى فى المهرجانات.
ومن وجهة نظر أخرى قال المخرج ناصر عبد المنعم: سواء كان المهرجان تسابقي أو كرنفالى، فلكل منهما مزاياه، هناك مهرجانات هامة فى العالم بها تسابق، وهناك أيضا مهرجانات أخرى ذات أهمية دون تسابق، ولكننا لا نستطيع أن نجزم أيهما أفضل. ولكن المهرجان التجريبي ووفقا لظروفه ومساره وتطوره فأنا مع عودة المسابقة مرة أخرى،
وقد طالبت في السنوات الماضية بهذا الأمر لأنه يقدم جائزة هامة باسم مصر ، ولكن هناك نقطة هامة يجب الإشارة إليها وهي أن استعادة المهرجان بعد توقف خمسة سنوات أمر لا يمكن إغفاله ، وكانت ظروف عودته ترشح لأن يكون المهرجان بدون تسابق، فالأمور في هذه الفترة كانت متوترة، ولكن بعد تتابع الدورات واستقرار الأمر كنت من المفضلين لعودة التسابق مرة أخرى.
أضاف: “كذلك أؤيد عودة الاسم الأول للمهرجان، وكنت قد اعترضت على المسمى الجديد فى الاجتماعات التي أقيمت عند عودة المهرجان .
تابع عبد المنعم: “ لكل مهرجان سمة مختلفة، فعلى سبيل المثال المهرجان القومى يحفز المبدعين من الشباب، وبدون المسابقة لن يكون له معنى فهو اللقاء السنوي الذى تقدم فيه الدولة جوائز مادية ومعنوية ، فليس من المعقول إقامته دون تسابق، ولكن الجوائز فى بعض الأحيان تكون مضرة لأنها تحدث نوعا من الخلاف السياسي، وقد حدث ذلك في المهرجان التجريبي فى سنواته الأولى، كما حدث بالمهرجان العربي الذي أقيم فى القاهرة بسبب اعتراض الفرق العربية على النتيجة ، وهذا جانب سلبى ولكنه لا يلغى أهمية فكرة التسابق وأن تمنح جائزة باسم مصر فمصر دولة تحمل ثقل ثقافي وفني كبير .
المخرج محمد الطايع ضمن المؤيدين لعودة التسابق وقد أشار الى أن بداية المهرجان كانت تسابقية ومن الصعب تغيير هذا النسق، ومن الضروري استمراره بالشكل الذي بدأ به، حيث وجود مسابقة تجعل للمهرجان رونق وروح مختلفة وتحفز المسرحيين من جميع الدول على تقديم أفضل ما لديهم.
أضاف: إقامة الملتقيات تتطلب وجود العديد من الفعاليات على سبيل المثال مهرجان “ أفنيون بفرنسا “ الذي يحدث فى جميع أنحاء المدينة، أما فى الوطن العربي فقد تعودنا لسنوات طويلة على ثقافة التنافس التي تخلق روحا إبداعية تنافسية، وعن عودة الاسم الأول للمهرجان قال: شىء جيد بالتأكيد ، فهو ما عرف به منذ تأسيسه، وقد قدمت تجربة في أحد المهرجانات فى ألمانيا ، وكان المسرحيون الألمان لا يعرفون فى مصر سوى مهرجان المسرح التجريبي، وهو ما يدل على ثقل ومردود المهرجان فى العالم، وقد كان تغير الاسم بسبب اضطراب الأحداث عند عودة المهرجان ، و كامل الشكر لمجلس إدارة المهرجان بقيادة د. سامح مهران لمحافظتهم على الاستمرارية فلا نستطيع أن ننفى جهودهم.

خلق فرص تنافس
وقال الناقد طارق مرسى: في البداية يجب أن نرتكز الى حقيقة يعلمها الجميع هي أن أى مهرجان فني تكمن قيمته وأهميته من قدرته على خلق فرص تنافسية، والدافع الأهم لاى عمل جيد هو المنافسة وحصد الجوائز التى تعطى قيمة مضافة للمنتج الفني، ولذا لاحظنا فى السنوات الأخيرة تدنى مستوى العروض المشاركة في المهرجان بالمقارنة بتلك التي كانت حاضرة قبل إلغاء التسابق، وأنا بشكل شخصي متضامن ومؤيد لرجوع التسابق للمهرجان التجريبى، الأمر الذي سيعود بمردود فنى كبير و فائدة لكل المسرحيين من خلال مشاهدتهم ومتابعتهم لفعاليات المهرجان. اما عن عودة الاسم القديم فهذا يحيل إلى إشكالية هى الأهم من وجهة نظري وهى: ما هى فلسفة وجود الفاعلية ومدى تأثيرها على الواقع المسرحى المصرى؟ وعليه يجب ان نسأل أنفسنا وبكل صدق: هل نحن أمام إستراتيجية مدروسة ومعده مسبقا للمشهد المسرحى المصري ونعى جيدا ما نريده من الحركة المسرحية والأهداف المرجو تحقيقها؟! أعتقد أن هناك كثير من علامات الاستفهام والتعجب تجاه تلك الاشكاليه، وعليه فان المسمى القديم العائد لن يؤثر كثيرا في نوعية العروض المختارة، إلا إذا كان هناك تكامل وعمل جماعي لكل المجتمع المسرحى من أجل هدف، وما أراه الآن خطوه على الطريق يجب العمل عليها كثيرا، ليس من إدارة المهرجان وفقط ، ولكن من جموع المسرحيين وقادة الحركة المسرحية ، حتى يستطيع المهرجان تحقيق أهدافنا التى تتسم الآن بعدم وضوح الرؤية والتوجه مع الأسف الشديد.
فيما قالت الناقدة أمل ممدوح: أحترم جدا فكرة الإبداع للإبداع، وليس ترقبا لجائزة، لكنها أيضا كثيرا ما تكون محفزة، خاصة إذا كانت في فرع غير سائد ولا يقدم كثيرا وجمهوره محدود نسبيا بحكم أنه يقدم أسلوبا خارج النسق . لذا فإني أؤيد في مهرجان للعروض التجريبية فكرة التسابق، بينما أشجع الاستغناء عنها حتى لا تكون الجائزة دوما هي المحفزة ، على الإبداع ، التسابق يعد نوعا من المؤشر للمبدعين وصناع الأعمال على جودة فعلهم الفني بعيوبه ومميزاته .. وإن لم يكن حكما قاطعا ملزما دائما.
اما بالنسبة للعودة للاسم القديم للمهرجان فأنا مع هذه العودة لأنها أكثر وضوحا واتساقا مع طبيعة ما يقدم ، فمسمى المعاصر وإن كان علميا كما جرى مع فنون الرقص الكلاسيكي وصولا للمعاصر حتى الحديث كخطوة انتقالية بين القديم والأحدث وخطوة في طريق التحديث والتجديد، إلا أننا نجد أن مسمى معاصر كان يسمح بضم أي عرض خارج هذا السياق لمجرد أنه يقدم في الوقت الحالي، وهو أمر متاح في كثير من المهرجانات الأخرى، لذا فالأفضل قصر لمهرجان على الحالة التجريبية بشكل واضح تلك التي تسبق السائد بخطوة او خطوات.


رنا رأفت