جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

الطلاب المقبولين في المعهد

العدد 654 صدر بتاريخ 9مارس2020

كانت المنتجة المسرحية – والممثلة والعازفة احيانا – مارجو ليون التى رحلت عن عالمنا منذ ايام قليلة عن 75 عاما بعد معاناة من تمدد فى الاوعية الدموية بالمخ ،وتم اطفاء انوار مسارح برودواى لدقيقة حدادا عليها، تحمل لقبا مهما وهو «منتجة الجوائز». تخصصت ليون فى انتاج المسرحيات الموسيقية الناجحة حتى ان مسرحياتها فى برودواى وخارجها حصلت على عشرين من جوائز تونى المسرحية المرموقة ارفع الجوائز المسرحية على مستوى الولايات المتحدة والعالم والمعادلة لجوائز لورنس اوليفييه فى بريطانيا. هذا عدا الجوائز الاخرى التى حصلت عليها مسرحياتها.
ومن اشهر مسرحياتها التى حصلت على جوائز «مازق جيلى الاخير» التى تدور حول حياة عازف الجاز الامريكى الشهير جيلى نورتون. و هناك ايضا «مثبت الشعر» و»الجيتارات السبعة» و»كارولين او التغيير» و»ماء من اجل الشيكولاتة»و»ملائكة فى امريكا «.
 والاخيرة من تاليف الكاتب المسرحى «تونى كوشنر « (65 سنة حاليا) وهو كاتب مسرحى يهودى امريكى معارض للصهيونية مثلها ويوجه انتقادات مستمرة لاسرائيل بسبب جرائمها فى حق الشعب الفلسطينى.
مستقلة
ويذكر نقاد المسرح والمواقع النقدية لمارجو ليون انها كانت منتجة مسرحية مستقلة. فهى لم تربط نفسها اطلاقا باى ممول رغم ارتفاع تكاليف انتاج العروض المسرحية الموسيقية بشكل خاص.
كانت مارجو ابنة بالتيمور ذات الاصول الالمانية تحقق لنفسها الاستقلال بعدة طرق منها توسيع قاعدة الممولين بحيث لا تصبح تحت رحمة ممول بذاته او قلة من الممولين يمكن ان يفرضوا عليها موضوعات او افكارا معينة او ممثلين ومخرجين وموسيقيين وفنيين بذاتهم. ورفضت اكثر من مرة عروضا تفرض عليها اعمالا معينة لم تكن مقتنعة بها.
واحيانا كانت تعجز عن تدبير التمويل الكافى لمسرحياتها فتقوم ببعض الادوار الثانوية توفيرا للنفقات فى الاعمال المسرحية حيث انها بدأت حياتها المسرحية اساسا كممثلة تحت التدريب قبل ان تتجه الى الانتاج كما سنرى فيما بعد. واحيانا كانت تتولى الاخراج بنفسها او تعزف على الجيتار الذى تجيد العزف عليه لتوفير اجور بعض العازفين. وفى احيان اخرى كانت تقوم برهن بعض ممتلكاتها العقارية للحصول على قروض من فراد او بنوك ...والمهم ان يخرج العمل الى النور طالما انها مقتنعة به. وكانت تطرح الفكرة وتطلب من احد كتاب المسرح اعداد المعالجة المسرحية لها.
مكافأة
وكافأها الجمهور على اخلاصها للمسرح فكانت كل مسرحياتها تقريبا تحقق نجاحا كبيرا وتحقق ارباحا وفيرة تغطى تكاليفها. ولم تكن تستمتع كثيرا بارباحها بل كانت تعيد تدوير معظمها فى اعمال مسرحية.
وكان الكثيرون ممن يزورون بيتها فى ضواحى بالتيمور يصابون بالدهشة عندما يرونها تعيش فى منزل بسيط لا يتفق مع مكانتها الفنية كمنتجة مسرحية ناجحة.
بدات مارجو ليون حياتها المسرحية كمتدربة فى احدى الفرق المسرحية فى السبعينيات. ومارست التمثيل لبعض الوقت على نحو محدود وتفرغت بشكل رئيسى لعملها كاستاذ للمسرح فى جامعة نيويورك. وبدات تشارك فى الانتاج كمساعدة لعدد من المنتجين لاكتساب الخبرة اللازمة للانتاج حتى قدمت اول مسرحية من انتاجها فى عام 1983 وكانت «الجيتارات السبعة» للكاتب الزنجى اوجست ويلسون. وقد اعادت تقديمها بعد وفاته عام 2005 بمرض سرطان الكبد باعتباره واحدا من افضل من صوروا فى ادبه ومسرحياته حياة السود فى الولايات المتحدة بالامها وافراحها. وتبرعت بنصف ارباحها عن العرض لبحوث مرض سرطان الكبد الذى سبق واودى بحياة جريجورى هاينز بطل مسرحيتها «مازق جيلى الاخير» وفاز عنه بجائزة تونى لاحسن ممثل عام 1992. وكان ذلك فى العام التالى لاول عروضها فى برودواى وهو «انا اكره هاملت». وكانت ليون تجيد الفرنسية وقدمت عدة مسرحيات ماخوذة عن الادب الفرنسى.
معايير
وفى حديث لنيويورك تايمز فى 2002 قالت انها عندما تختار عملا مسرحيا تراعى فيه عدة معايير اولها ان يكون العمل كوميديا. فالشعب الامريكى يعانى مشاكل وسلبيات عديدة لا يشعر بها الا من يقيم فى الولايات المتحدة وفى حاجة الى من يرسم الابتسامة على وجوه ابنائه. كما تهتم بجودة العمل وان يعالج فكرة مهمة لتكتب اسمها فى تاريخ المسرح الامريكى. وتمضى قائلة انها عشقت المسرح الموسيقى بالذات من مشاهدة عروض مسرحية فى طفولتها. وحولت بعضها الى مسرحيات عندما بدات تمارس الانتاج.
وكانت عضوا فى لجنة سياسات الفنون والاداب بالبيت الابيض فى عهد باراك اوباما.
من المسرح الى السنيما الى المسرح
ديفيد جراير يعود الى «مسرحية جندى» بعد 40 عاما
مع تعدد المسرحيات والافلام التى شارك فيها النجم الامريكى الزنجى ديفيد الان جراير (64 عاما) تظل مسرحية «لعبة جندى» ذات اهمية خاصة فى حياته الفنية مما جعله يشعر بسعادة بالغة عند رفع الستار عنها قبل ايام فى مسرح امريكان ايرلاينز احد مسارح برودواى.
واذا عرف السبب. وحتى نعرفه يصبح من الافضل القاء الضوء على المسرحية وموضوعها. المسرحية من تأليف الكاتب الزنجى الامريكى تشارلز فولر (80 سنة) الذى يهتم بالعلاقات بين السود واساليبهم فى التعايش مع مجتمع لايزال ينحاز الى البيض مهما حاول التظاهر بغير ذلك.
والمسرحية عبارة عن معالجة عصرية لقصة قصيرة للاديب والشاعر الامريكى «هيرمان ميلفيل»(1809 – 1891) باسم «بيلى بود» . تم تطويعها للتعامل مع مشكلة التمييز بين البيض والسود.
وتدور احداث المسرحية عام 1944 فى قاعدة عسكرية بولاية لويزيانا كانت تطبق نظام الفصل العنصرى بين الجنود. وفى المشهد الافتتاحى يتم اغتيال الرقيب الزنجى «فيرنون وترز « برصاص مجهولين. وعندما كان فى النزع الاخير مخاطبا بنى عرقيته من السود»انهم لا يزالون يكرهونكم».
ويتم استدعاء الكابتن ريتشارد دافين بورت وهو احد الضباط السود فى القاعدة – وكان عدد الضباط السود وقتها نادرا فى الجيش الامريكى – للتحقيق فى الجريمة. واتجهت الشكوك فى البداية الى جماعة كوكلوكس كلان العنصرية. ويتم القبض على عدد من الجنود البيض المشكوك فى اتمائهم الى هذه الجماعة. وفى النهاية تكشف التحقيقات ان القاتل اسود وان السبب هو سوء معاملة وترز للسود من ابناء الجنوب لاسترضاء رؤسائه من البيض.
بعد فوات الاوان
وخلال التحقيقات يتبع المؤلف نظام العودة الى الماضى (فلاش باك) ليلقى الضوء على شخصية ووترز وكيف انه كان ذكيا وطموحا ويتعالى على غيره من السود باعتبار انه اقل سوادا منهم ولا يعتبر نفسه احدهم ولا يرغب فى العيش بينهم. وبمرور الوقت يتنبه ووترز الى خطئه وان سواد البشرة امر لا يعيب صاحبه لكن بعد فوات الاوان وبعد ان ساءت علاقاته ببنى جلدته السود حتى يقتله احدهم.
وكان جراير اول من جسد هذه الشخصية على مسارح برودواى بينما جسدها نجوم سود اخرون خارج برودواى . ومن هؤلاء ادولف سيزار الذى جسد الشخصية فى عرضها الاول لمدة زادت عن العام ولنحو 500 ليلة عرض. وفى هذا العرض لعب دنزل واشنطن دور الجندى القاتل.
من هنا شعر جراير بسعادة بالغة وهو يعيد تجسيد نفس الشخصية بعد نحو 40 سنة على المسرح. ويقول جراير انه فى احداث المسرحية تعرض للضرب مرتين وللقتل. ورغم انها كانت مشاهد مظهرية الا انه تعايش معها بصدق. كما ان العرض احتاج منه مجهودا ضخما ولياقة بدنية عالية يرجو ان يكون متمتعا بها وقد جاوز الستين . ويقول انه فى المرة الاولى كان اصغر الممثلين سنا ... واليوم صار اكبرهم. وهو ايضا سعيد بتجسيد نفس الشخصية فى المعالجة السنيمائية عام 1984 التى تم تصويرها فى ولاية اركانسو بناء على نصيحة منه.


ترجمة هشام عبد الرءوف