وداعا.. محسن حلمي

وداعا.. محسن حلمي

العدد 642 صدر بتاريخ 16ديسمبر2019

الفنان القدير محسن حلمي - الذي رحل عن عالمنا يوم الأربعاء الموافق 11 ديسمبر (2019) - رجل مسرح حقيقي، فهو ليس مجرد مخرج متميز يمتلك مفرداته الفنية جيدا أو ممثل موهوب نجح في أداء بعض الأدوار المتميزة، أو مدير وقيادي ناجح أثبت مهارته في إدارة فرقة «الطليعة»، ولكنه قبل هذا وذاك مثقف ومفكر صاحب رؤية للحياة والفن، فهو من المحبين العاشقين لتراب هذا الوطن بصدق بعيدا عن كل الشعارات والمزايدات، وهو من المؤمنين تماما بضرورة توظيف مختلف الفنون لخدمة المجتمع، وبضرورة قيام الفنان بدوره المنشود في نشر الوعي والارتقاء بمستوى الوعي والتذوق لدى الجمهور بمختلف فئاته وأعماره.
الفنان محسن حلمي من مواليد محافظة “القاهرة” في الثامن من فبراير عام 1952، وقد بدأت هوايته لفن المسرح وبالتحديد للتمثيل من خلال الفرق المسرحية بمراكز الشباب، ثم من خلال ممارسته لهوايته بالمسرح المدرسي، ولتبدأ بعد ذلك انطلاقته الحقيقية من خلال انضمامه إلى فرق “المسرح الجامعي”، وبالتحديد حينما انضم إلى فريق التمثيل بكلية الحقوق جامعة “عين شمس” وأيضا إلى فريق منتخب الجامعة، حيث التقى هناك بنخبة من كبار المخرجين وفي مقدمتهم كل من المخرجين: حسن عبد السلام، سمير العصفوري، وأيضا بمجموعة من الشباب عشاق المسرح - زملائه أعضاء الفريق والمنتخب الذين أصبح بعضهم نجوما فيما بعد - ومن بينهم على سبيل المثال كل من:  يحيى الفخراني، فاروق الفيشاوي، سامح السريطي، توفيق عبدالحميد، أحمد عبد العزيز، سامي مغاوري، محمود حميدة، طارق دسوقي، نرمين كمال، عصام السيد، سعيد فرماوي، إميل شوقي.
وقبل حصوله على ليسانس الحقوق كان قد اختار طريق الفن، وقرر صقل موهبته بأسلوب علمي وبالدراسة الأكاديمية، فتقدم للإلتحاق بالمعهد “العالي للفنون المسرحية” بأكاديمية الفنون، والذي تخرج فيه بحصوله على درجة بكالوريوس التمثيل والإخراج عام 1975، وذلك ضمن دفعة ضمت عددا كبيرا من الموهوبين، ومن بينهم نخبة حققت تألقها ونجوميتها بعد ذلك وفي مقدمتهم الأساتذة: فاروق الفيشاوي، إبراهيم يسري، سامي العدل، عماد رشاد، فاطمة مظهر، راوية سعيد، محمود مسعود، وجدي العربي، إسماعيل محمود، حمدي حافظ، يوسف رجائي، نادية شكري.
وقد عين بعد تخرجه بفرقة “مسرح الطليعة”، ثم بعد إخراجه لعرضين مع بداية الثمانينات أعير للعمل بدولة الإمارات وذلك خلال الفترة 1982 - 1983، ثم عاد (بعد أربعة عشر شهرا) ليستأنف عمله بالفرقة وبعض الفرق الدولة الأخرى وبعض فرق الهواة.
مشاركاته المسرحية:
ظل المسرح هو المجال المحبب بالنسبة للفنان محسن حلمي، فهو المجال الذي تفجرت من خلاله موهبته والتي أصقلها بالدراسة الأكاديمية، وأثبتها وأكدها من خلال عمله بعدة فرق من فرق مسارح الدولة (في مقدمتها فرق: “مسرح الطليعة”، “المسرح القومي”، “الكوميدي”، “الغد”)، تلك الفرق التي اكتسب من خلالها كثير من الخبرات الفنية، خاصة وأن أغلبية المسرحيات التي قام بإخراجها شارك ببطولتها نخبة من كبار النجوم.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة مشاركاته الفنية طبقا لاختلاف مجالات الإبداع مع مراعاة التسلسل والتتابع الزمني كما يلي:
أولا - بمجال التمثيل:
يمكن تصنيف مجموعة أعماله المسرحية بمجال التمثيل طبقا لتنوع وأختلاف الفرق (الجهات الإنتاجية) مع مراعاة التتابع التاريخي كما يلي:
- “عجبي” بفرقة “المسرح القومي” عام 1986  من إخراج عصام السيد.
- “الناس الدوغري” بفرقة “مسرح الطليعة” عام 1987  من إخراج عصام السيد.
- “بلدتنا” بمركز الهناجر للفنون عام 2004  من إخراج ست جوردن.
- “حفلات التوقف عن الغناء” بمركز “الهناجر للفنون” عام 2005  من إخراج طارق الدويري.
- “ماكبت وإللي بعده” بفرقة “مسرح الطليعة” عام 2005  من إخراج محمد الخولي.
وجدير بالذكر أن للفنان محسن حلمي بعض المساهمات المهمة في مجال التمثيل الإذاعي وذلك بخلاف مشاركته في “دوبلاج” عدة أعمال متميزة من إصدارات شركة “ديزني العالمية” (الناطقة بالعربية)، حيث تم توظيف صوته المؤثر بأفلامهم الكرتونية المدبلجة لتجسيده عدد من الشخصيات المميزة ومن بينها شخصيات:
- “المأمور” في سلسلة أفلام “سيارات”، “الحمار حوار” في سلسلة أفلام “ويني الدبدوب”، “الأب جيمس” في فيلم “الأميرة والضفدع”، “الكابتن جانتو” في فيلم “ليلو وستيتش”، وأيضا شخصية “سهم” في فيلم “كوكب الكنز المفقود”، وذلك بخلاف مشاركته بفيلم “بسبسبوبي”.
ثانيا- بمجال الإخراج:
يمكن تصنيف مجموعة أعماله المسرحية بمجال الإخراج المسرحي طبقا لتنوع وأختلاف الفرق (الجهات الإنتاجية) مع مراعاة التتابع التاريخي (خلال الفترة من 1975 - 2015) كما يلي:
1 - بفرق الهواة:
- منتخب “جامعة عين شمس”: النار والزيتون (1976) تأليف ألفريد فرج.
- فرقة “هندسة القاهرة”: عريس لبنت السلطان، تأليف محفوظ عبد الرحمن.
- بفرقة “قصر ثقافة الغوري”: النار والزيتون (1984) تأليف ألفريد فرج، المحبظاتية (1988) تأليف السيد محمد علي، “فرقع لوز” (1989) تأليف السيد محمد علي.
- بفرقة “البحيرة القومية”: إقرأ الفاتحة للسلطان (1987) تأليف سمير عبد الباقي.
- “المنصورة القومية”: سبع سواقي (1990) تأليف سعد الدين وهبة، المخططين تأليف يوسف إدريس.
- “الأسكندرية القومية”: جماعة المنسر، تأليف أنور عبد المغيث.
- لمكتبة الأسكندرية: أوبرا الثلاث بنسات، تأليف برتولد بريخت وإعداد سيد حجاب.
- “الفرقة النموذجية” (السامر): الزيارة (إعداد عن زيارة السيدة العجوز)، تأليف فردريش دورنيمات، وإعداد محمود جمعة، أبو نضارة (1994) تأليف محمد أبو العلا السلاموني.
- أخرج عدة مسرحيات أخرى للفرق الجامعية من بينها: هبط الملاك في بابل (دورنيمات)، سور الصين العظيم (ماكس فريش)، العادلون (البير كامي)، حبظلم بظاظا (فاروق خورشيد)، الليلة نضحك (ميخائيل رومان)، المخططين (يوسف إدريس)، السؤال (هارون هاشم رشيد).
2 - بفرق مسارح الدولة:
- “مسرح الطليعة”: بانوراما “صلاح عبد الصبور” (الحياة - الحب - الموت)، دقة زار (1980) تأليف محمد الفيل، كيف تتسلق دون أن تتزحلق (1985) تأليف وليد إخلاصي، دقة زار (1988)، الجائزة (1993) تأليف كرم النجار.
- “المسرح الحديث”: عريس لبنت السلطان (1987) تأليف محفوظ عبد الرحمن.
- “المسرح القومي”: الساحرة (1995) تأليف يسري الجندي، ليلة من ألف ليلة (2015) تأليف بيرم التونسي.
- “دار الأوبرا المصرية”: ليلة من ألف ليلة (1996) تأليف بيرم التونسي، ثلاث أوبرات صغيرة، تأليف يوسف إدريس وصياغة شعرية سيد حجاب.
- “المسرح الكوميدي”: اللهم إجعله خير (1997) تأليف لينين الرملي.
- مركز “الهناجر للفنون”: عيد الميلاد (2003) تأليف توماس بيرنهارد، رؤية أحمد سخسوخ، أهو دا إللي صار (2012) تأليف محمد رفاعي، بارانويا (2015) تأليف رشا فلتس.
- “مسرح الغد”: من غير كلام (2005) تأليف فتحية العسال.
- “الغنائية الإستعراضية”: في يوم في شهر سبعة (2007) تأليف هنريك إبسن، رؤية سعيد حجاج.
- مهرجان القلعة: ثلاث أمسيات شعرية (أمسية لكل من المبدعين: نزار قباني، صلاح جاهين، عبد الوهاب البياتي)
3 - بفرق القطاع الخاص:
- “سمير عبد العظيم”: فلاح في مدرسة البنات (1991)، ليلة الدخلة (1994)، وهما من تأليف سمير عبد العظيم.
- “مسرح “2000: الكابوس، العار، مجد وغلب (1994)، وجع الدماغ (1995)، أدم وحواء (2001)، وجميعها تأليف لينين الرملي.
- “أحمد الإبياري”: فيما يبدو سرقوا عبده (1997) تأليف أحمد الإبياري.
- “البطريق للإنتاج الفني”: لو مشغول إطلبني ع المحمول (1997) تأليف وليد يوسف.
- “محمد فوزي”: حلو وكداب (2000) تأليف مدحت يوسف.
- “أمين شلبي”: أولاد ثريا (2014) تأليف بهيج إسماعيل.
وجدير بالذكر أنه تعاون من خلال مجموعة المسرحيات التي قام بإخراجها مع نخبة من كبار النجوم الذين شاركوا ببطولة تلك المسرحيات وفي مقدمتهم الأساتذة: سميحة أيوب، محمد عوض، سعيد صالح، يحيى الفخراني، عبد الرحمن أبو زهرة، أشرف عبد الغفور، فاروق الفيشاوي، بوسي، أسامة عباس، لطفي لبيب، عهدي صادق، توفيق عبد الحميد، ميمي جمال، وحيد سيف، هالة فاخر، ممدوح وافي، محمود حميدة، عزة بلبع، علي الحجار، أنغام، أحمد إبراهيم، ليلى جمال، تريز دميان، أحلام الجريتلي، سامي مغاوري، محمود مسعود، محمد كامل، عايدة فهمي، سلوى خطاب، رانيا فريد شوقي، أشرف عبد الباقي، أحمد أدم، صلاح عبد الله، أحمد صيام، إسماعيل محمود، يوسف رجائي، فتحي عبد الوهاب، أيمن عزب.
ثالثا- بمجال الإدارة:
تولى الفنان محسن حلمي مسئولية إدارة فرقة “مسرح الطليعة” خلال الفترة من 1997 إلى 2001، ويحسب له خلال تلك الفترة حرصه على تقديم إنتاج متميز على كل من المستويين الكمي والكيفي، وبالفعل نجح في تحقيق ذلك، ويمكننا من خلال رصد وتوثيق المسرحيات التي قدمتها الفرقة خلال فترة إدارته أن نسجل الحقائق التالية:
- موسم 19971998 قدمت الفرقة العروض التالية: طعم الكلام (أنور عبد المغيث)، ملك ولا كتابة (مصطفى سعد)، ترنيمة 2 (انتصار عبد الفتاح)، أيام الإنسان السبعة (إعداد سامح مهران عن رواية عبد الحكيم قاسم)، الإسطبل (عزة شلبي)، تحت التهديد (محمد أبو العلا السلاموني)، فانتازيا العالم الرابع (سعيد حجاج)، إصحى يا نايم (فؤاد حداد)، خط أحمر (يسري الفخراني).
- موسم 19981999 قدمت الفرقة العروض التالية: منوعات شعبية (حسن أحمد حسن)، شكسبير وان تو (وليم شكسبير، رؤية خالد جلال)، مخدة الكحل (كوثر مصطفى)، وجها لوجه الزائر الغريب (سمير سرحان)، وجها لوجه السجين والسجان (محمد عناني)، يا طالع الشجرة (توفيق الحكيم)، ما أجملنا (محفوظ عبد الرحمن)، العمة والعصاية (رجب سليم).
- موسم 1999 2000 قدمت الفرقة العروض التالية: الأرنب الأسود (عبد الله الطوخي)، مسافر ليل (صلاح عبد الصبور)، ناس النهر (حجاج أدول)، خشاف بلدي (فؤاد حداد)، يوليوس قيصر (وليم شكسبير).
- موسم 2000 2001 قدمت الفرقة العروض التالية: إسكوريال (ميشيل دي جليد رود)، الملك العريان (أحمد حلاوة)، روح وجسد (عادل سعيد)، طلاسم (محمود صبري)، بابا كوكو (ألفريد جاري وإعداد صالح سعد)، قوس قزح (أشرف فاروق)، تحت الشمس (سامح مهران)، ما تستفهمش (مصطفى سعد).
ويمكن من خلال دراسة قائمة العروض السابقة أن نؤكد على مدى التنوع في نوعية وطبيعة العروض وأيضا على تمثيل جميع أجيال الكتاب تقريبا، حيث يمكن تسجيل الحقائق التالية:
- تضمنت القائمة بعض النصوص لكتاب عالميين ومثال لهم: وليم شكسبير (يوليوس قيصر، شكسبير وان تو)، ميشيل دي جليدرود (إسكوريال)، ألفريد جاري (بابا كوكو).
- تضمنت نصوصا لكبار الكتاب وفي مقدمتهم: توفيق الحكيم (يا طالع الشجرة)، محفوظ عبد الرحمن (ما أجملنا)، صلاح عبد الصبور (مسافر ليل)، فؤاد حداد (إصحى يا نايم، خشاف بلدي)، محمد أبو العلا السلاموني (تحت التهديد)، عبد الله الطوخي (الأرنب الأسود)، عبد الحكيم قاسم (أيام الإنسان السبعة)، حسن أحمد حسن (منوعات شعبية)، سمير سرحان (وجها لوجه الزائر الغريب)، محمد عناني (وجها لوجه السجين والسجان)، حجاج أدول (ناس النهر).
- تضمنت القائمة عدد كبير من نصوص جيل الوسط وجيل الشباب ومثال لهم: مصطفى سعد (ملك ولا كتابة، ما تستفهمش)، أنور عبد المغيث (طعم الكلام)، رجب سليم (العمة والعصاية)، فانتازيا العالم الرابع (سعيد حجاج)، تحت الشمس (سامح مهران)، كوثر مصطفى (مخدة الكحل)، عزة شلبي (الإسطبل)، يسري الفخراني (خط أحمر).
- تضمنت القائمة بعض العروض التجريبية التي أعتمدت على رؤى إخراجية ومثال لها العروض التالية: ترنيمة 2 (انتصار عبد الفتاح)، الملك العريان (أحمد حلاوة)، روح وجسد (عادل سعيد)، طلاسم (محمود صبري)، بابا كوكو (إعداد وإخراج صالح سعد)، قوس قزح (أشرف فاروق).
كذلك يمكن بدراسة قائمة السابقة أن نرصد مدى حرصه الشديد على إتاحة فرصة الإبداع كاملة وخاصة بمجال الإخراج لأكبر عدد ممكن من الزملاء الذين يمثلون مختلف الأجيال، فمن جيل الأساتذة شارك كل من الفنانين: فهمي الخولي، السيد طليب، جمال منصور، أحمد حلاوة، ومن جيل الوسط الذي ينتمي هو نفسه إليه شارك كل من الفنانين: عصام السيد، مصطفى سعد، ناصر عبد المنعم، حسام الدين صلاح، إنتصار عبد الفتاح، ماهر سليم، محمد الخولي، صالح سعد، أشرف النعماني، وكذلك منح الفرصة لبعض الموهوبين بجيل الشباب الذين نجحوا في إثبات موهبتهم الكبيرة بعد ذلك ومن بينهم: شريف صبحي، حسام الشاذلي، أحمد مختار، عادل سعيد، أشرف فاروق، خالد جلال، سعيد سليمان، محمد جابر، وليد الشهاوي، محمود صبري، أسامة فوزي.
 ومضات  نقدية على مسيرته المسرحية:
وبمتابعة المسيرة الفنية للفنان القدير محسن حلمي وبدراسة قائمة أعماله الإخراجية يمكن للناقد المسرحي والباحث المتخصص أن يقوم برصد عدة حقائق مهمة يمكن إجمالها في النقاط التالية:
- أن مشاركاته في مجال التمثيل وبرغم من تميزها إلا أنها لا ترقي إطلاقا إلى مستوى تميز تجربته الإخراجية، بل وأرى أنها قد استنفذت جزءا كبيرا من موهبته وفرص إبداعه في مجال الإخراج، وربما قد أضطر إليها بسبب ندرة فرص الإخراج وصعوبة الحصول عليها.
- انه بلا جدال يعد من أفضل مخرجي جيل الثمانينات، حيث بدأ في تقديم عروضه لإحترافية عام 1980، وبالتالي فقد استمرت إبداعاته المسرحية لما يقرب من أربعين عاما. والحقيقة أنه منذ أول عروضه “دقة زار” لم ينجح فقط في لفت الأنظار إلى موهبته، بل و ووفق أيضا في وضع بصمة مميزة له، تلك البصمة التي أكدها من خلال بعض العروض الشعبية المتميزة وفي مقدمتها: “المحبظاتية”، “فرقع لوز”.
- أن أفضل عروضه التي قام بإخراجها كانت تلك التي قدمها من خلال “مسارح الهواة” سواء بالفرق الجامعية أو فرق الأقاليم، حيث تعامله مع نخبة من العشاق الحقيقيين للمسرح بعيد عن مشكلات النجوم وصراعاتهم وكثرة متطلباتهم التي تستغرق غالبا كثير من الوقت والجهد.  
- أنه كان حريصا على إعادة إنتاج بعض العروض التي حققت نجاحا جماهيريا،خاصة وأنها غالبا ما تكون متوائمة تماما مع أفكاره ومبادئه، ومن أوضح الأمثلة على ذلك عروض: النار والزيتون (لمنتخب “جامعة عين شمس” عام 1976، وفرقة “قصر ثقافة الغوري” عام 1984)، عريس لبنت السلطان، تأليف محفوظ عبد الرحمن (لفريق هندسة القاهرة ثم لفرقة المسرح الحديث عام 1987)، دقة زار (1980 و1988)، المحبظاتية (1988 و1992).
- أن عددا كبيرا من عروضه اتسمت بالروح الوطنية وتناولت قضايا قومية وفي مقدمتها: النار والزيتون (القضية الفلسطينية)، كما يمكن إدراج عدد كبير منها تحت مسمى “المسرح السياسي” ومن بينها عروض: إقرأ الفاتحة للسلطان، سبع سواقي، المخططين، جماعة المنسر، عريس لبنت السلطان، الساحرة، أهو دا إللي صار، من غير كلام. وتجدر الإشارة في هذا الصدد أنه قد تعرض لتجربة الإعتقال والتنكيل عام 1973 (قبل العبور) في إطار مظاهرات طلبة جامعة عين شمس، كما أوقفت له الرقابة بعض العروض.
- كان حريصا خلال مسيرته الفنية ألا يرتبط بمؤلف واحد، وذلك حتى يحافظ على استقلاليته في إختيار النص الأفضل، ولذلك ففد تعاون مع عدد كبير من الكتاب الذي يمثلون أكثر من جيل، وعلى سبيل المثال تعاون مع عدد من جيل الأساتذة (جيل الرواد والستينيات والسبعينييات) ومن بينهم: بيرم التونسي، ألفريد فرج، سعد الدين وهبة، صلاح عبد الصبور، يوسف إدريس، فتحية العسال، محفوظ عبد الرحمن، بهيج إسماعيل، لينين الرملي، يسري الجندي، محمد أبو العلا السلاموني، سيد حجاب، وأيضا مع عدد من مؤلفي جيل الوسط (الثمانينات) ومن بينهم: سمير عبد الباقي، محمد الفيل، كرم النجار، الكاتب السوري وليد إخلاصي، سمير عبد العظيم، أحمد الإبياري، مدحت يوسف، وكذلك أيضا تعاون مع بعض المؤلفين الشباب (التسعينيات والألفية الجديدة) ومن بينهم: سعيد حجاج، السيد محمد علي، أحمد سخسوخ، محمود جمعة، محمد رفاعي، أنور عبد المغيث، وليد يوسف، رشا فلتس.
- أن عروضه التي قام بإخراجها لفرق القطاع الخاص - وبرغم تحقيق بعضها لنجاح جماهيري كبير - لا ترقى أبدا لمستوى عروضه بفرق مسارح الدولة أو الهواة، وهو ما يثير إشكالية إضطرار الفنان أحيانا تحت الظروف المعيشية إلى اختيار أفضل البدائل المطروحة أمامه. ويكفي أن نذكر أن أكثر من 70% من النصوص التي قام بإخراجها لفرق القطاع الخاص كانت من تأليف المنتج مؤسس الفرقة، وأنه كمخرج كان همه وشاغله الأول طوال فترة تقديمها التصدى لإرتجالات بعض النجوم حتى يضمن عدم الوقوع في دائرة الإسفاف والإبتذال.
- حرص خلال مسيرته الفنية أن يقدم عددا كبيرا من الوجوه الجديدة التي أثبتت بعد ذلك تألقها ونجوميتها وفي مقدمتهم الفنانين: أحمد السقا، رامز جلال (فيما يبدو سرقوا عبده)، توفيق عبد الحميد، سامي مغاوري، أحمد صيام، علاء مرسي (عريس لبنت السلطان)، سلوى خطاب، عايدة فهمي، أحمد عبد العزيز، تريز دميان، يوسف رجائي، ولاء فريد (دقة زار)، لمياء الأمير، عبد اللله الشرقاوي، محمد الشرشابي (كيف تتسلق دون أن تتزحلق)، محمود حميدة، فتحي سعد، عزة الحسيني (النار والزيتون)، سميحة عبد الهادي، حسين أحمد (المحبظاتية).
 الجوائز والتكريم:
كان من المنطقي أن يتم تتوج تلك المسيرة الفنية الثرية للفنان محسن حلمي ببعض مظاهر التكريم بمصر وبعض الدول العربية الشقيقة. وتضم قائمة الجوائز والتكريمات التي حصل عليها ما يلي:
- مشاركة بعض عروضه بعدد من المهرجانات المسرحية المحلية والعربية، وذلك بخلاف اختيار عرضه “المحبظاتية” لتمثيل “مصر” بفعاليات الدورة الأولى لمهرجان “القاهرة الدولي للمسرح التجريبي” عام 1988، وكذلك لافتتاح مركز “الهناجر للفنون” عام 1992.
- حصول عدد من عروضه بفرق الهواة سواء بالفرق الجامعية أو بفرق الأقاليم “الثقافة الجماهيرية” على عدة جوائز (في مختلف مفردات العرض المسرحي).
- إعادة تقديم عدد من عروضه المتميزة التي أخرجها - أكثر من مرة - ومن بينها على سبيل المثال: دقة زار (عام 1980، ثم الإعادة عام 1988)، المحبظاتية (1988 ثم الإعادة 1992)، ليلة من ألف ليلة (عام 1996 ثم الإعادة عام 2015).
- تكريمه في إطار فعاليات “مواسم نجوم المسرح الجامعى” الذي ينظمه “مركز الإبداع الفنى” برعاية قطاع “صندوق التنمية الثقافية” عام 2018.
- تكريمه في إطار “المهرجان القومي للمسرح المصري” في دورته الثانية عشر (دورة الفنان كرم مطاوع) عام 2019، مع إصدار كتاب عن مسيرته الفنية بعنوان: “محسن حلمي.. العابر للزمن”.
ويبقى التكريم الأكبر وهو احتفاظه بحب واحترام جميع زملائه له وتقديرهم لمسيرته الفنية، وأيضا إعجابهم مع جمهور لعروضه المتميزة.
وأخيرا لا يسعني إلا الدعاء لهذا الفنان القدير والصديق الغالي رفيق الدرب والمسيرة المسرحية بالرحمة والمغفرة وجنة الخلد بإذن الله جزاء ما أخلص في عمله، ونجاحه في خلق أسلوب عمل متفرد به يعتمد على دماثة خلقه وقدرته على تكوين علاقات إنسانية متميزة، وأيضا حرصه على رعاية مواهب عدد كبير من هواة المسرح وعشاقه طوال مسيرته الفنية (والذين كان دائما بالنسبة لهم الصديق والأب والمعلم)، كما أتقدم بخالص العزاء لشريكة حياته الفنانة القديرة سلوى محمد علي وبناته ولجميع الأصدقاء والزملاء.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏