في حفل توقيع كتابه «قشور ولباب – قراءات في الميلودراما»

في حفل توقيع  كتابه «قشور ولباب – قراءات في الميلودراما»

العدد 637 صدر بتاريخ 11نوفمبر2019

وسط  حضور عدد كبير من المسرحيين  أقيم بجريدة مسرحنا حفل توقيع أحدث مؤلفات الدكتور سيد الإمام، وهو كتاب «قشور ولباب – قراءات في الميلودراما» .
وحول الكتاب قال الناقد محمد مسعد: أتذكر أننا  كنا  نحضر «كورس»  مهم جدًا ونحن طلبة، عن الميلودراما في المسرح المصري بشكل خاص، أو العربي بشكل عام و هي دراسات قليلة جدًا.
وأضاف «مسعد»: لم يكن متوفرا في فترة التسعينات أو بداياتها سوى النص الشعري وهو نص وحيد، مشيرًا إلى أن علاقتنا بالمليودراما كانت علاقة أقرب إلى أن تكون سمعية، لافتًا إلى أن السمات الأساسية التي كان يتم معرفتها عن الميلودراما هي أنها تشبه الأفلام العربي الأبيض والأسود، وبعد 20 سنة البطل بيكتشف أن الخادمة ابنته.
وتساءل «مسعد»: «من أين أتت الميلودراما، وعن أي شيء تعبر: وأجاب: «أتذكر مجموعة من المحاضرات كان يتم توثيقها من قبل الطلبة، يعتمدون  عليها كمراجع أساسية ويحتفظون بها بقية حياتهم، لافتًا إلى أن كتاب الميلودراما  للدكتور سيد الإمام هو خطوة أخرى من خطوات داخل مشروع كبير يقدمه د. الإمام للمكتبة المسرحية العربية.
فيما قال الدكتور مصطفى سليم، إن الدكتور سيد الإمام هو أحد مصادر المعرفة الأساسية لهذا الجيل، معتبرًا كتابه «قشور ولباب – قراءات في الميلودراما» نقلة جديدة في مؤلفاته، على مستوى الأسلوب، وهو دائمًا عميق الفكر، ولكنه في هذا الكتاب استطاع أن يصل إلى عقل دارس المسرح ببساطة يحسد عليها.
وأشار سليم إلى أن الكتاب هو أول كتاب يقرأه  للدكتور سيد الإمام في جلسة واحدة، والسبب في ذلك الموضوعات التي وضعه فيها منذ البداية، موضحا: حين فتحت الصفحة الأولى وجدتني أمام فيلم «دهب» والمشهد الشهير لانتحار «فيروز» حين رفضت حكم المحكمة وأصرت على أن هذا الأب بالتبني هو الأب الحقيقي، فإذا بي أدخل إلى أجواء الفيلم ولا أتركه إلا بعد الانتهاء من تحليله ، وكأن الكتاب يقدم عبر مثيرات الميلودراما نفسها، كأنه بنى بناءً للميلودراما وفهمها بعمق، متسائلًا: «لماذا يعشقها الشعب ويستهلكها ببساطة واقتناع».
وأردف: الدكتور سيد الإمام هو  لويس مارسيل مصر فقد كتب عن فنون الشعب، ولم يتعالى عليها، واستطاع أن يخوض هذه المساحة السميكة التي يتخذها النقد تجاه فنون الشعب، واكتشف أن هذا النوع من الفن هو الفن الحقيقي، والمدرسة الأولى التي يجب أن يتعلم فيها المؤلف ليستطيع أن يجدد ويضع فكره  وأن يتمرد على الأشكال التقليدية، وهذا ليس غريبًا ولا عجيبًا على المؤلف».
وأشار «سليم»، إلى أن الكاتب الكبير كي يتعلم فلابد أن يتعلم في مدرسة الشعب، وحين يتقن آلياته يستطيع أن يذهب إلى آفاق  بعيدة  لا نعلم مداها، أضاف :  هناك ملمح شديد الذكاء في فصل من فصول هذا الكتاب،  تحدث فيه الإمام عن آثر اللغات غير الكلامية على الآثر الميلودرامي، وهو ملمح  غير مظروق نقديا، استطاع الكاتب  أن يلتقطه حين تلقى المشهد الميلودرامي في فيلم «دهب» بتلقائية ، وترك نفسه له  كإنسان وليس كناقد، فاستطاع أن يمسك  بنقطة هامة وهي تأثير الموسيقى والحركة وتبادل النظرات، اعتقادًا من الممثلين بأنهم أعلى من التجربة الفنية، مشيرا إلى  أن كل هذه الأشياء لها أساس فني، و تصاغ بعناية شديدة التأثير، ربما إن حاول كاتب أن يقدمها فلن يقدمها بهذا الشكل، وربما يفشل لأنها من أصعب الكتابات».
بينما قالت الناقدة أميرة كامل: عندما تتبدل الأماكن، وأجلس بجوار أستاذي  الدتور سيد الإمام فهذا ليس بالأمر الهين، وتحدثت كامل  عن عنوان الكتاب أولا حيث أشارت إلى أنه  « له معايا موقف، واتولد على إيدي في لحظة كان دكتور سيد الإمام بيكلمني وإحنا ماشيين رايحين مسرح العرائس عن إزاي الناس بتنظر للميلودراما ووجهة نظرهم عنها، وإزاي هي عديمة القيمة وليس لها فائدة أو جدوى».
وأضافت «كامل»: «مسمى الكتاب معناه القشرة الغليظة والتي تعني كيفية إصدار أحكامًا على شيء دون الخوض فيه، ومعرفة عناصر ذلك الفن، وكيف بدأ، ومع أي طبقة يتناسب، وهل يلبي فعلًا احتياجات تلك الطبقة، ومن هنا جاءت جملة «قشور ولباب»، أما كلمة «لباب» فتعني ما ينطوي تحت القشرة الغليظة، وهل هناك أشياء تستحق الوقوف أمامها، و ننظر إليها بعين أخرى لنراها  في أي شيء».
وأردفت: «تعرفنا على أكثر من نوع فني داخل قاعات الدرس، مثل التراجيدية والكوميدية، و هناك خلط بين الميلودراما والمونودراما، لافتة إلى أن الميلودراما  مثلها مثل التراجيدية والكوميدية، نشأت بحكم ظروف تاريخية واقتصادية، وانتقلت من المستوى العالمي إلى المستوى المحلي.  واشارت إلى أن الدكتور سيد الإمام عاش لحظة استثنائية آثارت انفعالاته وعاطفته ومشاعره، ونبهته إلى أن يتطرق إلى هذا المصطلح الذي لا نجده كثيرًا ، ونراه في مسرح الدم والدموع لـ «علي الراعي»، باحثا في كيفية انتقال هذا المصطلح من إيطاليا إلى فرنسا إلى انجلترا إلى دول أوروبا، وخلال ذلك أثبت حقائق كانت غائبة على كثير من النقاد و الذين تناولوا هذا النوع الدرامي، من مثل أن هذا الفن يعبر عن طبقة كاملة هي البرجوازية، وهي طبقة تكونت نتيجة ظروف ما، وأنه  الفن الشعبي الذي يتناول الموضوعات والقضايا والجرائم الموجودة في المجتمع، وأن المسرح هو المنبر الذي يتم من خلاله تناول المشاكل المجتمعية، ومن هنا جاءت الميلودراما.
أما  الدكتور محمد سمير الخطيب فقال: «هذا الكتاب عندما قرأته انجذبت إلى العنوان «قشور ولباب – قراءات في الميلودراما»، مشيرا إلى أن هذه الكلمة أصولية ومعروفة في الأدبيات الدينية، وبعد ذلك تذكرت كتاب استخدم كلمة «قشور» في العنوان للكاتب زكي نجيب محمود، منوهًا إلى أن  الدكتور سيد الإمام دائمًا  ما يذهب بنا إلى الحس الجدلي».
وأضاف «الخطيب»: «الكتاب يعد خطابا يدافع عن الميلودرما، وقد نجح في تحليل أسباب ظهورها كشكل مؤثر ، لافتا إلى أنه يجب أن نفهم أن برامج الدعايا تشكل نقطة في منتهى الخطورة حيث تستخدم  الميلودرما للثأثير، معتمدة  على الثنائيات الحدية، والنقطة الأخطر في ذلك أنها تستخدم في البرامج السياسية».
وأشار «الخطيب» إلى أن الدكتور سيد الإمام انطلق  في كتابه من نقطة: (كيف ننظر إلى العالم بطريقة مسرحية)، وتمنى أن يكون هناك جزء ثانِ للكتاب، وتابع : «عندما ننظر إلى الكتاب الأول الذي أصدره الدكتور سيد الإمام وننظر كذلك إلى الكتاب الأخير، فسوف يمكننا أن نرى شيئا  في منتهى الخطورة  وهو أن الخطاب الخاص به يعالج  أزمة التحولات،  حيث يخوض منطقة بها صراع الطبقات».
وختم بقوله: «الدكتور سيد الإمام صاحب مشروع نقدي حقيقي، ويلعب في مناطق غير مطروقة، لافتًا إلى أن المؤلف بدأ في العمل على الظواهر الغريبة في المسرح الغربي وهي نقطة في منتهى الأهمية، مشرا إلى أنه عندما نتحدث عن الميلودراما فلن نجد أحدا  كتب عنها سوى «علي الراعي» في مقدمة كتابه مسرح الدم والدموع، وأن الدكتور سيد الإمام كتب في قضية وجود هذا الفن، وكيف وجد، وهذه نقطة أخطر بكثير مما كتبه الدكتور علي الراعي».
فيما قال الناقد خالد رسلان: «دكتور سيد الإمام لم يشارك فقط في مشروع باحث أو ناقد، وإنما شارك في صناعة بني آدم، مشيرًا إلى أن المؤلف يضعنا دائمًا داخل حركة التاريخ، وكيفية تحرك التاريخ الغربي، موضحًا أن الميلودراما غير مرتبطة بالقرن الـ19 فقط، وإنما مرتبطة بطبقة معينة تظهر بالكشف عن كل تناقضاتها من خلال ممارستها على أرض الواقع».
وأكد «رسلان»، أن الدكتور سيد الإمام لا يتمسك بالمنتج الثابت والمعايير الجاهزة، فعندما نشاهد فيلم «صراع في النيل» مثلا نرى أن نهايته لا يجب أن تنتهي بالعدالة الشعرية، وإنما تنتهي بالثورة، لافتًا إلى أن الميلودراما فن مقصود،  تصنعه طبقة معينة لحساب مصالحها وأهدافها، مشيرًا إلى أن كتاب الميلودراما ليسوا كتابا ضعافا، وانك  تستطيع أن تكتشف العقل الذي يختبئ خلف هذه الكتابة، وبالتالي نستقبل الميلودراما التي ظهرت قبل عام 1952 ونقرأها في الدراما التليفزيونية.
وختم  الدكتور سيد الإمام المناقشة بالقول: إن أول كتاب له كان عن التجريب، مشيرًا إلى أن تلك البداية لم تكن تنبئ بالكتابة عن العصور الوسطى، وإنما كانت تنبئ بأنني سوف أكتب عن الحداثة وما بعدها، أضاف إن كتاب التجريب وكيفية استقبال العرب له، هو ما جعلني أعود للعصور الوسطى، منوهًا إلى أن أول مبحث في الكتاب تحدث فيه عن حادثة وقعت في إحدى دورات المهرجان التجريبي، حيث اتخذت إدارة المهرجان موقفا من أحد العروض المشاركة من دولة اليابان،  كان يتحدث عن «هورشيما»، وبررت ذلك بأن العرض صادم للذوق العام.
أوضح «الإمام»: «بعد هذا الموقف شعرت بفجوة شديدة جدًا ما بين الأوضاع في أوروبا التي يخرج منها التجريب، وبين الواقع الذي يستقبل تلك العروض في مصر التي تعتبر صاحبة الثقافة الناعمة، فإذا كانت هذه البلد قد استقبلت العرض بهذا الشكل فما بالك بالدول العربية الأخرى، وبعد هذا الكتاب اكتشفت أن هناك دول تتفكك بسبب عدم وجود الحداثة.. تابع :  لو أننا تأملنا بوضوح في واقعنا المسرحي، ليس في مصر فقط،  فسنجد أن أوضاع المسرح شائكة جدًا، وسنجد الكثير من الأسئلة التي ليس لها إجابات».
وأردف: «تجربتي في هذا الكتاب أثبتت لي أن هناك مشكلة تلقي في الواقع المسرحي، مشيرًا إلى أن السبب في ذلك يكمن في أن الظاهرة المسرحية منتزعة من كل سياقاتها الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، لذلك فإن  هناك الكثير من التشوه في إعادة إنتاج الظاهرة نفسها، ومن هنا قررت إعادة تقديم الظاهرة المسرحية ولكن بشروطها وسياقاتها، إضافة إلى البحث في كيفية إعادة اكتشاف جمهورك، حتى تكون فنان مسرح حقيقي، لافتًا إلى أن القيمة الحقيقية للفنان المسرحي متعلقة بالإجابة على  سؤال من هو جمهورك؟، موضحًا أن الموقف الصحيح للعمل المسرحي هو رصد الظاهرة ومسائلتها قبل أن نطرح ما يرضى الجمهور».
وأشار «الإمام»، إلى أنه يحاول  تحريض الناقد على ألا يكون وصيا على الظاهرة المسرحية، لمجرد امتلاكه لمساحة في جريدة أو مجلة، ، فبدلا من ذلك عليه  أن يقوم  بتشريح الظاهرة ومحاولة فهمها ومعرفة جذورها حتى يستطيع التعامل معها، أضاف  أنا صاحب هم، و أرى أن عليّ أن أعيد وضع الظاهرة المسرحية الأوروبية داخل سياقاتها، ومشروعي هو  البحث في تطور الفكر الدرامي في أوروبا، في  سياقه الاجتماعي والسياسي والثقافي، وتغيرات معتقداته وفلسفاته.
وتابع: «أعمل في هذا المشروع بمزاجية، أنتجته وفقًا للحظات تفاعل حادة مع مادة معينة، أو لحظة تاريخية معينة، وليس وفقًا لتسلسل زمني معين، وأحيانًا يكون لها علاقة حميمة بواقعي، لافتًا إلى أن التيار الرئيسي للمسرح الذي يطغى في  أوروبا على مدار 50 عامًا، هو «الميلودراما» ، ومع ذلك فإن  نقادا كبارا  في أوروبا أنكروا «الميلودراما» لحساب الدراما الواقعية، حيث توجد  حيل تغير الآثر الميلودرامي، منها حيل فلسفية يلجأ إليها كاتب الدراما الوجودية من أجل تجنب الآثر الميلودرامي.. وختم الإمام بقوله :   
، على رأسهم الناقد محمد الروبي رئيس جريدة مسرحنا، والسفير سامي الزقم، والناقد محمد أمين عبد الصمد، والناقد جمال الفيشاوي، وغيرهم.
 

 


ياسمين عباس