الأسترالي بيتر إيكرسول: هناك مفاهيم أخرى للدراماتورج ليس لها علاقة بالمسرح

الأسترالي بيتر إيكرسول: هناك مفاهيم أخرى للدراماتورج ليس لها علاقة بالمسرح

العدد 631 صدر بتاريخ 30سبتمبر2019

على مدار خمسة أيام، بالمجلس الأعلى للثقافة، و ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر أقيمت ورشة الدراماتورج  للمدرب الأسترالي بيترايكرسول، أستاذ المسرح وفنون الأداء و المدير التنفيذي لبرامج الدكتوراه في المسرح والأداء بمركز الدراسات العليا بجامعة سيتي بنيويورك، يعمل فى مجال  المسرح منذ أربعين عاما، أنشأ مسرحا في استراليا وهو الآن يقوم بتحضير كتاب عن الدراماتورج.
وخلال الورشة أشار بيتر ايكرسول إلى  أن مفهوم الدراماتورج يختلف من مجتمع إلى آخر حيث يذكر البعض أن الدراماتورج  هو من يقوم بمهمة اختيار العروض، فيما يرى البعض  الآخر أنه كما  في مسرح شكسبير هو من يقوم بشرح وعمل الأبحاث الخاصة بأعمال شكسبير،  وهناك أيضا أنه من يقوم بعمل تصميم المسرح.
كما أشار المحاضر إلى أن مفهوم الدراماتورج قديم في الثقافة الغربية ويوجد في كتابات أرسطو، وهو  ينقسم إلى شقين دراما و تعني الفعل،  و بينما يعني الشق الثاني تأليف مسرحي.                                                     
و أضاف أن وظائف الدرماتورجي تختلف أيضا من بلد إلى آخر، فهي تحتل في المسرح الفرنسي والألماني سلطة كبيرة،  ومنها البحث عن تاريخ المسرحية التي تقدم وسياقها والشكل المسرحي،  كما تشمل تلك الوظائف  توضيح معنى العرض المسرحي، ولماذا يقدم العمل في هذا التوقيت، على سبيل المثال عند تقديم عمل لشكسبير يوضح الدراماتورجي لماذا يقدم هذا العمل فى هذا التوقيت بالتحديد.                                         
 كذلك من الوظائف التي أشار إليها أن يكون الدراماتورج ملاحظا أو ناقدا، ليس بمفهوم الناقد المتعارف عليه خارج الإنتاج، إنما هو  جزء من عملية الإنتاج، يتابع العملية ويعطى ملاحظاته.                   
وعن مراحل عمل  الدراما تورجى  قال هى ثلاثة مراحل أولها  ما يعرف بالدراماتورجي المتحرك، وهي مرحلة أساسية لها علاقة بالتأليف وتطور الحبكة الدرامية وتسمى  دراماتورجي الإنتاج وهى التي تسبق تقديم العرض المسرحي،                        
  أما المستوى الثاني فيتعلق بأسباب تقديم العرض في فترة ما، فيما يتصل المستوى الثالث بمراقبة  شعور وانطباعات المشاهدين وملاحظة  تأثير  العرض عليهم.                                             
كما تحدث المدرب عن  مفهوم الدراماتورج عند كل من المسرحي الفرنسي باتريس بافيس وعند اوجينيو باربا كما  تحدث عن مفاهيم أخرى للدراماتورج لا علاقة لها بالمسرح مثل الدراماتورج الاجتماعي الذي يقوم بتنظيم الفعاليات أو المناسبات الاجتماعية مثل الزواج والحفلات.                         
تحدث  ايكرسول أيضا عن  المرحلة الإبداعية في عمل الدراماتورج   فيها يقوم  بتوصيل الأفكار حتى تصبح نسيجا في العمل المسرحى، وتناول ما اسماه البنية المسرحية في التاريخ الغربي، مشيرا إلى أن  أكثر عمل كان له الأثر الأكبر في هذه البنية هو كتاب أرسطو “ فن الشعر “ الذي  يحدد أساسيات البنية فى الثقافة الغربية، مؤكدا أنه  شكل مفاهيم الناس عن الرواية والسينما والتلفزيون،  وأنه  أول من أشار إلى فكرة التراجيديا .                                            
 تحدث المحاضر عن البناء الدرامي كما نظر له  أرسطو والمكون من  البداية والمنتصف والنهاية، و عن شروط تقديم الدراما بشكل جيد ومنها أن تقدم  القصة من خلال حبكة درامية، وأن  تكون للشخصيات دوافع وخلفيات، و قرارات تعبر عن التوجهات الأخلاقية للشخصية، وشكل العرض المسرحى، ونوع الموسيقى التي ستقدم خلاله والطريقة التي يقدم بها .مؤكدا أن   الدراما تورجى كناقد ملاحظ عليه ربط جميع العوامل السابقة و التعديل عليها.                                  
وقال بيتر أيكرسول أن في اليونان القديم كان للنص أهمية قصوى مقارنة بالعناصر المسرحية الأخرى، و أن التنافس كان شديدا بين الكتاب واختتم اليوم الأول من الورشة بتقسيم المتدربين إلى مجموعات  وطلب منها أن تفكر وتطرح الأسئلة  حول  معنى كلمة تراجيديا من منظور الفنان والمخرج والمؤلف.
اليوم الثاني                        
عرض المتدربين أفكارهم و قصصهم المختلفة التي تحمل أشكالا مختلفة لمفهوم التراجيديا و تناول المحاضر مفهوم الدراماتورجي الحديث الذي يختلف عن الدراماتورجي الكلاسيكي
كما أ شار إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وسيطرتها موضحا أن حياة الناس أصبحت تسير بشكل غير تقليدي،  ومن ثم  فالدراماتورجي الحديث لم يعد يتناول حبكته بشكل متسلسل، اضاف أن  الدراماتورج  ماريان فان هوفن عرفت مفهوم الدراماتورج الحديث كشبكة متصلة،  موضحا أنها اشتهرت في فترة الثمانينات والتسعينات،  أشار أيضا إلى أن   الدراماتورجية الحديثة لا تتخلي أيضا عن مفهوم الدراماتورج التقليدية،  وإنما تمزج بينهما
وقارن  بين الدراماتورج الحديثة والقديمة حيث تهتم الأخيرة  بالتسلسل للإحداث، بداية ووسط ونهاية                                      
فيما لا تعطي الحديثة نهاية إنما  تسير في دائرة،  هي المسرح  ذاته، وما يحدث حولها يمثل أحداثا ولا يوجد فاصل بين ما يحدث على خشبة المسرح والجمهور،                           
أما الدراماتورج الكلاسيكية أو التقليدية فالمسرح لديها  يمثل انعكاسا لما يحدث في الواقع بخلاف  الحديثة التي ترى أن المسرح ليس انعكاسا، ولكنه هو الواقع نفسه . وتحدث المدرب  عن  تجربة شركة “باك تو باك” مشيرا إلى أنها شركة مشهورة في العالم وقدمت عروضا في أكثر من 40 دولة و تخالف فكرة المسرح التقليدي،  وأنها غيرت مفهوم المكان الخاص بالمسرح والجمهور، بالإضافة إلى اختلاف مفهوم التمثيل،  فلم يصبح هناك فاصل بين الممثلين والجمهور،  بالإضافة إلى خلق تساؤلات تدفع  المتفرج  لمحاولة ايجاد حلول لها .
اليوم الثالث
 في اليوم الثالث تحدث المحاضر عن  مفهوم الميديا الحديثة لدى الدراماتورجي، والعلاقة بين الميديا البصرية والمسرح، وذلك للخروج بمسرح مختلف يطبق التكنولوجيا الحديثة كالفيديو بروجكشن والهيلوجرام، و تناول بيتر علاقة الميديا بالمسرح واعتماد الأخير علي تقنيات حديثة والعلاقة بين العامل البصري والممثل وكيفية توظيفه في المسرح والتي تمثل أداة هامة في المسرح المعاصر.                                                          
كما تحدث عن علاقة الإنسان بالطبيعة، و التي تعيد إنتاج نفسها دون الحاجة إليه،  وكذلك  التركيز على العوامل البصرية أكثر من الممثل الذي  يتم التعامل معه  كجزء من العملية المسرحية.                      
كما تحدث عن الجمهور الذي اختلف عن فترة الثمانينات والتسعينيات ونظرته  التي تغيرت في استقبال العروض المسرحية، وقد أصبحت التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من تعاملاته اليومية، وشاهد المتدربين عدة مقاطع من عرض مسرحي قدم منذ 25 عاما استخدمت فيه  عدة تقنيات حديثة،  و كان هذا العرض بداية لاستخدام التقنيات الحديثة . وتخلل الورشة تطبيق عملي، فتم تقسيم المتدربين إلى مجموعات تحدثت  عن إنطباعتها والتأثيرات التي حدثت لها عند مشاهدة المقاطع المسرحية الت وظفت فيها التكنولوجيا الحديثة، ومن بين ماتم عرضه                                             
خلال الورشة فيلم “سايونارا”        ‘
للكاتب الياباني “هيداتا اويزاوا” وهو عن علاقة الإنسان العادي بالإنسان الآلي،  و قام المتدربين بعمل مسرحية قصيرة حول هذه العلاقة وتصورهم  للغة  التي يستخدمها كل منهما في التعامل .
 اليوم الرابع
أشار بيتر إلى أهمية  المكان  والزمان في العرض المسرحي، وضرورة أن  يكون هناك سيطرة وتحكم في الوقت سواء من طرف المخرج أو الممثل أو مصمم الراقصات، مؤكدا أن  البناء الدرامي والموسيقى لهما علاقة بالوقت.                          
وقد تحدث كل متدرب عن عرفته  بأهمية الزمان والمكان وشعوره بهما،  كما  تناول المدرب تجربة للكاتب الايطالي روميو كاستلجوي تتصل  بفكرة المكان،                               
كما تحدث عن مفهوم المكان لدى كل من مصر واستراليا وما يحدثه من تأثير على الفرد والجماعات،  مؤكدا أن  المساحة لها تأثير ثقافي على الأفراد،  كالمساحة الصحراوية مثلا  التي تؤثر على حياة الأفراد بشكل كبير وعلى طريقة معيشتهم،  وقام المتدربين بمناقشة فكرة  التأثير الثقافي للمكان من خلال تجاربهم، و أوضح بيتر كيف يمكن  ربط المكان وتأثيره الاجتماعي بالمسرح، كما طرح المدرب عدة  أسئلة حول المكان وأهميته منها مثلا :                                       
لماذا أجلس هنا وبماذا اشعر وما هي حدود المكان الذي نجلس به.                                        
و قام بعرض تجربة مسرحية لفنان أفريقي يدعى  لي كارجو كمثال  لتجربة توضح  تأثير المكان على الأفراد،  مشيرا إلى  أن  المخرج تعامل بأدوات مختلفة لتوضيح فكرته ومنها الرقص ليوضح المكان الذي نشأ به. ثم طرح سؤالا على  المتدربين وهو:  كيف نستطيع من خلال تقديم عمل فني أن نوضح المكان الذي  أتى  منه كل متدرب؟                         
كما  ضرب بيتر بعض الأمثلة عن ارتباط الثقافة بالوقت.                                     
وفي  اليوم الخامس والأخير قام المتدربين بتطبيق نظريات الدراماتورج الحديثة من خلال تقديم عمل مسرحي                                                        

 


رنا رأفت