بعد تكريمه من ثقافة الدقهلية أحمد عبد الجليل: تكريمي بمثابة مظاهرة حب من أصدقائي وتلاميذي

بعد تكريمه من ثقافة الدقهلية أحمد عبد الجليل: تكريمي بمثابة مظاهرة حب من أصدقائي وتلاميذي

العدد 628 صدر بتاريخ 9سبتمبر2019

المخرج أحمد عبد الجليل هو أحد أبناء الثقافة الجماهيرية ، الذي قدم العديد من العروض المسرحية ، وقد بدأ مشواره الفني في مدينة المنصورة ، ولم يكتفي بتقديم عروض بالثقافة الجماهيرية فقط بل قدم علي مسارح الدولة والقطاع الخاص والشركات وأيضا الجامعات ، وبعد مايقرب من أربعين عاما من عمله كمخرج مسرحى قام مؤخرا صالون المنصورة الثقافي التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة بتكريمه بإعتباره شيخ المخرجين بمحافظة الدقهلية ، ويأتي ذلك في إطار تكريم الهيئة لرموز الوطن في كافة المجالات.
إلتفت مسرحنا بالمخرج أحمد عبد الجليل لمحاورته بعد التكريم ..
 كيف تري تكريمك من ثقافة الدقهلية ، وماهو شعورك بهذا التكريم ؟
ثقافة الدقهلية بالنسبة لي بمثابة بيتي الذي قدمت له أعمالا كثيرة وحصلت علي جوائز كثيرة منها جائزة الأوسكار والتي كانت أول جائزة للأوسكار علي مستوي مصر ، وبالمناسبة قد تم تكريمي من قبل بمحافظة الدقهلية علي يد المحافظ ، مع الفنانة فاتن حمامة والفنان التشكيلي أحمد الجنايني والدكتور يسري العزبي ، كأحد رواد الدقهلية ، وتكرمت في أماكن أخري مثل الجامعات ، ولكن تكريمي من ثقافة الدقهلية له شعور مختلف فكان بمثابة مظاهرة حب من الأصدقاء والتلاميذ ، وكنت أجني ثمار الجهد الذي بذلته مع تلاميذي ، خاصة جيل الذي يبلغ من العمر الأن خمسين عاما ، وشعرت بالسعادة عندما كانوا يتسابقون ليقولوا شهادتهم أتجاهي ، وبدأوا يعترفوا بأن القسوة التي كنت أتبعها معهم لتعلمهم الإنضباط والإلتزام فادتهم كثيرا في حياتهم العملية ، وهذا أثبت لي أن منهجي كان صحيحا فالإلتزام والإنضباط والجدية هم أساس العمل الجيد ، وأضاف عبد الجليل فكرة التكريم قائمة علي تكريم رموز الدقهلية فهم بصدد تكريم الفنان سيد الأباصيري ، وتكريم د. محمد بحيري ،  والمخرج علي سعد وغيرهم ، هذا التكريم يجعلنا نري ما بذلناه من جهد يتحول لثمرة حب أمامك .
*بمناسبة التكريمات ،  من وجهة نظرك ، ماسبب عدم الإهتمام  بتكريم رواد الثقافة الجماهيرية بالمهرجانات المسرحية الكبري مثل المهرجان القومي وغيره ؟
أنا لا أعرف حقيقة النظرة التي ينظرون بها القائمين علي الفاعليات الكبري لمسرح الثقافة الجماهرية ، رغم أن الثقافة الجماهيرية منتشرة في جميع ربوع مصر ، وهناك رموز كثيرة في الثقافة الجماهيرية سواء رحلت أو مازالت باقية قدموا أعمالا مهمة جدا ، ولكن يبدو أن هناك البعض يستحوذ علي التكريم لبعض الشخصيات الموجودة داخل العاصمة ، فمازالت نظرة المركزية قائمة ، وليست نظرة شمولية ، بأن من يبذل جهدا له تأثير في المسرح والفن يتم تكريمه ، ولكن للأسف هم ينظرون إلي الأقاليم علي إعتبار أنها أطراف ، ويهتموا برأس الجسد المتجسدة في العاصمة ، وللأسف هذه ليست نظرة عادلة وعلي المسئولين أن يراجعوا أنفسهم لأن مسرح الثقافة الجماهيرية هو خط الدفاع الأخير للدفاع عن المسرح في مصر .
*هل تري أن مسرح الثقافة الجماهيرية يقوم بالدور المنوط به في الوقت الحالي ؟
هل أي قطاع مسرحى الأن يقوم بتقديم الدور المنوط به سواء مسرح البيت الفني أو الفنون الشعبية أو غيره ، فالأزمة المسرحية نحن من صنعنها بأيدينا ، الجمهور متعطش ، فالجمهور إلتف حول مسرح مصر ، والذي لا يعتبر مسرحا بل مجموعة من الإسكتشات ، فالجمهور يقول أنا أريد مسرح ، المهم أن تبذل أنت جهدا لتقدم له وجبة دسمة متكاملة ، علي المستوي الثقافي وأيضا المستوي الترفيهي ، وهذه معادلة صعبة ولكن لابد أن تقدم ، ولكن لا تقدم لي أشياء لا تهمني فالثقافة الجماهرية إلي الأن تقدم عرض هاملت ومكبث والملك لير وغيرهم ، ولا تقدم برؤي جديدة بالعكس تقدم كما تقدم منذ مثات السنين ، فالثقافة الجماهرية كان ملمح الإدارة لها واضحا من قبل منذ حسن عبد السلام مرورا  بمحمد سلام ويسري الجندي وأبو العلا السلاموني وسامي طه كل هؤلاء العمالقة كانوا يتعاملوا مع مشروع واضح ومستوعب ، فلا نجد شخص تولي الإداراة بهذا المشروع إلا إذا كان جزء من المشروع قبل توليه الإدارة ، لذلك مشوا علي منهج المشروع الأساسي الذي وضعه سعد الدين وهبة ، أما الأن يخترعوا أشياء جديدة من الممكن أن تكون جيدة أو غير جيدة .
*ما أهم المشاكل التي تواجه الثقافة الجماهرية الأن ؟
الإدارات التي تنفذ المشاريع الإنتاجية مازالت تتعامل بنمطية ، وكل هدفها أن يمر الموسم المسرحي ، دون النظر إلي المحتوي المقدم أو تقديم إبداع ، فنحن نقدم المناهج المقررة علينا ولكن كأننا في الإبتدائية لم نرتقي لمنهج الإعدادي والثانوي ، فأنا مازلت أري أنها مشاكل إدارية وأن هناك دخلاء علي مشروع الثقافة الجماهرية يتعاملوا بمنهج « السبوبة « ونسيوا أن العقد الذي وقعوا عليه في الثقافة الجماهرية هو عقد تدريب وإشراف ، فهمهتك الأساسية هي تدريب وإكتشاف ممثل وأن تقدم عرض مسرحي ممتع ، فإذا أمنت بذلك ستقدم إبداعا حقيقيا ، وهذا هو النهج الذي سرت عليه منذ أن عملت بالثقافة الجماهرية ، وبالرغم من تقديم عروضا في مسرح الدولة إلا أنني كنت سرعانا ماأعود لمسرح الثقافة الجماهرية الذي هو بمثابة بيتي ، ومردود ذلك رأيته في عيون تلاميذي في تكريمي بثقافة الدقهلية .
*تمتاز معظم عروضك المسرحية بكونها عروض غنائية إستعراضية ، فماسبب تقديمك لهذا النوع دائما ؟
هذا النوع من المسرح يعتبر معادلة بسيطة وسهلة وتعجب الجمهور ، فالجمهور يريد قليلا من الكوميديا ، كثيرا من الغناء ، خطاب مسرحي واضح وصريح ، لذلك دائما أحاول أن أقدم خطاب مسرحي عن  طريق الأغاني ، وأن يكون التمثيل قليل جدا ، فالجمهور لم يعد بإستاعطته أن يستمع لمنولوج مدته ربع ساعة ، وهذا ليس تقليل من المتلقي ولكن المتلقي الأن يحتاج إلي إيقاع سريع ، وهذا الإيقاع لا يجده سوي في الأغاني المقدمة في العروض ، وأعتقد أن هذا النوع من المسرح قليل نوعا ما لأن المخرجين لا يجيدوا هذا النوع من المسرح فأنا قد تعلمت هذا النوع علي أيدي أساتذة كبار ، شربت منهم هذ النوع منهم الأستاذ حسن عبد السلام والسيد راضي .
*أخرجت في الكثير من القطاعات المختلفة مثل مسرح الدولة والمسرح الخاص والجامعات والشركات ، فهل واجهت إختلاف كبير بين القطاعات المختلفة ؟
بالطبع يعتبر أفضل مكان قمت بالإخراج به هو مركز الهناجر ، برئاسة د. هدي وصفي ، فكنت أشعر أنني أعمل بجدية وكل العاملين في العرض يعملوا بجدية ، وهذا يعود إلي أن الإدارة جادة ، وهدفها هو أن تنجح هي الأول وتكون أنت جزءا من نجاحها ، ويأتي من بعد مركز الهناجر جامعة المستقبل ، التي كانت تسخر كل إمكانيتها من أجل العرض المسرحي ولا تبخل علي العرض بأي شيء ، فكانوا دائما يقولوا لي « أحلم وأحنا هنحققلك حلمك « أما الشركات كانت في البداية عظيمة جدا ، ولكن الأن لا تصل لمرحلة مسرح المدارس لذلك أنا أحجمت عنها ،والجامعات أيضا كانت في بدايتها عظيمة ولكن منذ أن دخلت عناصر الجامعات الإسلامية أيام السادات بدأت تنحصر الجامعات ، أما الثقافة الجماهيرية فمازالت محتفظة بهيكلها ، وهناك محاولات جادة جدا بالثقافة الجماهرية وهناك شباب تؤمن بما تقدم ويعملوا بطريقة جادة فالنجاح أساسه الجدية .
*هناك أزمة في تسويق عروض الثقافة الجماهرية ، فكيف نتغلب علي هذه الأزمة من وجهة نظرك ؟
نحن الأن نملك ألة إعلامية مهمة جدا تقوم بعمل تسويق لجميع العروض في أي قطاع دون بذل مجهود كبير ، وهي وسائل التواصل الإجتماعية ، فأنا في معظم عروضي أعتمد علي التسويق من خلال الفيس بوك ، ومعظم عروضي تكون كاملة العدد ، ولكن هناك البعض لا يعتمد علي التسويق من خلال وسائل التواصل الإجتماعي ، فلابد أن نستخدم التكنولوجيا بالطريقة التي تفيدنا وتسوق لأعمالنا ، وفي بعض الأقاليم الأن عادوا إلي الدعايا البدائية مثل توزيع ورق بمعلومات العرض علي المقاهي والمحلات وفي الشوارع ، وبدأت العربات التي تسير بميكرفونات والإعلان عن العرض مرة أخري ، فكل هذه إجتهادات .
*بدأ مسرح القطاع الخاص يعود مرة أخري من خلال شركات جديدة مثل كايرو شو وغيرها ، فهل هذه العودة ستضيف للمسرح في مصر أم لا ؟
أنا أري أن ذلك في صالح المسرح المصري ، لأن أصبح هناك منافس للقطاع العام ، فالمسرح المصري بدأ في التراجع منذ أن  إنحصر القطاع الخاص ، عندما حاصروه بفعل فاعل ، فالمنتج العبقري سمير خفاجة رحمه الله أجبر علي أن لا ينتج أي عروض لذلك إنحصر القطاع الخاص ، فالقطاع العام لا يجد منافس له ، فحدث نوع من السكون ، فإذا لم تجد ماتنافسه لم تقدم شيء جيد ، والفن صناعة لابد أن يطور نفسه دائما ولا يعيش في حالة سكون .


شيماء منصور