رقصة الدم بين تحييد المكان وتركيزه

رقصة الدم بين تحييد المكان وتركيزه

العدد 526 صدر بتاريخ 25سبتمبر2017

علي خشبة مسرح السامر بتصميمها المعماري وتجديداته التقنية قدمت فرقة نادي مسرح المنصورة عرضها  -الطليعي - ( رقصة الدم ) للمؤلف بيتر شيفر ومن إخراج الممثل محمود الدياسطي في أولي تجاربه الاخراجيه والتي استعان فيها بتحييد المكان وتركيزه في ذات اللحظة وذلك ضمن فعاليات المهرجان السادس والعشرون لنوادي المسرح  فمكان الاحداث بين انجلترا وأيرلندا وبعض البلاد الأوربية وتم تحييده لينتقل الي عقل المؤلف ( دامسون ) وأفكاره المنادية بؤد الارهاب ودرء فتنته المتأججه بنحر الاخر نحرا بينا واسالة الدماء علي راحتي المختلف ليتطهر من ذاك الدنس المسيطر علي العقول والأفئدة في ذات اللحظة مع المحافظة علي تقنية ( الفلاش باك ) لدامسون واسترجاعه للحظات النجاح والاخفاق والفشل والحب والاضهاد والغضب  وازداد المكان تحييدا بإقامة العرض كاملا فوق خشبة المسرح واحتواء الجمهور ومحاصرته بموتيفات الديكور والذي أشتمل علي بعض الستائر الحاوية لخشبة المسرح والمدهونة بشكل عشوائي منظم ببعض الألوان الفسفورية المشتملة علي الكثير من الكلمات والرموز التي تم طرحها في النص ليس هذا وحسب وانما احتل المسرح عدد ليس قليل من الممثلين المتخذين وضع جمهور النظارة فأخذ المسرح وصالته يتحدا وينفصلا شاء المخرج ذالك أو شاء المؤلف دامسون ذالك أو تفاعل الجمهور الممثل فشاء ذلك وفرضية جلوس الممثلين في أماكن الجمهور خلق حالة من خلخلة المنظور المسرحي للعرض بأكمله وخلق حالة سينوغرافية متجددة ومغايرة للواقع والملموس خاصة مع كسر حالة الجمود المسيطر علي خشبة المسرح في العروض الكلاسيكية والتجريبية في مصر علي حد سواء وإمعانا في حالة الوجود السينوغرافي المغاير في العرض المسرحي ( رقصة الدم ) لبيتر شفر ومحمود الدياسطي وضعت كراسي المتفرجين بشكل عشوائي منظم غلبت عليه القصدية خاصة مع احتواء الممثلين من قبل الجمهور من ثلاث جهات واحتواء الممثلين للجمهور بالتخلخل والتوغل والتفاعل .
تجربة شفر/ الديسطي تحتاج الي متلقي من نوع مغاير ملم بالأساطير المسرحية وخاصة الاساطير اليونانية لاحتوائها علي بعض الرموز والدلالات اتخذت في وقت سابق حالة من حالة الشبق الدموي والسعي الحثيث الي الثأر ولا شئ غيره واراقة الدماء بغية التطير فاحتوي نص العرض واشار صراحة الي كلتمنسترا الأم المكلومة التي خدعها زوجها أجاممنون وذبح ابنتها قربانا فانتظرت عودته من حملته منتصرا مزهوا وقامت بذبحه وتقطيع جسده وفي ذلك تطهير لها من البغضاء وتطهير لأجامنون من ذنب قتل ابنته كما أشار العرض غير مرة الي هاملت الأب ( شبح هاملت ) ومطالبته ل هاملت بأخذه للثأر من قاتليه ثم أشار الي راسبوتين ودمويته ولم تكتفي الاشارات والدلالات والاطروحات علي ذلك فقط ولكن اشتملت الدلالة الأساسية ( أيقونة العرض ) الآلهة أثينا وهي من هي في علاقتها بزيوس كبير الألهة عند الاغريق القدماء وتجلياتها وارهاصاتها ومقولاتها التي أخذ يرددها المخرج والسينوغراف والممثلين أن أجعل أثينا في قلبك .
عرض صدامي اتخذ من الصدام مع المعطيات الانسانية والمعطيات الفنية منهجا فصور النقاد ومتلقين الفنون والمتذوقين في حالة تشوه علي الوجوه فهم من تلقوا النص الذي يكتبه المؤلف ( ادوارد دامسون ) بحفاوة بالغة ثم قابلوه بهجوم مباغت فارتسمت علي وجوههم عن طريق المكياج بعض الخطوط الحمراء الفسفورية الاقرب الي التشويه من التجميل فضلا عن بعض ضربات السياط او ما يشبه التي احتلت جسد المؤلف العاري طوال العرض حتي انتهاؤه بالقتل والذبح والتمثيل كما أعلنت الاذاعة وابتعدت بالتبعية خطة الاضاءة عن المأمول علي مستوي التصميم والتنفيذ ذلك لاعتماد خشبة مسرح السامر علي أجهزة الليد في الاضاءة فاختلفت مساحات ومسافات تغيير الضوء واللون فخلقت حالة اظلام لحظي في بعض اللحظات ليست من قبيل ( الفلاش باك ) فضلا عن اعتماد العرض علي اضاءات رأسية واضاءات أفقية فحادت الاضاءة الأفقية عن الهدف والمبتغي لتوجيهها الي المرأة ذات الملمس الأملس والناعم والعاكس بالتبعية  الموجودة في عمق المسرح فعكست المرايا الاضاءة في وجوه المتفرجين فحدث تشتت بصري بالتبعية واصاب المتلقي بارتباك اثر بالتبعية علي آلية التلقي في أحايين عدة .
جاء التمثيل في العرض المسرحي ( رقصة الدم ) من أهم مفردات العرض وأكثر أدوات المخرج نجاحا وتميزا وحفاظا علي خلق الحالة الشعورية المتدفقة خاصة من المؤلف / الابن / الزوجة / الاب فتجلت خبرات تمثيلية متراكمة علي خشبة المسرح ساهمت في تمرير النهج الفكري المنتهج من قبل صناع العرض والمتمثل أن ليس من حق أي مخلوق سلب أي مخلوق حياته وأن صيحات الخرب في الاصل والاساس ليست الاصيحات تحذير حتي لا تنزلق أرجلنا في لزوجة الدماء فتدنس أرواحنا .
وجود المتفرجين علي خشبة المسرح علي الرغم من اضافته لحالة التمثيل اضافة مكنت الممثل من تكوين خط فعل متصل وتجربة شعورية شديدة الرقي والتميز الا انها خلقت حالة من التشتت وعدم التركيز في التلقي ذلك لانعدام خط الرؤية في كثير من الأماكن والأحوال فلم يتم بالتبعية قراءة الدلالات السينوغرافية قراءة كاملة فضلا علي احتواء العرض علي كمية من الرموز والدلالات خليقت بالقراءة من قبل المسرحي المثقف والقارئ وتحتاج الي متلقي ايجابي بكل ما تحمله الكلمة من معني أما علي مستوي المتلقي العادي فلا سبيل له الا الاستمتاع بالممثلين وطاقتهم الايجابية الخلاقة .


محمد النجار

mae_nagar@yahoo.com‏