وداعا عزت أبو عوف..البرنس

وداعا عزت أبو عوف..البرنس

العدد 619 صدر بتاريخ 8يوليو2019

الفنان القدير عزت أبو عوف الذي رحل عن عالمنا صباح يوم الأثنين الموافق الأول من يوليو يعد خير مثال للفنان الموهوب الذي صقلته التجارب والخبرات المكتسبة من التجارب المتتالية، حتى أن كل من الناقد المتخصص وكذلك المشاهد العادي يمكنه رصد مدى نضجه الفني وتمكنه من مختلف مفرداته وتطور قدراته الأدائية خلال مسيرته الفنية، ويكفي لتأكيد ذلك رصد الفرق الكبير بين أدائه في نهايات القرن العشرين وبين أدائه في الألفية الجديدة، حيث لم يسكره ذلك النجاح الجماهيري الذي تحقق له مبكرا ولم تشغله الشهرة ولا كثرة وتوالي مشاركاته بالأعمال الدرامية المختلفة عن تنمية مهاراته وصقل موهبته بالدراسة والتدريب وبالمشاهدات وقبل كل ذلك بالممارسات العملية، فكانت النتيجة المنطقية هي تألقه في عدد كبير من الأدوار المركبة والمتنوعة.
وإذا كانت مرحلة البدايات قد حبست قدراته الفنية في أدوار البرنس الوجيه المنتمي للطبقات الراقية والباشا الأرستقراطي فإنه قد نجح في تمرده عليها خلال السنوات الأخيرة وقدم عدد كبيرا من الشخصيات المتنوعة التي لا تمحى من الذاكرة ومن بينها شخصية زعيم العصابة الشرير وكذلك شخصية الرجل الطيب المطحون المغلوب على أمره، وأيضا بعض الشخصيات  التاريخية.
وبداية يجب التنويه إلى أن المبدع الحقيقي عزت أبو عوف فنان شامل بمعنى الكلمة، فهو بخلاف تميزه وتألقه في التمثيل بجميع القنوات الفنية (مسرح سينما تليفزيون إذاعة) موسيقي بارع مارس العزف كمحترف على آلة الأورج بعدة فرق موسيقية، وقام بالتلحين ووضع الموسيقى التصويرية لبعض الأعمال الدرامية، كما مارس الغناء والرقص ببعض الأعمال الدرامية، وذلك كله بالإضافة إلى نجاحه كمنتج مسرحي وقيادي متميز برئاسته لمهرجان “القاهرة السينمائي الدولي” وأيضا كمذيع في تقديم بعض البرامج المتميزة.
- بداياته الفنية:
الفنان عزت أبو عوف (واسمه بالكامل: محمد عزت أحمد شفيق أبو عوف) من مواليد حي “الزمالك” بمحافظة القاهرة  في 21 أغسطس عام 1948، وقد نشأ في بيت فني وتعلم أصول الموسيقى من والده الفنان الراحل أحمد شفيق أبو عوف (أحد العمداء السابقين لمعهد الموسيقى العربية)، وبالرغم من التحاقه بكلية الطب بناء على رغبة والده، وحصوله على درجة البكالوريوس في كلية الطب “جامعة الأزهر”، وممارسته لمهنة الطب (متخصصا بأمراض النساء والتوليد) لنحو خمسة أعوام تقريبا إلا أن ميوله الفنية جعلته يلتحق بمعهد “الكونسرفتوار”، ليتخرج فيه عام 1959 إلى جانب زميله الموسيقار عمر خيرت، والذي ساهم معه في تأسيس فرقة موسيقية شبابية باسم ال “بتي شاه” في ستينيات القرن الماضي، وقد شجعه نجاحه على الإنضمام بعد ذلك إلى فرقة أخرى هي فرقة “البلاك كوتس”، ثم إلى إتخاذ مبادرة بتأسيس فرقة “الفور إم” في نهاية فترة السبعينات القرن الماضي، وهي الفرقة التي استمرت حتى بداية التسعينيات.
وبعد حل فرقة “الفور إم” قرر الفنان عزت أبو عوف إشباع هوايته في التمثيل، خاصة وقد سبق له إقتحام عالم التمثيل من خلال مهاراته في الغناء والعزف واعتياده على مواجهة الجمهور بالحفلات الغنائية، وأيضا من خلال إنتاجه لمسرحية غنائية لفرقته وهي مسرحية “عشرة على باب الوزير”. وقد حقق من خلالها نجاحا كبيرا باعتماده على توظيف واستغلال تلك الشهرة التي حققها من خلال فرقته “الفور إم”، وأيضا على وسامته وحضوره المحبب وثقافته الموسوعية، ولكنه مع كل ذلك حرص منذ اللحظة الأولى على الإستفادة من ثقافة وإرشادات جميع المخرجين الذين تعاون معهم وأيضا من خبرات جميع النجوم الذين شاركهم البطولات. وكان من حسن حظه بلاشك أن تكون بدايته في عالم التمثيل من خلال المسرح، حيث أتيحت له الفرصة المناسبة لإكتساب الخبرات بأعماله الأولى من خلال البروفات المتتالية والعمل مع المخرجين المتميزين فهمي الخولي وهاني مطاوع، وأيضا مع بعض كبار النجوم وفي مقدمتهم الفنانين: وداد حمدي، نجاح الموجي، أنور محمد، حمدي أحمد، محمد الشويحي.
والحقيقة التي يجب تأكيدها هي أن هذا الفنان القدير ينتمي إلى تلك الفئة من الممثلين الموهوبين الذين يملكون القدرة على لفت الإنتباه وجذب الأنظار بحضورهم المحبب وبتميزهم الفني، وعلى إثبات موهبتهم المؤكدة ومهاراتهم الفنية حتى ولو شاركوا بأداء بعض الأدوار الصغيرة، وقد نجح بالفعل في تأكيد وجوده وموهبته ولفت الأنظار إليه بجميع الأعمال التي شارك بها، وذلك بالرغم من عدم حصوله إطلاقا على فرصة البطولة المطلقة. ولعل أوضح الأدلة على تميزه وتفوقه نجاحه في تجسيد عدد كبير من الشخصيات المركبة بعشرات الأعمال الدرامية مع حرصه على عدم  تكراره لأدائه وبالتالي عدم تحوله إلى مجرد نمط.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعماله الفنية طبقا لإختلاف القنوات المختلفة (سينما، مسرح، إذاعة، تليفزيون) مع مراعاة التتابع التاريخي كما يلي:
أولا - أعماله المسرحية:
ظل المسرح هو المجال المحبب للفنان عزت أبو عوف، فهو المجال الذي أثبت وجوده من خلاله وقضى في العمل به كممثل محترف ما يقرب من خمسة وثلاثين عاما، شارك خلالها بعروض أهم الفرق المسرحية (من بينها: “المتحدين”، “أوسكار”، “محمد فوزي”)، ونجح من خلال تلك العروض في إثراء حياتنا المسرحية بأدائه لبعض الشخصيات الدرامية التي وفق في تجسيدها بصدق ومهارة. هذا ويمكن تصنيف إسهاماته المسرحية بمراعاة التسلسل الزمني وطبقا لإختلاف طبيعة الإنتاج وتنوع الفرق المسرحية كما يلي:
- “الفور إم”: عشرة على باب الوزير (1984)، تأليف فتحي سلامة، وإخراج فهمي الخولي، بطولة وداد حمدي، نجاح الموجي، مها أبو عوف، أنور محمد، وفرقة “فور إم” (هشان ومحمود الكناني، نبيل علي ماهر، يحيى غانم، عزت زين).
- “سمير عبد العظيم”: أربعة غجر والخامس جدع (1990)، تأليف سمير عبد العظيم، وإخراج هاني مطاوع، بطولة هياتم، حمدي أحمد، محمد الشويحي.
- “أوسكار”: الجميلة والوحشين (1994)، تأليف يوسف معاطي، وإخراج حسين كمال، وبطولة ليلى علوي، علاء ولي الدين، صلاح عبد الله، محمد الصاوي.
- “المتحدين”: كعب عالي (1996)، تأليف فاروق صبري، سمير خفاجي، إخراج شريف عرفة، بطولة حسين فهمي، يسرا، وحيد سيف، علاء ولي الدين، حسن كامي، محمد سعد.
- “محمد فوزي”: خربشة (1998) تأليف وإخراج يوسف فرنسيس، وبطولة أحمد بدير، عايدة رياض، عائشة الكيلاني، طارق فؤاد، محمد الصاوي.
- “المتحدين”: بودي جارد (1999)، تأليف سمير خفاجي، يوسف عوف، إخراج رامي إمام، بطولة عادل إمام، رغدة، سعيد عبد الغني، ضياء عبد الخالق، أحمد التهامي.
وجدير بالذكر أن الفنان عزت أبو عوف - حرص وكعادته في جميع مشاركاته الفنية - على إختيار أدواره المسرحية بعناية شديدة ودقة بالغة، ولذا فطوال مسيرته الفنية لم يشارك في بطولة أي مسرحيات تجارية يمكن وصفها بالإسفاف أو الإبتذال، كما أصر على رفض المشاركة في تلك المسرحيات المعلبة التي تنتج خصيصا للعرض التليفزيوني ويتم إنتاجها بميزانيات محددة وفي عجالة وسرعة فائقة لتحقيق أكبر مكاسب مادية ممكنة!!. ويحسب له خلال جميع مشاركاته المسرحية الإلتزام الكامل بالرؤية الإخراجية وعدم الخروج عن النص، ورفض مجاراة بعض نجوم الكوميديا الذي شاركوه العمل كوحيد سيف ونجاح الموجي وأحمد بدير في محاولات الإرتجال بهدف الإضحاك، بل غالبا ما كان ينجح بإلتزامه في جمح إضافاتهم العشوائية. وتقتضي الحقيقة في هذا الصدد أن نسجل تخليه عن حلمه في إحياء المسرح الغنائي مبكرا، حيث جذبته دائرة المشاركات السينمائية والتليفزيونية الكبيرة عن حلمه الذي حاول تحقيقه من خلال أول مسرحيتين فقط.
ثانيا - أعماله السينمائية:
يحسب للفنان عزت أبو عوف بصفة عامة خلال مسيرته السينمائية مشاركته في تجسيد بعض الشخصيات الرئيسة وبعض الشخصيات الثانوية ببعض الأفلام المهمة ولعل من أهمها: آيس كريم في جليم، طيور الظلام، ليلة ساخنة، امرأة هزت عرش مصر، بخيت وعديلة، إشارة مرور، إسماعيلية رايح جاي، حسن اللول، امرأة فوق القمة، عبود على الحدود، أرض الخوف، ما تيجي نرقص، عمر وسلمى، عودة الندلة. وجدير بالذكر أن رصيده السينمائي وصل  إلى ما يقرب من 80 (ثمانين) فيلما سينمائيا على مدى ما يقرب من ثلاثين عاما هي عمره الفني، نجح خلالها في أن يجمع بين أدوار البرنس الأرستقراطي خفيف الظل وبين أدوار الشر ورجال الأعمال الفاسدين، وأن يصبح بمفرده تقريبا الشرير الظريف أو بتعبير آخر أكثر الأشرار حضورا وشياكة وخفة دم، وهي البصمة الخاصة التي ظل يتفرد بها على شاشة السينما حتى اليوم، ولم يسبقه فيها أحد سوى كل من الفنانين الكبيرين إستيفان روستي وعادل أدهم اللذين سار على دربهما.
هذا وتضم قائمة أعماله السينمائية - مع مراعاة التتابع الزمني - مجموعة الأفلام التالية: آيس كريم في جليم (1992)، كشف المستور، حرب الفراولة (1994)، طيور الظلام، في الصيف الحب جنون، ليلة ساخنة، امرأة هزت عرش مصر، بخيت وعديلة (1995)، إشارة مرور، علاقات مشبوهة، بخيت وعديلة - 2 الجردل والكنكة، إغتيال (1996)، إسماعيلية رايح جاي، حسن اللول، البحث عن توت عنخ آمون، امرأة فوق القمة، عيش الغراب (1997)، إضحك الصورة تطلع حلوة (1998)، الآخر، عبود على الحدود (1999)، الأجندة الحمراء، بونو بونو، أرض الخوف، زنقة الستات، قدر امرأة (2000)، فارس ظهر الخيل، العاشقان، جحيم تحت الماء، أسرار البنات، الرجل الأبيض المتوسط (2001)، هو في إيه؟، كذلك في الزمالك (2002)، سيب وأنا أسيب (2004)، بنات وسط البلد، السفارة في العمارة (2005)، حليم، مطب صناعي، ما تيجي نرقص، واحد من الناس، أيظن !، عودة الندلة (2006)، عمر وسلمى، الجزيرة، 45 يوم، البلياتشو، حسن طيارة (2007)، حلم العمر، الزمهلاوية، ليلة البيبي دول، بوشكاش، حسن ومرقص، رمضان مبروك أبو العلمين حمودة، البلد دي فيها حكومة، أيامنا الجاية، حبيبي نائما (2008)، بوبوس، عمر وسلمى - 2، خلطة فوزية، الديكتاتور (2009)، عصافير النيل، لا تراجع ولا إستسلام - القبضة الدامية (2010)، مشروع غير أخلاقي، بيبو وبشير (2011)، عمر وسلمى - 3، جيم أوفر (2012)، شمال يا دنيا، هاتولي راجل (2013)، المعدية (2014)، باباراتزي - للحب حكاية، خطة بديلة (2015)، تحت الترابيزة (2016)، فين قلبي؟، هروب إضطراري، كارت ميموري (2017)، وذلك بالإضافة إلى الفيلم القصير: أسانسير خمس نجوم (1999).
ويذكر من خلال رصد مجموعة الأفلام السابقة تعاونه مع نخبة من كبار المخرجين الذي يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: نادر جلال، أشرف فهمي، محمد خان، داود عبد السيد، خيري بشارة، نور الشريف، عاطف الطيب، شريف عرفة، عمر عبد العزيز، إيناس الدغيدي، صلاح كريم، علي رجب، شريف مندور، وائل إحسان، رامي إمام، عادل أديب، أشرف فايق.
ثالثا - الإسهامات التليفزيونية:
تضم قائمة إسهاماته الإبداعية بمجال الدراما التليفزيونية مشاركته بأداء بعض الأدوار الرئيسة أو الثانوية بعدد كبير من المسلسلات التليفزيونية والتي يزيد عددها عن المائة وخمسين مسلسلا ومن بينها المسلسلات التالية: ليالي القمر، حلم العمر، العرضحالجي، العائلة، ألف ليلة وليلة (علي بابا والأربعين حرامي)، من الذي لا ينساكي، نصف ربيع الآخر، شقة الحرية، حواء والتفاحة، طريق السراب، حلم الجنوبي، ضد التيار، عباسية واحد، زيزينيا -1 (الولي والخواجة)، زيزنيا - 2 (الليل والفنار)، هوانم جاردن سيتي (ج1،2)، أوراق مصرية (ج1،2)، بريق منتصف الليل، غابت الشمس ولم يظهر القمر، شيء من الخوف، المجهول، وبقيت الذكريات، إعترافات مصدر مسؤول، شملول، الشهاب، كلمات، أم كلثوم، الرجل الآخر، وبعد الظلام تشرق الشمس، العائلة والناس، الجحيم رجل، أوبرا عايدة، أغلال ناعمة، البر الغربي، بنات أفكاري، ضبط وإحضار، أميرة في عابدين، يحيا العدل، جحا المصري، أنظر حولك وابتسم، الخريف لن يأتي أبدا، جائزة نوفل، الخبيئة، خان القناديل، نجمة الجماهير، تعالى نحلم ببكرة، ذنوب الأبرياء، حد السكين، غدر وكبرياء، العمة نور، رحلة العمر، يا ورد مين يشتريك، امرأة من نار، أصحاب المقام الرفيع، أحلام هند الخشاب، عباس الأبيض في اليوم الأسود، ملاعيب شيحة، بنت من شبرا، أرض الرجال، أنا وهؤلاء، أماكن في القلب، رياح الغدر، ينابيع العشق، طائر الحب، أحلام في البوابة، قلب الدنيا، قضية نسب، خيوط في مسرح العرائس، أشباح المدينة، عايش في الغيبوبة، الملك فاروق، عمارة يعقوبيان، عسكر وحرامية، رجل غني .. فقير جدا، لحظات حرجة (ج1،2)، شط إسكندرية، الدالي - ج2،3)، طيارة ورق، النهر والتماسيح، أنا قلبي دليلي، ليالي، كريمة كريمة، رحيل مع الشمس، شيخ العرب همام (آخر ملوك الصعيد)، عرض خاص، العتبة الحمرا، تلك الليلة، روبي، كاريوكا، الصفعة، باب الخلق، ويأتي النهار، ربيع الغضب، العملية مسي، إمبراطورية مين، إتهام، أسرار، ألف ليلة وليلة، نيللي وشريهان، قانون سوسكا، طعم الحياة، الأب الروحي (ج1،2)، عفاريت عدلي علام، الدخول في الممنوع، ظل الرئيس، اللهم إني صايم، صفين لولي، السر، وذلك بخلاف بعض التمثيليات والسهرات التليفزيونية ومن بينها: : لسانك حصانك، فتفوتة، حبيب الله (رسوم متحركة)، حواكة بوت (سيت كوم).
رابعا - مشاركاته الإذاعية:
للأسف الشديد أننا نفتقد لجميع أشكال التوثيق العلمي بالنسبة للأعمال الإذاعية، وبالتالي يصعب حصر جميع المشاركات الإذاعية للفنان القدير عزت أبو عوف، والذي ساهم في إثراء الإذاعة المصرية بمشاركته بأداء بعض الأدوار الرئيسة في عدد من الأعمال الدرامية على مدار مايزيد عن ثلاثين عاما، ويكفي أن نذكر مشاركته في بعض المسلسلات والتمثيليات الإذاعية ولعل من أهمها: صلاح الخير، فرقة سيكا، فرحات والثلاث ورقات، لا سحر ولا شعوذة، عفاريت يحبون التسالي.
خامسا - إسهاماته الموسيقية:
بدأ الفنان عزت أبو عوف نشاطه الإحترافي للفن بإحتراف الموسيقى في ستينيات القرن الماضي حينما ساهم كعازف أورج في تأسيس فرقة موسيقية شبابية حملت اسم ال “بتي شاه” (من أعضائها الفنانين: عمر خيرت، هاني شنودة، عمر خورشيد)، وهي الفرقة التي اشتهرت بإعادة تقديم أشهر الأغاني الأجنبية باللغة العربية. وقد انتهت هذه الفترة بانضمامه إلى فرقة أخرى هي فرقة “البلاك كوتس” (أي “المعاطف السوداء”) التي أسسها الفنان إسماعيل الحكيم (نجل الكاتب الكبير توفيق الحكيم) عام 1963، والتي اشتهرت بتقديم موسيقي “الروك” الإنجليزية والأمريكية التي انتشرت بمصر في فترة السبعينيات.
وبعدما اكتسب الفنان عزت أبو عوف كثير من الخبرات وحقق شهرة في مجاله بادر في نهاية فترة السبعينات (1979) بتأسيس فرقة “الفور إم” مع شقيقاته الأربعة منى، مها، منال، وميرفت، والتي اعتمد فيها على العنصر النسائي متبعا مثال فرقة “البوني إم” المشهورة في ذلك الوقت. وقد ذاع صيت فرقة “الفور إم” بحضور أعضائها المحبب وبألحانها المبهجة، والتي من أشهرها: الليلة الكبيرة، دبدوبة التيخينة، مغنواتي، لا عاجبك كده ولا كده، جنون الديسكو وغيرها الكثير، ولكن  انتهى الأمر بحل هذه الفرقة بعد زواج إحدى شقيقاته ببداية تسعينيات القرن العشرين.
وجدير بالذكر أن الفنان عزت أبو عوف خلال مسيرته الفنية شارك في التلحين ووضع الموسيقي التصويرية لعدد من الأعمال الفنية. وقد بدأها أيضا من خلال المسرح، حيث قام بتأليف الموسيقى الدرامية ووضع الألحان لبعض الأعمال المسرحية ومن بينها: الدخول بالملابس الرسمية عام 1978، عشرة على باب الوزير عام 1984، أربعة غجر والخامس جدع عام 1990. وبنجاحه في مجال المسرح انطلق بعد ذلك إلى مجال السينما فقام بوضع الرؤية الموسيقية لعدة أفلام ومن بينها: المجنونة عام 1985 (الموسيقى)، نشاطركم الأفراح عام 1988 (الألحان والموسيقى التصويرية)، في الصيف الحب جنون عام 1995 (الألحان والموسيقى التصويرية)، القفل (الألحان والموسيقى التصويرية)، حسن اللول عام 1997 (أغنية حسن اللول)، وكذلك تتضمن قائمة أعماله الموسيقية أيضا مشاركته بالمسلسل الكوميدي: حكاية ميزو عام 1977 (الموسيقى التصويرية).
وبالإضافة إلى جميع الأعمال السابقة كان للفنان عزت أبو عوف عدة تجارب في تقديم البرامج التليفزيونية، سواء تلك البرامج الحوارية مع الفنانين، أو برنامج المسابقات “هرم الأحلام” عام 2001، أو بمشاركته ا?علامي عمرو أديب لفترة في تقديم برنامج “القاهرة اليوم” .كما يضاف إلى رصيده رئاسته المتميزة لمهرجان “القاهرة السينمائي الدولي”، والذي نجح في أن يعيد إليه بريقه وأن يجتذب لحضوره  النجوم العالميين والعرب من مختلف الأجيال.
هذا ويذكر كل من اقترب من عالم هذا الفنان القدير أنه في تعاملاته الشخصية كان يجمع بين الأسلوب والبروتوكول الأوروبي الراقي وبين الشهامة والجدعنة والتقاليد المصرية الأصيلة ببساطتها، ولذا فقد نشأت وتوطدت علاقات صداقة قوية بينه وبين عدد كبير من زملائه بالوسط الفني، خاصة وقد تميز سلوكياته بالوفاء والإخلاص للجميع. كما يذكر أن الفنان عزت أبو عوف قد تزوج مرتين المرة الاولى من الراحلة فاطيما والتى تعرف عليها وعمرها خمسة عشر عاما والتي توفيت عام 2012، والمرة الثانية عام 2015 من مديرة أعماله أميرة. وقد وهبه الله من زوجته الأولى ابنة هي المخرجة السينمائية الشابة مريم أبو عوف، وابن يدعى كمال، وهو والد الطفلة صبا، التي افتقدها الفنان عزت بعدما سافرت مع والدتها الأجنبية للخارج بعد انفصالها عن ابنه.
رحم الله الفنان الأصيل دمث الخلق عزت أبو عوف - صاحب القلب الأبيض والإبتسامة الصافية - وغفر له وأدخله فسيح جناته جزاء ما أخلص في عمله وحرص على إسعاد كل من حوله بعطائه المستمر، وسعيه الدائم من أجل رفعة الفن المصري والعربي.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏