وداعا محمد أبو الوفا ..الفنان القدير ابن الفيوم

وداعا محمد أبو الوفا ..الفنان القدير ابن الفيوم

العدد 619 صدر بتاريخ 8يوليو2019

رحل عن عالمنا صباح السبت 29 من يونيو الماضي،  الفنان محمد أبو الوفا، عن عمر يناهز 61 عاماً، وكان قد تعرض لأزمة مرضية رقد علي إثرها بمستشفي التأمين الصحي بالفيوم منذ عدة شهور.
محمد عبد الحليم أبو الوفا، ولد عام 1958  بمحافظة الفيوم،  عشق الفن منذ طفولته وحلم كثيراً بالالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية ولكن والده قابل رغبته بالرفض، ليختار مهنة التدريس (الخط العربي) بالأزهر، ورغم ذلك التحق بفرق شباب الجامعة، كما مارس التمثيل من خلال فرق الهواة والثقافة الجماهيرية بالفيوم، كان شغوفا بالقراءة عن التمثيل والسعي لتطوير ذاته ودراسة كيفية تقديم الشخصيات المختلفة ورسم أبعادها، قدم العديد من المسرحيات باللغة العربية الفصحى، كما وقف علي معظم مسارح الثقافة الجماهيرية ، كانت الفرصة الأولي له في السينما من خلال فيلم “حليم” بطولة أحمد ذكي وإخراج شريف عرفة، حيث جسد دور الشاعر عبد الرحمن الأبنودي بعدما أرسل صورته للمخرج شريف عرفه ، الذي أختاره للتشابه الكبير بينه وبين الراحل عبد الرحمن الأبنودي، كما شاهده فيما بعد الفنان يحيي الفخراني علي أحد مسارح الثقافة الجماهيرية وأعجب به وتعاونا معاً في مسلسلات “المرسي والبحار”، “شرف فتح الباب” و “الخواجة عبد القادر”، كما عمل مع الفنان عادل إمام في مسلسلات (فرقة ناجي عطا الله) و (العراف) و (أستاذ ورئيس قسم). حقق نجاحاً كبيراً في عدد من المسلسلات في الفترة الأخيرة منها (يونس ولد فضة)، (شهادة ميلاد)، (ابن حلال)، (القيصر)، (الميزان)، (الشارع اللي ورانا) و أخيراً مسلسل (أفراح إبليس الجزء الثاني). وكان يستعد لتقديم مسرحية (حبس الوحش) تأليف وإخراج محمود عبد المعطى. تميز محمد أبو الوفا، بأداء تمثيلي رائع ، ودفء إنساني ملحوظ.
أقام قصر ثقافة الفيوم سرادق عزاء للفنان الراحل بتوجيه من الدكتور أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وبحضور سماح كامل مدير عام فرع ثقافة الفيوم، ولفيف من القيادات الشعبية وفناني الفيوم والجمهور وبعض الشخصيات العامة بالمحافظة، كما حضر من الفنانين، أحمد السقا، الدكتور أشرف ذكي نقيب الممثلين ورئيس أكاديمية الفنون، والفنان منير مكرم، الفنان إحسان العربي، والفنان علاء قوقة.
كما أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة بياناً تنعي فيه الفنان، وجاء نص البيان كالتالي :
تنعى الهيئة العامة لقصور الثقافة قيادة وعاملين الفنان محمد أبو الوفا الذي وافته المنية صباح اليوم بمسقط رأسه بمحافظة الفيوم بعد صراع مع المرض، والهيئة قيادة وعاملين يتقدمون لأسرة الفنان الراحل بخالص العزاء، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده برحمته وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان. جدير بالذكر أن الفنان محمد أبو الوفا هو أبن محافظة الفيوم، كانت بدايته من خلال العروض المسرحية بقصور الثقافة.
وعما يمثله الفنان محمد أبو الوفا للمسرحيين بالثقافة الجماهيرية بشكل خاص وبفناني السينما والدراما بشكل عام، تحدث بعضهم وغرد البعض الأخر علي مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر، وقد نعاه الفنان صلاح عبد الله : واصفاً إياه بالأستاذ، متذكراً الجلسة الوحيدة التي جمعت بينهما، أثناء برو?ات مسلسل (عائلة الحاج نعمان)، وقد قال له الفنان أبو الوفا (يا أستاذ) فرد عليه الفنان صلاح عبد الله قائلاً (ماتقوليش يا أستاذ، أنت اللي أستاذ..  ثم استكمل عبد الله الحديث بصوت أعلي أمام الجميع قائلاً: يا جماعه أنا لي الشرف دلوقتي أني همثل قصاد الأستاذ محمد أبو الوفا) ووصفه صلاح عبد الله  بإنه ممثل مبدع، كان لابد أن يكون في مكانه أكبر بكثير من حيث الشهرة والأجر، مشيرا إلى أن  الفنان أبو الوفا كان رجلاً بسيطاً وصاحب ابتسامه رائعة ليس لها مثيل، وأكد إنه لا يقول ذلك في حق الفنان أبو الوفا، تواضعاً منه، إنما هو إقرار صادق بالواقع والحقيقة.و ختم الفنان صلاح عبد الله نعيه بالقول إن الفنان محمد أبو الوفا ممثل عبقري ظهر متأخراً ورحل مبكراً سريعاً، ودعا له بالرحمة والمغفرة.
أما الفنان والمخرج الفيومي عزت زين فنعاه قائلا: 45 سنه عمر معرفتي و صداقتي للفنان محمد أبو الوفا،  التقينا في المدرسة الثانوية، شاب أسمر طويل يتفرد بملامح مصرية و بصوت مميز عميق و صادق، مخارج سليمة و إجادة تامة للغة العربية مثل معظم من حفظ القرآن صغيراً.
واستكمل حديثه عن حياة الفنان محمد أبو الوفا:  (كان التحاقنا معا بفرقة شباب الجامعات المسرحية و مثلنا معا: “ولا العفاريت الزرق “، “ الناس اللي في السما التامنة “  وكشف ذلك عن ممثل كوميدي كبير،  غير أنه سافر للخارج  وعاد واستقر بالقاهرة ثم الفيوم حيث انضم لفرق قصور الثقافة و قام بأدوار البطولة في”  هبط الملاك في بابل”  و” مات الملك”  و” الزير سالم”  و “علي عليوه “  و “ الهلالية “) أضاف: قادته الصدفة إلي فيلم “ حليم “ ليلعب دور الأبنودي  أمام الراحل أحمد زكي ثم أمام الفخراني في “ المرسي و البحار “ ثم فيلم الجزيرة مرورا بعلامات كبيرة مع عادل إمام في “ العراف “  ثم نجوم الصف الأول في أعمال متتالية و هامة .
كما يري الفنان عزت زين إن : الكوميديان الذي بداخله لم يكتشف رغم عشرات الأدوار التي لعبها وأجادها. وأكد أيضاً إن الفنان  محمد أبو الوفا ظل  يتردد علي الفيوم، يجلس علي نفس المقهى مع نفس الأصدقاء.. لا يغير عنوانه، لا يرد أي شخص يقترب منه يريد أن يصافحه أو يلتقط صوره معه،  ختم زين نعيه بقوله : إنه بموت الفنان محمد أبو الوفا تفقد الفيوم واحدا من أبرز رموزها الفنية، استطاع في زمن قصير  أن يترك إنجازا فنيا و أداء تمثيليا رائعا و بساطة إنسانية مدهشة .
فيما قال الفنان محمد طرفاية : إن الفنان محمد أبو الوفا، كان يتمتع بطيبة القلب وكان إنساناً مُبتسماً علي الدوام، كما أوضح إن أبو الوفا من جيل الوسط الذي ألتحق بالفرقة القومية بالفيوم وشارك في العديد من الأعمال منها :هلوسة، على االزيبق، مات الملك، هبط الملاك في بابل، ارض لا تنبت الزهور، الدخان،  مأساة بابل ) وغيرها من المسرحيات. وأشار إلى أن آخر لقاء جمعه بالفنان الراحل كان في فبراير الماضي في حفل عيد ميلاد الفنانة چيهان عبد المعطي، موضحا أن الفنان كان فكهاً وضاحكاً علي الدوام.
وقال الكاتب عويس معوض الخطيب :بداية معرفتي بمحمد أبو الوفا، كانت منذ زمن طويل، وهو صديق عمر وأخ غالي، مررنا بالعديد من الذكريات في شبابنا والكثير من المواقف المحفورة في قلبي وقلوب جميع أصدقائنا في تلك الفترة، كان يبتسم دائماً، كان الإنسان الصادق الدافئ، حلو الجلسة وحسن الحديث والمشاعر، أذكر إنه لم يكن يتخلي عن ابتسامته برغم مروره بأحلك الظروف في بداية حياته، كان لا يشكو ولا يتذمر، يبتسم وفقط، بدأ حياته معلماً للخط العربي و افتتح محل خطاط صغير في حينا، كان يحتهد ويسعي ويطور ذاته علي خشبة المسرح، لم يعتبر نفسه نجماً ذات يوماً برغم استحقاقه لأكثر من ذلك اللقب، كان يعتبر نفسه مجرد “ممثل شاطر” عمري ما شعرت أنه يطمع في أدوار بطولة علي المسرح ولكن كان يمثل ما يسند إليه من أدوار بسعادة و اجتهاد مهما كان الدور صغيراً أو كبيراً، لم يتعامل مع أي شخص بغرور أو تعالي بل كان صديقاً للكل، محباً للكل حتي أخر لحظات حياته، كان البهجة والفرح.
كان متواضعاً كثيراً، أذكر إنه يوم حفل زفاف ابنتي حضر وجاء لتهنئتي ومشاركتي فرحتي، والتف حوله الناس كي يلتقطوا معه الصور، كان يستقبلهم بالحب ويبتسم لهم ومعهم ويقف كأنه ليس نجماً بل مواطن بسيط، كان يضحك دائماً علي كلماتي حين أداعبه وأقول له (أنت نجم يا محمد) وكأنه يقول لي أنا أبسط من ذلك بكثير، كان يعامل الجميع صغاراً وكباراً بوصفهم  هم  النجوم،  كان يجلس ببساطه علي قهوة (القللي) المجاورة لقصر الثقافة، وكان دائم الجلوس في قصر الثقافة ببساطة شديدة جداً، كان يعشق الفيوم ودائماً يمرر ذلك، وكان يحلم أن يجمع كل شباب الفيوم المبدعين في عمل ومشروع فني ضخم،  ذكريات كثيرة ومواقف أكثر، ولكن قدر الله أن يختاره في دار أفضل، لروحك السلام والرحمة والمغفرة يا صديق العمر.
نعته أيضاً الفنانة رانيا شعبان مؤكدة إن الفنان محمد أبو الوفا كان (عشرة عمر) منذ عام 2001،
كما أوضحت  إنها شاركته بطولة مسرحية (متحبوكهاش) وكان من أفضل الأدوار والكواليس، وأيضاً عرض (دم السواقي) وأشارت إلى أن الفنان محمد أبو الوفا كان دائماً ما يرشحها لأعمال فنيه كثيرة بالقاهرة، و إنه لم يكن يبخل عليها أبداً بالترشيح والدعم وكان دائماً ما يمدها بالطاقة الإيجابية وكان يقول لها (بكره هتبقي حاجة كبيرة وهتشوفي).
كما نعاه الفنان عباس أبو الحسن،  قائلاً: رحل الممثل الرائع، الأسد الذي يحكم مملكة.. ووصفه بإنه صاحب مسيرة قوية ومؤثرة ، منذ بداياته في فيلم إبراهيم الأبيض و حتي أخر أعماله
وختم نعيه بالدعاء له بالرحمه والمغفرة.
فيما كتب أحمد صلاح السعدني : المصائب لا تأتي فرادي، الأستاذ محمد النجار والأستاذ محمد أبو الوفا، ألف رحمة ونور.
ونعته الكاتبة إنچي علاء قائلة : كان أطيب الأشخاص الذين تعاملت معهم، وختمت نعيها داعية له بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه الله فسيح جناته.
كما نعاه الفنان محمود البزاوي : مستعيدا بعض كلماته في دور الريس جمعة: “كل الناس بتقول كلام زين وهي علي دماغها السلاح” ، واصفاً إياه  بالفنان الجميل والعظيم ، داعياً (ألف رحمة ونور عليك، ماشبعناش من موهبتك يا أستاذ.)
وقال الفنان محمد عادل إمام : كان شخص جميل وفنان قوي، أسكنه الله فسيح جناته.
فيما قال أحمد السقا: رحمة الله عليك يا أجمل وأطيب الناس، الريس جمعة، التمثيل قدامك متعه، ربنا يغفر ذنوبك ويرحمك، هتوحشنا.
وكتب الفنان خالد الصاوي: البقاء لله في وفاة الفنان محمد أبو الوفا، صاحب الأداء المتميز والموهبة الكبيرة، حتي صار صاحب بصمه خاصة وإضافة في كل عمل اشترك فيه، نسألكم الدعاء والفاتحة.
هكذا جاءت كلماتهم في وداع الريس جمعه، الإنسان الذي عاش ينثر الورود والسلام علي كل من حوله، ورحل في سلام وبسلام أيضاً.
 

 


ماريان سامى