«برنس» يخلد نفسه فى طوكيو وينقل تجاربه للآخرين

«برنس» يخلد نفسه فى طوكيو  وينقل تجاربه للآخرين

العدد 523 صدر بتاريخ 4سبتمبر2017

يحفل عالم المسرح فى الولايات المتحدة سواء فى برودواى أو خارجها بالعديد من المواهب والأسماء المتميزة سواء فى الإخراج أو التمثيل أو الانتاج أو الموسيقى التصويرية أو غيرها.لكن يظل من أغرب هذه الشخصيات وأكثرها إثارة المخرج والمنتج المسرحى هارولد برنس الذى يكمل قريبا عامه التسعين.. وليس مصدر الغرابة والإثارة هنا أنه لا يزال يعمل بكل حيوية ونشاط حتى هذه السن ويصر على أن يعمل بنشاط حتى اليوم الأخير فى حياته.. ويحلو له كثيرا أن يمزح قائلا: لقد تعبت وأريد التقاعد والخلود إلى حياة الراحة لكنهم يريدوننى أن أعمل حتى الموت.. وعندما يسألونه من هؤلاء؟ يبتسم قائلا: لا أعرف.

وليس السبب فقط أنه صاحب رقم قياسى فى عدد جوائز تونى المسرحية الأمريكية المرموقة منذ بدء حياته المسرحية قبل 62 عاما فى عام 1955.  حصل هارولد برنس على 21 جائزة، منها 8 عن الإخراج و8 عن إنتاج مسرحيات عادية و2 عن إنتاج مسرحيات موسيقية و3 جوائز خاصة عن مجمل إبداعاته فى الحياة المسرحية.

فى اليابان أولا
السبب هو أنه المخرج الوحيد فى برودواى – وربما على مستوى العالم الذى يخلد نفسه فى مسرحية موسيقية. وهذه المسرحية التى أطلق عليها اسم “أمير برودواى” لم يكن عرضها الأول فى الولايات المتحدة لأسباب مادية بعد الانتهاء من إعدادها لأسباب مادية فى عام 2012. ورغم ذلك لم يشعر برنس باليأس وظل يبحث عن منتج يتحمل نفقات العرض.. وأخيرا وجد المكان والمنتج بعد ثلاث سنوات ولكن فى اليابان حيث عرضت المسرحية فى العاصمة طوكيو وفى أوزاكا العاصمة الثقافية لليابان.. وأخيرا وبعد خمس سنوات يرفع الستار عن المسرحية على أحد مسارح برودواى.
وفى حديث لصحيفة نيويورك تايمز بهذه المناسبة قال برنس أنه عشق المسرح منذ نعومة أظافره عندما اصطحبه أبوه وهو فى الثامنة من عمره لمشاهدة مسرحية “قيصر” لاورسون ويلز (1915 -1985).. وكانت المسرحية معالجة عصرية تهاجم الفاشية لمسرحية وليم شكسبير الشهيرة يوليوس قيصر.. وفى هذه المسرحية قام أورسون ويلز –وكان أيضا ممثلا ومخرجا– بدور بروتس الذى قتل الحاكم الطاغية.
البداية
ومن حسن حظه أن والديه كانا من عشاق المسرح.. وعندما لمسا حب  ابنهما للمسرح كانا يصطحبانه كل سبت تقريبا إلى مسرحية مختلفة فى برودواى أو غيرها.. وفى سن 12 عاما كانا يسمحان له بالذهاب إلى المسرح بمفرده.. وبعدها بنى لنفسه مسرحا صغيرا فى بيته وبدأ يخرج مسرحيات يقوم ببطولتها أشخاص مصغرين يقوم بصنعهما من علب الصفيح.. ويعتز بأنه بدأ حياته المسرحية العملية بعد إتمام دراسته فى جامعة بنسلفانيا مع عملاق المسرح الأمريكى جورج ابوت (1887 – 1995) واستفاد كثيرا من خبراته فى إخراج أول مسرحية له عام 1955 وهى لعبة البيجاما وحصل عنها على جائزة تونى.
وكانت المسرحية تدور حول قصة حب بين عامل وعاملة فى مصنع للملابس الجاهزة.. وكانا يعانيان الآجر المنخفض الذى يحصلان عليه من صاحب المصنع رغم ما يحققه من أرباح فوجدا نفسيهما يكافحان من أجل الحب وضد الظلم.
ويقول إنه عندما بدأ العمل فى المسرح كان المسرح الأمريكى يعبر عن المجتمع الأمريكى بشكل أفضل مما يحدث حاليا وهى مشكلة يؤرقه البحث عن حل لها.
ويقول إن البعض يتهمه بالغرور عندما يحاول إنتاج وإخراج مسرحية عن نفسه.. لكنه فى حقيقة الأمر يحاول عن طريق المسرحية نقل خبرات 62 عاما  إلى الآخرين بشكل مبسط.. وهو لم يختر ممثلين من المشاهير للمشاركة فى المسرحية حتى يركز المشاهد فى المضمون.
انتهت  الأزمة
انتهت فى الولايات المتحدة واحدة من أغرب الأزمات التى يشهدها شارع المسرح الأمريكى.. دارت الأزمة بين فرقة “إيشو” المسرحية  أو الصدى فى لوس أنجلس وبين الكاتب المسرحى تومى سميث.. كان موضوع الأزمة هو مسرحية “أضواء الأشباح” Ghost Light التى تقدمها الفرقة منذ عدة أسابيع.
فوجئ الجميع بتصريحات غريبة تصدر عن تومى يدعو فيها الجماهير إلى مقاطعة عرض مسرحيته.. وبرر الكاتب النداء بأن الفرقة  أقدمت على عرض المسرحية دون الحصول على موافقة كتابية منه.. وجاء فى هذه التصريحات أن المسرحية –وهى مسرحية قصيرة تدور أحداثها فى 30 دقيقة فقط – قدمتها الفرقة بموافقته عدة مرات فى إطار ورشة للتدريب المسرحى.. لكنه فوجئ بالفرقة التى تولى اهتماما كبيرا بالمسرحيات القصيرة تقدم بعد ذلك المسرحية فى عروضها الجماهيرية العادية دون أى إذن كتابى أو شفوى منه مع مسرحية أخرى طويلة على مسرحها المعروف باسم آت ووتر فيليدج فى لوس أنجلس.. واتهم الفرقة بأنها استغلت  أنه يقيم فى نيويورك وربما لن يلاحظ المخالفة التى اقدمت عليها.. وأضاف أنه تقاضى أجرا  عن عرض مسرحيته فى الورشة التدريبية.. وتفاوضت الفرقة معه بعد ذلك على العرض العام للمسرحية ولم يتم الاتفاق فاعتبر الأمر قد انتهى، حتى فوجئ بما حدث. ووجه اتهامات صريحة بأنه يشعر بأن مسرحيته سرقت منه.
تراجع
 وبعد أيام فوجئ الجميع أيضا بالكاتب المسرحى يدلى بتصريحات علنية ويصدر بيانا  يتراجع فيه عن اتهاماته ويوافق على عرض المسرحية.. وفى الوقت نفسه أصدرت الفرقة المسرحية بيانا قالت فيه إن تومى سميث أطلق ضدها ادعاءات زائفة ثبت عدم صحتها.. وقال المدير الفنى للفرقة إنه تم بالفعل إبرام عقد مع تومى سميث لتقديم 12 عرضا للمسرحية قابلة للزيادة  وتقاضى أجره عنها.. وهى ليست المرة الأولى التى تتعامل فيها الفرقة مع هذا الكاتب حيث قدمت له عددا من مسرحياته، أشهرها “تكييف الهواء “.. وتم تقديم خمسة عروض منها فقط حتى الآن حيث إنها لا تقدم كل يوم.. وقد أوقفت الفرقة عرضها بعد.. ولم يرد فى البيان أى شيء عن اعتزام الفرقة اتخاذ أى إجراء قانونى ضده رغم أن ما فعله تنطبق عليه قوانين القذف والتشهير فى كاليفورنيا، فيما يبدو  أنه اكتفاء منها بما قدمه من اعتذار وتراجعه عن تصريحاته السابقة .
من هو
وتومى سميث أديب فى الخمسين من عمره اقتحم عالم المسرح من باب التمثيل مع عدد من الفرق المسرحية.. وبعدها  ترك التمثيل وتفرغ للتأليف سواء التأليف المسرحى العادى أو إعداد معالجات مسرحية عن الأعمال الأدبية والسينيمائية.. وكان أحيانا ما يعود للتمثيل فى بعض مسرحياته أو مسرحيات للآخرين فى أدوار صغيرة بدون مقابل.. وكان يخرج بعض أعماله أحيانا.
 وكانت له بعض التجارب المبتكرة.. وكان يكون بعض الثنائيات لبعض الوقت مع عدد من المخرجين.. وفاز بعدة جوائز عن بعض  أعماله، مثل الكوميديا السوداء “الأبيض الساخن “.
وكان سميث من معارضى الاحتلال الأمريكى للعراق.. وكتب مسرحية بعنوان “بى تى إس دى” قدمت على أحد مسارح سياتل بالتعاون مع عدد من النشطاء المعارضين للاحتلال.. ولمسرحياته جانب تهذيبى يعبر عن الأسف لطغيان المادة على القيم الروحية فى الحياة الامريكية المعاصرة.
أما فرقة إيشو المسرحية أو الصدى فهى فرقة تأسست منذ أكثر من 40 عاما  كفرقة تركز على المسرحيات المليئة بالحركة، والتى تعتمد على المؤثرات البصرية والصوتية.. وهناك أكثر من فرقة مسرحية تحمل ذات الاسم فى أكثر من ولاية (مثل تكساس وأوريجون) لكنها لا ترتبط ببعضها البعض.
أما مسرحية أضواء الأشباح فهى مسرحية تنتمى إلى نوع الكوميديا السوداء وتدور حول فتاة تواجه سحابة غامضة وترى أنها يمكن أن تكون سجنا لها.

 


ترجمة هشام عبد الرءوف