زينات صدقي كتاكيتو بني

زينات صدقي كتاكيتو بني

العدد 605 صدر بتاريخ 1أبريل2019

الفنانة المصرية القديرة/ زينات صدقي من الفنانات اللاتي اشتهرهن بطريقة آدائهن المتميزة، ولذلك فبمجرد ذكر اسمها أو ظهورها بإحدى الأدوار على الشاشة أو حتى رؤية صورتها سيتذكرها الجميع، كما سيتذكرون على الفور أدوارها المتميزة وآدائها الكاريكاتيري الفكاهي والمبالغ فيه لبعض الشخصيات والأنماط الشعبية، ونجاحها في توظيف ملامح وجهها المصرية الأصيلة والتي تتسم بضخامة تقاطيعها بصورة قد توحي بالقسوة والعدوانية. وكذلك سيتذكرون بعض عباراتها الساخرة وضحكاتها الساخرة المميزة ولعل من أهمها: إيه فايدة الحلاوة من غير ما حد يحلى بيها ؟!، دا حتى مش كويس على عقلى الباطن يا خواتى، عوض علي عوض الصابرين يارب، بتبصلى كده ليه والمكر جوا عينيك ؟، الوحش الكاسر الأسد الغادر إنسان الغاب طويل الناب، يا سارق قلوب العذارى، يا ختي جماله حلو، كتاكيتو بني، أنا الآنسة حنفى يا مهدى إلى الحديقة يا وارد أفريكا؟!.
وبرغم تميز الفنانة زينات صدقي في تجسيد جميع أدوارها إلا أنها قد تألقت جدا في تجسيد عدة أنماط كوميدية بصورة محببة ومن بينها شخصيات: المرأة العانس، الخاطبة الثرثارة، المرضعة، الشغالة سليطة اللسان، زوجة الأب القاسية والحماة المتسلطة ذات الشخصية القوية.
والحقيقة أن تلك الشخصيات بصورتها التقليدية بالأعمال الدرامية المصرية تعد من الأدوار التي تمتد جذورها إلى الكوميديا الشعبية، حيث تعتمد في كثير من الأحيان على فواصل (نمر) من الردح والمعايرة - والتي قد تستخدم خلالها بعض الألفاظ النابية والجارحة أيضا - وذلك بهدف إثارة الضحك من خلال المفارقات وإظهار مدى رضوخ الطرف المقابل لها لاتقاء قسوتها وشرها وخوفا من تهورها، ولذا فإن الباحث المسرحي يستطيع أن يرصد بسهولة ويسر أصداء لهذه الشخصية منذ البدايات الأولى للمسرح وبالتحديد بأعمال “يعقوب صنوع” ومن بعده مختلف أعمال رواد الكوميديا المصرية (أمين صدقي وعلي الكسار ونجيب الريحاني وبديع خيري وأبو السعود الإبياري). وجدير بالذكر أن سجل الدراما المصرية يحفل بعدد كبير من الفنانات اللاتي تميزن في أداء تلك الأدوار الشعبية من خلال الأعمال الكوميدية ومن بينهن الفنانات: زكية إبراهيم، ماري منيب، عقيلة راتب، وداد حمدي، إحسان شريف، جمالات زايد، ملك الجمل، سامية رشدي، نعيمة الصغير، وإلى تلك المجموعة المتميزة تنتمي الفنانة خفيفة الظل زينات صدقي بخفة ظلها وصوتها المميز وتعبيراتها اللاذعة.
وهي من مواليد حي الجمرك بمحافظة “الإسكندرية” في 4 مايو عام 1912، واسمها الحقيقي زينب محمد مسعد صدقي. وتنتمي أسرتها إلى أصول مغربية، وكان والدها شيخا من كبار تجار الإسكندرية، وتزوج والدتها وكانت أرملة معها بنتين (دولت وسنية)، وأنجب منها أيضا بنتين (زينب وفاطمة). وقد درست زينب (زينات) الدراسة الإلزامية ثم الإبتداية. وقد توفي والدها وهي في عمر الثالثة عشر، فارتبطت خلال تلك الفترة جدا بوالدتها (والتي ظلت تعيش معها طوال حياتها)، خاصة بعدما وضع عمها يده على تجارة والدها نظير إعطائهم مبلغا شهريا.
وتذكر بعض المراجع إلى حرصها على صقل موهبتها بالدراسة فى “معهد أنصار التمثيل والخيالة” الذي أسسه الفنان زكى طليمات فى الأسكندرية، ولكن أهلها - وفي مقدمتهم والدتها - منعوها من إستكمال دراستها لتزويجها من ابن عمها الطبيب، فتزوجت وهي في سن الخامسة عشر، وكان زوجها يكبرها آنذاك بـسبعة عشر عاما، ويعاملها معاملة سيئة بل ويضربها أيضا فلم يستمر زواجهما سوى إحدى عشر شهرا، ووقع الطلاق بينهما (دون أن ينجبا). وبعد ذلك تزوجت مرتين، حيث كان ثاني أزواجها هو الملحن الشهير إبراهيم فوزي، وبالرغم من انتمائه للوسط الفني إلا أن زواجهما لم يكلل بالنجاح وانفصلا بعد فترة قصيرة، ثم تزوجت بعد ذلك في خمسينيات القرن الماضي من أحد الضباط الأحرار (أحد رجال ثورة يوليو 1952)، وهو الزواج الذي استمر أربعة عشر عاما بالرغم من عدم رضاء أسرته على هذا الزواج، ولكنه انتهى أيضا بالإنفصال بعدما حاول زوجها إجبارها على إعتزال الفن وطلب منها إيداع والدتها إحدى دور المسنين.
عملت الفنانة زينات صدقي في بداية حياتها كمونولوجست وراقصة، لكن أسرتها اعترضت على عملها في الفن، فهربت منهم إلى الشام وتحديدا إلى “لبنان” مع صديقتها خيرية صدقي، والتي حملت لقب عائلتها فأصبح أسمها زينب صدقي، حتى التقت بالفنان نجيب الريحاني الذي مد لها يد العون وضمها إلى فرقته (ككمبارس وأدوار ثانوية) وأطلق عليها اسم “زينات” حتى يمنع التطابق بين اسمها واسم الفنانة القديرة زينب صدقي (عضو فرقة رمسيس). وبعد عودتها من الشام قررت وبناء على نصيحة الفنان سليمان نجيب أن تركز جهودها في مجال التمثيل فانضمت إلى فريق “جمعية أنصار التمثيل والسينما” (التي تأسست عام 1913)، والتي من خلالها اكتسبت بعض المهارات والخبرات المسرحية.
اشتهرت الفنانة زينات في السينما والمسرح بأداء دور العانس، ونجحت في تكوين ثنائي فني مع بعض الفنانين من أشهرهم: عبد الفتاح القصري، عبد السلام النابلسي، كما شاركت الفنان إسماعيل يس في عدد كبير من الأفلام السينمائية، وعملت معه أيضا ضمن فرقته المسرحية لعدة سنوات.
بدأت مشوارها السينمائى عام 1937 فى فيلم “وراء الستار” إخراج كمال سليم وبطولة رجاء عبده، عبد الغني ، تحية كاريوكا وعبد السلام النابلسي، لتتوالى نجاحاتها وشهرتها، وقد وصلت إلى أوج تألقها الفنى خلال فترة الخمسينيات، ومن أشهر أفلامها: تمر حنة، إسماعيل يس في الأسطول، ابن حميدو، العتبة الخضرا، دهب، شارع الحب، معبودة الجماهير، حلاق السيدات.
في أواخر حياتها قل نشاطها السينمائي وعانت فترة طويلة من الجحود والنسيان وانخفاض الموارد المالية حتى حصلت على شهادة تكريم ومعاش استثنائي من الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1976. ورحلت عن عالمنا في 2 مارس عام 1978.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة مشاركاتها الفنية طبقا لاختلاف القنوات الفنية مع مراعاة التتابع الزمني كما يلي:
أولا: أهم مشاركاتها المسرحية:
شاركت الفنانة زينات صدقي بأداء أدوار البطولة الثانوية بعدد كبير من المسرحيات المتميزة بكبرى الفرق المسرحية ومن أشهرها فرق: “بديعة مصابني”، “الريحاني”، “إسماعيل يس”، “ساعة لقلبك”، حيث استمرت بالعمل بكل فرقة عدة سنوات حتى أصبحت أحدى دعائمها الأساسية، ثم انتقلت بعد ذلك للعمل بفرقة “إسماعيل يس”، وذلك قبل أن تعمل ببعض الفرق التجارية الأخرى، والمتتبع لمسارها المسرحي يمكنه رصد حظها الكبير بالتعامل مع كبار المؤلفين وبالتحديد مع كل من المبدعين بديع خيري بفرقة “الريحاني” وأبو السعود الإبياري بفرقتي: “بديعة مصابني” و”إسماعيل يس”.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة مشاركاتها المسرحية طبقا للتسلسل التاريخى واختلاف الفرق المسرحية كما يلي:
- فرقة “فاطمة رشدي”: المتمردة (1927).
- فرقة “بديعة مصابني”: السكرتير الخاص، النجمة السينمائية، باريس في مصر، بقال وعيادة، بيت مجانين، تسعة وتسعين مقلب، جنون بالنيابة، جواز بالجملة، حلاوة السلامة، خدامة البيه، خناقة بالتلغراف، عريس بروشتة، عش غرام، على قد لحافك، فلوس بتجري، ما تخافش من الستات، نبيه جدا (1939)، الأول والثاني، الشاطر إللي يضحك في الآخر، الفرسان الأربعة، الصيت ولا الغنى، إللي ما يرضى بالخوخ، بطيخة حاتتجوز، بنطلون رومية، جنان أصلي، خط النار، سكان محترمين، شباك الهوى، كباريه جهنم والسيرك العالمي، ليلة في الكرار (1940)، جواز باليومية، حاجات تجنن، درس في التاريخ، لازم تضحك (1941)، ليلة الدخلة (1942)، الهوانم ضد الرجالة (1943).
- “الريحاني”: حسن ومرقص وكوهين (1943)، إلا خمسة، سلاح اليوم (1945)، الدنيا ماشية كده (1948)، أحب حماتي، ثلاثين يوم في السجن (1949)، احترس من الستات، الستات لبعضهم، أشوف أمورك أستعجب، أنت وهو، من أين لك هذا؟ (1950)، ابن مين بسلامته؟، تعيش وتاخد غيرها (1952)، الحكم بعد المداولة، لزقة إنجليزي، وراك والزمن طويل (1953)، الدلوعة، الرجالة ما يعرفوش يكدبوا، حسن ومرقص وكوهين، حكاية كل يوم، قسمتي، لو كنت حليوة، ما حدش واخد منها حاجة، يا سلام على كده (1954).
- “إسماعيل يس”: حبيبي كوكو، الست عايزة كده،عريس تحت التمرين (1954)، صاحبة الجلالة، جوزي بيختشي، صاحبة الجلالة، من كل بيت حكاية  (1955)، ركن المرأة، خميس الحادي عشر، أنا عايزة مليونير، روحي فيك، سهرة في الكراكون، عفريت خطيبي، مراتي في بورسعيد (1956)، الكورة مع بلبل، عمارة بندق، كل الرجالة كده (1957)، جوزي كداب، حرامي لأول مرة، ضميري واخد أجازة، عايزة أحب، مراتي قمر صناعي (1958)، حب وجواز وفلوس، ليلة الدخلة، يا الدفع يا الحبس (1959)، حماتي في التليفزيون، سنة تانية جواز، عقول الستات، عمتي فتافيت السكر، منافق للإيجار  (1960)، كناس في جاردن سيتي، ثلاث فرخات وديك، هل تحبين شلبي ؟،يا قاتل يا مقتول (1962)، الحب لما يفرقع، علشان خاطر الستات (1963)، زوج سعيد جدا (1964)، أنا وأخويا وأخويا (1965)، أنا حظي بمب، سفير هاكا باكا (1966)
- فرقة “ساعة لقلبك”: دكتور المطبخ (1957)، أنا مين فيهم (1958)، دور على غيرها، مراتي صناعة مصرية (1959)، الستات ملايكة، طلعالي في البخت (1960)، يا مدام لازم تحبيني (1961).
- “حسن أبو داود” (المسرح الكوميدي): حركة واحدة أضيعك (1966).
وجدير بالذكر أنها ومن خلال مجموعة المسرحيات التي شاركت في بطولتها قد تعاونت مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: عزيز عيد، بشارة واكيم، نجيب الريحاني، سراج منير، السيد بدير، نور الدمرداش، إستيفان روستي، محمد توفيق، عبد المنعم مدبولي، أحمد حلمي، فؤاد المهندس.
ثانيا الأفلام السينمائية:
شاركت الفنانة زينات صدقي في تجسيد كثير من الأدوار الثانوية في عدد كبير من الأفلام السينمائية، ولم تحظ للأسف بفرصة البطولة المطلقة إلا من خلال فيلم واحد وهو “حلاق السيدات”، ولكنها مع ذلك استطاعت أن تؤكد وجودها وتلفت الأنظار إلى موهبتها المؤكدة في جميع الأفلام التي شاركت بها بأسلوبها المميز وبصمتها الفريدة واهتمامها الكبير بالبعد المادي للشخصية وحرصها على اختيار ملابس واكسسورات الشخصية  بنفسها. هذا وتضم قائمة الأعمال التي شاركت بها الأفلام التالية: بسلامته عايز يتجوز (1936)، وراء الستار (1937)، شيء من لا شيء، ساعة التنفيذ، بحبح باشا (1938)، ثمن السعادة (1939)، تحت السلاح (1940)، ممنوع الحب (1942)، البؤساء، نداء القلب (1943)، أما جنان، تحيا الستات، برلنتي (1944)، قصة غرام، أحلاهم، بين نارين، الحياة كفاح، جمال ودلال، شهر العسل، كازينو اللطافة (1945)، عروسة للإيجار، الدنيا بخير (1946)، شبح نص الليل، الستات عفاريت (1947)، عنبر، بنت حظ، حب وجنون، اللعب بالنار، آه يا حرامي، صاحبة العمارة (1948)، أسير العيون، أحبك أنت، شارع البهلوان، المجنونة، عفريتة هانم، هدى، غزل البنات، عقبال البكاري، ليلة العيد (1949)، العقل زينة، آه من الرجالة، المليونير، محسوب العائلة، غرام راقصة، بلدي وخفة، دموع الفرح، أنا وأنت، البطل، الآنسة ماما، ياسمين (1950)، قطر الندى، فايق ورايق، بلد المحبوب، الخارج على القانون، تعال سلم، من غير وداع، البنات شربات، نهاية قصة، الصبر جميل (1951)، من أين لك هذا، يا حلاوة الحب، بيت النتاش، المنتصر، عشرة بلدي، عايزه أتجوز، شم النسيم (1952)، بنت الهوى، دهب، لسانك حصانك، موعد مع الحياة، بعد الوداع، الدنيا لما تضحك، بيني وبينك، أقوى من الحب، مليون جنيه، بنت الأكابر، الحرمان، أنا وحبيبي، اللقاء الأخير، المرأة كل شيء، ماليش حد، نساء بلا رجال، عفريت عم عبده، ظلموني الحبايب (1953)، الملاك الظالم، قلوب الناس، بنات حواء، علشان عيونك، أنا الحب، المحتال، دلوني يا ناس، إلحقوني بالمأذون، تحيا الرجالة، حسن ومرقص وكوهين، أربع بنات وضابط، الستات ما يعرفوش يكدبوا، خليك مع الله، عزيزة، عفريتة إسماعيل يس، ليلة من عمري، العمر واحد، الآنسة حنفي، فالح ومحتاس، تاكسي الغرام، نور عيوني، شرف البنت (1954)، ضحايا الإقطاع، السعد وعد، أيامنا الحلوة، فجر، نهارك سعيد، إني راحلة، عرايس في المزاد، مدرسة البنات، كابتن مصر (1955)، إسماعيل يس في البوليس، القلب له أحكام، الأرملة الطروب، صاحبة العصمة، حب وانسانية (1956)، أنت حبيبي، تمر حنة، إسماعيل يس في الأسطول، إسماعيل يس في جنينة الحيوانات، الست نواعم، الكمساريات الفاتنات، ابن حميدو (1957)، أبو عيون جريئة، إسماعيل يس طرزان، إسماعيل يس في مستشفى المجانين، الشيطانة الصغيرة، شارع الحب، حبيب حياتي، سلم ع الحبايب (1958)، عودة الحياة، البوليس السري، المليونير الفقير، العتبة الخضراء، عريس مراتي (1959)، بنات بحري، بين إيديك، حب في حب، حلاق السيدات (1960)، ما فيش تفاهم (1961)، جمعية قتل الزوجات، دنيا البنات، قاضي الغرام (1962)، المجانين في نعيم، جواز في خطر (1963)، الجبل (1965)، رجل وامرأتان (1966)، معبودة الجماهير (1967)، السيرك، أشجع رجل في العالم (1968)، السراب (1970)، بنت أسمها محمود (1975).
ويذكر أنها قد تعاونت من خلال مجموعة الأفلام السابقة مع نخبة متميزة من كبار مخرجي السينما العربية الذين يمثلون أكثر من جيل وفي مقدمتهم الأساتذة: الكسندر فاركاش، الفيزي أورفانيللي، توجو مزراحي، فرنيتشو، إستيفان روستي، كمال سليم، محمد كريم، أحمد بدرخان، يوسف وهبي، فؤاد الجزايرلي، جمال مدكور، محمد عبد الجواد، عمر الجميعي، عباس كامل، فريد الجندي، عبد الفتاح حسن، إبراهيم حلمي، نيازي مصطفى، أنور وجدي، حسين فوزي، إبراهيم عمارة، حسن رضا، أحمد سالم، صلاح أبو سيف، حلمي رفلة، هنري بركات، عز الدين ذو الفقار، حلمي حليم، حسن الإمام، يوسف شاهين، فطين عبد الوهاب، حسن الصيفي، عاطف سالم، السيد زيادة، أحمد ضياء الدين، كامل التلمساني، حسن حلمي، عيسى كرامة، زهير بكير، سعد عرفة، يوسف معلوف، سيف الدين شوكت، بهاء الدين شرف، إسماعيل حسن، إحسان فرغل، مصطفى كمال البدري، كامل الحفناوي، خليل شوقي، نجدي حافظ، أنور الشناوي.
ويتضح جليا مما سبق أنها حقا فنانة كوميدية من الطراز الأول، تميزت بأسلوبها التلقائي الجذاب، وهي وإن كانت تنتمي إلى جيل لم يدرس الفن إلا أنها - وكأغلب فناني هذا الجيل - استطاعت بتلقائيتها المحببة وبصدق موهبتها وإخلاصها وتفانيها بالعمل اكتساب كثير من  الخبرات، فاستطاعت أن تقدم لنا أدوارا متميزة وعدة شخصيات درامية خالدة عاشت في ذاكرتنا، ولعل من الدلالات الواضحة والمؤكدة للموهبة الكبيرة التي تمتعت بها هو قدرتها البديعة المتفردة وتألقها في تجسيد شخصية المرأة العانس التي لا شاغل لها سوى مطاردة الرجال، فبالرغم من تكرار تجسيدها لتلك الشخصية إلا أننا لانملك إلا مشاهدتها والاستمتاع بأدائها بسعادة وبهجة، وذلك بخلاف نجاحها في تقديم عدة نماذج وأنماط أخرى من بينها: زوجة الأب القاسية، الخاطبة، الخادمة الثرثارة، الداية تلك الأنماط الشعبية التي قدمتها من خلال مجموعة من الأفلام السينمائية وبعض المسرحيات. ومما يجب التنويه إليه في هذا الصدد أنها قد نجحت في تجسيد تلك الأنماط الشعبية ببصمتها الخاصة وبأسلوبها الفريد الذي لا يتشابه مع بعض الفنانات اللاتي تميزن معها أيضا في أداء تلك الأنماط الشعبية بصورة كوميدية وفي مقدمتهن كل من الفنانات المعاصرات لها: ماري منيب، سامية رشدي، جمالات زايد، وداد حمدي، نبيلة السيد.
اشتهرت “زينات صدقى” بين زملائها بالكرم والجدعنة ومساعدة المحتاجين وأيضا بالشجاعة والقوة فى الحق، ومن أوضح الأمثلة على ذلك أنها حينما اشترت مدفنا خاصا لأسرتها سارعت ودفنت زميلها فيه، كما أوصت الحارس بأن يدفن فيه أى شخص فقير، حيث قررت أن يكون المدفن لكل الغلابة (يهودى وقبطى ومسلم وكل الذين لا يملكون مدافن)، وحينما اعترض بعض أقاربها على إحتمالية دفنهم بجوار الشغالين والبوابين، أصرت على وضع لوحة على المدفن مكتوبا عليها: “مدفن الصدقة وعابرى السبيل”، وهو المدفن الذى دفنت فيه ثم باعه شقيق زوج أختها فاطمة بعد وفاتها ورفع لافتة “عابرى السبيل”!! ولهذا السبب إدعى بعض الإعلاميين بأن “زينات صدقى” دفنت فى مقابر الصدقة. ويذكر أن عملاقة الكوميديا ظلت ولسنوات طويلة تعيش في منزلها - الذي إختاره لها الفنان نجيب الريحاني - مع نادرة ابنة شقيقتها “سنية” التى تبنتها منذ مولدها، وكانت نادرة بنتا على ثلاثة عشر ولدا، فعرضت “زينات” على أختها أن تاخذها لرعايتها وتربيتها معها وتتخذها ابنة لها خاصة وأنها لم تنجب، وبالفعل تولت تربيتها وتعليمها حتى تزوجت وأنجبت توأمها (طارق وعزة)، اللذين اعتبرتهما الفنانة زينات حفيديها وتولت رعايتهما وتربيتهما، وكانا أقرب الناس إليها.
ويجب التنويه إلى أن الفنانة زينات صدقي قد عانت فى سنوات عمرها الأخيرة بعدما تبدل بها الحال بعد ابتعادها عن الأضواء، حتى أنها قد أصيبت بالإكتئاب في نهايات حياتها، وكان من أسباب ذلك حزنها وندمها على قبولها المشاركة فى آخر فيلمين فى حياتها (وهما “السراب”، و”بنت اسمها محمود” عام 1975)، وذلك بسبب عدم التعامل معها بما يليق ويتناسب مع تاريخها الفني، فقررت بعدهما ألا تقبل أى أدوار أخرى، كما رفضت المشاركة فى مسلسل “القاهرة والناس”، ومن العوامل الأخرى لإصابتها بالإكتئاب إضطرارها إلى بيع مصاغها وبعض الأنتيكات والتحف القيمة (الفازات والسجاد العجمى) وذلك عندما قامت “مصلحة الضرائب” بالحجز على أموالها ومقتنياتها لسداد مبلغ عشرين ألف جنيه.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏