«بيئتي الجميلة» إنسانية الإنسان وجدوى وجوده

«بيئتي الجميلة» إنسانية الإنسان وجدوى وجوده

العدد 605 صدر بتاريخ 1أبريل2019

علي خشبة مسرح مديرية التربية والتعليم بالشرقية وضمن فعاليات مسابقات وزارة التربية والتعليم قدمت مدرسة التربية الفكرية بالزقازيق العرض المسرحي ( بيئتي الجميلة ) تأليف وإخراج محمد حسن أخصائي التربية المسرحية السلاوي والمشارك في مسابقة الجمهورية لمسرحة المناهج التعليمية والتربية الخاصة  وواقع الأمر أن ممارسة النشاط المسرحي في المراحل السنية المبكرة من شأنه صناعة الانسان والتأكيد علي القيم الحميدة وتعزيزها وخلق مواطن صالح قادر علي درء المفاسد وقيادة الذات والجموع الي الوصول للقيم الانسانية الاكثر اتساقا مع كينونة الانسان ( الحق والخير والجمال ) فضلا عن علاج بعض العيوب التي قد تحيق بالطفل كعيوب النطق والخجل والانطواء وما الي ذلك من مشاكل نفسية قد تتماس وتتقاطع مع الانسان في مراحله الاولي  وهي من أجل وأعظم أهداف التربية المسرحية وهي البوابة الملكية التي مر منها خالد الذكر الفنان المؤسس ذكي طليمات حينما نجح في تمرير مشروعه في وزارة المعارف المصرية سنة 1936 لادارج نشاط التمثيل والمسرح في المدارس المصرية ومنذ ذاك التاريخ وبعد موافقة وزير المعارف / التربية والتعليم وقتها علي ادراج النشاط المسرحي ضمن مقررات وانشطة المدارس المصرية والمسرح المدرسي يعاني من التهميش وهو الرائد والقادر علي تعديل المسار ان خلصت النوايا .
ولأن المسرح هو فعل انساني قادر علي احداث متغيرات إن خلصت النوايا فقد فطن الي ذلك بعض المبدعون الذين خلعوا عباءة الوظيفة وارتدوا ثوب الابداع وفي ذلك منتهي الرجاء لان اقامة عرض مسرحي للأطفال اصعب بمراحل من اقامة عرض مسرحي للراشدين واقامة عرض مسرحة مناهج تعليمية للاطفال هو اصعب بمراحل من اقامة عرض مسرحي قيمي للاطفال وبطبيعة الحال اقامة عرض مسرحي لمتحدي الاعاقة هو اصعب بمراحل من اقامة عرض مسرحي للأصحاء بما بالك ان تكون الاعاقة ذهنية ؟؟؟
أمام لجنة تحكيم وزارة التربية والتعليم الأستاذ عاطف العجمي وبحضور موجه عام التربية المسرحية السيد عبدالله ومدير عام الشؤون التنفيذية الأستاذة دعاء زكريا قدمت مدرسة التربية الفكرية بالزقازيق عرضها المسرحي ( بيئتي الجميلة ) والتي تحكي عن طفل في حديقة هذه الحقيقة مكونة من مجموعة من الاشجار الخضراء الوارفة ذات المنظر الجميل والشكل المتجانس ويقوم هذه الطفل باللهو والمرح بين الأشجار والقاء القمامة في الحديقة بعد ان أكل ما اكل حتي اذا فرغ من الطعام فاذا به يقوم بقطع اوراق الشجر وفروعها فتتألم الأشجار ويدرك بالتالي الطفل ان ما فعل هو خطأ بالغ ولا يصح القيام به وليس عليه ان يؤذي الشجرة فهي تتألم مثلها مثل الانسان ويعتذر الطفل عن فعله ويعد الا يقوم بهذا الفعل مرة ثانية .
هو عرض مسرحي أبطاله (أسماء طارق محمد – عماد أيمن خيري – ماهر عبدالمنعم البغدادي – بسنت نبيل محمد محمود – هشام خالد ابراهيم – طارق السيد الحسيني – عبدالحميد محمد غريب  )
وهم من أصحاب الاعاقة الذهنية ومن عرض الحبكة يتضح بساطتها المفرطة وأراها  أنسب القوالب للوصول الي تلك الشريحة من الأطفال واعتمد المخرج والمؤلف محمد حسن السلاوي البساطة منهجا سواء في الصياغة المسرحية للقيمة التربوية والسلوكية التي اراد تمريرها للاطفال سواء مؤدي أو متلقي - مع افتراض ان العرض يقدم ضمن الانشطة التي يقوم بها طلاب المدرسة الفكرية لذويهم واصدقاءهم وزملائهم في الفصل والمدرسة  وتلك حقيقية اساسية لا ريب فيها – هذا من ناحية الصياغة فكان الحوار بسيط ومعبر ولم تستغرق الجملة الحوارية اكثر من ثواني معدودة ولم تتجاوز الكلمات العشر وهذا سبب بطبيعة الاحوال تدفقا في الايقاع واقتربت الجملة الحوارية من الجمل التلغرافية وان امتازت عنها انها ابتعدت عن التجريد وتدثرت بالتحديد فكان يسيرا علي الطلاب وهم المجتهدين الرافضين الاستسلام لتلك الاعاقة اداء الحوار في السياق العامة بل وانتزاع استحسان المتلقي سواء كان ذويهم او زملائهم او حتي من الطلاب العاديين
هذا علي مستوي الحوار اما الاخراج المسرحي فلم ينتهج المؤلف/  المخرج محمد حسن السلاوي اي منهج من شأنه طرح رموزا او دلالات مركبة واكتفي بتمرير حواره بحنكة وتجاوز عن صعوبة تحريك الطلاب اصحاب الظروف الخاصة فتجلي الطلاب في ابهي صورة فاذا كان مكان الحدث هو حديقة واذا كانت الاشجار الواقفة في الحديقة ستتكلم من جراء اعتداء الطفل عليها فما كان من المؤلف / المخرج الا ان ثبت الاشجار في مكانها وجعل الطفل يدور حولها وكأنه يلعب لعبة الكراسي الموسيقية ولم يستعرض في تنفيذ ( ميزانسن ) مركب أو معقد يربك الاطفال فما كان منهم الا انهم ابدعوا بشكل لافت ولولا بعض اللزمات النمطية التي صاحبة نطق بعض الاطفال منهم ما اقتنع المتلقي ان الأطفال المشاركين من متحدي الاعاقة لدقة القاءهم للحوار وتتابعه وتنفيذ ما طلب منهم بشكل يوازي الاطفال من غير أصحاب الاعاقة وما أثلج الصدور تلك الابتسامة التي صاحبة الاطفال بعد الانتهاء من عرضهم وتلقي استحسان المتفرجين لتؤكد ان المسرح قادر علي تحقيق السعادة وان جدوي وجود الانسان هي ان يعي انه للانسانية حق
العرض المسرحي بإمتياز (بيئتي الجميلة ) أكد علي إنسانية الانسان وجدوي وجوده.


محمد النجار

mae_nagar@yahoo.com‏