محمد صبحي: لو اشتغلت ماسح أحذية سأكون الأفضل.. أحلم أن أكون الأول دائما

 محمد صبحي: لو اشتغلت ماسح أحذية سأكون الأفضل.. أحلم أن أكون الأول دائما

العدد 600 صدر بتاريخ 25فبراير2019

أقام معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ50 دورة اليوبيل الذهبي، عددا من اللقاءات في محاوره الفكرية، استضاف خلالها عددا من المثقفين والمبدعين في شتى المجالات الفنية والثقافية، كان من بينها اللقاء الفكري الذي استضاف الفنان محمد صبحي، الذي يُعد أحد أبرز الفنانين المصريين، الذين أثروا الحياة الفنية والمسرحية بالكثير من الأعمال التي باتت علامة فارقة في المسرح والتلفزيون.
أدار اللقاء الناقد المسرحي د. عمرو دواره، وبدأ اللقاء بفيلم وثائقي عن الفنان بعنوان: «فارس الفن العربي»، تحدث فيه عدد من الفنانين عن شخصية «صبحي» وبراعته في التمثيل، واستعراض مجموعة من ألمع مشاهد «صبحي» المسرحية والدرامية.
تحدث صبحي عن حياته العملية والعلمية ومسيرته الفنية التي بدأت عام 1968 بأدوار صغيرة في الكثير من المسرحيات مع كبار فناني المسرح الكوميدي، وأن بداياته الحقيقية كانت عندما اعتذر الفنان الكبير محمد عوض عن بطولة مسرحية «انتهى الدرس يا غبي» ولعب هو الدور. قال إنه كون فرقة «ستوديو 80» مع صديقه لينين الرملي، ليشهد الوسط المسرحي مولد ثنائي شاب دارس للمسرح، ولديه رغبة في إثبات الذات، وأن الثنائي: لينين كاتبا وصبحي ممثلا ومخرجا، نجح في في تقديم مجموعة من أنجح مسرحيات هذه الفترة، مما جعل البعض يرى فيهما امتدادا للثنائي نجيب الريحاني وبديع خيري، مشيرا إلى أن من بين العروض التي قدماها في تلك الفترة «الجوكر»، «أنت حر»، «الهمجي»، «البغبغان»، «تخاريف».
وقال صبحي، إنه فخور للغاية بفكرة نقل معرض الكتاب إلى القاهرة الجديدة ليظهر بذلك المظهر الحضاري الذي يواكب ما يقام في الخارج. أشار إلى أنه كان في سن الـ10 سنوات يذهب إلى دار الكتب للاطلاع على الثقافات المختلفة، وهذا ما يتمناه أن يكون معرض الكتاب مناسبة ثقافية للقراءة والاطلاع وليس للترفيه والتسلية.
وأضاف: أتمنى أن يساهم معرض القاهرة الدولي للكتاب في رفع معدلات القراءة في مصر، وإبعاد الشباب والكبار عن التكنولوجيا التي يمكث عليها المصريون ما يقرب من 16 ساعة يوميا، وأعتقد أننا استخدمنا من التكنولوجيا أسوأ ما فيها.
وأشار إلى أن مصطلح تجديد الخطاب الديني «مطاط» للغاية، مطالبا بتحديد معايير واضحة يشارك في وضعها كل مؤسسات الدولة.
وتابع صبحي: بداخلي عشق للمعلم يأتي في المرتبة الأولى، حيث يستطيع أن يقدم عشرات الأعمال المفيدة للمجتمع، ومن ثم أعشق المخرج، ومن ثم أعشق الممثل. وأشار إلى أن هناك «بوتيكات» في مصر لاستغلال المواهب التمثيلية مقابل المال، وهو ما دفعه لإنشاء مدرسة لتعليم العزف والتمثيل بالمجان في أكتوبر، تتيح الفرصة للموهوبين للظهور في أعمال فنية كبيرة.
وأكد صبحي أنه حاول من خلال أعماله أن يصنع تيارا مختلفا، من خلال تقديم مسرح مختلف تماما عما قدمه الآخرون، موضحا أن الاختلاف هو أسلوب حياته، حيث يعشق تقديم أعمال هادفة ومختلفة في كل شيء، مضيفا: أحب البعد عن النمطية، فلو اشتغلت ألمع جزما سأكون أفضل واحد في هذه المهنة، فأنا دائما أحلم بأن أكون الأول فيما أعمل به..
مستطردا: الفن بلا شاطئ، وهذا مبدأ دائما أضعه أمام عيني في كل شيء، حتى أخرج أفضل ما لدي دائما إلى آخر العمر، فأنا مؤمن بأن الإنسان إذا وضع شاطئا لنفسه في المجال الذي يعمل فيه، سيقتل إبداعه.
وعن الحركة النقدية في مصر، قال: حزين لغياب النقد الفني الآن، فإذا بحثت عن النقاد المصريين لن تجد إلا اثنين أو ثلاثة على أكثر تقدير، وهذا شيء محزن للغاية، وجيلي عاش حالة نقدية رائعة، كانت بمثابة وسام على صدورنا، لأن النقاد قديما كانوا يوجهونا إلى الطريق الصحيح، ولكن الآن نشهد حالة من غياب النقد، وما أكثر ما يقدم اليوم من نماذج فاسدة على الشاشة يعتبرهم أطفالنا أبطالا ونجوم شباك.
وأضاف: كنت أخاف جدا من الفنانة زوزو نبيل بسبب صوتها، وفي أحد الأعمال كنت أوجه ملاحظاتي للممثلين، فجاءت إلى ونطقت بنبرة صوت مرتفعة: «لماذا لم توجه لي ملاحظتك؟!»، فقلت لها بصراحة أنا بخاف منك. وسرد صبحي مجموعة من المواقف الكوميدية التي جمعته بالفنانين: سناء جميل، وجميل راتب وغيرهما من الفنانين الذين تفاعل معهم الجمهور بشكل كبير.
وتابع: تعلمت من كل بني آدم خدم الوطن، ومن أهمهم السيناريست نيروز عبد الملك، حيث تبنى موهبتي وكان سببا كبيرا فيما وصلت إليه الآن، وإلى الآن ما زلت أتعلم من الكبار والصغار، مشيرا إلى أن بدايته كانت موفقه للغاية في السينما، حيث قدم الكثير من الأفلام السينمائية الجيدة، ولم يفشل أي فيلم فيها.. أضاف: أعتقد - دون غرور - أن السينما فشلت في محمد صبحي ولم أفشل أنا، حيث وصلت لمرحلة ما رفضت فيها السينما رغم عرض مبالغ كبيرة علي بسبب ضعف المادة التي سأقدمها للجمهور.
وأكد صبحي أن التيار الجديد من الفنانين هو المسئول عن فساد الدراما المصرية، بعدما عانت السينما، ذهبوا إلى الدراما التلفزيونية وقاموا بإضفاء المشهد السينمائي على الأعمال الدرامية، وهو ما يُعد فشلا ذريعا. وأضاف: لا يصح أن نقدم دراما في شكل سينمائي، ولذلك أنا أعتبر أن التلفزيون «باظ» بسبب لجوء السينمائيين إليه.
واعتبر صبحي أن مسلسل «فارس بلا جواد» أهم ما قدمه خلال حياته الفنية، لأنه ببساطة يفضح المشروع الصهيوني، مؤكدا أن إسرائيل ستظل العدو الأول للعرب، ولن يستطيع أحد أن يقنع الأمة بأنها «دولة صديقة»، وأنها ستظل العدو الأزلي الذي يستغل غباءنا لتحقيق أهدافه. أضاف: فهي دولة تخطط لارتكاب ما هو أبشع مما نتخيله، وكل ما حدث في الوطن العربي من ثورات ليس ربيعا عربيا وإنما هو في الأساس مخطط الصهاينة لتقسيم المنطقة.
وأكد صبحي أنه يصعب عليه تقديم «فارس بلا جواد» على خشبة المسرح الآن، لأن اسمه وضع مع إبراهيم نافع – بسبب قانون أخرجه بوش - ضمن قائمة عريضة من الأسماء المعادية للسامية. وقال إن المشكلة الحقيقية التي يواجهها المسرح هذه الأيام هي «التسيب»، مشيرا إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تصنع التمييز في الفن من خلال إطلاق مصطلحات مثل الفيلم الشبابي، والمسرح الشبابي، والأغنية الشبابية، وهو ما يعتبره خطرا حقيقيا يواجه الفن في مصر.
وانتقد صبحي المهرجانات السينمائية التي تقام في مصر بسبب تقليدها بعض الطقوس الغربية التي لا يحبها، قال: لم أحضر أي مهرجانات سينمائية لأن معنديش بيبيون، ولا أستطيع السير على السجادة «الحمرا».
أكد أنه لا يحب أغاني المهرجانات ويعتبرها «سفها»، مشيرا إلى أن للإسفاف جمهور عريض، وأن للفن الجميل أيضا جمهوره العريض مكتمل العدد.
وكشف صبحي عن رفضه منصب وزير الثقافة مرتين في فترة المهندس إبراهيم محلب، لأنه على قناعة بأن الفنان هو من يصنع الثقافة، ووزير الثقافة هو من يديرها، ولا بد أن تكون الدولة على قناعة بها قبل أن ينفذها وزير الثقافة.
واختتم صبحي لقاءه مع الجمهور بالإجابة على بعض الأسئلة التي جاءت معظمها في إطار أعماله الفنية، كما قام بالتقاط بعض الصور التذكارية مع مجموعة من ذوي الإعاقة البصرية. شارحا كيف جسد شخصية الأعمى في مسرحية «وجهة نظر» قال صبحي: أنا تربيت وسط ثلاثة من أعمامي الذين كانوا من ذوي الإعاقة البصرية، واستطعت من خلال معرفتي بهم أن أجسد تلك الشخصية.
 

 


سمية أحمد