الحاصلة على المركز الثالث بجائزة البحث العلمي: مروة وهدان: نهاد صليحة هي مثلي الأعلى

الحاصلة على المركز الثالث بجائزة البحث العلمي: مروة وهدان: نهاد صليحة هي مثلي الأعلى

العدد 597 صدر بتاريخ 4فبراير2019

فازت الباحثة المصرية د. مروة وهدان بالمركز الثالث بجائزة الهيئة العربية للمسرح للبحث العلمي، ببحثها «تجليات أسطورة عشتار في الخطاب المسرحي النسوي»، وقد أعلنت النتيجة ضمن فعاليات المهرجان العربي للمسرح في دورته الأخيرة التي عقدت بمصر في الفترة من 10 إلى 16 يناير الماضي، وقد احتفت الهيئة بالباحثين الفائزين ضمن فعاليات المهرجان وكرمتهم.
مروة، مدرس الأدب العبري والمقارن بكلية الألسن - جامعة عين شمس، تؤمن بأن جانب البحث العلمي هو الدافع الرئيسي والقوي لإثراء واقعنا الثقافي في الجانبين الأدبي والفني، لذا شغفت بمجال البحث العلمي فتابعت مسيرتها بعد حصولها على ليسانس الألسن قسم اللغات السامية، فنالت درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب المقارن وأسهمت في مجال الترجمة، فضلا عن الكثير من المشاركات التطبيقية في الفعاليات الأدبية والمسرحية.. مسرحنا تحتفي بـ«د. مروة وهدان» من خلال هذا اللقاء معها..
 - هل من الممكن أن تذكري لنا خطوات مسيرتك العلمية حتى التفكير في التقدم للمسابقة؟
مروة أحمد وهدان مواطنة مصرية درست بالمدارس المصرية بمحافظة القاهرة من جيل الثمانينات، وأعمل مدرس الأدب العبري والمقارن بكلية الألسن - جامعة عين شمس، حيث حصلت على ليسانس الألسن من الجامعة قسم اللغات السامية عام 2004 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف، وبعدها شغفت بمجال الدراسة الأكاديمية والبحث العلمي وأدركت فعاليته وتأثيره فسلكت الطريق وحصلت على درجة الماجستير 2010 بتقدير ممتاز، وتقدمت لنيل درجة الدكتوراه فحصلت عليها 2015 بتقدير مرتبة الشرف الأولى، ومارست طوال السنين الماضية الكتابة والبحث العلمي والترجمة حتى تقدمي العام الماضي للمسابقة.
 
- ما إسهاماتك في مجال البحث العلمي، وبصفة خاصة مجال مسرح؟
منذ أن أنهيت دراستي الجامعية وقررت التخصص في مجال الدراسات الأدبية، وأنا أحببت دراسة المسرح وأحببت أن أتخصص فيه، لذلك جاءت رسالتا الماجستير والدكتوراه الخاصتان بي في مجال النقد المسرحي المقارن بين الأدبين العبري والعربي، فعنوان رسالة الماجستير: «شخصية سليمان الحكيم ومقوماتها في المسرح العبري والمسرح العربي - دراسة مقارنة لمسرحيتي سليمان الملك ليعقوف كاهان وسليمان الحكيم لتوفيق الحكيم»، وقد تناولت فيها الجانب التراثي في كل من المسرحين العبري والعربي، أما في رسالة الدكتوراه التي كانت بعنوان: «البنية الدالة للنص المسرحي - دراسة نقدية مقارنة لقضايا المرأة في أعمال جورن أجمون وفتحية العسال»، فقد ركزت فيها على الخطاب المسرحي النسوي، وكتابة المرأة للمسرح. وشاركت ببحث بعنوان: «المرأة في النص المسرحي النسوي – دراسة لسمات الحوار في مسرحيات فتحية العسال» - ضمن كتاب المؤتمر العام لأدباء مصر، ثقافة الهامش والمسكوت عنه في الثقافة المصرية، الدورة الحادية والثلاثون، الهيئة العامة لقصور الثقافة، المنيا 2016، كما نشر مقال لي بعنوان: «جماليات تحويل النص المكتوب إلى صورة مرئية - السينوغرافيا وكسر الإيهام المسرحي في مسافر ليل لصلاح عبد الصبور» - مجلة الثقافة الجديدة عدد يناير 2019. ومن خلال عملي أستاذة جامعية في كلية الألسن جامعة عين شمس، وعن طريق تدريس مادة نصوص ونقد (دراما) أحاول التركيز ليس فقط على دراسة النص ولكن التطرق أيضا لكل عناصر العرض المسرحي، ويقوم الطلاب كذلك بأداء المسرحيات التي نقوم بدراستها خلال المحاضرة.

 - هل لك إسهامات أخرى في مجالات مغايرة عن الفن المسرحي وللبحث العلمي؟
نعم، لي إسهامات في مجال الترجمة، وبالخصوص ترجمة المسرح، فطبيعة تخصصي ودراستي للغة العبرية والمسرح العبري تجعلني أحاول التعرف على طبيعة هذا المجتمع وأدبه، وأرى أن التركيز حاليا في الساحة على ترجمة الروايات والقصص وليس هناك اهتمام كبير بترجمة المسرح الذي يُعد أبا الفنون، ووسيلة الاحتكاك المباشر بالجمهور، وقد قمت بترجمة ثلاث مسرحيات من اللغة العبرية إلى اللغة العربية منها مسرحية من فصل واحد بعنوان «تأسيس تل أبيب» - مجلة إبريز، كتاب رفاعة للترجمة، العدد الأول 2011، وكان آخرها مسرحية صدرت في يناير الماضي بعنوان «خطاب إلى نوعا»، للكاتبة جورن أجمون، عن دار نشر مكتبة أوزيريس، القاهرة، وأسعى لترجمة المزيد من المسرحيات.

- كونك باحثة في مجال الأدب بصفة عامة ما هي مشروعاتك في مجالات الأدب الأخرى؟
قدمت بحثا بعنوان «سليمان في الموروث العبري والعربي» نشر بمجلة فيلولوجي، عدد (53) يناير 2010، كما ترجمت مجموعة من المقالات السياسية من الصحافة الإسرائيلية عن ثورة 25 يناير نشرت بمجلة الألسن للترجمة، العدد (10)، وقدمت كتابا تذكاريا تكريما لذكرى د. عبد الله خورشيد البري بعنوان «الخطاب النسائي من الكائن إلى الممكن» - الدراسات العربية في عالم متغير، وكتبت مقالا بعنوان: «سحر الموجي.. أنا الحكاية» - ضمن كتاب أعلام القصة العربية، مائة صوت في مكتبة السرد العربي، لمكتبة الآداب 2014، وأيضا قدمت بحثا بعنوان: «فكرة الخلاص في أدب الأطفال العبري - دراسة نقدية تحليلية لقصتي (الحقيبة) لرفقا ماجين و(هارمونيكا شموليك) لديبورا كيفينس» - رسالة المشرق، أبحاث المؤتمر الدولي (القصة في الآداب الشرقية)، مجلة دورية محكمة، المجلد الثاني والثلاثون العددان الأول والثاني 2017، كما قمت بترجمة قصة «الحقيبة» للكاتبة رفقا ماجين، مجلة الألسن، العدد الثالث عشر، يناير 2018.

- قدمتِ مشاركات تطبيقية من خلال فعاليات محلية ودولية.. ما هي؟
شاركت في منتدى البحث العلمي الأول لشباب الباحثين بكلية الألسن 2012، وكذلك قمت بالمشاركة في إدارة ندوة «شخصية المرأة في التراث العربي» - كلية الألسن، نوفمبر 2015، وقمت بالمشاركة في مؤتمر «القصة في الآداب الشرقية»، مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة، أكتوبر 2016، كما حاضرت في ندوة عن ديوان شعر «فض أغلفة» للكاتبة ريم السرجاني - نادي دار العلوم 2016، كما شرفت بتقديم ندوة عن رواية «أنثى موازية» (الفائزة بجازة ساويرس) للكاتب علي سيد، في الهيئة المصرية العامة للكتاب 2017 ومؤخرا شاركت في منتدى البحت العلمي الخامس للباحثين الشباب بعنوان «الدراسات البينية في الأدب واللغة والترجمة» مارس 2018، كما كنت من المشاركين في تنظيم المؤتمر الدولي السابع لجامعة عين شمس «عالمية وانطلاق» أبريل 2018، وحضرت ورشة مسرحية في (الإخراج المسرحي) مع المخرج المسرحي فتّاح ديوري ضمن فعاليات (مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي) الدورة الأخيرة - أبريل 2018.

- كيف تعرفتِ على مسابقة البحث العلمي التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح؟
تعرفت على المسابقة من خلال الإعلان عنها على صفحة الهيئة العربية للمسرح على الفيسبوك وقدمت من خلالها وممتنة كثيرا لهذه التجربة.

- ما الثيمة العامة التي دارت حولها المسابقة؟
كان العنوان الرئيسي الذي انطلقت منه المسابقة هو «الاشتباك مع الموروث الثقافي لإنتاج معارف مسرحية جديدة ومتجددة».

- ما الأفكار الرئيسية والفرعية وأهم المصادر التي ارتكز عليها بحثك العلمي؟
انطلقت من الفكرة الرئيسية للمسابقة، واخترت نصا مسرحيا للكاتبة التونسية حياة الرايس، بعنوان «سيدة الأسرار عشتار»، وكان سبب اختياري له أن المرأة ذات فاعلة في هذا النص، ومنتجة له، كما أنها موضوع النص أيضا، كما أردت أن أدرس كيف يمكن أن يتم استلهام أسطورة مهمة وملهمة في الموروث الثقافي الإنساني وهي أسطورة عشتار للتعبير عن رؤية الأديبة لواقع المرأة العربية بشكل عام، لذلك شعرت بأن نص الرايس لا يعبر عن المرأة التونسية فقط، بل عن النساء عموما، وكان هذا البحث فرصة جيدة لي للتعرف على إنتاج أدبي جديد مختلف بالنسبة لي، واعتمدت في هذا البحث على منهج النقد الأسطوري، الذي أسس له الناقد السويسري كارل يونج، واستكمله الناقد الكندي نورثروب فراي، ويرى هذا المنهج أن هناك عددا من الأنماط العليا أو الأصلية تكون كامنة في اللاشعور الجمعي للشعوب، من هذه الأنماط المرأة والموت والميلاد والبعث، فكان استلهام نموذج عشتار بالتحديد عودة للعصر الأمومي حيث كانت المرأة لها المكانة الكبرى قبل حدوث الانقلاب الكبير وتبدل الأدوار وسيطرة العصر الذكوري، وأرادت حياة الرايس من خلال نصها أن تُعيد للمرأة العربية حقها الذي انتزع منها على مدار عصور طويلة وأن تسعى لغرس قيمة المشاركة بين الرجل والمرأة وأن تكون العلاقة القائمة بينهما هي علاقة تواصل وتكامل وليست علاقة حرب وندية.

- وكيف كان الطريق منذ ولادة الفكرة حتى الانتهاء من البحث؟
منذ أن بدأت البحث وجدت أنني قبل أن أبدأ لا بد أن ألم إلماما جيدا بأساطير بلاد الرافدين، مثل أسطورة عشتار وتموز وكذلك ملحمة جلجاميش الشهيرة، لكي أتمكن من إعادة قراءة نص حياة الرايس بشكل نقدي، وقد أفادني هذا كثيرا، فهذه الأساطير مرتبطة ارتباطا كبيرا بكل تفاصيل الحياة في مجتمعاتنا العربية، ومرتبطة بكثير من طقوسنا وشعائرنا وهي معين مُلهم لكل كاتب مسرحي يستلهم الأسطورة ويستنطقها ويعيد صياغتها لتقديم رؤية جديدة ومتجددة.

- كيف ترين أثر إقامة مسابقة للبحث العلمي ضمن أنشطة الهيئة العربية للمسرح؟
أرى أنها خطوة مهمة جدا لتشجيع الباحثين ولتشجيع البحث العلمي المسرحي بشكل خاص، حيث إن معظم المسابقات تخصص لنقد الشعر والرواية والقصة وليس هناك اهتمام كبير بتنمية مجال البحث العلمي المسرحي. ورأيي أن الهيئة العربية للمسرح فتحت الباب للاهتمام بذلك النوع، وهذا النوع من المسابقات يعطي الفرصة للباحثين للاطلاع والتنافس، لإثراء المكتبة العربية بالكثير من الأبحاث النقدية المتنوعة.

- ما تقييمك لمهرجان المسرح العربي في دورته الأخيرة؟
أرى أن هذه الدورة قد حققت نجاحا كبيرا وأتاحت فرصة كبيرة للتلاقي والتعارف بين المسرحيين من مختلف الدول العربية، وقد أضافت لي بشكل شخصي أنني قد تعرفت على قامات كبيرة في مجال النقد والتأليف والمسرحي، وأتمنى أن يستمر التواصل بيننا دائما، وأن تكون هناك فرصة لتلاقي الثقافات وتبادل الخبرات المختلفة.

- ما إحساسك حيال حصولك على أحد مراكز جائزة البحث العلمي؟
كانت مفاجأة سعيدة جدا بالنسبة لي، خصوصا أنني أول مصرية تفوز في هذه المسابقة في نسختها الثالثة، كما أن من حظي السعيد أن هذه الدورة كانت على أرض مصر الحبيبة وكان معي أهلي وأصدقائي فكانت فرحتي كبيرة جدا.

- ماذا مثل لك الاحتفاء ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي؟
كان الاحتفاء بنا رائعا ومناسبا للحدث، فبعد الندوة العلمية التحكيمية التي أقيمت في أكاديمية الفنون وقيام كل باحث بعرض بحثه وإجابته على أسئلة لجنة التحكيم، أعلنت النتيجة، ثم في اليوم التالي أقيم مؤتمر صحفي للفائزين في المسابقة بحضور وسائل الإعلام العربية، كما أننا حضرنا حفل ختام مهرجان المسرح العربي بدار الأوبرا المصرية، وقام المسئولون بتكريم الفائزين في حدث يليق بالمناسبة.

- ما خططك ومشروعاتك المستقبلية نحو البحث العلمي بصفة عامة وللمسرح بصفة خاصة؟
بعد حصولي على الجائزة أشعر بالحماس وبالمسئولية تجاه تنمية ثقافتي المسرحية وتوسيع دائرة قراءاتي في هذا المجال وتطويره، وأسعى إلى الخروج من الدائرة المغلقة والانفتاح على الحركة المسرحية العربية والعالمية.

- كيف ترين المرأة المصرية والعربية داخل المشهد الأدبي والثقافي والمشهد المسرحي؟
أرى أن المرأة موجودة بقوة داخل المشهد الأدبي والثقافي، فبعد أن عانت المرأة فترة طويلة من وجودها في الهامش، عادت بقوة لتحتل مكانا متميزا على الساحة الأدبية من تأليف وتمثيل ونقد، وأصبحت الفرصة سانحة لعرض مشكلات وواقع المرأة العربية بصورة مغايرة ومختلفة عما كان يُعرض فقط من خلال رؤية الرجل.

- هل هناك نموذج أو مثال فكري تتمنين الوصول إلى مكانته الأدبية والعلمية؟ ومن هو؟
نعم، والنموذج الفكري الذي أحتذي به هي د. نهاد صليحة الناقدة المسرحية الكبيرة، فمن خلال أبحاثها ودراساتها القيمة التي أفدت منها الكثير استطاعت، رحمها الله، أن تملك زمام النص المسرحي والعرض المسرحي أيضا، وهو ما أتمنى أن أقوم به في المستقبل بإذن الله.

- ما تقييمك للحركة المسرحية المصرية في عام 2018؟
أرى أن هناك نشاطا ملحوظا للمسرح في مصر في عام 2018، وهناك عروض مسرحية كثيرة ظهرت على الساحة، ولا ننكر أن الهيئة العربية للمسرح قد خلقت مناخا مناسبا لهذا الظهور من خلال المهرجانات التي تُقدم من خلالها العروض المسرحية المتعددة، وأرى أن العرض الأبرز عام 2018 هو عرض «مسافر ليل» الذي عرض في ساحة الهناجر بدار الأوبرا المصرية، من إخراج المخرج والسينوغرافي الواعد محمود فؤاد صدقي، وقد شاهدت هذا العرض المسرحي أكثر من مرة من شدة إعجابي به، وكتبت عنه مقالا في جريدة الثقافة الجديدة عدد يناير 2019 بعنوان: «جماليات تحويل النص المكتوب إلى صورة مرئية».
أما من ناحية السلبيات، فهي مجرد ملحوظة، أرجو الاهتمام بالمسرح الجامعي وإعطاءه المساحة اللازمة سواء بالدعاية أو الرعاية، فقد شاهدت عرضا مسرحيا لفريق المسرح بكلية الألسن بعنوان «أول من رأى الشمس»، وكان عرضا مميزا بدءا من فكرة الإعلان عن المسرحية، ومرورا بفكرة المسرحية والطلاب الممثلين، والديكور والإخراج، وهذه العروض بها الكثير من العناصر الشابة المتحمسة، التي إذا تم الاهتمام بها سيكون لدينا الكثير من العناصر المؤثرة في مجال الحركة المسرحية.


همت مصطفى