سيد على إسماعيل في ندوة عن المسرح بأسيوط: مراكز أسيوط وقراها سبقت مدنها الكبرى في ممارسة المسرح

سيد على إسماعيل في ندوة عن المسرح بأسيوط: مراكز أسيوط وقراها سبقت مدنها الكبرى في ممارسة المسرح

العدد 591 صدر بتاريخ 24ديسمبر2018

فى اللقاء الأسبوعي لنادي أدب قصر ثقافة أسيوط الذي يرأسه  الأديب نعيم الاسيوطى بفرع ثقافة أسيوط برئاسة ضياء مكاوي مدير عام الفرع وإشراف وسام درويش مديرة القصر نظمت ندوة بعنوان ( بدايات المسرح في أسيوط من 1881 : 1935) تحدث فيها  د. سيد علي إسماعيل ( الأستاذ بكلية الآداب جامعة حلوان) وقدم الندوة الكاتب المسرحي درويش   الأسيوطي ، بحضور د.فوزية أبو النجا ( وكيل الوزارة ورئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي) و كوكبة من كبار الكتاب والفنانين والإعلاميين وأعضاء النادي. وفي ختام الندوة قدمت الدكتوره ( رئيس الإقليم) درع الإقليم لضيف النادي د. سيد إسماعيل  تكريما له على مسيرته في البحث وتوثيق المسرح بشكل عام وأسيوط بشكل خاص.
واستهل  الدكتور سيد على حديثه عن بدايات المسرح بأسيوط من الفترة 1881-1935 متحدثا  عن المسرح المدرسي وكيف كانت مراكز أسيوط أسبق من عاصمتها مسرحيا وكيف نشأت أول فرقة مسرحية في أسيوط فى القرن التاسع عشر ومن هم نقاد المسرح فى أسيوط وماهى الفرق المسرحية التى زارت أسيوط . أشار إلى أن بدايات المسرح المدرسي بأسيوط حسب  خبر نشرته جريدة الأهرام في ابريل 1881 كانت باحتفال مدرستين الأولى مدرسة الخواجة الياس بشاى والأخرى للخواجا مشرقى شنودة  حيث قدما تشخيصا لرواية ألفها بعض التلامذة عن فوائد العلم ، ونشرت الجريدة خبرا ثانيا عن مدرسة التجهيزية المجانية التى أنشأها الخواجة ويصا بقطر، وحضر العرض عثمان باشا غالب مدير المديرية وإسماعيل بك رأفت مامور المالية واجتمع المدعوون فى المدرسة لحضور التشخيص الذي أعده التلامذة وموضوع الرواية عن عالي الكاهن قاضى بنى إسرائيل، وهي القصة الواردة فى اول سفر صموئيل النبي.
استطرد د. إسماعيل : فى عام  1888  نشرت مجلة المقتطف خبرا عن مدرسة البنات الخيرية الواصفية بأسيوط نسبة الى الخواجا واصف خياط الذي أوصى بإنشائها والإنفاق عليها وكان الخبر يتعلق بمدرسة بنات في أسيوط تقدم عروضا مسرحية، وجرى الامتحان تحت إدارة القس اسكندر مدير المدرسة الكلية الانجلية بأسيوط ، و تخلل الامتحان مباحثات وروايات. أضاف: وفى عام 1897 نشرت جريدة المقطم خبرا عن قيام جرجس بياضى ناظر مدرسة الروضة بأسيوط بتأليف مسرحية غرائب الاتفاق التي مثلها طلاب مدرسته تحت رعاية احمد حشمت باشا مدير أسيوط وخصص دخل المسرحية لمساعدة المدرسة.  وفى عام 1910 نشرت جريدة مصر خبر تمثيل طلاب كلية الأمريكان بأسيوط مسرحية صلاح الدين الايوبى.  وفى عام 1926 طبقت الوزارة نظام المسرح المدرسي بفضل المرحوم محمود مراد وبدأت المدارس تشكل من طلابها جماعات وفرق مسرحية، . تابع :  وفى مارس 1929 نشرت جريدة المقطم خبرا قال أحيت الفرقة التمثيلية بمدرسة أسيوط الثانوية رواية انقسام الأسرة،  وفى فبراير 1933فى جريدتي الأهرام  وأبى الهول جاء أنه  أقيم عرض  فى مدرسة إخوان ويصا بأسيوط خلال يومي الخميس للسيدات والجمعة للرجال، وخصصت إدارة المدرسة إيراده لملجأ الأيتام بأسيوط والعرض كان لمسرحية تاريخية قام بتمثيلها سعد الكريمى – ومحمود على – ورمسيس زخارى – وجاد الكريم – وعبد الحكيم عبد الملك – وجرانت عزيز –وعزيز عبد الملك ، تحت إشراف ناظر المدرسة عزيز عباس افندى. قال أن مراكز أسيوط وقراها كانت الأسبق من مديرية أسيوط نفسها، مشيرا إلى أن  أول خبر عن  ديروط ورد فى جريدة
 اكتوبر 1889 عن فرقة السرور لصاحبها ميخائيل جرجس التي تعرض مجموعة من مسرحياتها فى محطة ديروط،  وفى مجلة الصباح فى سبتمبر 1933 عرضت فرقة زكى سعد وهي مجموعة فى ديروط مسرحية الكونت البربرى ومسرحية مدرسة الغرام من تأليف وبطولة صاحب الفرقة.  أضاف : اما ابوتيج فكانت أنشط مراكز أسيوط مسرحيا بسبب وجود مولد سلطان الصعيد العارف بالله احمد الفرغل حيث جاء  في جريدة المؤيد في يوليو 1891  أن عروض فرقة ميخائيل جرجس المسرحية عرضت طوال أيام المولد وفى ابريل عام 1907 جاءت إلى ابوتيج  فرقة محمود وهبي الجوالة وعرضت مسرحية انس الجليس وتنازل صاحب الفرقة عن ثلث الإيراد لصالح الجمعية الخيرية، تابع د. سيد على رصده للتاريخ المسرحي في أسيوط قائلا:  فى مجلة الصباح مايو 1932 وتحت عنوان فرقة الأستاذ زكى سعد بابوتيج أشارت الى ثلاثة أمور، الأول: ان مولد سيدي الفرغل كانت تحضره فرق مسرحية كثيرة، والثاني ذكر اسم تياترو كان يقام فى المولد وهو تياترو سيد حمودة،  والثالث ذكر أسماء فرقة زكى سعد. قال إن  آخر خبر عن عرض مسرحى أقيم فى ابوتيج كان سبتمبر 1924 فى جريدة ابو الهول بعنوان :حفلة تمثيلية،  حيث عرضت مسرحية الذبائح تمثيل  فاخر فاخر و علوية جميل ورفيعة الشال و ايزيس كمال،  وكانت حفلة خاصة بعيده عن فرقة رمسيس. علق أنه إذا كان مركز أبوتيج قد  تألق مسرحيا فإن مدارس ابوتيج القبطية تألقت فى عروضها بصورة لافته للنظر. تابع د. سيد على: فى أغسطس 1910 فى جريدة مصر جاء أن  مسرحية الاسكندر الأكبر قدمت بمدرسة ابوتيج القبطية برئاسة نيافه مطرانها وهى رواية تحض على مكارم الأخلاق والفضيلة،  أما مسرحية الذبائح فمثلتها المدرسة القبطية الثانوية بابوتيج عام 1932 . أضاف: وهناك ثلاث مقالات منشورة مع نشر أسماء الأساتذة والطلاب  
وأوضح دكتور سيد على أن النشاط المسرحى لم يكن مقصورا على مدارس الأقباط في ابوتيج  فقط بل في بعض المراكز الأخرى مثل القوصية،  حيث أشارت جريدة الوطن عام 1906 إلى أن تلامذة الاقباط الكاثوليك بالقوصية قاموا بتمثيل رواية الابن الضال، وفى يوليو 1910 نشرت جريدة مصر عن احتفال المدرسة القبطية فى ناحية مير من أعمال مديرية أسيوط بمسرحية عواقب الاستبداد، وفى 1911 مثلت المدرسة القبطية فى ناحية الشامية من أعمال مركز أسيوط رواية استير.
وحول الفرق الزائرة لمحافظة أسيوط قال:  كان هناك عددا من الفرق المسرحية الزائرة  للمحافظة بوصفها المديرية والواجهة الرسمية منذ عام 1894 وهى سبع عشرة فرقة مسرحية قدمت عروضها من عام 1894- إلى 1935 وهى فرقة اسكندر فرح – جوق السرور- جوق الاتفاق الوطنى – فرقة سليمان القرادحى – الشيخ احمد الشافعى – جورج ابيض – منيرة المهدية – حافظ نجيب – فرقة رمسيس- أولاد عكاشة – فاطمة رشدى – على الكسار – فوزى الجزايرلى – زكى سعد- عبد الرحمن رشدى – رتيبة وانصاف رشدى – حياة صبرى وفرقة احمد علام. كما نشرت جريدة مصر يناير 1913  أن فرقة جورج ابيض مثلت أربع مسرحيات في أسيوط وحددت أماكن بيع التذاكر في محلات عبد الرحيم الطرابيشى بشارع المجذوب وفى مطبعة أسيوط وعند الأسطى احمد عبد المنعم المحطة وبشباك تياترو،  أما المسرحيات التي قدمت فهي: الشرف اليابانى- ونابليون – ومصر الجريدة – وعيشة المقامر. أضاف:   فرقة اسكندر فرح كانت أهم فرقة مسرحية فى القرن التاسع عشر،  وفى اكتوبر ونوفمبر 1894 جاء فى جريدة المقطم ان هذه الفرقة مثلت مجموعة من المسرحيات بطولة الشيخ سلامة حجازى منها شهامة العرب – وحيل الرجال – وهناء المحبين، وأنها ستمثل  فى 1897 عشر مسرحيات فى اشتراك واحد فى اسيوط،  وتكرر فى العام التالي تقديم  مسرحيات صدق الاخاء – وصلاح الدين الايوبى – وغرام وانتقام – وشهداء الغرام ومطامع النساء، و  كانت الفرقة تقدم ألعابا سحرية بواسطة السيماوى الشهير حسين بك الايرانى،  وفى عام 1899 مثل فيها عشر ليال – كعادته-  اسكندر فرح،  واتخذوا محلا يجتمعون فيه ويغلقون الأبواب ولا يمكنون أحدا من الوصول إليهم، وظلوا سنتين يصنعون سيوفا وبنادق وملابس مختلفة ويقرءون كتبا ويحفظون عبارات منها.. فاختلفت ظنون الناس فيهم من قال أنهم من  الماسون ومن يقول يشتغلون بضاعتهم ليلا ويبيعونها نهارا تحت ستر الخفاء. ثم انكشف الأمر وهو  حبسهم  أنفسهم لمطالعة كتب الأخبار والروايات وتعلم فن التشخيص والتمثيل وكلما استحسنوا رواية رتبوها ووزعوها عليهم وحفظوها، وظهر أمرهم للناس فصاروا يذهبون للتفرج عليهم. تابع : دعاهم الى منزله محمود بك خشبة  ودعا كثيرا من الأعيان فشخصوا في حضورهم رواية المعتمد بن عباد، ثم  فاتخذوا لهم محلا يشخصون فيه. قال أيضا  ان فرقة على الكسار عرضت مسرحيتي البلابل والعروسة فى تياترو سينما أسيوط،  كما قدمت فرقة فوزى الجزايرلى مسرحية الثلاث ورقات في صالة القهوة الخديوية، وفرقة زكى سعد قامت بتمثيل مجموعة من المسرحيات فى تياترو سيد حمودة بأرض مولد سيدي جلال وقدمت عروض فرقة عبد الرحمن رشدى فى جمعية الشبان المسلمين،  وقدمت فرقة حياة صبرى 1934 في صاله  النيو اوتيل بمدينة اسيوط ، وفرقة احمد علام قدمت حسبما أشارت  مجلة الصباح 1935 على مسرح سافواى اوتيل بأسيوط رواية 667 زيتون.
*المسرح الاسيوطى
اما الأنشطة المسرحية التي قام بها اهالى أسيوط أنفسهم فقد اشار د. سيد على إسماعيل إلى  ان أول فرقة مسرحية تألفت من اهالى أسيوط كانت منذ 126 سنه، عام 1892 باسم جمعية الكمال  قال : قصة هذه الفرقة غريبة وعجيبة نشرتها مجلة الأستاذ فى نوفمبر 1892 حيث اجتمع فريق منهم تحت رئاسة السيد حسن سليمان.  ونشرت مجلة الكواكب 1932في  ان فرقة تمثيل بجمعية الشبان المسلمين بأسيوط قامت  بتمثيل رواية الذبائح وقد أوقف التمثيل خمس دقائق حدادا على مؤلفاها المرحوم الأستاذ انطون يزبك، وفى عام 1935 قدموا رواية مجنون عيشة من تأليف عضو الجمعية محمد شوقي، وعرض الفصل الثالث من مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقى ومسرحية عبد المقصود افندى من تاليف عضو الجمعية سعد كريم وتمثيل رواية العصفور فى القفص للمرحوم محمد تيمور مشيرا إلى أن أعمال الفرقة كانت تعرض فى بقية محافظات الصعيد، وأن آخر فرقة هاوية عرفناها كانت فى 1933 وهى فرقة التمثيل بنادى السلطان حسين بأسيوط ومثلت مسرحية الذبائح بتشجيع الوجيه ادوارد بك ويصا وجهود الشاب النابه لويس افندى بولس رئيس الفرقة وصاحب دور البطل فضلا عن مجهوده فى الإخراج.
تابع المؤرخ المسرحي: جمعية الشبان المسلمين كان هدفها تنمية الشباب المسلم فى مجالات الفكر والثقافة وفرع الجمعية بأسيوط اهتم بالمسرح. وقال : تحت عنوان “المنقبادى الناقد المجهول”:  كفى بأسيوط أنها  أنجبت أول ناقد مسرحى معتمد ومعترف به فى تاريخ مصر وهو المرحوم الناقد محمد عبد المجيد حلمى صاحب صفحة المسرح العربي فى جريدة كوكب الشرق،  وكان  أعظم انجاز له عام 1925 هو إصدار أول مجلة متخصصة تحمل اسم المسرح  حتى وفاته عام 1927 . أشار إلى أن جريدة مصر التي كانت  تصدر من القاهرة كانت تكتب عن الصعيد، والسر في ذلك  هو ان صاحبها من منقباد واسمه تادرس شنودة المنقبادى،  وقد اصدر الجريدة في القاهرة عام 1895 مضيفا ان الناقد والمراسل الاسيوطى كان هو ابن صاحب الجريدة قيصر تادرس المنقبادى، و أن اول مقاله مسرحية له 1925 كتبها تحت عنوان مسارح التمثيل ،وذكر الدكتور سيد على أنه لم يجد مقالات مسرحية أخرى لقيصر المنقبادى ولا يعلم سبب توقفه. فهل كان  هجومه على منيرة المهدية فى أوج شهرتها وقوتها وعلاقتها بسعد زغلول وحزب الوفد التى كانت جريدة مصر احدى جرائده كان هو  السبب فى توقفه عن الكتابة فى مجال المسرح.


لؤا الصباغ