أشرف عبد الباقي لـ«مسرحنا»: على الدولة إنارة مسارحها المغلقة

أشرف عبد الباقي لـ«مسرحنا»: على الدولة إنارة مسارحها المغلقة

العدد 589 صدر بتاريخ 10ديسمبر2018

ممثل، مخرج، منتج، مذيع، صانع نجوم، كلها أسماء يعمل من خلالها، يبحث دائما عن ما هو جديد ومبتكر ليقدمه على خشبة المسرح. يعتبر المسرح عشقا وحالة خاصة بالنسبة له، قدم الكثير من التجارب التي أثارت حفيظة النقاد ونالت تجربته «مسرح مصر» القدر الأكبر من هذا النقد، لكنه استمر واكتفى برأي الناقد الأوحد الذي سيقرر انتهاء التجربة، فشلها أو نجاحها واستمرارها، وهو الجمهور، لم يتوقف هنا بل قدم الكثير من البرامج التي نالت أعجاب الجمهور أيضا حتى أصبح اسم أشرف عبد الباقي تميمة النجاح للشباب الجدد، قدم عددا من عروض مسرح الطفل وعرض عرائس استعان فيه بتقنية جديدة جلبها من الخارج واستعان بها ليقدمها على خشبة المسرح ولاقت نجاحا كبيرا، وها هو أخيرا يخرج علينا بتجربة جديدة ومختلفة عما سبق أن قدمه سواء في تياترو ومسرح مصر أو ما سبق من أعمال مسرحية، حيث يطل علينا كمخرج لعرض مختلف تماما بعنوان «جريما في المعادي.. عرض مسرحي غلط في غلط»، بداية من جلوس المتفرج في الصالة ودخول الممثلين لضبط الديكور وإيهام الجمهور أن كل هذا يحدث خارج العرض، العرض بطولة مجموعة كبيرة من الشباب وديكور د. محمود سامي، تدريب وإخراج الفنان أشرف عبد الباقي الذي كان لنا معه هذا الحوار.
 - بداية حدثنا عن جريما في المعادي؟
تدور الأحداث في فترة العشرينات حول جريمة قتل تحدث في أحد القصور ويشارك الممثلون في حل لغز الجريمة من خلال أحداث كوميدية، والمسرحية كلها غلط في غلط بداية من الاسم الذي كتب خطأ وصولا للأحداث التي تدور بداخلها، وكل غلطة لا بد أن تتم بشكل صحيح وبدقة لأن أي خطأ في تنفيذها قد يعرض الممثلين للإصابة بسبب الحركات الخطيرة التي يقومون بها، والمسرحية عن عرض أجنبي يعرض حاليا في بارجواي والأرجنتين وألمانيا ولأول مرة في مصر بعد أن حصلت على حقوق النشر من الشركة المسئولة عن العرض.
 - وما السبب في إصرارك على تقديم هذا العرض تحديدا والسعي للحصول على حقوق العرض؟
شاهدت التجربة وأبهرتني لأنها شكل جديد من الكوميديا تعتمد على مجموعة من الشباب لديهم لياقة عالية جدا، ولهذا كتبت على الأفيش تدريب وإخراج حيث دربتهم على الحركات بنفسي لخطورتها لأنها قد تعرض الممثل للإصابة إذا لم يقم بها بشكل صحيح هذا بخلاف الإخراج المسرحي للعرض.
 - وما الأسس التي اخترت بناء عليها طاقم العمل؟
العرض يقدم من خلال فرقة جديدة قوامها أربعون ممثلا وممثلة، البعض منهم أعرفهم والآخرون شاهدتهم في عروض مسرحية مختلفة على مسارح الجامعات ومسارح الدولة، وأقمنا ورشة عمل لمعرفة الدور المناسب لكل فرد منهم وأحيانا كنا نستبدل الأدوار إذا وجدناها تناسب آخرين حتى استقر الأمر على الدور الذي يقدمه كل منهم، والفرقة تنقسم لمجموعتين فالمجموعة التي تعرض اليوم تختلف عن الفرقة التي عرضت أمس نفس العرض بتركيبة معينة، ومع إجازة نصف العام ستتجول فرقة منهم للعرض في محافظات مصر بالتبادل مع الفرقة الموجودة في القاهرة بحيث يكون العرض في القاهرة ومحافظة أخرى في آن واحد، فالمسرحية تعرض في أكثر من دولة كما ذكرت في آن واحد حيث إن الشركة التي تملك حق العرض لديها ما يقرب من العشر فرق تعمل في نفس الوقت في دول مختلفة لتقدم نفس الموضوع ونفس السيناريو دون الارتجال عليه وفي حالة نجاحه في مصر نأمل أن يستمر لسنوات.
 - دائما تسعى لتجريب الجديد ألم تتخوف من خوض هذه التجربة؟
أنا لا أخاف شيئا فالإنسان «يعيش مرة واحدة» أردت العمل كمذيع وبالفعل قدمت عدة برامج أردت عمل سيت كوم وقدمته في وقت لم يكن معروفا شكل السيت كوم في مصر ونجحت التجربة جدا، والعرض مختلف تماما عن فكرة مسرح مصر التي تعتمد بشكل كبير على الارتجال، فالعرض ثابت ونمط جديد من الضحك يختلف عما قدمته من قبل حتى عن المسرحيات التي قدمتها قبل مسرح مصر، ففكرة تقديم الجديد هو ما أسعى إليه دائما سواء كان في التلفزيون أو السينما أو المسرح.
 - ومن أين جاءت فكرة تقديم العرض بمجموعتين من الممثلين؟
الفكرة تنفذ بالفعل خارج مصر، فهناك عروض مثل شبح الأوبرا يعرض منذ خمسة وثلاثين عاما بفرق مختلفة وأيضا لدينا بعض العروض مثل عرض سيدتي الجميلة الذي قدمه الراحل فؤاد المهندس وتم تمصيره وما زال يعرض حتى الآن حيث يرحل الأبطال ويظل العرض لأن الموضوع هو البطل، فالجديد هنا هو عرض فرقتين لنفس العرض على نفس المسرح، وقد شاهدت على سبيل المثال عرض موسيقي لايف خارج مصر تختلف فرقة الماتينيه التي تقدمه عن الفرقة التي تقدمه سواريه.
 - كيف عملت على العرض ليتناسب مع عرضه في مصر؟
جعلت العرض يشبهنا فهناك الكثير من العروض الأجنبية التي مصرت وعرضت وحققت نجاحا فسيدتي الجميلة لم يقدمه بهجت قمر كما عرض بالخارج بل أدخل عليه الجزء المصري والحارة الشعبية وكذلك تناولت العرض وجعلته شبيها بنا من خلال فترة زمنية معينه هي فترة العشرينات فترة البشوات والبهوات.
 - الحركة التي قدمت في العرض كانت خطيرة بالفعل كيف دربتهم بنفسك دون الاستعانة بمتخصص وكيف وظفت كل العناصر لتصبح بطلا في العرض؟
فعلت ذلك في مشهد المبارزة بالسيوف استعنت بمتخصص لتدريبهم لأنه ليس لدي خبرة بالحركة الأصلية للمبارزة بالسيوف، أما الحركات الأخرى فلها علاقة بالتحكم في الجسد مع الحوار وتلك دربتهم عليها بنفسي لضمان سلامتهم، حتى إن الديكور نفسه كان يقوم بدور البطل وبه أشياء تبعث على الضحك، بالإضافة للعاملين خلف الكواليس فجميعهم ممثلون وكل له دوره الذي يقوم به.
= هل سيتم تصوير المسرحية للعرض في التلفزيون؟
ليس هناك نية الآن لذلك فهو عرض للمسرح فقط، وعلى حسب نجاح العمل قد يعرض لعدد من المواسم وأتمنى أن يستمر خمسين عاما وعندما نصل للموسم الأخير بالتأكيد سيصور لعرضه على إحدى القنوات.
 - لماذا اخترت مسرح الريحاني تحديدا؟
يصيبني الحزن الشديد عندما أجد المسارح التي كانت تعمل بطاقة كبيرة مغلقة وأتمنى أن تعمل جميعها مرة أخرى، فاختياري لمسرح الريحاني كان ضمن مجموعة من الاختيارات لمسارح جميعها في حاجة لإعادة صيانة، ومسرح الريحاني كان الأنسب من حيث موقعه المتميز بالإضافة لتاريخه الكبير، وقد شاركت الفرقة من خلال ورشة عمل يدوية في صيانته أثناء قيامهم بالبروفات فشاركوا في إعادة رونق المسرح من جديد، كما استعنت بعدد كبير من الصور من بعض المصورين القدامى ممن يحتفظون حتى الآن بنيجاتيف تلك الصور، وعلى المستوى الشخصي فإنني أعتز بمسرح الريحاني لأنني قدمت على خشبته مسرحية «خشب الورد» مع الراحل عبد المنعم مدبولي.
 - شاركت الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي في عرض «خشب الورد» في بداية حياتك فهل اختلف شكل الكوميديا مقارنة باليوم؟
لم يختلف شكل الكوميديا في مصر فقط بل تختلف الكوميديا في العالم كله، فكوميديا شارل شابلن تختلف عن كوميديا جيم كاري، فتلك كوميديا أخرى لها علاقة بالزمن، وكذلك المسألة في مصر فقد اختلفت كوميديا الريحاني عن إسماعيل يس رغم تقارب الزمن واختلفت عن كوميديا فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي، وبين جيل مدرسة المشاغبين وجيلنا والجيل الحالي، هناك اختلاف دائما مرتبط بتغير الزمن.
 - وجدت مجموعة من المسرحيات بخط الريحاني فهل تخطط للاستعانة بها؟
ليست نصوصا ولكن أكثرها بروفات وجدتها في غرفة البروفات بالمسرح، ومن يملك المسرح هم ورثة بديع خيري وهم من لهم الحق في استغلالها من عدمه وبالتأكيد فهي شيء رائع ولكن ليس هناك خطة لأي شيء الآن.
 - هل فكرت في تجسيد شخصية الريحاني على المسرح؟
تلك مسألة أخرى لم أفكر فيها الآن.
 - هل هناك مشاريع أخرى بعد جريما في المعادي بشباب جدد؟
في بداية التجربة أفضل التركيز عليها حتى تنجح ولا يشغلني التركيز على غيرها، كذلك كل مشاريعي لا أفكر فيها حتى أنتهي مما أقدمه.
 - كيف ترى اختفاء فرق المسرح الخاص؟
حين فكرت في مسرح مصر كان بناء على فكرة تقلص عدد مسارح وفرق القطاع الخاص حيث توقفت جميعها، ولا أرى أن السياحة العربية كانت السبب كما يُردد فها هو الجمهور يتابعنا منذ ست سنوات ويحجز قبل العرض بشهرين وهناك الكثير من الفرق حاولت تقليد التجربة وللأسف لم تنجح على الرغم من أنني تمنيت نجاحها في حين أننا استمرينا للعام السادس على التوالي، فأنا لا أقلد نفسي، فالمسألة تكمن في منتج يأخذ الخطوة ويقدم تجارب جديده دون الوقوع في خطأ الآخرين.
 - في رأيك كيف يمكن للدولة أن تدعم تجارب مثل جريما في المعادي بشباب جدد وتحقق ربحا ماديا؟
الدولة لديها مشكلة في مسألة دعم الفن عموما، فهناك الكثير من مسارح الدولة نفسها مغلقة مقارنة بعدد المسارح التي كانت، فعدد كبير من العاملين بها تواجههم مشكلات كبيرة جدا ليخرجوا بعرض مسرحي، ولكن أتمنى أن تعمل الدولة على إنارة مسارحها في البداية.     
 - هل على الكبار أن يحذو حذوك في دعم الشباب الجدد بتجارب جديدة؟
ليس فرضا على أحد أن يحذو حذوي، ولكن أتمنى أن يحدث ذلك ويدعم الكبار الشباب الجدد وإلا فمن سيدعمهم.
 - بعد سنوات من تجربة مسرح مصر هل اختلف رأي النقاد عنها؟
رؤية الجمهور للتجربة ما زالت ثابتة، وكما ذكرت يصل الأمر للحجز قبل العرض بشهرين وهذا هو المهم بالنسبة لنا، وعن استمرارها من عدمه فبناء على الطلب نحدد ذلك، فطالما هناك طلب للعرض سيستمر أما إذا لم نجد إقبالا فبالتأكيد سيتوقف.
 - هل هناك خطة لتطوير المشاريع المقدمة في مسرح مصر؟
بالتأكيد نحاول طيلة الوقت التطوير من مشاريع مسرح مصر، حتى إن فريق الكتابة نفسه اختلف تماما، لكن ما زال الاعتماد على الارتجال قائما.
 - في رأيك ما الذي ينقص صناعة الكوميديا في مصر؟    
ينقصها العمل وأن يتحمس المنتج ويخرج بفكرة جديدة ويقدمها دون تردد.
 - ما السر في نجاح الفنان أشرف عبد الباقي كإداري؟
السر هو حبي للعمل فلنفترض أنني ادخرت أموالي بأحد البنوك وانتظرت ما سأحصل عليه من فوائد، سأمكث في منزلي وأشاهد زملائي ولن أعمل، لكنني أفضل وضع ما أملك في مشروع آخر جديد أعمل من خلاله وأجعل آخرين يعملون معي بداية من عامل السيارات حتى الممثلين على خشبة المسرح.
 - هل هناك خطة لاستمرار تجارب مسرح الطفل؟
ولما لا، لكن بعد الانتهاء من أشغالي الحالية فقد قدمت عددا من العروض مثل «علي بابا» و»صياد العفاريت» بالإضافة لعرض العرائس «أولاد حارتنا» ونالوا إعجاب الجمهور وكانت أيضا تجربة ناجحة.
 - كلمنا عن تجربة مسرح السعودية؟
تقوم التجربة من خلال فريق مكون من خمسين شابا وفتاة من السعودية، وبالفعل قدمت بهم ثماني مسرحيات في السعودية وسأكمل المشروع الأسبوع المقبل، والعروض يكتبها فريق مصري باللهجة المصرية ويقرأها الممثلون باللهجة السعودية، لكنها تصلح للعرض في مصر أو المغرب أو أي من الدول الأخرى، وقد حقق العرض الأول نجاحا غير تقليدي و«كسر الدنيا» وسيبدأ عرضها على شاشة التلفزيون يناير المقبل.
 - دائما تبحث عن التقنيات الحديثة لتقديمها على المسرح فهل هناك جديد سنشاهده الفترة المقبلة؟
النيات كثيرة لكن لا يمكنني الحديث عن شيء في علم الغيب الآن، فأفضل العمل أولا ثم الحديث ثانيا وليس كما يفعل البعض عملهم هو الحديث فقط.
 - قدمت الكثير من البرامج كان آخرها «قهوة أشرف» فما الرسالة التي تريد إيصالها من البرنامج؟
هذا البرنامج رقم 21 الذي أقدمه، ورسالتي للشباب هي التفاؤل.
 - هل اختلفت رؤيتك للعمل كمخرج كونك ممثلا؟
أستمتع كثيرا بالعمل كمخرج فحتى عروض مسرح السعودية أنا من يخرجها، وخلال مشواري أخرجت عددا من العروض المسرحية في تياترو مصر قبل أن يصبح مسرح مصر وبعض من فرق الهواة، فهو متعة مختلفة تماما خصوصا أنه كان معي أشخاص يمكنهم استيعاب المعلومة التي ألقيها عليهم وتنفيذها بشكل جيد.    
 - قدمت مسرحية غنائية للأطفال «علي بابا» ألم تفكر في تقديم مسرحية غنائية على المسرح للكبار؟
مسرحية «علي بابا» درامية بها ثمانية استعراضات نالت إعجاب من شاهدوها، ولكنك الآن تطالبينني أن أكون وزيرا فلن يمكنني عمل كل شيء، فهناك غيري وتلك مهمة وزارة الثقافة أن تقدم كل أنواع المسرح، ولكن هذا لا يمنع أنني أرغب في تقديم أعمال للطفل وعروض لمسرح العرائس وأشياء أخرى كثيرة لكن لا يمكنني القيام بكل شيء في آن واحد.
 - هل ترى أنه لدينا من التراث ما يمكننا من الاستعانة به الآن على خشبة المسرح؟
لا يجوز الاستعانة بالتراث فكل له وقته وإلا لكنا جميعا توقفنا عند التراث الفرعوني ولم يحدث تطوير، ففيلم مثل «أغلى من حياتي» مثلا تعتمد فكرته على عدم لقاء أبطاله حتى ينتهي الفيلم فإذا كان هناك هاتف محمول لكانت انتهت المشكلة، وبالتالي فالتطور الذي يحدث يصيب كل شيء فهناك تطور حتى في اللغة.
 - من خلال متابعتك لمسرح الدولة كيف تراه الآن؟
بالتأكيد هناك عروض جميلة وممتعة من وجهة نظري لأنني أحب المسرح، لكنها قد لا تكون كذلك لنوعية أخرى من الجمهور فقد لا يمكنه استيعابها، قد أستمتع بعرض باللغة العربية يحمل رسالة ووعيا ولكن يمله الجمهور فلا يمكنني الحكم على تلك العروض إلا من خلال منظوري الخاص، حيث تختلف الأذواق، فعروض المسرح الخاص تختلف عن عروض مسرح الدولة حين كان هناك مسرح خاص وكل له جمهوره ومتابعوه.
 - ممثل ومخرج ومذيع ومنتج وصانع نجوم.. أيهم الأقرب إليك؟
وأضيفي أيضا أنني أعمل بالأشغال اليدوية وكل ما أعيد صيانته في مسرح الريحاني كان من صنعي، أما المصطلح الأقرب لي فهو مصطلح العمل أيا كان الوسيط الذي أعمل من خلاله أو أيا كان المسمى مخرج أو ممثل أو مذيع أو صانع نجوم.

 


روفيدة خليفة