عبد الدايم تطالب بمساواة النشاط الثقافي بالرياضي في الحصول على درجات التميز

 عبد الدايم تطالب بمساواة النشاط الثقافي بالرياضي في الحصول على درجات التميز

العدد 588 صدر بتاريخ 1ديسمبر2018

ممارسة الأنشطة في جميع المراحل الدراسية وصولا للمرحلة الجامعية، أمر في غاية الأهمية لما يمثله من متنفس للطلاب، وفي العام الماضي أصدر المجلس الأعلى للجامعات قرارا بمنح درجات للحافز الرياضي، وهو ما جعل هناك جدلا واسعا حول الأنشطة الفنية والمسرحية، وقد كلفت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم المجلس الأعلى للثقافة بمخاطبة المجلس الأعلى للجامعات لتعديل القرار ليشمل النشاط الثقافي أيضا بجانب النشاط الرياضي.. قمنا باستطلاع رأي كثير من المخرجين والنقاد وموجهي الأنشطة حول الأمر.
المؤلف والمخرج أحمد سمير الذي قدم تجربة عرض «4%» للمسرح المدرسي وحصل بها على الكثير من الجوائز وناقشت أهمية حصول المتميزين على درجات النشاط فيما يخص النشاط المسرحي والفني، قال: في صيف 2015 تم اختياري مخرجا لفريق إدارة شرق مدينة نصر التعليمية لإخراج تجربة مسرحية بمسابقة تنمية القدرات، وراودني في هذه التجربة فكرة أن نقدم عرضا يطرح أفكارا خاصه لها علاقة بالطلبة أنفسهم ولا سيما طلبة المسرح الذين يمارسون طقوسهم المسرحية وسط دراستهم، وبالفعل بدأت كتابة النص الذي حمل اسم «4%» وكنا نناقش مسألة عدم تخصيص درجات للنشاط المسرحي مثل النشاط الرياضي وكيف يتم حرمان المبدعين الصغار في «4%» قد تكون كافية لصنع مستقبل يأملون فيه ويستحقونه، فإن كان النشاط الرياضي ينمي الجسد فإن المسرح يصنع أناسا قادرين على الابتكار وينمي القدرة على التخيل والأحلام وكانت التجربة تحت قيادة الدكتورة رضا بكري وبمساعدة الزملاء نهى ناجي ولمياء محمد ودينار جمال وبطولة روان أحمد وعبده بكري وحياء حسين وبسمة علي وإسراء وائل ومحمد عماد ونورهان سلامة ولقي حسين وإيمان عز الدين ومحمد شريف وتيكا وأحمد علي وعمر إبراهيم.
أضاف: ولأسباب غير معلومة تمت تنحية العرض وتهميشه وعدم تسليط الضوء عليه والاكتفاء بليلة عرض وحيدة، ويبدو أن محتوى العرض لم يكن صائبا لمن بيده القرار.. ولكن في النهاية كانت تجربة واعية من طلبة نمت عقولهم على رصد أحلامهم والمطالبة والسعي لتحقيقها ربما مهدت الطريق لمن سيضع خطوة أخرى كي ينتزع حق طلبة المسرح في درجات النشاط أسوة بغيرهم.
توازن في العملية التعليمية
وقالت رضا بكري موجهة المسرح لإدارة شرق مدينة نصر وخبيرة المناهج التعليمية: نعاني من فترة طويلة من تهميش النشاط المسرحي، وعدم منح المتميزين به درجات للتميز مثلما يحدث في النشاط الرياضي، وسبق وقدم المخرج أحمد سمير تجربة بهذا الصدد.
أضافت: درجات التميز في الأنشطة المسرحية والثقافية ستصنع فارقا كبيرا وستكون حافرا للطلاب، وقد تم انتدابي عام 2014 لوضع الخطة الاستراتجية للتعليم وطالبت بأن يكون الحافز لجميع الأنشطة وليس النشاط الرياضي فقط، وكانت وجهة نظر المسئولين أن التربية الرياضية عبارة عن مهارات نستطيع تنميتها وتعد فرصة متاحة للكل، ولكن المسرح والموسيقى يقومان على الإبداع والموهبة وهو أمر متفاوت وبالتالي سيحرم الكثير من الطلاب منها من غير المبدعين، ولكني لم أقتنع بهذا الرأي، فإذا كان الطالب غير موهوب في المسرح فمن الممكن أن يمارس التربية الرياضية ويحصل على 4%.
واستطردت: إن منح المتميزين بالتربية المسرحية درجات تميز سينعكس على الأخصائي المسرحي الذي يتم تهميش دوره في المدارس، فحصول الطالب على درجة 4% سيجعل هناك توازنا في العملية التعليمية في جميع المواد.
وقال المخرج محمد عبد الله مخرج عرض «البؤساء» لكلية التجارة جامعة عين شمس والحاصل على المركز الأول والكثير من الجوائز: لا يوجد اهتمام بالنشاط المسرحي أو الفني على مستوى الجامعات، فيتم التعامل مع ممارسي النشاط المسرحي أو الفني على أنهم طلاب لا يهتمون بالمحاضرات، نحن قدمنا عرضا مثل الجامعة دوليا بالمغرب وحصدنا الكثير من الجوائز وعندما علمت الجامعة لم تولي الأمر أي اهتمام، فأين الدعم الفني للشباب الذين قاموا بتمثيل بلدهم بشكل مشرف؟
وأعتقد أن منح الطلبة درجات تميز في النشاط الفني والمسرح والثقافي أسوة بالنشاط الرياضي، أمر هام له مردوده الإيجابي، فحتى الآن يمثل النشاط المسرحي والفني أمرا سلبيا بالنسبة للكثير من المسئولين في الجامعات.

اكتشاف مبكر للمواهب
فيما قال عمر رضا مخرج عرض «أضحوكة الرجل القزم» لفريق التعليم المفتوح جامعة القاهرة الذي حصل على أربع جوائز: الغالبية العظمى من الطلاب يتجهون للفنون بكل أنواعها منذ المرحلة المدرسية الأولى، وفكرة حصول الطلاب على درجات تميز تساهم بشكل كبير في أن يكتشف الطالب موهبته ويصقلها ويعلم أين يتوجه، بالإضافة إلى اهتمام أولياء الأمور بالنشاط المسرحي والثقافي وإعطائه الأولوية مثل أي مادة دراسية.
وقال الناقد وموجه المسرح محمد النجار الذي شارك في الكثير من لجان تحكيم مسابقات التربية والتعليم: إضافة حافز فني لطلاب الثانوية العامة سيثري النشاط المسرحي، خاصة بعد إدراج نشاط التمثيل والمسرح كحصص نشاط في المدارس سواء في مرحلة التعليم الأساسي أو الثانوي، واختفاء الحافز الفني بالتبعية يؤدي إلى عزوف طلاب الشهادة الثانوية عن الانضمام للنشاط والتركيز في اللهاث وراء الدرجات، فضلا عن تجمد آليات التسابق المنظمة للنشاط المسرحي في الوزارة وعدم ربط الخطة العامة والبرنامج الزمني بالتطورات اللاهثة والقرارات الوزارية التي أدرجت النشاط المسرحي في الجدول المدرسي كمادة تدرس عمليا، فما زالت مسابقات التربية المسرحية خاضعة لآليات لا توافق التطور.
وقالت الناقدة داليا همام التي شاركت في تحكيم الكثير من مسابقات تنمية المواهب والقدرات للتربية والتعليم: شاركت في مسابقات كثيرة لتنمية المواهب والقدرات. والحقيقة، إن هناك الكثير من المواهب المتميزة، ولكن هناك عدم اهتمام من قبل المعلمين الذين هم خارج سياق النشاط الفني والمسرحي، فمن وجهة نظرهم أن الاهتمام بالأنشطة المسرحية والفنية يعد إهدارا للوقت. والحقيقة، إن ممارسة الأنشطة الفنية والمسرحية تمثل عملية تنفيس للطلاب وتحفيزا لهم، وذلك عن طريق إشراكهم في النشاط في مقابل أن يهتموا بدراستهم، وهو ما سيساهم في تطويرهم بشكل كبير. وفكرة منح درجات تميز في النشاط الرياضي وعدم وضع درجات للتميز في النشاط الفني والمسرحي، تعطي انطباعا لأولياء الأمور بأن النشاط المسرحي والفني ليس له قيمة حقيقية أو أنه إهدار للوقت.
وتابعت: إعطاء أهمية للأنشطة الفنية والمسرحية يجعل الطلاب في حالة اهتمام بالدراسة والمواد الدراسية ويجعل لديهم حافزا للحضور إلى المدارس ومتابعة المواد الأخرى والالتزام، وفكرة الاهتمام بالأنشطة في الجامعات والمدارس تفرغ الطاقة السلبية لدى الطلاب، إضافة إلى حمايتهم من التوجه لأي أفكار متطرفة، والاهتمام بصقل الموهبة من المراحل الدراسية له أهمية كبيرة في خروج الكثير من المبدعين المدربين بشكل جيد.

العلاقة قوية بين المسرح والعملية التعليمية
وقال المخرج وموجه عام التربية المسرحية لمحافظة الجيزة وعضو جمعية أنصار التمثيل والسينما المخرج عصام رشوان: هناك علاقة قوية بين المسرح والعملية التعليمية وتتضح تلك العلاقة في مسابقة مسرحة المناهج التي تعتمد على المنهج الدراسي في المقام الأول، إذن فلماذا لا يتم منح درجات للتفوق الثقافي والفني والمسرحي؟ نحن نتحدث في هذه المسابقة على وجه الخصوص من قلب المنهج التعليمي، بالإضافة إلى مجموعة المسابقات التي تقام في التربية والتعليم، وهي 6 مسابقات تبدأ بالطفولة مرورا بالإلقاء ومسرحة المناهج والتربية الخاصة ومركز تنمية القدرات، فطوال العام نحن مهمومون بالنواحي الثقافية والمسرحية، وهو بدروه ما يحفز على فكرة منح درجات تميز في الجانب الثقافي والمسرحي والفني.

إعمال العقل
فيما قالت الدكتورة هدى وصفي: إن الأنشطة الثقافية لها أكبر الأثر في التحفيز على أعمال العقل وإشعال الحواس، فهي تساهم في تطوير الطلاب وجعلهم أكثر نضجا، ومع احترامي الكامل للأنشطة الرياضية، ولكنها لا تساهم في إعمال العقل مثل ما تقوم به الأنشطة الثقافية التي تحوي الفنون بأنواعها، وأعتقد أن القرار بشأن منح درجات للتميز الثقافي الذي يشمل المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، مطلب محمود رغم تأخر هذا المطلب، فالفنون على وجه الخصوص تساهم في بناء أفراد أكثر رقيا وترتقي بالمشاعر الإنسانية.
وأشار الفنان الكبير محمود الحديني عضو اللجنة العليا للمهرجانات، إلى أن القرار الذي أصدره المجلس الأعلى للجامعات، والذي استفاد به الطلاب في الثانوية العامة هذا العام، وينص على منح درجات للتفوق الرياضي مع تجاهل التفوق الثقافي، قد استفزه.
أضاف: أثارني هذا الأمر وتناقشت مع وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم في اجتماع اللجنة العليا للمهرجانات، وكلفت وزيرة الثقافة المجلس الأعلى للثقافة بمخاطبة المجلس الأعلى للجامعات، ليشمل القرار وجود درجات للنشاط الثقافي، وهو أمر هام للغاية للطلاب وأولياء الأمور، وخصوصا أن الحكومة الجديدة تهتم بثلاثة أمور هامة وهي الصحة والتعليم والثقافة، ولأول مرة توضع الثقافة مع التعليم والصحة في الأولويات التي كلفت بها الحكومة من قبل رئيس الجمهورية سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتابع: درجات التفوق الثقافي تشمل الموسيقى والفن التشكيلي والمسرح، وهو ما سيساعد وزارة التربية والتعليم في تنشيط النشاط الثقافي، وهو بدوره سيصب في المسرح الجامعي والمسرح المستقل والمحترف في اكتشاف موهوبين ومبدعين.


رنا رأفت