عبدالوارث عسر المصري البسيط

عبدالوارث عسر المصري البسيط

العدد 587 صدر بتاريخ 26نوفمبر2018

الفنان القدير عبدالوارث علي عسر ممثل مصري عريق من مواليد منطقة الدرب الأحمر بحى الجمالية بمحافظة “القاهرة” فى 16 سبتمبر 1894، وتعود أصول والده الريفية إلى مركز الدلنجات بمحافظة “البحيرة”، وهو الأخ الأكبر لشقيقين هما الفنان حسين عسر، وسنية عسر. وقد حفظ القرآن منذ الصغر وتعلم تجويده، وتدرج فى التعليم حتى حصل على البكالوريا فى مدرسة “التوفيقية الثانوية” بشبرا. ويذكر أنه كان يرغب في دخول مدرسة الحقوق كوالده الشيخ علي عسر الذي كان محاميا وصديقا مقربا من الزعيم سعد زغلول، لكنه لم يقدم على ذلك لكراهيته التعامل مع السلطات الإنجليزية التي كانت تحتل البلاد آنذاك،
 وذلك بالإضافة إلى إضطراره إلى العمل وتحمل مسئولية إعالة أسرته بعد وفاة والده، خاصة وأنه قد تزوج مبكرا نظرا لإيمانه العميق وإلتزامه بالتعليمات الدينية والإستقامة منذ صباه. وبعد وفاة والده ساعده الزعيم سعد زغلول على الإلتحاق بوزارة المالية عام 1921 فى وظيفة كاتب حسابات (نظرا لأن الوظيفة تكفل له مصدرا ثابتا ومضمونا للرزق)، ولكنه استقال منها فيما بعد وهو فى سن الأربعين عاما (عام 1936) ليتفرغ للفن.
بدأت ممارسة هواياته الأدبية والفنية بكتابة الشعر والزجل وكتابة بعض المقالات الصحفية بالصحف والمجلات، تلك المقالات التي تضمنت دعوته للإعتزاز بالشخصية المصرية وتوحيد الزي للمصريين، وتشجيع الصناعات المصرية والدعوة لمقاطعة شراء البضائع المستوردة، كما بدأت هوايته للفن مبكرا وبالتحديد في عام 1905 حينما أخذ يتردد على عروض فرقة “سلامة حجازي”، وبعد حصوله على شهادة البكالوريا أخذ يمارس هوايته في حفلات جمعية “أنصار التمثيل والسينما”، ثم نجح عام 1912 في الإنضمام إلى فرقة “جورج أبيض”، وكان أول دور له يؤديه هو دور قسيس أسباني يقف وراء الكاردينال رئيس محكمة التفتيش في مسرحية “الساحرة” (ثريا الأندلسية) عام 1913، ثم قام بدور مدير المسرح فى مسرحية “الممثل كين”، والذي أسند إليه لغياب الممثل الأساسي للدور. وكان نجاحه في أداء الدور أكبر حافز على إحترافه للتمثيل والتفرغ له، وأمضى موسمين بفرقة “جورج أبيض” واشترك بمسرحيات: “أوديب”، “عطيل”، “هاملت”، “لويس الحادي عشر” وغيرها. اتسم أدائه لمختلف الأدوار بفرقة “جورج أبيض” بالأداء التمثيلي الكلاسيكي الذي اتسم به أداء جميع أعضاء الفرقة، وكان يدربه على التمثيل آنذاك الفنان القدير منسى فهمي. ونظرا لأن هذا الأمر لم يستهويه اتجه للإنضمام إلى فرقة “عبد الرحمن رشدي” عام 1917، وشارك بتجسيد شخصية الوزير بمسرحية “الضمير الحي”، والطبيب بمسرحية “الموت المدني”، كما شارك في مسرحيات: “الأرليزية”، “عشرين يوم في السجن”، “المحامي المزيف”، “النائب هالير”، “مدرسة النميمة”. انضم بعد ذلك إلى فرقة “أخوان عكاشة”، ثم فرقة “جورج أبيض” مرة أخرى، وفي عام 1924 شارك في مسرحيات: “سفينة نوح”، “المرأة المجهولة”، “باسم القانون”، “نكبة البرامكة”، “سفيرو توريللي” وغيرها. التحق في صيف 1926 بفرقة “فيكتوريا موسى” وشارك في مسرحيات: “زهرة الشاي”، “الساحرة”، “المرأة الكدابة”، “طاقية الإخفاء”، “كريم شيكولاتة”.
اكتسب الطبيعية فى الأداء من خلال انضمامه بعد ذلك إلى فرقة “فاطمة رشدي” والتي كان يديرها الفنان القدير عزيز عيد، وبالتالي فقد أصبح هو نفسه بعد ذلك من رواد هذه المدرسة. خاصة وقد التقى في الفرقة بمديرها - لفترة محددة - بالمخرج عمر وصفي الذي وجهه إلى أداء شخصية الأب.
اشتهر بصفة عامة بأداء شخصيات المشايخ والشخصيات الدينية، وأيضا أدوار الانسان المصري البسيط المتمسك بقيم الشرف والكرامة والعطاء، رب الأسرة المكافح، كذلك الموظف الصغير المحنك بخبرات الحياة.
استمر في العمل بالمسرح وشارك في تأسيس فرقة “أنصار التمثيل والسينما”، وكان من الأعضاء البارزين بالجمعية، واشترك في إحياء مواسمها السنوية، كما شارك صديقه المقرب سليمان نجيب بترجمة واقتباس بعض المسرحيات من الإنجليزية والفرنسية، وأيضا شاركه كتابة أربع مسرحيات من بينها: الزوجة الثانية، الأمل (قدمت بالفرقة القومية)، كما قام بتأليف بعض المسرحيات ومن بينها: “النضال”، “الموظف” وغيرهما، وذلك بخلاف عدد كبير من التمثيليات الإذاعية.
حاول الفنان عبد الواراث برفقة صديقيه “محمد كريم” و”سليمان نجيب” النهوض بفن التمثيل والتأليف وتدريب الوجوه الجديدة، فتمكن من تعليم الممثلين فن الإلقاء (ومن تلاميذه كل من النجوم: عماد حمدي، سميرة أحمد، ليلى طاهر، لبنى عبد العزيز)، كما ظل يدرس مادة الإلقاء بالمعهد العالي للسينما منذ عام 1959، وألف كتاب “فن ا?لقاء” عام 1976، أودعه خلاصة خبرته الطويلة في التمثيل، فقد كان - رحمه الله - عاشقا للغة العربية ومتفقها فيها وفي الشعر والأدب، وكان أداؤه بصوته المميز المتفرد يشف الآذان بقدرته البديعة على التعبير، وبوضوح جميع حروفه وكلماته التي تتواصل فورا مع المتلقي فتثير مشاعره وأحاسيسه وخياله.
بدأ الظهور في السينما ببداية ثلاثينيات القرن العشرين، وقام بأداء نفس الأدوار التي تميز بها في المسرح، وشارك عام 1935 في أول فيلم قصير ينتجه “أستديو مصر” وهو فيلم “إنقاذ ما يمكن إنقاذه”، ومن الأفلام المهمة التي شارك بها في مرحلة بداياته السينمائية مع الموسيقار المطرب محمد عبد الوهاب بفيلم “يحيا الحب” والذي تم تصويره في “فرنسا” عام 1938، حيث قام بتجسيد شخصية “رضوان باشا” والد محمد فتحي (محمد عبد الوهاب)، ومنذ ذلك التاريخ تأكدت علاقته بـالموسيقار محمد عبد الوهاب وبالمخرج محمد كريم، حيث شاركهما بعد ذلك في تقديم سلسلة أفلام الفنان محمد عبد الوهاب، فكان يكتب السيناريوهات الخاصة بها، وكان قد سبق له كتابة أول سيناريو سينمائي عام 1937 عن مسرحية إنجليزية وذلك لفيلم “الحل الأخير” الذي أخرجه عبد الفتاح حسن. هذا وتضم قائمة الأفلام التي كتب لها السيناريو الأفلام التالية: يوم سعيد، ممنوع الحب، لست ملاكا، الدكتور، زينب، أخيرا تزوجت، أصحاب السعادة، دليلة، ناهد، ، قلب من ذهب، أماني العمر، توبة.
ويذكر أنه قدّم خلال مشواره ما يقرب من مائتي وخمسين فيلما ومسرحية، وكتب العديد من السيناريوهات، وكانت بداية شهرته الحقيقة مع كوكب الشرق أم كلثوم حينما قدم معها تمثيلا وكتابة فيلمي: “سلامة” و”عايدة”، بعدها توالت أعماله والتي يذكر منها “دموع الحب”، “يوم سعيد”، “حب فى الظلام” مع النجمة فاتن حمامة، “عيون سهرانة” مع النجمة شادية، و”شباب إمرأة” مع الفنانة تحية كاريوكا، و”صراع فى الوادي” و”الأستاذة فاطمة” وغيرها الكثير.
أصبح منذ أربعينيات القرن الماضي من الأصوات المرموقة والشهيرة بالإذاعة المصرية، خاصة مع إجادته التمثيل باللغة العربية الفصحى فاشترك في مئات البرامج والتمثيليات الدرامية.
عندما تم تأسيس فرق التليفزيون المسرحية في أوائل ستينيات القرن الماضي شارك في بطولة عدة مسرحيات من بينها: الأرض، السكرتير الفني، الشيخ رجب، خلف البنات.
حصل على عدد كبير من الجوائز في التمثيل وأيضا جائزة عن سيناريو فيلم “جنون الحب”، كما حصل على تكريم من الملك فاروق، وكذلك حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الزعيم جمال عبد الناصر، وجائزة الدولة التقديرية، ووسام الفنون من الرئيس السادات. وحتى بعد وفاته قامت الدولة بتكريمه أيضا في عدة مناسبات، ومن أهمها إصدار طابع بريد بصورته واسمه. وكان آخر ما قدمه في التليفزيون هو مسلسل “أحلام الفتى الطائر” مع الفنان عادل إمام.
تزوج الفنان عبد الوارث من ابنة خالته وأنجبا ابنتين فقط هما: “لوتس” و”هاتور” (وأسماهما بأسماء فرعونية إعتزازا بحضارته الفرعونية)، وحفيده هو الفنان محمد التاجي. وقد توفيت زوجته فى 3 مايو 1979، وكان يحبها جدا ومرتبطا بها إلى أقصى درجة، وبعد وفاتها حزن حزنا شديدا عليها ودخل على إثرها المستشفى في شبه غيبوبة كاملة، وظل فترات طويلة بمستشفى “المعادى للقوات المسلحة” حتى توفي بالمستشفى فى 22 أبريل عام 1982 عن 87 عاما.
هذا ويمكن تصنيف المساهمات الكثيرة والمتميزة التي أثرى بها هذا الفنان القدير جميع القنوات الفنية مع مراعاة إختلاف القنوات الفنية (المسرح السينما الإذاعة) والتتابع التاريخي كما يلي:
أولا - أهم الأعمال المسرحية:
أمضى الفنان القدير عبد الوارث عسر ما يقرب من ستين عاما في خدمة المسرح، وشارك بالتمثيل وبأداء دور البطولة في عدد من الفرق المسرحية ومن بينها فرق:
- “جورج أبيض”: هاملت، أويب، لويس الحادي عشر، عطيل (1912)، فتح بيت المقدس (1919)، دولت (1922)، البخيل، نكبة البرامكة، المرأة المجهولة (1923)، الشيطان الجميل، سفينة نوح، سفيرو تروللي (1924)، المأمون، دون جوان (1926)، الأرليزية الحسناء، الزوجة الفاضلة، الهادي، أمنحتب الرابع (1929)، ذر الرماد في العيون، شارلكان وفرانسوا الأول، ميشيل إستروجوف (1931).
- “عبد الرحمن رشدي”: الموت المدني، النائب هالير، مدرسة النميمة، الأرليزية، المحامي المزيف (1917)، عشرين يوم في السجن، الضمير الحي (1920).
- “فيكتوريا موسى”: الأمير عبد الرحمن الناصر، الفراشة، المرأة الكدابة، أبو زعيزع، مملكة العجايب، شهرزاد، زهرة الشاي (1926)، الطبيعة والزمن، سخرية الحياة، كريم شوكولات، طاقية الإخفاء، سهام (1927).
- “فاطمة رشدي”: العواصف، المائدة الخضراء، محمد الفاتح، يوليوس قيصر، غليوم الثاني، جمال باشا (1928)، مصرع كليوباترة، الكابورال سيمون، هاملت، رقصة الموت (1929).
- “إتحاد الممثلين”: لوسيد (1934).
- “أنصار التمثيل والسينما”: 667 زيتون، ابن السما، حادث الطربوش (1935)، المرأة بين جيلين، الموظف (1936)، النضال (1937)، المشكلة الكبرى (1938)، أوديب الملك (1949)، إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أبطال المنصورة (1955).
- “إسماعيل يس”: الكورة مع بلبل (1957)، يا الدفع يا الحبس (1961).
- “القومي”: قيس ولبنى (1963).
- “مسارح التليفزيون”: أرض النفاق، سهرة مع الحكيم، الأرض (1962)، قهوة مصر، الشيخ رجب (1963)، السكرتير الفني (1964)، خلف البنات (1966).
- “الغنائية الإستعراضية”: حبيبتي يا مصر (1973).
وذلك بخلاف مشاركته في بعض الليالي المحمدية ومن أهمها: بردة الإمام البوصيري عام (1977) إخراج كرم مطاوع، نهج البردة لأمير الشعراء أحمد شوقي، إخراج محمد توفيق
هذا ويتضح من قائمة المسرحيات التي شارك بها تعاونه مع عدد كبير من كبار المبدعين في مجال الإخراج وفي مقدمتهم كل من الفنانين: جورج أبيض، عبد الرحمن رشدي، عزيز عيد، عبد العزيز خليل، عمر وصفي، فتوح نشاطي، زكي طليمات، السيد بدير، إستيفان روستي، حمدي غيث، محمود مرسي، كامل يوسف، محمد توفيق، عبد المنعم مدبولي، السيد راضي، كرم مطاوع، سعد أردش، محمد الطوخي، فايز حلاوة.
وجدير بالذكر أنه قد شارك أيضا بإخراج بعض المسرحيات من بينها: “الموظف”، “النضال” لجمعية “أنصار التمثيل والسينما”
ثانيا - أهم الأعمال السينمائية:
بجانب تألقه المسرحي قدم الفنان عبد الوارث عسر للسينما ما يقرب من مائة وعشرين فيلما حيث تضم قائمة أعمالة السينمائية الأفلام التالية: زينب (1930)، دموع الحب، إنقاذ ما يمكن إنقاذه (1935)، الحل الأخير (1937)، يحيا الحب (1938)، الدكتور (1939)، يوم سعيد (1940)، مصنع الزوجات (1941)، عايدة، أخيرا تزوجت، ممنوع الحب (1942)، رصاصة في القلب (1944)، سلامة، الفلوس، الزلة الكبرى (1945)، أصحاب السعادة، غرام بدوية، النائب العام، لست ملاكا، أرض النيل، الخطيئة (1946)، ابن عنتر (1947)، هارب من السجن، شمشون الجبار، حب لا يموت، عنبر (1948)، بيومي أفندي، غزل البنات، البيت الكبير، فاطمة وماريكا وراشيل (1949)، ما كانش عالبال (1950)، لك يوم يا ظالم، فايق ورايق، آدم وحواء، حكم القوي، بلد المحبوب (1951)، شمشون ولبلب، زينب، الأستاذة فاطمة، ناهد، بنت الشاطئ، الأسطى حسن من أين لك هذا (1952)، حب في الظلام، موعد مع الحياة، في شرع مين؟، بعد الوداع، نافذة على الجنة، طريق السعادة، وفاء (1953)، أربع بنات وضابط، ليلة من عمري، الشيخ حسن، خليك مع الله، الملاك الظالم، دايما معاك، صراع في الوادي، جنون الحب، ارحم دموعي، قرية العشاق، موعد مع السعادة، أسعد الأيام (1954)، رنة الخلخال، بحر الغرام، الميعاد، دموع في الليل، أماني العمر، لحن الوفاء، قصة حبي، شاطئ الذكريات (1955)، قلوب حائرة، عيون سهرانة، شباب امرأة، دليلة، صوت من الماضي، الغريب، زنوبة، النمرود، أرض الأحلام، المفتش العام (1956)، ليلة رهيبة، أرض السلام، إسماعيل يس في الإسطول، الوسادة الخالية (1957)، سواق نص الليل، أبو حديد (1958)، الله أكبر، قلب من ذهب (1959)،  شجرة العائلة، سامحني (1960)، موعد مع الماضي (1961)، غصن الزيتون (1962)، زقاق المدق (1963)، أدهم الشرقاوي (1964)، الجبل (1965)، خان الخليلي (1966)، قنديل أم هاشم (1968)، الناس إللي جوه (1969)، الأرض (1970)، زهور برية (1972)، المرأة التي غلبت الشيطان (1973)، الأخوة الأعداء، العصفور، عجايب يا زمن (1974)، المذنبون، جنون الشباب (1975)، الرسالة (1976)، سونيا والمجنون، من أجل الحياة (1977)، الرغبة والثمن، ضاع العمر يا ولدي، شفيقة ومتولي، البؤساء (1978)، ولا عزاء للسيدات، لا تبكي يا حبيب العمر، إسكندرية ليه؟، أقوى من الأيام، عاصفة من الدموع (1979)، وذلك بالإضافة لبعض الأفلام التليفزيونية ومن بينها: بنت 16.  
ويذكر من خلال رصد مجموعة الأفلام السابقة تعاونه مع نخبة من كبار المخرجين الذي يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: محمد كريم، توجو مزراحي، إبراهيم عمارة، أحمد بدرخان، أحمد كامل مرسي، نيازي مصطفى، أنور وجدي، جمال مدكور، حلمي رفلة، حسن رمزي، صلاح أبو سيف، السيد بدير، عز الدين ذو الفقار، حسن الإمام، أحمد ضياء الدين، أنور وجدي، عاطف سالم، بركات، يوسف شاهين، حسن الصيفي، حسن رضا، محمود ذو الفقار، حسين فوزي، كمال الشيخ، فطين عبد الوهاب، حسام الدين مصطفى، خليل شوقي، كمال عطية، جلال الشرقاوي، يوسف فرنسيس، يحيى العلمي، سعيد مرزوق، علي بدرخان، نادر جلال، أحمد يحيى، مصطفى العقاد.  
ثالثا - أهم الأعمال الإذاعية:
شارك الفنان عبد الوارث عسر - والذي كان يتمتع بصوت مسرحي معبر ومتميز - خلال مسيرته الفنية بعدد كبير من السهرات والبرامج والمسلسلات الإذاعية على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان، خاصة وأن مجموعة الخبرات الفنية الكبيرة التي تمتع بها قد أكسبته كيفية الأداء الدرامي الصوتي ومهارات التلوين والتعبير أمام ميكرفون الإذاعة، فتألق في أداء عدد كبير من الأعمال الإذاعية سواء باللهجة العامية أو باللغة العربية الفصحى التي كان يجيد التمثيل بها، ولكن للأسف الشديد أننا نفتقد لجميع أشكال التوثيق العلمي بالنسبة للأعمال الإذاعية، وبالتالي يصعب حصر جميع المشاركات الإذاعية لهذا الفنان القدير، والذي ساهم في إثراء الإذاعة المصرية بكثير من الأعمال المتميزة ومن بينها المسلسلات التالية: أشجع رجل في العالم، ردت الروح، اللهم إني صائم، الهاربة، سطو ليلي، الثعبان، ثومة، مخيمر الثالث عشر، رد قلبي، في بيتنا رجل، شخصيات تبحث عن مؤلف، حياتي.
رابعا - أعماله التلفزيونية:
عاصر الفنان القدير عبد الوارث عسر بدايات البث التلفزيوني وبداية إنتاجه الفني مع بدايات ستينيات القرن الماضي، وبالتالي فقد تحمل مشقة مرحلة التأسيس والبدايات، حيث كانت الصعوبة التي تواجه جميع العاملين خلال تلك الفترة هي ضرورة تصوير الحلقة كاملة دون توقف - لعدم وجود إمكانية لعمل “المونتاج” - وبالتالي فقد كان واحدا من جيل الممثلين المسرحيين الذين أثروا العمل التلفزيوني بقدرتهم على الحفظ وأيضا بتفهمهم لطبيعة التصوير ومراعاة زوايا الكاميرا المختلفة.
والحقيقة أن الفنان القدير عبد الوارث عسر قد شارك بأداء كثير من الأدوار الرئيسة في عدد من المسلسلات التمثيليات والسهرات التلفزيونية، ولكن للأسف يصعب حصرها، وتضم قائمة أعماله المسلسلات التالية على سبيل المثال فقط: الضحية، بنت الحتة، الفلاح، البنورة المسحورة، العصابة، رزق العيال، مين ولا مين، قضية صقر، طائر البحر، الرجل والدخان، علياء والمدينة، أبنائي الأعزاء شكرا، أحلام الفتى الطائر، وذلك بخلاف عدد من التمثيليات والسهرات التليفزيونية ومن بينها: آخر كدبة، أين حبي؟.
والحقيقة أن الفنان القدير عبد الوارث عسر قد عرف طوال مسيرته الفنية بطيبة قلبه وتمتعه بالأخلاق السامية الحميدة واتسام جميع معاملاته بالتواضع والهدوء والرقي، وذلك بالإضافة إلى تعاونه الكبير ورعايته لجميع العاملين معه. فهو بحق ممثل كبير يستطيع أن يرتفع بأصغر الأدوار، ويحسب له في مسيرته الفنية إخلاصه الشديد وقدراته الفنية الرفيعة التي كانت تضحكنا وتبكينا بنفس المهارة، وأيضا تمتعه بصوت رخيم قوي النبرات جعل أدائه أشبه بالتراتيل، وكأنه ملحن موهوب يضفي على الكلمات الألحان التي تبرز معانيها، ولذا سيظل خالدا بذاكرتنا عبر الزمن ورمزا وقدوة دائمة للأجيال التالية بأدواره المتنوعة البديعة.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏