ناقد الجارديان يرشد عشاق المسرح

ناقد الجارديان يرشد عشاق المسرح

العدد 586 صدر بتاريخ 19نوفمبر2018

حالة ثراء غير عادية تشهدها الحياة المسرحية فى بريطانيا حاليا. فخلال الشهر القادم سوف تكون هناك أكثر من ثلاثين مسرحية معروضة على مسارح العاصمة لندن خاصة مع اقتراب احتفالات عيد  الميلاد التى اعتاد الانجليز فيها التردد بكثرة على المسارح ودور السنيما.  وسوف يكون بعضها مخصصا للاطفال.   

وفى لندن بالذات سوف تكون هناك اكثر من  30 مسرحية معروضة على مسارحها مما يعنى ان اى شخص مقيم فى لندن وضواحيها يستطيع ان يشاهد كل يوم مسرحية. وامام هذا الطوفان المسرحى قرر الناقد المسرحى للجارديان البريطانية تسهيل المهمة على عشاق المسرح فى بريطانيا بارشادهم الى افضل المسرحيات  من وجهة نظره.  
جاءت فى المقدمة المسرحية الموسيقية «اسوأ ساحرة». والقصة مأخوذة عن مجموعة قصصية للاديبة والرسامة البريطانية المتخصصة بشكل رئيسى فى  أدب الاطفال جيل ميرفى. وتدور المسرحية حول الفتاة ميلدريد هابل التى التحقت بمدرسة للساحرات لتعلم السحر وجسدت شخصيتها النجمة المسرحية تريزا هيسكينز التى ساعدت فى اخراج المسرحية ايضا وساهمت كذلك فى اعداد المعالجة المسرحية.  
وهناك مسرحية  الاطفال قطة فى القبعة وهى عبارة عن تجميع لعدد من القصص الشهيرة من الادب العالمى للاطفال مثل مصنع الشيكولاتة والبطة القبيحة لهانز كريستيان اندرسون. وكل هذه القصص تم ادماجها فى معالجة مسرحية واحدة.   

كلهم من الاطفال
وهناك ايضا مسرحية روبين هود المأخوذة عن  الاسطورة الشهيرة  وهى ايضا مسرحية كل الممثلين فيها من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 10 الى 12 عاما. وقامت  بدور روبن هود طفلة فى العاشرة من عمرها تدعى دارسى بودروك.
وهناك «غابة الرقصات الضائعة « .واهمية هذا العمل فى راى ناقد الجارديان انه من تاليف واخراج وبطولة  جاكى هاجان. وهى من اصحاب القدرات  الخاصة بسبب بتر احدى قدميها .ورغم ذلك تبذل جهدا كبيرا فى المسرح . وتدور هذه المسرحية  التى تدور برؤية كوميدية حول اشخاص معاقين يتحدون ظروفهم بما فيهم عدد من المصابين بالصمم الذين يتحدثون فى المسرحية بلغة الاشارات. وتنتقد الحكومة البريطانية بسبب قراراتها الاخيرة بخفض المزايا الممنوحة للمعاقين.  وقد عرضت المسرحية فى عدة مدن بريطانية قبل عرضها فى لندن.  

أبيض أم اسود
فى عالم المسرح، عادة ماتدور وراء الكواليس احداث تفوق فى اثارتها وغرابتها ما يدور على خشبة المسرح.  ومثال ذلك حالة  بطلها المخرج المسرحى البريطانى «انتونى اوكاندايو لينون».
يعد لينون من كبار المخرجين المسرحيين فى بريطانيا وهو من الملونين  . لكنه يصنف نفسه بقوة على أنه ابيض ويرفض اطلاقا تصنيف نفسه على انه من الملونين. وكان ذلك فى تسعينيات القرن الماضى فى بداية حياته الفنية عندما صرح فى برنامج تليفزيونى (كان فى الرابعة والعشرين وقتها) انه ينحدر من ابوين قادمين من ايرلندا،وكان كلاهما ابيض البشرة. واضاف انه لايعرف من اين جاءته البشرة الملونة التى تقترب من البشرة السوداء التى تعرض بسببها لمعاناة من العنصريين فى مطلع حياته فى ضواحى لندن فى ثمانينيات القرن الماضى. وكان يساعد على ذلك شعره القصير.وعلى ذلك فهو يعتبر نفسه ابيض أو يتهمه البعض بذلك !!!.
أعلن «مجلس انجلترا للفنون « عن منحة تدريبية  للمخرجين المسرحيين من السود والملونين والعرقيات الاخرى غير البيض للحصول على دورة اكاديمية وتدريبية على اعلى المستويات. وتستمر الدورة التى تتحمل نفقاتها وزارة الثقافة البريطانية لمدة عامين يحصل فيها المتدربون على اجورهم بالكامل.
وكان الهدف من ذلك زيادة مشاركة ابناء العرقيات الاخرى فى مجال الاخراج المسرحى بعد ان تبين ان هذه العرقيات تغيب بشكل ملحوظ عن مجال الاخراج المسرحى. من هنا تقرر توفير دورات اكاديمية لأبناء هذه العرقيات.

مفاجأة
وكانت المفاجاة اختيار لينون- وهو مخرج مسرحى وممثل يعمل بفرقة مسرحية اسمها  «تالاوا» لها مسرح خاص شرق لندن -  بين من سيحصلون على هذه الدورة المتقدمة للغاية فى الاخراج المسرحى. هذا  رغم انه يتنصل من انتمائه العرقى ويصر على انه ابيض فى رأى البعض . وراى الرافضون لهذا القرار ان مجرد انتمائه العرقى لايبرر قبوله لهذه الدورة المتطورة طالما انه يتنكر لانتمائه العرقى بهذا الشكل المرفوض. وكان يجب اختيار مخرجين من السود العاديين الذين لا يتنكرون لانتمائهم.
بدورهم قال المسئولون فى المجلس  ان اختيار لينون جاء بعد اعلان منشور تقدم له واجتاز الاختبارات المطلوبة ولا شأن لادارة المجلس بالاراء التى يعلنها عن نفسه. كما أن تجاوزه سن الخمسين ليس مشكلة لان هذه المنح لا تضع حدا اقصى لسن المتقدم. وقد تقدم بصفته من الملونين او المولدين. واكدوا ان المجلس سيواصل سياسة تدريب غير البيض ورفع مستواهم لينخرطوا فى المجالات الفنية الاخرى   بما يحقق التنوع فى الحياة المسرحية البريطانية بما يعكس التنوع الذى يتسم به المجتمع البريطانى فى القرن 21 .  ولن يقتصر  التنوع هنا على  المسرح فقط بل يمتد إلى  كافة الفنون. كما عربت الفرقة المسرحية التى يعمل بها حاليا عن استعدادها للمساهمة فى تكاليف الدورة التدريبية بعد ان قامت بتزكيته.
ويقول المسئولون انه تراجع عن تصريحاته التى يعتبر نفسه فيه ابيض وقال انه يعتبر نفسه يعيش بين عالمين. وهو يقوم حاليا بتجسيد شخصيات سوداء فى مسرحياته.  

4 عروض فقط ...والحجز من الان
على أحر من الجمر ينتظر عشاق المسرح فى بريطانيا شهر يوليو من العام القادم. والسبب   ان هذا الشهر سوف يشمل 4 عروض مسرحية  فقط للممثل الكوميدى الامريكى جيرى ساينفيلد الذى يتمتع بشعبية كبيرة بين جمهور المسرح فى بريطانيا. سوف يقدم ساينفيلد صاحب الاصول المجرية والسورية احدى مسرحياته الشهيرة وهى « ايتها السماء»  لأربعة عروض على يومين فقط حيث كل يوم حفلتين سواريه وماتينيه يومى 13 و14 يوليو. وسوف يبدأ الحجز من الان.
وكان ساينفيلد (64 سنة) اعتاد تقديم عروضه المسرحية فى بريطانيا حيث كانت تجد اقبالا كبيرا.لكن لم يحضر الى بريطانيا منذ سبع سنوات بسبب مشاغله. واخيرا قرر الاستجابة لرغبات جمهوره فى بريطانيا. وبسبب جدول اعماله المشغول لعدة سنوات قادمة استطاع بصعوبة بالغة العثور على وقت فى يوليو من العام القادم لتقديم مسرحيته على مدى يومين فقط على مسرح هامر سميث ابولو. وحتى يتيح لاكبر عدد ممكن من عشاق فنه الاستمتاع بمسرحياته سوف يقدم حفلين كل يوم. ويقول سينفيلد انه لم يتفاوض على اى مقابل لهذه الجولة البريطانية القصيرة لعلاقته الوثيقة بالجمهور البريطانى العاشق للمسرح.

مسرح تفاعلى
 وتعتمد المسرحية الى حد كبير على ما يعرف بالكوميديا المسرحية التفاعلية التى يتبادل فيها الابطال الحوار مع المشاهدين وكان ذلك هو مدخله الى عالم المسرح.
فهو اساسا ليس ممثلا مسرحيا. فهو اساسا ممثل كوميدى وكاتب ومنتج ومخرج ويكتب ويخرج اعماله غالبا بالتعاون مع كاتب اخر هو لارى ديفيد.  واشتهر بعدة أعمال كوميدية رشح بفضلها لعدة جوائز مرموقة مثل جوائز ايمى (للاعمال التليفزيونية) وان لم يفز بأى منها. وحمل بعضها    اسمه مثل حلقات «جيرى قبل سينفيلد» وحلقات النحلة . وهناك حلقات «السيارات تشرب القهوة» وهى حلقات كوميدية تذاع على الانترنت فقط. وحتى منذ كان طالبا فى الجامعة اشتهر بشخصية  فرانكى عامل توصيل البيتزا.وبعد فترة من النجاح فى عالم المسلسلات الكوميدية قرر اقتحام عالم المسرح من باب المسرح التفاعلى. وبدأت شعبيته تتراجع بعد موقفه من قضايا التحرش الجنسى المتهم فيها النجم الاسود بيل كوسبى والسخرية منه فى تصريحاته التى امتدت الى اطلاق النكات على لون بشرته.


ترجمة هشام عبد الرءوف