دولت أبيض الأرستقراطية

دولت أبيض الأرستقراطية

العدد 578 صدر بتاريخ 24سبتمبر2018

دولت أبيض (واسمها الحقيقي”دولت حبيب بطرس قصبجي”) ممثلة من الرعيل الأول من الفنانات المصريات، فقد بدأت حياتها الفنية في زمن كانت الأدوار النسائية تقتصر على السيدات الشاميات واليهوديات. ولدت في أسرة من الطبقة المتوسطة بمحافظة “أسيوط” في 29 يناير عام 1896، وتنتمي أمها إلى أصول روسية أما والدها حبيب بطرس قصبجي فكان يعمل مترجما لوزارة الحربية. درست في مدرسة الراهبات بمدينة “الخرطوم” السودانية حيث عمل والدها هناك. أكتشفها الفنان عزيز عيد عام 1917 عندما التقى بها في إحدى الحفلات الأسرية (بالتحديد في حفل زفاف ابنة خالتها)، فاستجابت لدعوته لها للتمثيل بفرقته، خاصة وأنها كانت في تلك الفترة تعاني من آثار زيجة فاشلة انتهت بالإنفصال ومعها ابنتين تعولهما (إيفون وإيفلين).
ويحسب لها إصرارها على الإلتحاق بالفن وإستكمال طريقها الفني بالرغم من المعارضة الشديدة التي وجدتها من جميع أفراد أسرتها بدءا من والدها الذي تبعها إلى الأسكندرية ليثنيها عن هذا الطريق، وحينما فشل تبرأ منها وقال جملته الشهيرة متحسرا: “بنتي بيقطعوا تذاكر ليتفرجوا عليها !!”، وشقيقها فؤاد الذي حاول الانتحار، وشقيقها فارس الذي إنحاز إلى الأسرة في الرفض، وأمها التي أصرت على رفض طريق الفن بشدة.
أدت أول دور لها عام 1917 وهو شخصية “الكونتيسة” بمسرحية  “خللى بالك من إميلي” لجورج فيدو، ثم أدت دور العروسة بمسرحية “ليلة الدخلة”. ونجحت في أول تجاربها على المسرح، ثم إنتقلت إلى فرقة “نجيب الريحاني” وقضت مجرد أيام فقط حيث اكتشفت سريعا أنها لا تصلح لتقديم المسرحيات الكوميدية، فهجرت التمثيل بها وانضمت إلى فرقة “جورج أبيض” بناء على نصيحة الفنان نجيب الريحاني لها. وحينما شعر الفنان جورج أبيض بجديتها شملها برعايته، فكان يخصها بإرشادته ونصائحه، كما أسند مهمة تدريبها إلى نجمة الفرقة مريم سماط. كانت أول أدوارها بفرقة “جورج أبيض” شخصية الملكة جوكاستا بمسرحية “أوديب الملك” رائعة وليم شكسبير عام 1918، ولتفوقها في أدائه تخصصت منذ ذلك الوقت في تجسيد أدوار الملكات والشخصيات النبيلة، بالإضافة إلى تميزها في تجسيد أدوار المرأة العاشقة.
سافرت عام 1920 مع فرقة أمين عطا الله إلى سوريا على أثر توقف معظم الفرق المسرحية بعد قيام ثورة 1919، ثم إلتحقت بفرقة منيرة المهدية، وفي عام 1921 مثلت في أوبريت “شهرزاد” لفرقة سيد درويش، ثم إنتقلت إلى فرقة الريحاني - مرة أخرى - ومثلت دور فتاة ثرية يتم استدراجها إلى وكر العصابة بمسرحية “ريا وسكينة”.
وعادت بعد ذلك للعمل مع فرقة جورج أبيض وسافرت معها في رحلتها إلى الشام عام 1923، وهناك تزوجت من الفنان جورج أبيض  وحملت اسمه منذ ذلك الحين، وذلك بعد التغلب على عدة معوقات أولها موقف أهله منها كسيدة مطلقة، وثانيهما أنها كانت تنتمي إلى طبقة الأقباط “الأرثوذكس” في حين كان ينتمي هو إلى الطائفة “المارونية” مما أضطر أحدهما إلى تغيير ملته. ومنذ زواجهما عام 1923 أصبحت تلازم زوجها وتمثل أمامه أدوار البطولة النسائية بجميع مسرحيات فرقته، وأنجبا ابنة واحدة هي سعاد، وكان لدولت ابنتين من زواج سابق، الصغرى “إيفلين” والتي توفيت وهي طفلة صغيرة، والكبرى “إيفون” التي نشأت مع والدتها بمنزل جورج أبيض مع ابنتهما سعاد.
أنضمت مع زوجها الى فرقة “رمسيس” ليوسف وهبى في آواخر عام 1923، وأشتركا في بطولة عدة مسرحيات من بينها: لويس الحادى عشر، وعطيل، والأب ليبونار، والجريمة والعقاب، وكليوباترا، وفي آواخر عام 1927 انضمت مرة أخرى مع زوجها جورج أبيض إلى فرقة “رمسيس” ولكنهما انفصلا عنها بعد فترة قصيرة، وسافرت مع فرقة “جورج أبيض” في رحلتها إلى أمريكا اللاتينية عام 1930.
ويذكر أنها قد ساهمت عام 1934 في تأسيس فرقة “إتحاد الممثلين، وذلك عندما تقدمت بمذكرة مع مجموعة من الفنانين إلى وزير المعارف يطالبون فيها بضرورة دعم ومساندة الدولة للفرق المسرحية لمواجهة الظروف والأوضاع السيئة التي تعمل في ظلها الفرق، والتي أدت إلى توقف معظمها عن العمل وانتشار البطالة بين الفنانين كنتيجة لآثار الأزمة الإقتصادية التي اشتدت مع بداية ثلاثينيات القرن الماضي، ويقترحون تكوين فرقة حكومية من أعضاء الفرق المنحلة، واستجابت الدولة وقامت بدعم فكرة إنشاء “إتحاد الممثلين” الذي انضم إليه عدد كبير من الفنانين، ولكنه لم يستمر للأسف أكثر من ستة شهور لكثرة الخلافات وضعف الأدارة وتدني المستوى الفني للعروض.
انضمت في عام 1935 إلى الفرقة القومية المصرية بمرتب خمسة وثلاثين جنيها (أعلى أجر بين الممثلات)، ومثلت أدوار البطولة في في عدد من المسرحيات من بينها : الملك لير، وشمشون وليلة، ومضحك الملك، والشعلة المقدسة، والمعجزة، وغادة الكامليا، وعند إعادة تشكيل الفرقة تحت مسمى “الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى” عام 1942 كانت أيضا من نجمات الفرقة، ولكنها قدمت إستقالتها عام 1944، لتتفرغ لنشاطها السينمائي وتؤسس فرقتها الخاصة بعدما أصبحت نجمة مشهورة، ولكنها لم توفق في فرقتها الخاصة التي إعتمدت فيها على إعادة تقدم مسرحيات فرقة “جورج أبيض”، ولذا فقد عادت للتعاون مع الفرقة “المصرية للتمثيل والموسيقى” (المسرح لقومي) لفترات قصيرة عام 1948.
ويحسب لها إقدامها على تأسسس فرقتها المسرحية الخاصة، وقيامها ببناء مسرح بإسمها عام 1944 بمنطقة “حدائق القبة”، ولكن أضطرت بعد عامين لتحويلها إلى دار عرض سينمائي بإسم: سينما “هونولولو”، التي أصبحت من أشهر دور العرض في مصر واستمرت لسنوات تقدم مجموعة من أفضل وأشهر أفلام الأربعينيات وبداية الخمسينيات، ولكن للأسف فقد احترقت السينما بالكامل بحريق القاهرة يناير عام 1952 ، فأحدث هذا الحريق خسائر مادية كبيرة لها كما تسبب في جرح نفسي لتحملها جميع الخسائر بمفردها.
تميزت الفنانة دولت أبيض بمهاراتها في تجسيد أدوار الأم برصانة ورسوخ واستطاعت أن تبرز مشاعر الأمومة الصادقة، بصوتها الرصين ولفتاتها ونظراتها المعبرة ذات التأثير القوي، وأن توظف إمكانياتها الصوتية القوية في الأداء، خاصة بعدما أدركت مبكرا الفرق بين التمثيل على خشبة المسرح والتمثيل أمام كاميرات السينما، ويكفي أن نذكر لها تميزها في تجسيد شخصية “أم زينب” في الفيلم الصامت “زينب” من إخراج الرائد محمد كريم عام 1930. كذلك تفوقت في فترة متقدمة من العمر في تجسيد شخصية الأم الأرستقراطية المتسلطة ذات الصوت الحاد الحازم كما في فيلم “المراهقات”، أو الجدة الطيبة كما في فيلم “إمبراطورية ميم”.
ونظرا لملامحها الغربية - برغم أصلها العربي - عرفت رائدة المسرح والسينما بأكثر من لقب أطلقته عليها الصحافة ومن أشهرها: كونتيسة المسرح، السيدة الأرستقراطية، بنت الذوات، صاحبة العصمة، خاصة بعدما تميزت في أداء أدوار الأم الأرستقراطية بصفة عامة وأصبحت واحدة من أشهر الأمهات في السينما المصرية، مع الفنانات: زينب صدقي، علوية جميل، زوزو حمدي الحكيم، زوزو شكيب، زوزو ماضي، الذين قدموا نموذجا مختلفا عن الأم الشعبية التي تميزت بأدائها كل من الفنانات: فردوس محمد، أمينة رزق، ماري منيب، زوزو نبيل، ثريا فخري، سامية رشدي، آمال زايد.
جدير بالذكر أنها قد أعلنت إسلامها عام 1953 مع زوجها وأبنتيها إيفون وسعاد، ويقال من أسباب إسلامها إستمتاعها بالإستماع إلى الآذان والقرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، وقد قضت الأيام الأخيرة من عمرها في تربية أحفادها والاستماع للقرآن الكريم، حتى رحلت عن عالمنا في 4 يناير عام 1978.
ويذكر أنها كانت تتمتع بشخصية قوية، تتسم بالحزم في حياتها والصرامة في آوامرها، حيث كانت تعشق النظام والإنضباط، كما كانت تعشق زوجها وأسرتها جدا، الذين وهبتهم كل حياتها. ويشهد لها كل من عاصرها وشاركها بالعمل مدى إلتزامها الشديد بمواعيد البروفات والعروض وأيضا بجميع توجيهات وإرشادات المخرجين.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعمالها الفنية طبقا لإختلاف القنوات المختلفة (مسرح، سينما) مع مراعاة التتابع التاريخي كما يلي:
أولا - الأعمال المسرحية:
ظل المسرح هو المجال المحبب للفنانة دولت أبيض، فقد تفجرت هوايتها لفن التمثيل به، كما أثبتت وأكدت موهبتها من خلاله بعدما تعلمت أصول التمثيل بفضل نخبة من أخلص أساتذته (في مقدمتهم الأساتذة: عزيز عيد، جورج أبيض، يوسف وهبي، زكي طليمات، عبد العزيز خليل، فتوح نشاطي).
ونظرا لتمكنها من مفرداتها الفنية وأيضا تمتعها بصوت مسرحي رخيم ومخارج ألفاظ سليمة، وإجادتها للأداء باللغة العربية الفصحى فقد نجحت من خلال المسرح في تقديم مجموعة كبيرة من الشخصيات الدرامية المتميزة يذكر منها: بفرقة “جورج أبيض”: أوفيليا بمسرحية “هاملت”، ليدي ماكبث بمسرحية “ماكبث”، بلانش بمسرحية “مضحك الملك”، وبفرقة “رمسيس”: ماري بمسرحية “لويس الحادي عشر”، ديدمونة بمسرحية “عطيل”، كليوباترة بمسرحية “كليوباترة”، روكسان بمسرحية “سيرانو دي برجراك”، برودرانس بمسرحية “غادة الكاميليا”، وبالفرقة القومية”: كورديليا بمسرحية “الملك لير”، أندروماك بمسرحية “أندروماك”، جوكاستا بمسرحية “أوديب الملك”، ناني بمسرحية “سافو”، اليزابيث بمسرحية “المعجزة”، دليلة بمسرحية “شمشون ودليلة”، مارتا بمسرحية “مجرم”، ستلا بمسرحية “الشعلة المقدسة”، زوجة ميللر بمسرحية “الحب والدسيسة”، بديعة بمسرحية “الزوجة الثانية”، الإبنة المضطهدة بمسرحية “الأمل”.
ويمكن تصنيف مجموعة أعمالها المسرحية طبقا للتتابع التاريخي مع مراعاة إختلاف الفرق المسرحية وطبيعة الإنتاج كما يلي:
- “عزيز عيد”: خللى بالك من إميلي، ليلة الدخلة (1917).
- “الريحاني”: ريا وسكينة (1921).
- “جورج أبيض”: أوديب الملك، هاملت (1918)، ماكبث (1919)، دولت (1922)، البخيل، المحامية، المرأة المجهولة، اليتيمتين، بشير أغا، نكبة البرامكة (1923)، المسحور، إيفان الجبار قيصر روسيا، باسم القانون، حور محب، زواج فيجارو، سفينة نوح، شرف الأسرة، عاصفة في البيت (1924)، الإسكندر الأكبر، المتسول، رسول الوطنية (1925)، المأمون، أسرار القصور، دون جوان (1926)، الإرليزية الحسناء، البرنس جان، الحب والصداقة، الرجل الذي قتل، الزوجة الفاضلة، الشعب والقيصر، الكونت هيرمان، المرحوم توبينال، الهادي، اليقظة، أمرؤ القيس، أمنحتب الرابع، أنا وهو وأندريه، اليهودي التائه (1929)، ترويض النمرة، جرائم الآباء، ذر الرماد في العيون، زواج كاميلا، سعاد، سيمون، شرلكان وفرانسوا الأول، طريد الأسرة، ملك بلا مملكة، ميشيل إستروجوف، نابيلونيت (1931).
- “رمسيس”: سيرانو دي برجراك (1923)، الأب ليبونار، الجريمة والعقاب، الشعلة، غادة الكاميليا، في سبيل التاج، كليوباترة، لويس الحادي عشر، مدام سان جين ونابليون (1924)، الوطن، عطيل (1925)، البيت المحاصر، الشرك، المرأة المجهولة، الولدان الشريدان، جاك الصغير (1927)، الخائن، العرش، القضية المشهورة، بائعة الزهور، عنتر، تاجر البندقية، يوليوس قيصر (1928).
- “إتحاد الممثلين”: الجنرال ريشيليو، الفاكهة المحرمة، جرانجوار، في سبيل الوطن، لوسيد، هرناني (1934).
- “المسرح القومي”: مجرم، الملك لير (1935)، الشعلة المقدسة، أندروماك، سافو (1936)، الحب والدسيسة، الزوجة الثانية، اللهب، المعجزة، دليلة (1937)، شمشون ودليلة (1938)، الأمل، تلميذ الشيطان، عطيل (1939)، أوديب الملك (1940)، الثائرة الصغيرة (1942)، غادة الكامليا (1943)، السر الهائل، نبي الوطنية (1952)، مضحك الملك (1953).
- “أولاد عكاشة”: الثائرة (1936).
- “أنصار التمثيل والسينما”: أوديب (1949).
وجدير بالذكر أنها ومن خلال مجموعة المسرحيات التي شاركت في بطولتها قد تعاونت مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: جورج أبيض، عزيز عيد، يوسف وهبي، نجيب الريحاني، زكي طليمات، عمر وصفي، عبد العزيز خليل، عمر جميعي، فلاندر، فتوح نشاطي.
وأخيرا يجب التنويه في صدد تسجيل إسهاماتها المسرحية رصد وتوثيق حقيقة مهمة وهي أنها تعد من أولى المؤلفات بالمسرح العربي، حيث قامت بتأليف مسرحية “دولت” عام 1922.
ثانيا - أعمالها السينمائية:
شاركت الفنانة دولت أبيض في إثراء مسيرة الفن المصري ببطولة ثلاثين فيلما خلال اثنين وأربعين عاما، وكانت أولى مشاركاتها بفيلم “زينب” (عام 1930) للمخرج محمد كريم وبطولة بهيجة حافظ وسراج منير وزكي رستم، وكان آخر أفلامها فيلم “إمبراطورية ميم” للمخرج حسين كمال، وبطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر (عام 1972).
وتضم قائمة مشاركاتها السينمائية عددا من الشخصيات الدرامية التي نجحت وتألقت في تجسيدها ومن بينها على سبيل المثال شخصيات: والدة زينب بفيلم “زينب”، زوجة الأب فاطمة هانم بفيلم “الوردة البيضاء”، والدة جوزيف ولويزا بفيلم “الشيخ حسن”، درية هانم والدة بهاء بفيلم “ظلموني الحبايب”، والدة الدكتور أحمد بفيلم “المنتقم”، والدة آمال بفيلم “الحقيقة العارية”، والدة ندى (ماجدة) بفيلم “المراهقات”، جدة الأولاد بفيلم “إمبراطورية ميم”.
وخلال مسيرتها السينمائية تضمنت قائمة أعمالها الأفلام التالية: زينب (1930)، الوردة البيضاء، 5001، أولاد الذوات (1932)، الخطيب نمرة 13 (1933)، الدكتور (1939)، قلب المرأة (1940)، مصنع الزوجات (1941)، ابن البلد، خفايا الدنيا (1942)، دايما في قلبي، الموسيقار، دنيا (1946)، المنتقم، قلبي وسيفي، الأب (1947)، الريف الحزين (1948)، محسوب العائلة (1950)، المساكين، من القلب للقلب، غلطة أب (1952)، ظلموني الحبايب (1953)، الشيخ حسن، موعد مع السعادة (1954)، الحب العظيم، المخدوعة (1957)، المراهقات (1960)، غرام الأسياد (1961)، الحقيقة العارية (1963)، إمبراطورية ميم (1972).
ويلاحظ من خلال مجموعة الأدوار السابقة أنها قد تميزت جدا في تجسيد أدوار الأم الارستقراطية المتسلطة قاسية القلب، التي تهتم بالعادات والتقاليد أكثر من إهتمامها بمشاعر أبنائها، وبالتالي فهي تذيق أبناءها سوء العذاب، ساعدها في ذلك ما تميزت به من ملامح أوروبية ورثتها عن والدتها الأجنبية ووالدها ذو الأصول اللبنانية، والحقيقة أن نجاحها في تجسيد تلك الشخصية بجدارة جعلت المخرجين يحرصون على ترشيحها لأدائه سواء بالمسرح أو السينما، وربما يتضح ما سبق جليا من خلال تألقها في أفلام وموعد مع السعادة” مع فاتن حمامة، “المراهقات” مع ماجدة، و”غرام الأسياد” مع أحمد مظهر.
ويذكر أنها قد تعاونت من خلال مجموعة الأفلام السابقة من نخبة متميزة من كبار مخرجي السينما العربية والذين يمثلون أكثر من جيل وفي مقدمتهم الأساتذة: محمد كريم، إستيفان روستي، توجو مزراحي، محمد بيومي، نيازي مصطفى، هنري بركات، عز الدين ذو الفقار، صلاح أبو سيف، رمسيس نجيب، حلمي رفلة، عمر جميعي، محمد عبد الجواد، عبد الفتاح حسن، جمال مدكور، السيد زيادة، حسن الإمام، حسين صدقي، عاطف سالم، أحمد ضياء الدين، حسين كمال.
كان من المنطقي أن تحوز الفنانة القديرة دولت أبيض على بعض مظاهر التكريم وتفوز ببعض الجوائز ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر: فوزها بالجائزة الثانية للتمثيل الدرامي عام 1925، وبالجائزة الأولى لتمثيل الكوميديا عام 1926، وكذلك حصولها على وسام الدولة للفنون في عيد العلم في عام 1960. هذا ويجب التنويه إلى أنها قد إشتركت بأداء أدوار رئيسة بفيلمين فى قائمة أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية، وذلك طبقا لإستفتاء النقاد عام 1996 وهما فيلمي: “المراهقات” بطولة ماجدة ورشدي أباظة، ومن إخراج أحمد ضياء الدين، و”إمبراطورية ميم” إخراج حسين كمال.
رحم الله هذه الفنانة القديرة التي نجحت مع زملائها من الفنانين الرواد المكافحين في تغيير نظرة المجتمع للفن بسلوكياتهم الراقية وإجبار جميع فئاته على إحترام وتقدير مجموعة الممثلين ووضعهم في المكانة الإجتماعية التي تليق بهم وبمواهبهم التي منحهم الله إياها.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏